السبت، 24 سبتمبر 2016

عجائب الأرواح

كانت فترة ضيق مررت بها، ضغوطات وإحساس بالروتين والملل من كل شيء..

عدت لأوراقي أقلبها.. فإذا بدفيتر أصفر من أيام الدراسة.. كانت إحدى الزميلات أهدتني إياه وبه أشتات من كتاباتها وخواطرها.. ورسالة قصيرة لي..

رميت كل تلك الأوراق جانباً وأنا أحس بالضجر..

ولكن تلك الزميلة ظلت تلح على ذهني بشكل غير عادي.. كانت علاقتي بها من الأساس مختلفة عن الجميع.. لم تكن صداقة عادية بل قل علاقة روحية جميلة جداً وكنا نتبادل الكتب والرسائل كثيراً..

مرت الأيام ولا زالت أوضاعي النفسية أيضاً متأزمة..

وذات ظهيرة – وفي هذا الوقت تحديداً يزداد مزاجي تعكراً!!- فتحت بريدي الإلكتروني.. فوجدت رسالة منذ يومين.. تحديداً بنفس التاريخ الذي رأيت فيه دفتر زميلتي.. وإذ بعنوان الرسالة (صندوق ذكرياتي الرمادي)!!

وبدأت تلك الصديقة بسرد وضعها.. وذكرياتها.. وتقليب أوراقها.. ثم كيف أرسلت لي وهي التي لم تعرف بريدي سابقاً بل أخذته من المجلة!!

كانت شهقتي لا يحدها محيط الأوكسجين حولي..!

وكتبت لها رداً أبين فيه دهشتي مما حدث وذهني مشغول بأفكار كثيرة...!

ما الذي حدث..؟

لقد تكرر معي ما يشبه هذا الموقف عشرات المرات.. أفكر بصديقة لأسألها عن أمر ما وأتناول هاتفي وإذ بها تتصل..!

نتحدث عن فلانة وأخبارها وحال دنياها.. ونجدها أمامنا في حفلة أو اجتماع ما..!!

لكن هذا الموقف هزني من الأعماق..

وحاولت تجلية الموقف لنفسي.. ثم تأمل حياة من حولي لمعرفة عجائب هذه الروح..

(الرسائل الإيحائية..) ربما هذا ما يطلقه البعض على مثل هذه المواقف..
فهي رسائل بين الأرواح.. بلغة تفهمها القلوب.. ليترجمها الإنسان واقعاً ملموساً..

أخبرني أخي أن لصديقه دين لوالده عند أحد أصحابه.. وهو محتار في طريقة تحصيل الدين بطريقة لا تحرجه.. وهو يفكر برسالة.. أو طريقة.. وجد الرجل يتصل به ويخبره أن المبلغ جاهز.. وهو بانتظار تسليمه له..!!

قد نتعجب قليلاً.. لكن لو تأملنا.. لرأينا أننا نرسل تلك الرسائل لأحبائنا كل يوم بل كل لحظة.. إنهم يرونها في أعيننا.. وبسمتنا.. وسلامنا.. بحرارة مشاعرنا وصدق حديثنا.. وإشراقة الفرح باستلام رسائلهم واتصالاتهم..

ونحن أيضاً نرسل لمن نكرههم رسائل إيحائية لا تختلف عن السابقة.. ولذلك نراهم يبادلوننا بالمثل..!!

ربما يتهمني البعض بالمبالغة في ذلك.. وربما يقول البعض الأخر (يا شيخه.. هذي صدف لا أقل ولا أكثر..!!)

وربما هم صادقون.. حينما لا يستشعرون المعاني العميقة.. حين تكون بداخلك رغبة.. ملحة.. صادقة.. للوصول لوجدان وقلب شخص.. وإعطائه رسالة إيحائية صادقة .. تنبئه عن مدى حضوره في حياتك..!

كثير من الناس يعتبر العلاقات الإنسانية مجرد (كماليات) ولا يرى أن روحه تحتاج لأي غذاء شاعري وروحي ووجداني كهذا الغذاء..

لكني أقف كثيراً عند مثل هؤلاء.. لأدعوهم –برفق شديد- للتعمق في أرواحهم..

إن لأرواحنا يا صديقاتي عجائب.. وغرائب.. ولها قدرات لاشك أن الله أودعها فينا لغرض سامٍ وقدير..

إن بعض الناس (من ذوي المشاعر المرهفة جداً) يحدثوني أنهم بتركيزهم فترة ما.. على خطاب أحد ما سواء برسائل متخيلة وبأحاديث افتراضية.. يجدون هذا الإنسان مستجيباً لهم..!!

لست هنا أدعي شيئاً بدعاً أو جديداً.. ولست أيضاً أقول أني أتحدث عن علم بهذا الشيء.. لكني أعلم يقيناً أن للأرواح علوماً تدرس في فروع علم النفس المختلفة..

وأننا نقرأ في كتاب ربنا كثيراً. (‏وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا‏)
فكيف إذا ربطت الآية الكريمة بين الروح.. وبين العلم..؟؟ أليس هذا بحد ذاته مدعاة للتفكر..؟

إنني واثقة.. أن كثيراً من الصديقات والقارئات.. سيحدثنني بمواقفهن المختلفة مع ما يسمى بالإيحاءات ولغة الروح..
وواثقة أيضاً.. أن بعض الصديقات (المصرقعات) سيقلن لي.. (جربنا.. فكرنا بناس.. ولم يتصلوا بنا... يعني كلامك طلع... "خرابيط"!!!

قال عليه الصلاة والسلام: (الأرواح جند مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف) متفق عليه..

◽️◽️

بقلم/ سارة الخضير
📚 مجلة حياة العدد (٨٠) ذو الحجة ١٤٢٧ هـ

 تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق