الأربعاء، 7 سبتمبر 2016

أدواتُ تجميل خاصّة!

إن كانت المرأة أجمل ما في حياة الرجل؛ فإن أجمل ما في حياة المرأة ما يجعلها جميلة الجميلات..

وبما أنه لكل امرأة مرآتها الخاصة التي تخفيها في حقيبتها؛ فلكلّ امرأة أيضاً ذوق خاص ومقاييس جمال تختلف عن الأخريات..

مناظرات كثيرة تُعقد للحكم بين السمراء والشّقراء، وأحقادٌ دفينة تطويها القصيرة والطويلة لتنال كل واحدة من الأخرى.. وتساهم في المعركة أسلحة خفيفة وأخرى ثقيلة، تحاولُ المرأة من هؤلاء أن تبرز نفسها الأجمل على الإطلاق..

ومثل زوجة أب بياض الثلج تخلو كل واحدة من أولئك النساء بمرآتها الذاتية، وتسألها من الأجمل في الدنيا، وتجيب المرآة المتملقة: أنتِ يا سيدتي أجمل امرأة في الكون، فقط.. أكثري من استعمال مساحيق التجميل..
واحذري أن تجلبي شيئاً من غير الماركات العالمية؛ لأنني صناعة أمريكية، وقد انكسر إن لم تستعملي ما يروق لي.. أولاً ترغبين بأن تكوني مثل حسناواتهم، أنفقي إذا كل ما تملكين للوصول إلى درجاتهم..

الهوسُ اليومي بالجمال يتفاقم، ومبيعات محلات التجميل والأزياء باتت خيالية..

في خزانة كل امرأة عربية ملابس شتى، معظمها لا يُلبس، ومساحيق كثيرة لا تستعمل، وجمالٌ بائس يخفي ملامح الوجه الحقيقية؛ ما يدفعك لتخيل أن وجه تلك المرأة يبكي مثل وجه المهرج، قد لطخته الأصباغ وبقيت دمعة تحت العين لترسم مفارقة واضحة.. وماذا بعد؟! وأين الجمال الطبيعي؟ أين اختفى؟ هل كان تحت كيلوجرامات من المساحيق؟

لنتحدث بطريقة علمية بعيداً عن قصة بياض الثلج وأقزامها السبعة.. وبعيداً عن المهرج ودمعته..

صُنعت أدوات التجميل لتبرز مواطن الجمال في وجه المرأة، ولنبحث عن مواطن الجمال أين تكمن؟

البشرة الصافية والعيون المرتاحة والبسمة المشرقة..

تقول المعلومات إن النوم المبكر يريح الوجه ويمنع ظهور الهالات السوداء تحت العين، والغذاء المنظم والإكثار من شرب الماء يصفي البشرة ويهبها إشراقة دائمة، والشفاه المبتسمة أجمل الشفاه في الدنيا على الإطلاق.. فأي مساحيق تجميل ستملكُ المرأة وقد خلقها الله أجمل الكائنات!

يقالُ أيضاً إن المرأة تتبرج للرجل، وهذه مقولة تدحضها أخرى تقول: إن المرأة تتجمل لتغيظ المرأة الأخرى.. وأدحضهما معاً لأقول: إن المرأة تتجمل لتكون واثقة من نفسها راضية عن مظهرها، والرضا لا يكون إلا براحة النفس والقلب قبل كل شيء..

سمعت في محاضرة تربوية أن مظهر الأم يؤثر إيجابياً أو سلبياً في نفسيّة الطفل؛ فالأم التي تهمل نفسها ويراها طفلها الرضيع وهي منهكة مبعثرة المظهر كئيبة؛ فإن هذا يؤدي إلى عقدة نفسية لديه تتنامى في المستقبل، فيغدو كئيباً ناقماً على الحياة غير راغب بها، والطفل الذي تهدهده أمه وهي مشرقة البسمة جميلة المظهر ينمو متفائلاً مقبلاً على الحياة سعيداً..

إذاً الإحساس بالجمال إحساسٌ فطري، أساسه السعادة وإشراق الروح، وأصله اتباع سنة الله في الكون؛ فالله خلق الليل للنوم والراحة والنهار للعمل، لكننا قلبنا الموازين فتعبنا وأتعبنا، والسنة النبوية تشير إلى البركة في البكور، والطب يقول بأن الجسم يستفيد من الأوكسجين أكثر هذه الفترة..

إذاً فالطبيعة خُلقت وسُخّرت لتخدم مصالحنا، لكننا اخترنا أسوأ ما في الطبيعة وظننا أنه ينفعنا..

ولنطلع على أخبار سرطانات الفم وأمراض العين وبثور الوجه التي تسببها أدوات التجميل الاصطناعية، ولنسمع أخبار الوفيّات في عمليات شفط الدهون، وإلى العاهات التي سببتها عمليات التجميل، لنسلّم ونؤمن ونوقن بأننا خُلقنا في أحسن تقويم،

ومهما حسنّا وجملنا فلن نكون أجمل إلا إذا استنارت قلوبنا بالإيمان
واكتست ملامحنا بحلّة التقوى
وأشرقت وجوهنا ببسمة السعادة

عندها سيكون للجمال مغزى آخر، وسيكون له بريق مختلف دون شك!

◽️◽️

نور الجندلي
📚 مجلة حياة العدد (١٠٠) شعبان ١٤٢٩ هـ

 تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق