الأحد، 18 سبتمبر 2016

كن متميزاً مع الله، أكثر من أربعين فتاة عرضن عليّ الزواج ( لقاء مع الشاب المعاق عبد الله بانعمة )




الشاب المعاق عبد الله بانعمة:


شركة [نور] حققت أمنيتي بتقليب أوراق المصحف بالصوت


عبد الله بانعمة قصته مشهورة ويعرفها كثير من الناس، وقد تابعها البعض عبر شاشة قناة المجد الفضائية أو عبر وسائل الإعلام المختلفة، وفي هذا اللقاء حاولنا أن نطرق بعض الأبواب التي لم تطرق من قبل..

عبد الله شاب لم تمنعه ظروفه الخاصة وإعاقته الجسدية عن العمل في خدمة الدين الإسلامي، وهو الآن أحد الدعاة الذين نذروا أنفسهم لخدمة الدعوة إلى الله، همته عالية وطموحاته لا ترضى الدون، منطلق ونشط فكرياً وعقلياً ودعوياً، لم تمنعه الإعاقة الجسدية من الانطلاق..

قدم إلى الرياض ولأول مرة للمشاركة في أحد الملتقيات الدعوية، حيث قدم خلاله عدداً من المحاضرات.

(نون) كانت في ضيافة الداعية عبد الله عمر بانعمة، وبحضور الشيخ علي آل ياسين وجمع من محبي بانعمة..


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حوار: محمد آل عبد الكريم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


* في البداية حدثنا عن نفسك؟

- عبد الله عمر بانعمة (أبو جِنَان) من أهل جدة ومن مواليد مكة المكرمة،
وأسأل الله أن يرزقني موتة بالمدينة المنورة.


* متى كانت بداية مشاركتك في الدعوة إلى الله؟

- المفروض أن يشارك المرء في الدعوة منذ خلقه الله وهو مسلم، ومفهوم الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، ويجب ألا ننتظر أحداً لكي يدعونا.. لكننا مقصرون عن ذلك،
فالله نصر هذا الدين بهدهد ليس لديه من العلم شيء، لكنه كان سبباً في هداية دولة كاملة، وباتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم نستطيع أن ندعو من حولنا..
والله يهدي من يشاء.. فالهداية ليست بيد الداعية، لكنها من الله الذي أنزل الأرزاق والرحمة والأعمار، وأنزل الهداية إذ يقول الله تعالى في حديث قدسي (يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم)
وكل ذلك يحتاج إلى الطلب.. لكننا طلبنا الأكل والكساء وتركنا الهداية.. ويقول الله تعالى (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا‏) (العنكبوت: من الآية: ٦٩).


* ما هي قصة المصحف الالكتروني الصوتي، وكيف نشأت فكرته؟

- كنت قد ذكرت ذلك في إحدى الفضائيات أن لي ثلاث أمنيات
منها أن أستطيع أن أقلب ورق المصحف،
وهي نعمة كانت عندي وفقدتها؛ لأني لم أحمد الله عليها،
وسمعت ذلك إحدى الشركات الخاصة بالبرامج الإلكترونية والصوتية وهي شركة (نور) ورئيسها د.عماد الدغيثر والمستشار يوسف الحوشان، فابتكرت الشركة برنامجاً يقلب أوراق المصحف بالصوت وأطلقوا عليه (أمنية بانعمة).
واليوم كنا في لقاء مع صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس جمعية الأطفال المعاقين بمركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة، فتبنى سموه المشروع، وسوف بوجَّه مجاناً لكل من يحتاجه،
وقد سألني: ما شعورك بتحقيق هذه الأمنية؟..
فكان شعوري بأن الله عافاني من جديد.. والكثير من زملائي المعاقين سعداء بهذا البرنامج.. فالمعاق هو المعاق عن ذكر الله وليس المعاق حركياً..
فالبرنامج أخطر مما يتصور المرء وسينزل على الانترنت ليكون متاحاً للجميع، أسأل الله أن ينفع به.


* هل هناك جهات تحمست لهذا المشروع؟

- في الحقيقة البرنامج نال إعجاب الكثيرين وانبهر به بعض رجال الأعمال، فمثلاً الشيخ حمود الجميح وعبد العزيز الجميح وإخوانهما تبرعوا بأكثر من ٤٠ جهاز حاسب آلياً للمعاقين، فبمجرد وضع البرنامج يستطيع المعاق التحكم فيه، ونسأل الله أن يثيبهم خيراً، وأتمنى من الله أن يوفق أصحاب المال للإسهام في مثل هذه الأعمال الخيرية.


* سمعنا أن أحد الخيّرين عرض عليك العلاج بالخارج على نفقته وأنه يمكن أن تتحسن صحتك بعون الله تعالى؟

- كثيرون عرضوا عليَّ ذلك، فأنا منذ ١٥ سنة على هذه الحالة، والعلاج بالخارج بيد الله سبحانه وتعالى، وكل من يساندني، ولو بالدعاء والفكر والهم، فهذا يكفيني في الدنيا والآخرة..
وكما قلت هناك الكثيرون عرضوا عليّ العلاج بالخارج، ولكن قدَّر الله وما شاء فعل، ولو جاء أمر الله كل شيء يكون ميسراً، وإذا قال لأمر: كن فيكون، والحمد لله على كل حال.


* هل أنت مرتاح لوضعك هذا؟

- قبل فترة قصيرة سألني طفل عمره ١٢ سنة فقال لي: يا عبد الله إذا استطعت أن تمشي فهل ستعود كما كنت في السابق؟!..
وهذا سؤال جميل، دائماً كنت أفكر فيه، وسألت الله تعالى إذا كنت سأتحرك وأعصي الله كما في السابق فأسأله ألا أتحرك أبداً،
فأنا الآن في طريقي إلى معرفة الله، فأسأل الله أن يثبتنا ويعيننا،
ولا أحد يكره العافية، وقد منّ الله عليّ بسعادة ونعمة لا يعلم بها إلا الله.




* كيف نشأت لديك فكرة المشاركة في الملتقيات الدعوية عبر الوسائل المختلفة؟

- كما ذكرت لك من قبل فإن الدعوة مسؤولية كل مسلم

فالإنسان يحتاج إلى التذكير بصفة مستمرة طالما الشيطان يعمل ليل نهار منذ عهد آدم عليه السلام وحتى اليوم

فنحن بحاجة إلى التذكير والدعاء

فعندما كنت سليماً أسير على قدمين لم يأتني من يقول لي: اتق الله، أو يطلب مني الذهاب إلى المسجد، ولو مُتُّ على ذلك لكنت خسرت،
ولكن الله سبحانه وتعالى أكرمني بعمر ثانٍ

 وإخواني كثيرون يحتاجون إلى الدعوة، وحتى لا يقعوا فيما وقعت فيه فأنا أتحرك في الدعوة في الكثير من مناطق المملكة،

والآن لديَّ رحلة إلى اليمن بإذن الله، ويشاركني بعض المشائخ الذين يذكَّروني بالله ويحمَّلونا المسؤولية، فأنا معاق، لكن –الحمد لله- لديَّ عقلاً وطلاقة لسان.. فلماذا لا أقوم بالدعوة حسب هذه القدرات؟

الدنيا فتنتها كثيرة، ٩٩% يدعون إلى الدنيا، و١% يدعو إلى الخير وإلى الله تعالى.. فكن متميزاً مع الله.

هناك أناس خلف الكواليس يساهمون فيما أقوم به من نشاط دعوي، يساعدوني في الحركة والخدمة الشخصية منهم أشرف اليزيدي، خالد مساعد، أبناء خالدي: عدنان والحاج وأحمد، وعبد الله باقطيان، ومحمد باقطيان، ومحمد عسيري، وأخواي هيثم ورائد، ويشاركون في الدعوة ولهم أجر إن شاء الله في كل خطوة يقومون بها في هذا الطريق،

في حين أن البعض يمنعون الدعوة علناً، ويقفون في طريقها، حتى بالكلمة والعياذ بالله.


سمعنا أن هناك من عرضت عليك الزواج.. هل هذا صحيح؟

- كيف وصلتكم هذه المعلومات، نعم حدث هذا، ولكن ليست واحدة، بل أكثر من أربعين عرضن عليّ الزواج ومازلن يحاولن ذلك، ولكني أرفض الزواج.


* ماذا عن الأمنيات والطموحات؟

- في داخلي حب وتقدير وشوق وإعزاز كان لشخصين وأمنية عندي أن أقبَّل رأسيهما،
وقد تحققت الأمنية الأولى بفضل الله، وكان أعظم شرف في حياتي أن أقابل سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي عام المملكة وأجلس معه، وقد وفقني الله في مقابلته في بداية رمضان الكريم هذا العام والجلوس معه،
والأمنية الثانية أن أقبّل رأس خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وما ذلك على الله بعزيز.


* بما أنك قريب من الحرم هل تحرص على أداء العمرة؟

- أكرمني الله بأداء العمرة قبل رمضان وفي رمضان، وأنا من عشاق مكة والمدينة، وحينما كنت في المستشفى أمضيت سبع سنوات داخل وخارج المستشفى، وكنت لا أستطيع الذهاب إلى الحرم، فخشيت أن يكون الله قد حرمني ومنعني من ذلك، ولكن الله أكرمني بالعمرة والزيارة بعد ذلك، وأصبحت لا أضيّع أي فرصة أبداً، وأنا قريب على بعد ٧٠ كلم، وهناك أناس جوار الحرم لا يدخلونه أبداً.
ولك أن تتصور المسلمين القادمين من أصقاع الأرض الذين يتمسحون بأستار الكعبة ويموتون في رمي الجمرات أو في غيره من المناسك، فهؤلاء اختارهم الله واصطفاهم ليُبعَثوا ملبين يوم القيامة؛ لأنه اطلع على صدقهم ومحبتهم له، لكننا ننظر لذلك من زاوية دنيوية ونقول: بسبب الزحام وسوء التنظيم، وهذا ليس صحيحاً.. بل اصطفاهم الله واختارهم من بين الحجيج لشيء يعلمه تعالى.


ماذا تود أن تقول في خاتمة هذا اللقاء؟

- أشكر جهودكم المقدرة، وأنا أسمع عن مجلتكم ثناءً كثيراً وحديثاً طيباً، وأنا بحكم ظروفي هذه لا أستطيع أن أمسك المجلة أو أقلب الورق لذلك أتفادى القراءة؛ لأنها تضايقني، فجزاكم الله خيراً على ما تقدمونه للأمة من رسالة الكلمة، فاجتهدوا وسددوا وقاربوا؛ فكل على ثغر.

* *

كما التقينا بالشيخ علي محمد علي آل ياسين المشرف على دار العلاج بالرقية الشرعية، الذي أكد على أن المعصية تصدر من الصغير والكبير، فهي لا تعترف لا بلون ولا بجنس، ويمكن أن تصدر من المريض والصحيح، إذاً الكل بحاجة إلى دعوة؛ لأن الجميع معرض للخطأ، فالنصح والموعظة حاجة كل مسلم.
أما الحالة التي مر بها الشاب عبد الله ليست حكراً على فئة معينة، فهي يمكن أن تحدث للنساء والرجال، والكبار والصغار، وقد وجدنا هذه الحالة عند مختلف الفئات، ومن أشهر تلك الحالات مخرج فيلم (سوبرمان) أشهر نجوم هوليود، فهو يعاني من نفس الحالة (الشلل الرباعي) فهذا المرض لا يعرف الأجناس ولا الديانات وليس عنده صغير أو كبير.

- وحول مجيء عبد الله بانعمة إلى مدينة الرياض أضاف الشيخ آل ياسين قائلاً:

إن مجيء عبد الله إلى الرياض فيه رسالة مضمونها أن هذه الإعاقة ليست حكراً على فئة أو طبقة معينة من الناس، أما الرسالة الثانية، فهي أن هذه الإعاقة ليست إعاقة عن الخير وبذل المعروف وعن الدعوة إلى الله، بالعكس نجد عبد الله المعاق قدم الكثير مما لم يقدمه بعض العلماء وطلاب العلم، والإعاقة ليست إعاقة البدن، ولكن إعاقة الروح والقلب. وكذلك الانطلاق الحقيقي هو الانطلاق في طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

- وعن مفهوم الدعوة وأسسها بيَّن آل ياسين:

- أنه يفترض في الداعية أن يكون لديه إلمام وعلم وحكمة، وفي هذا الصدد قال الشيخ ابن عثيمين –يرحمه الله- البصيرة هي العلم، وقال: العلم بما تدعو إليه والعلم بحال المدعو، والعلم بوسيلة الدعوة.. وهناك فرق بين الإفتاء والدعوة، فالأولى تحتاج إلى علم بكل أمور الدين والشرع، والثانية تحتاج إلى العلم بما تدعو إليه ومن تدعوه ووسيلة الدعوة.. أي العلم، والعمل به، والدعوة إليه، والصبر على أدائه.

- وفي ختام اللقاء وجَّه آل ياسين نداءه إلى الشباب بقوله:

أقول للشباب: الأمة محاربة من أعدائها، وهي بحاجة إلى جهد كل فرد فيها؛ لأنها تواجه حرباً عقيدية واقتصادية وفكرية وثقافية ومن كل النواحي، ووقوع بعض التقصير من البعض ليس سبباً في التقاعس عن الدعوة، وأهم شيء أن ينزل العلم ويطبق على أرض الواقع، وعلى كل فرد أن يقدم ما لديه كل في مجاله، ولا يصغرن أحد نفسه أبداً.

وأذكر أن أحد الدعاة قال: كنا في أحد المراكز الإسلامية فإذا برجل غربي مسلم يدخل علينا، ويقول: السلام عليكم يا معشر الظالمين،
فأنكرنا عليه ذلك..
فقال: بسبب تقاعسكم أنتم مات أبي وأمي على النصرانية..
قال: سكتنا ولم نرد عليه بحرف واحد..

هنا تبرز أهمية الدعوة والحاجة إلى الدعاة.

◽️◽️

📚 مجلة نون العدد (١١) ذو الحجة ١٤٢٧ هـ

 تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »

موضوع ذا صلة :

🔗 صور مؤثرة للداعية عبدالله بانعمة - برنامج الجانب المظلم
http://huria-alddaewa.blogspot.com/2016/09/blog-post_28.html

🔗 عبد الله با نعمة: كل مسلم معجزة، ولست وحدي كذلك!
http://huria-alddaewa.blogspot.com/2016/09/blog-post_75.html


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق