الأربعاء، 21 سبتمبر 2016

الموعد لم يحن بعد .......!


استيقظ مذعوراً على صوت أنّاتها التي تنفثها من قرارة صدرها ، كعادتها خلال شهور مرضها

أسرع إلى المطبخ ، فتح الثلاجة ..

عاد إلى غرفة نومها ، ( عفواً ) بل إلى غرفة مواجعها وآلامها

وضع الماء والدواء على نضدٍ بجوار سريرها

أضاء النور .. لم يجدها على السرير ، ترى أين ذهبت ؟

فتش عنها في زوايا بيته ذي الغرفتين فلم يجدها

يخرج من غرفة يدخل الأخرى
يعود إلى الأولى بلا وعي

كادت الدهشة تعصف به ، فمال على الجدار ، أحس ناراً تضطرم في صدره ، حاول إطفاؤها بالدموع التي تزدها إلا اضطراماً

لقد استيقظت في نفسه صورتها وهي محمولة على الأعناق في طريقها إلى مثواها الأخير في هذه الدنيا وهو يودعها ، ويودع معها قلبه ، وسعادته ، ويعود بذكرياته التي لم يستطع الموت أن يحرمه منها ايضاً …

يلتفت إلى نفسه ليستأنف معها الحديث الذي بدأه قبل أن يغلبه النوم ، من لك بعدها ؟

لقد أصبحت وحيداً تجتر الذكريات الجميلة لتبللها بدموعك ، ثم تبتلعها مرة أخرى ..

بينما هو كذلك سمع صوتا ندياً سابحاً في هدأة السحر .. إنه مؤذن الحي بنادي لصلاة الفجر .

لقد أحس هذا النداء موجهاً إليه وكأنه يقول :

إن الله أكبر مما أنت فيه ..
إن الله أكبر منك ، وأقدر على إسعاد زوجتك ..
إنها إلى جوار ربها وهو ألطف بها منك ..
إن الله يبتليك ليمتحن صبرك ، ويجزل أجرك ، ويرفع منزلتك ..

أحس النار في صدره تخبو قليلاً ، فأراد أن يطفئها بالوضوء ، فتوضأ بماء تخالطه الدموع

ومشى إلى المسجد ، فأدرك من تلاوة الإمام :

( وبشر الصابرين ، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون )

فحلّق في عالم نوراني لا يعرفه إلا المؤمنون

انتهت الصلاة وسلم الإمام فسلم خلفه

واستند إلى أحد أعمدة المسجد ، يردد أذكار الصباح

غافلته عيناه فاستسلم في نعاس خفيف .. فرآها تطل عليه في أحلى صورة
فوقف أمامها مبهوراً من جمالها ..
اقتربت منه وتبسمت
فرأى ابتسامتها تشرق نوراً يزري بضوء الشمس والقمر
ومما زاد عجبه أنه رأى جسدها من وراء ثيابها ، ورأى من خلالها الأشجار التي وراءها ، ووجد ريحاً طيباً لم يعرف له من قبل مثيلاً 
لم يتمالك نفسه فحاول أن يضمها إلى صدره
فتراجعت وهي تردد : ليس الآن ، أنا في انتظارك ، وتماهت في سحابة بيضاء .

تنبه من غفوته وهو يناديها ، وأنظار المصلين ترشقه بسهام الإشفاق والاستغراب

فانسلَّ من المسجد وصورتها الجميلة لا تزال تضيء له الطريق .

◽️◽️

ابراهيم مضواح / أبها – رجال ألمع

 تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق