الفتاة لم تتجاوز عامها السادس عشر بعد، جميلة الملامح، تلمح الذكاء يشع ويتألق في عينيها، شعرها أسود كثيف طويل، هادئة جداً ولم تنطق بكلمة، عندما دخلت إلى المشغل الذي صادف وجودي فيه في نفس الوقت، ودار الحديث بين والدتها ومصففة الشعر، التي فوجئت كما الموجودات بأن أم الفتاة تشكو من كون فتاتها تصر على أن يكون (ستايل شعرها بوي).
قالت لها مصففة الشعر الأسيوية: (عادي حبيبتي خليها فهو موضة).
فتعالت أصوات النسوة والفتيات: (حرام شعرها حلو).
قالت الأم للمصففة متجاهلة الجميع: (أنت اغسلي شعرها، وفككيه وتعرفين المسألة).
وبعد حديث ومناوشات سمعت من والدة الفتاة أن فتاتها لا تقوم بعملية تمشيط شعرها، وهي تهمله مجمعة إياه كله دون تمشيط لتقوم بضمه وراء رأسها وذلك لفترة لم تكن قصيرة والسبب أنها تريد أن تكون ذات قصة (بوي)، فكان هذا أسلوبها الذي اتخذته في الضغط على والديها لتحقيق ما تريد.
لم ينته الموقف بعد، ولكن المصففة التي هالها مدى فظاعة التشابك في شعر الفتاة تأبى أن تقوم بعملية تمشيط الشعر لأنها تدرك بأن لا مجال لذلك والشعر تالف لا محالة، والأم قلبها يتفطر على شعر ابنتها، وهي تأبى الاستسلام لقرار قصة على طريقة الصبيان، والمصففة تصر إما القص أو العودة بالفتاة وشعرها كما هو للمنزل.
سألت أحدى السيدات ألم تلاحظي أن شعر ابنتك لم يمشط أبداً لفترة طويلة؟ قالت الأم في حسرة: لا، دوم البنات شعرهم منفوش ومرفوع، لم أستطع اكتشاف الأمر إلا مؤخراً، وهي تطالب بقصة والتخلص منه.
قبل أن أخرج مع أختي الصغيرة، كانت المصففة قد قصت من شعر الفتاة قرابة الذراع، ووصل شعر الفتاة بذلك إلى كتفها، ولم تزل الفتاة غير راضية عن ذلك لأنها لم تحقق حلمها بأن يصبح شعرها ستايل بوي.
لا تعليق لدي سوى أن الفتيات فعلاً ذكيات جداً، وأصبحن أكثر قدرة على وضع أهاليهن أمام الأمر الواقع كلما أردن ذلك، مستخدمات أساليب شتى للوصول إلى مبتغاهن.
الحسرة كانت بادية على وجه والدة الفتاة في حين أن ابنتها كانت تنظر لها عبر المرآة بتلك النظرة التي تحمل في طياتها شعور النصر، هي في الواقع نظرة قهرت الأم المسكينة فحولت نظرها عن الفتاة ممتعضة.
عزيزتي
كم من مرة استخدمت ذكائك الباهر والخارق في التعبير عن رفضك لما يمس شريعتنا وديننا الإسلامي الحنيف؟
كم مرة استخدمت ذلك الذكاء في تعاملك مع ما يرسله لك الإعلام وأنت ترين أنه لا يمكن قبوله بهذا الشكل المبتذل الذي لا يرضي أحداً من ذوي الفطرة السليمة؟
كم مرة استخدمت فطنتك وقدرتك على الرفض في التصدي للظواهر الدخيلة على مجتمعاتنا والتي لا تناسب عاداتنا وتقاليدنا؟
كم مرة استخدمت ذكائك فيما هو مفيد فعلاً؟
أم أن ذكاءك هذا فقط لتحدي والديك؟
◽️◽️
فاطمة العطاوي- البحرين
📚 مجلة حياة العدد (٧٢) ربيع ثاني ١٤٢٧هـ
✍ تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق