إن المرأة والرجل كليهما فيهما ميل إلى الآخر لا سبيل إلى تجنبه أو إنكاره وليس مطلوباً ذلك، والاختلاط لا يخلو من أمرين: إما أن يؤدي إلى إثارة الشهوة وزيادة حدتها، وإما أن يؤدي إلى إضعافها وكسر حدتها،
فإذا كان الأول تحول الأمر إلى فوضى لا ضابط لها، وعند ذلك يشيع الأذى بين الناس بشيوع الأمراض التي قدر الله سبحانه أن يضرب بها الذين يقارفون الفاحشة من الزناة، ويفسد المجتمع، ويضطرب نظامه، ويتمزق شمل جماعته، ويموج بعض الناس في بعض، بتكاثر الأحقاد والضغائن بين الآباء الذين أوذوا في بناتهم، والأزواج الذين أوذوا في نسائهم، والأولاد الذين أوذوا في أمهاتهم، وبين المتنازعين والمتنازعات والمتنافسين والمتنافسات على العشيق الواحد والعشيقة الواحدة، وذلك كله مما لا خير فيه، ومما لا تسعى إليه جماعة من الناس تنشد الوحدة والطمأنينة والسلام..
وإذا كان الأمر الثاني وهو ضعف الشهوة، وهو أمر واقع، فإن كثرة التجاور موجب لضعف الشهوة، حيث إن الذي يعتاد رؤية مفاتن النساء تخفت شهوته، وهذه حجة الداعين إلى الاختلاط، حيث يزعمون أن الشهوة تهذب بالاختلاط وتزيل هياجها، وهذا قد يكون صحيحاً في بعض الناس، وإن كان كثير من الشهوات الجامحة يستعصي على الترويض، وينطلق إلى الفتك والافتراس، يفلت زمامه على المروضين، لكن على احتمال أن الاختلاط يؤدي إلى ضعف الشهوة وعدم ثورانها لرؤية مفاتن النساء، أليس هذا هو البرود الجنسي؟، ثم أليس البرود الجنسي مرضاً يسعى المصابون إلى الأطباء يلتمسون عندهم البرء والشفاء من أعراضه؟، فكيف إذن يجعل هذا المرض غاية من الغايات يسعى إليها باسم التنفيس عن الكبت أو تهذيب الغريزة الجنسية؟.
وكيف يكون الحال لو تصورنا أن هذه الحال قد سرت في جميع الناس فبطل تجاذب الذكر والأنثى، أليس يفسد الكون، ويفنى البشر؟!، (ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون)..
ثم إن مرض البرود الجنسي يستتبع نتيجتين خطيرتين: الأولى: ضعف النسل وانحطاط خصائصه،
والثانية: انتشار الشذوذ الجنسي..
أما النتيجة الأولى فهي ترجع إلى أن حدة الشهوة وقوتها سبيل إلى تحسين النسل وداعية إلى إبراز أحسن خصائصه وأفضل صفاته، كما أن فتور الشهوة وبرودها سبيل إلى ضعف النسل وداعية إلى تدهور خصائصه.
ولقد أدرك قدماء العرب ذلك بالتجربة والملاحظة، فوصف أبو كبير الهذلي فارساً عربياً مشهوراً وهو تأبط شراً بأن أمه قد حملت به وهي أشهى ما تكون إلىزوجها، حتى لقد صور أباه في هياج شهوته وكأنه قد أخذ أمه غلاباً:
حمـلـت بــه فـــي لـيـلـة مـــزءودة = كرهـاً وعقـد نطاقهـا لــم يحـلـل
فأتت به حوش الفؤاد مبطناً = سهداً إذا مـا نـام ليـل الهوجـل
أما النتيجة الثانية الخطيرة لشيوع البرود الجنسي فهي انتشار الشذوذ الجنسي، وهي راجعة إلى أن الرجل الذي ألف أن يقع نظره على مفاتن المرأة فلا يثور يحتاج لكي يثور إلى مناظر وأوضاع تخالف ما ألف، ثم إن إصابته بالبرود تحرمه من لذة كبرى، ومتعة تسكن إليها النفس، فيعاني أشد الألم مما يشعر به من نقص الذكورة، يدفعه ذلك إلى تحقيق متعة الجنس بأي طريق، عن طريق الخليلات وبائعات الهوى والتماس الشاذ الغريب من الأساليب رجاء أن ينبعث ما ركد من ذكورته، بل يدفعه إلى الاتصال بالذكور، وتعاطي المخدرات تعويضاً لما فقده من لذة، ومثل هذا الشذوذ يشمل المرأة والرجل على السواء، وفي الغرب ملايين الباردين والشاذين جنسياً.. فهذه هي غاية الاختلاط، فهل بعد هذا يزعم عاقل يعرف ما يقول فيقول: (لا بأس بالاختلاط)؟!
◽️◽️
لطف الله خوجه
📚 مجلة الأسرة العدد ٨١ لعام ١٤٢٠هـ
✍ تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق