الأحد، 2 أكتوبر 2016

وللحياة وجه آخر


وللحياة وجه آخر

ليل مخيف وسحاب كثيف وأمطار تتساقط من جديد 

سكون خيم عل المكان سوى صوت صرير الباب وبريق لضوء من بعيد ... الجو بارد ونسمات الهواء تحاول الدخول إلى الغرفة الصغيرة لعلها تحظى ببعض من الدفء ..

- آه كم أنا مرهقة سأقوم بعمل كوب من القهوة فليس لي شهية بأكل الطعام.

وقفت تتابع قطرات وهي تتسابق مسرعة على النافذة مر بها طيف أمها وهي تسكب الدمعات على وجنتيها اعتصر قلبها مجدداً .

- كم أنا ساذجة هل يعقل بفتاة عاقلة أن تصارح أمها بهذا الأمر الخطير ولكن ماذا عساي أن أعمل هل أخبر أخي الذي لم يشتد عوده بعد أم أخبر أختي الكبرى ذات القلب الحنون؟؟ لا أنسى ذلك اليوم الذي ملأته دموعاً حزناً على موت العصفور الصغير ...

رحمك الله يا أبي ماذا كنت ستفعل عندما يقع الخبر على مسامعك ... بدأت الآلام تعاود قلبي لابد أن آخذ قرصاً مهدئاً وأخلد إلى النوم .. سحبت فراشها وحاولت النوم ولكن هيهات ..

- هل أنا أتوهم أم هي الحقيقة التي أحاول الهروب منها قامت مسرعة فتحت الدرج الملاصق لفراشها أخرجت التقرير فتحته وتمعنت به جيداً سقطت دمعة بللت أوراقها مسحتها ورفعت يديها إلى السماء ربي إني لم أجزع من قضائك فارزقني ربي العافية وألهمني الصبر والسلوان.

أطلت برأسها على ذلك الكرسي وبدأت الأفكار تراودها من جديد استرجعت تفاصيل تلك الأيام المريرة.

- عندما بدأت قدمي بالزيادة يوماً بعد يوم سئمت أمي من طلبي واسترجائي بأن أذهب إلى المستشفى للكشف عما يؤلمني لم تكن تعلم ما يدور في خلدي!!

لكن حدث ما لم يكن بالحسبان أحسست في يوم من الأيام أن قدمي قد شلت عن الحركة حينها استجمعت قواي وذهبت وحدي إلى المستشفى ..

دخلت إلى العيادات الأولية روتين قاتل أخذت رقمي واتخذت مكاناً قصياً .. جلست بجانبي امرأة في مقتبل العمر سألتني : كم رقمك؟

- رقمي ١٥

- أوه أمامك أربعة؟

- الله المستعان

- مم تشكين زكام أم كحة؟

- التفت إليها ودموعي تترقرق في عيني لا هذا ولا ذاك

- المريض رقم ١٥

بدأت دقات قلبي تتسابق مع الزمن والعرق يسرع في خطاه على جبيني المرهق وخطواتي تتناقص حتى وصلت إلى غرفة الكشف.

بعد أن كشفت الطبيبة على قدمي نظرت إلى الممرضة وقالت لها باللغة الإنجليزية خوفاً على مشاعري: تحتاج إلى تحويل سريع جداً إلى المستشفى يوجد اشتباه كبير جداً لورم خبيث.

وقعت هذه الكلمات كالصاعقة على أذني وبعد التأكد من ذلك الخبر ..

عدت إلى البيت وصعدت إلى غرفتي صليت ودعوت الله بحرقه أحسست لحظتها براحة عظيمة لم أذق طعمها من قبل ..

نزلت إلى أمي وكان اليوم هو يوم تجمع أقاربي كانت مشغولة بطهو الطعام مسكتها بيدها احتضنتها بقوة أخبرتها بخبري بكت بكاء شديداً ..

في تلك الليلة الكل مرتبك ويبكي حتى أحسست أنني سأموت في تلك اللحظة

أمسكت بيدي خالتي وسحبتني إلى الغرفة المجاورة كانت مشدودة الأعصاب بدأت تحدثني وكأن الأمر شيء عادي نزلت كلماتها كالبلسم على فؤادي ذكرتني بالله وبأن الله مع الصابرين وقالت: يا بنيتي إن العلم قد تقدم تقدماً كبيراً في العلاج وأنت تذكرين سالم ابن الجيران وهدى ابنة عمتك والكثير كيف من الله عليهم بالشفاء ..
نظرت إليها وقلت لها أن كلماتك هذه أحب إلي من ألف دمعة سكبت من أجلي .....

◽️◽️

نهى اللميلم – الرياض
📚 مجلة حياة العدد (٥٨) صفر ١٤٢٦

 تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق