الخميس، 27 أكتوبر 2016

تنويه هام : الدعاة إلى الله وعدم مراعاتهم أحوال العامة


إن كثيراً من الدعاة إلى الله والغيورين الذين نحسب أن مقصدهم النصيحة وبيان الحق للناس

يغفلون هداهم الله عن جانب مهم في دعوتهم للناس وهو عدم مراعاتهم أحوال العامة

ـ إن صح التعبير ـ

في الفهم والتصور لما يلقى على مسامعهم ومدى انتفاعهم مما يقال لهم .


روى الديلمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " أُمرنا معاشر الأنبياء أن نحدث الناس على قدر عقولهم " 

وأخرج مسلم عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ موقوفاً " ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة "

وورد في الأثر عن علي رضي الله عنه قال " حدثوا الناس بما يعرفون … أتحبون أن يكذَّب الله ورسوله " 
رواه البخاري ومسلم في كتاب العلم .


وفي هذا إشارة إلى أنه لا ينبغي أن يتحدث الداعية بكل ما يعرفه هو .

فقد يعرف الداعية من الأمور المشكلة والمحيرة والتي تحتاج أحياناً إلى فهم ودراسة أكثر مما يعرفه العامة ، 

لذلك ينبغي أن يحدثهم بقدر ما يعون ويفهمون وينتفعون ،

لأن المقصد نفعهم لا الإضرار بهم ،

وأنت ترى أنه إذا لم يراع هذا الجانب في الدعوة إلى الله فإن العامة يقعون في الافتتان وربما ذهبت بهم الأفهام والظنون بما لا يعود عليهم بكثير نفع أو مصلحة .


ولقد كنت يوماً جالساً في الجامع الكبير أستمع إلى أحد الدعاة وهو يلقي محاضرة
وكان يكثر من الحديث عن الصوفية محذراً منها .
فكنت أسائل نفسي حينها : أكل الموجودين في هذا الجامع يعرفون الصوفية ؟
وهل هي ممارسة بالفعل في حياتنا وأصبحت ظاهرة بلا خفاء ؟!
لست أقصد أننا لا نبين للناس ليحذروا الوقوع في الصوفية المنحرفة عن منهج الكتاب والسنة وسلف الأمة ، كلا ، ولكني أتصور أن هناك فرق بين أن نتحدث عن الشيء وهو موجود وبين أن نحذر من الشيء وهو مفقود . 
كما أن الأمر يحتاج إلى توطئة قبل ذلك حتى يكون الحديث ذو منفعة ، خاصة وأن المجتمع الذي كان يتحدث فيه ذلك الداعية لا يعرف الصوفية أو يمارسها في حياته كمذهب أو طريقة من طرق الصوفية المعروفة وما يرتكب فيها من البدع المنكرة التي تصل إلى حد الشرك بالله تعالى .


فما أجمل أن نحدث الناس بما يعرفونه ولا ينكرونه

وما أجمل أن نضع الأمور في نصابها

وأن نراعي مقتضى الحال .


فالحديث لطلبة العلم يختلف عن الحديث لعوام الناس

والحديث للصغير يختلف عن الحديث للكبير

والحديث للمرأة يختلف عن الحديث للرجل


قال تعالى " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن " النحل

وقال تعالى " ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً وما يذكر إلا أولوا الألباب " البقرة


إذاً فكل حكيم داعية وليس كل داعية حكيماً


وبالله التوفيق .

◽️◽️

إدريس بن أبكر المجرشي
📚 مجلة الشقائق العدد ٤٣

 تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق