الأربعاء، 4 مايو 2016

أروع القصائد في وصف صورة معبرة (٢)



عروج الهمم

تسلّق سبيل الهداة العرب *** وطاول بعزم عنان السحبْ

فأنت كأنفٍ رفيع المكان *** وغيرك يهوي لجرَّ الذنبْ

تسلّق بثوب الحياة النجاة *** وضمَّ الأكف وضمَّ الركبْ

ودَعْ عنك ثوب القساة العتاة *** ودّعْ عنك ثوب الضلال الخَرِبْ

بثوب البياض وهمَّ الرجال *** ستهزمُ ليلاً شديدَ الكربْ

فما عاد يُجدي قعودُ الجمال *** ونوم الكسالى وصوت الطربْ

ترفّع فحولك سيل الدمار *** وخلفك طيش كواه الغضبْ

فجدّك سعد وأنت الوليد *** وأمك حفصٌ، فنعم النسبْ

قويّو السَّنان، فصيحو اللسان *** نقيّو الجنان، كعرق الذهبْ

صعدت وتدري بأن الصعود *** محاطٌ بموج الهوى والوصب

أتعلو وحيداً على مصعدٍ *** تنادي الأحبة: أين اللهبْ؟

شممتُ الرجولة في عزكم *** ولم أر ناراً تجيب الحطبْ

فهل أشعل القوم ذرَّ الغبار *** فغطّى الغبار السنا وانتحبْ

فأضحت جراحي مُبْكى الجراح *** تئن وتشكو انهزام الخطبْ

أنمتم؟! وسار فحولُ الأنام *** لأغلى وسام وأعلى لقبْ

تنال المعالي بهجر النعيم *** حرام المنال على من هربْ

ولو رمتُ غُسلاً بماء الظلام *** لخضت برجلي حتى العَصَبْ

وسرتُ على شط بحر الهروب *** فحزت الثناء وتاجَ الرتبْ

أَبَيْتُ انتظارَ زمان الخلاص *** قفزت إلى نهج من قد ذهبْ

فلبّى العمود وصاح: الرحيل *** هلمَّ إليّ إذن واقتربْ

أنا وَتَدٌ قد نشرتُ الجذور *** بتاريخ جَدًّ وأمًّ وأبْ

أضأتُ بنوري ذرا المشرقين *** تشبّث بنوري وسر وارتقبْ

فإنّ فؤادي مضى للسماء *** فأنّى لعزمي بلوغُ التعبْ؟

وهمّي ترقى نطح النجوم *** فإمّا الوصول وإمّا الطلبْ؟

رياض بن عقيل أبونمي – حضرموت

––



طوفان العولمة الفكرية

إلى أين ترقى؟ بما تحتمي؟ *** أترقى السماء بلا سُلّمِ؟

أحاط بك الويل من كل صوب *** كما لُفّ عقْدٌ على معصمِ

تعولمت الأرض من حولنا *** ليعبثَ موجٌ بنا يرتمي

وجاءتْ من الغرب أمواجه *** تساوم في إرثنا القيمِ

فحارتْ لدى الفيض كلُّ العقول *** ولم ينج منه سوى المُحْتَمِي

تعرتْ وجوه، وزلّتْ بها *** إليه غباوات رأي عمِ

لتَقْبَل منه رؤى مظلمات *** لترتع في لجها المظلمِ

وأخرى استقلتْ طريقاً غريبْ *** لتلقى من الويل موجاً ظمِ

أتانا ففرّق منا الجموع *** بسيف إلى عقله ينتمي

وجاء بزِيًّ ووجه جديد *** وفكرٍ كما شاء للمسلمِ

يريه التراث زماناً خنا *** عقيماً وفي قعر جُبًّ رُمِي

أحاط بنا موج طوفانه *** فكيف الخلاص؟ بمَا نحتمي؟

ففي شاشة العرض أنيابه *** ويهمس بوق الخنا بالفمِ

ويعرض في السوق إنتاجه *** لهذا الثّرِيّ وذا المعدمِ

فهل كنت منه تريد النجاة *** فقد صار منك بمجرى الدمِ

لماذا خسرتَ وصرت الغريق *** وما نؤت عنه من المجثمِ؟!

لأنك ضيّعتَ سبل النجاة *** لتلقى زماناً به تندمِ

ونحن الأُولى جاء فينا الرشاد *** شربناه صافٍ من المُحكمِ

لنا الفكر إرث عن الأنبياء *** يشعُّ سناه هدىً فاغنمِ

فعم ضياه الدُّنا رحمة *** تفك القيود بحدّ الصمِ

فمنها بدأنا بها نحتمي *** فأُنجدْ إليها ولا تُتْهمِ

وأطلق سراحك من فكرهم *** وعالجه سُقْماً من البلسمِ

ولا تحسب الماء عذباً زلال *** فما كان يوماً سوى العلقمِ

وأمسكْ بحبل شديد الوثاق *** نجاة لمن شاء لا يصرمِ

فهيّا جميعاً لبرّ النجاة *** بفلك عنيد ونورٍ همِ

عادل أحمد الزليل – حجة

––



هذا بما كسبت أيادينا

أيُغْرِقُ السيلُ أمجادي وشاراتي *** أم يستبيح العدى عِزّ الكراماتِ

هذا لعمري عقاب الله أرسله *** كي يَغْسل الأرض من سوء الدناءاتِ

سيلٌ تعدّى حدوداً كي يؤدبنا *** بما كسبناه من شر البلياتِ

في البر والبحر عَمّ الإثمُ ثم طغى *** فاستبدل اللهُ راياتٍ براياتِ

عجبتُ من معشر خانوا رسالتهم *** واستعصموا بالهوى دين الضلالاتِ

يا لائمين كفى لوماً ففي كبدي *** منكم جراح تنزّتْ بين آهاتي

لا تحسبوا أنني ممن تجارتُهم *** محارمُ الله أو خانوا الأماناتِ

لا لستُ ممن بغوا في الأرض وانتكسوا *** إلى الرذيلة عاشوا للملذاتِ

نعم تحلّيتُ بالأكفان مبتغياً *** موتي شهيداً لكي أحيا بجنّاتي

إني تمسكت بالإسلام معتصماً *** وتبتُ مستغفراً من كل زلاتي

لما طغى الماء آفاقي حملتُ على *** سفينة الروح أنواري وراياتي

بالأمس كُنّا وكان المجدُ مركبنا *** والعزُّ رائدنا عند الفتوحاتِ

هذي مبادئنا في الكون شامخة *** من وحي خالقنا ربّ البريات

ما لي أغنّي زمان العز فانهملتْ *** مني الدموع على أنّات أبياتي

واليوم صرنا ذيول الكفر وا أسفي *** فالقرد يُفسدُ أمجاد النبواتِ

ما بالنا اليوم نُصْلَى نارَ محنتنا *** ونُجْرع السمْ من أشداق حياتِ

القهر مركبنا والذل سائقنا *** والضيم يطعمنا وَحْلَ السياساتِ

يا قادة العرب هل ماتت ضمائركم *** أم أنكم قد رضيتم بالتفاهاتِ؟!

ما بالنا اليوم نجني من سياستكم *** عارَ المذلّة والتنكيس للآتِ

ما بالنا اليوم ننسى سرّ نهضتنا *** ونكتوي تحت ويلات الولاياتِ

كأننا لم نكن والله غايتنا *** نخاطب السحب من صرح الحضاراتِ

وا حر قلباه، هل لَمٌّ لفرقتنا *** فالغرب يقصفُ أوطاني وجناتي

والله لو صدقتْ نياتُنا لغدتْ *** أفواجُنا مدداً في نصرنا الآتي

عبده خالد أحمد – تعز

––


صراع البقاء

آثرت صمتي فاستهلّ رثائي *** وبقيتُ وحدي أستلّذ بُكَائي

وصعدتُ أستبقي الحياة وهدّني *** ألمي وجَالَ بخافقي خيلائي

في كل زاويةٍ يطاردني الردى *** ويطول من لقيا الردى إيماني

أنّى ألتفتُ أرى الحياة بلا قعاً *** وأرى بكل بُقيعةٍ بَلْوائي

قد أعتمتْ كلُّ الدروب بساحتي *** وأضعتُ في ليل العناء ضيائي

ضاع الرجاء هنا وحاط بجثتي *** ماءٌ يريد بدفقه إطفائي

ما عاد في رَمَقِ الحياة سوى الردى *** ينتاب أوردتي ودفق دمائي

والقلب تثقله الهمومُ بوقعها *** ويثير أوجاع الأنين بكائي

ما باله الطوفان يزحف شطّه *** ويحوطني من سائر الأرجاء

ما باله الطوفان سَدّد سهمه نحوي *** وضاق من البلاء فضائي

وتكاد تخطفني الرياح بهوجها *** وتخرّ من هول الدمار سمائي

وتكاد تصعقني مناظر إخوةٍ *** شطَّت بهم أمواجه الهوجاءِ

دفنت معالمهم وأنهت عهدهم *** وغدوا كنَصَّ صحيفة بيضاءِ

في كل مفترقٍ تلوحُ شخوصُها *** لتمدّ صرخة نجدةٍ ونداءِ

رحلوا عن الدنيا بغير تحيّة *** وطواهمُ الطوفان دون عناءِ

لكأنّهم ما سَطّروا أعمارَهم *** أضحوا كأَغْرَبِ قصة بَكْماءِ

وطواهمُ الطوفان في جبروته *** وغدوا كطيفٍ موجزِ الأنباءِ

كم من ديارٍ أقفرتْ من أهلها *** لتطلّ صورة عبرةٍ دكناءِ

وغدوتُ أرفُلُ في حنوط منيتي *** ويثور بين جوانحي استجدائي

رباه.. قد ضاق الوجود ومَلّني *** هذا العمود وخانني استقوائي

رباه.. قد عظمت مصائبنا فمَنْ *** يا رب غيرك يستجيب دعائي

لكن برغم فجيعتي في خافقي *** أملٌ وتسليمٌ بكلّ قَضَاءِ

لكأنّه الطوفان رغم عُتُوّه *** طهرٌ يزيل جرائم السفهاءِ

محمد أحمد فقيه – بيت الفقيه

––



المتشبث بالموت

مساءً فاعذريني يا مسائي *** وصبحاً فاغسلي عني حيائي

وغَطّي الذلّ في حَرْفي بثوبٍ *** قشيبٍ مفعمٍ بالكبرياءِ

وصُبّي من شذاك على القوافي *** ورُشّيها بزخات النقاءِ

ولُمي ما تفرّق من شتاتي *** وأضرمي نار حرفك بانطفائي

لعلي أن أرى شيئاً فشيئاً *** وأسمع ما يجلجل في فضائي

كأنّي بالمحاصر يبتليني *** بأسئلةٍ ويصرخ: وا شقائي

تسونامي وشاراتٍ ثلاثٍ *** لقد أضحى حصاري كهرومائي

فأيّهما يكون أرقُّ طبعاً *** فأدخل فيه ممتطياً غبائي

وأيّ الشرَّ أهونُ من سواه *** وأيُّهما يدقّق في اقتفائي

فقلتُ: أجَلْ علقتُ وكيف تنجو *** ولذتَ بما يعجل بالفناءِ

وما يغني التشّبثُ عنك شيئاً *** إذا نزل الموكّل بالقضاءٍ

إذا التنور فار فليس يغني *** سوى قلبٍ تعلّق بالسماءِ

وما يبكيك أهونُ من عدوٍ *** يؤجّج نار حربه من بكائي

وخنجرُه يسافر كلّ يومٍ *** إلى جسدي ويسبح في دمائي

ويقطعَ بعض أوصالي ويمضي *** فيشويها ويا شرَّ الشواءِ

ويشربني كآخر كأس خمرٍ *** ويرمي العظم عارٍ في العراءِ

ويسكب في بقايا الروح رقّاً *** فأُطرقُ طائعاً مثل الإماءِ

وينشرُ في ضميري كاسحاتٍ *** تزلزلني وتسلبني هنائي

تدمرني وتتركني هشيماً *** تبعثره العواصف في الشتاءِ

لَكَم ناديتُ من حولي عساني *** أرى نصراً يعجّل بالشفاءِ

ملأتُ الكون من حولي صراخاً *** فما أجدى وما أغنى ندائي

فلا أملاً بمعتصمٍ يرجّى *** ولا حُلماً بخطَّابٍ إزائي

ترجّلْ يالمحاصر فاقتفيني *** تسلّح بالعزيمة والإباءِ

أنِخْ كل المخاطر وامتطيها *** وقاومْ ما استطعت وكن فدائي

فهذا الحلَّ في زمن التلاشي *** وعين النصر في زمن الغثاءِ

رياض عبد الله الحمادي – تعز

––



بقولِ : كُنْ

جلَّ الذي غَمَرَ البرايا كل آن *** غيثاً من الرحمات فضلاً وامتنانْ

مُلِئتْ بهذا الغيث كلُّ جوانحي *** حتى انتشى الوجدان وانتعش الجنانْ

عجزتْ لغاتُ الشعر عن شكرٍ فقد *** كَلّتْ بلاغة كُلَّ سحبان البيانْ

ما أروع الماء الذي ملأ المدى *** لُجَجَاً تجلّتْ في جمال للعيانْ

الماء يربو لُجّة لكنه *** غيث الهنا برداً سلاماً وأمانْ

يطفي لهيب القحط في أرجائنا *** ومُحُوْلَ نفسٍ قد تنفّستِ الدخانْ

ويطهّر الأفق الملوّثَ غاسلاً *** آثامَنا وعن القلوب ركامَ رانْ

لا تعجبوا كيف المياه هنا رَبَتْ؟! *** فبقول ربي (كن) لذا الماء فكانْ

وخزائن الرحمن تزخر أبحراً *** جوداً غزيراً للورى إنساً وجانْ

وقف المرور بدا حضور غيابه *** لما طغى الماءُ الشوارعَ والمكانْ

وقف المرور سوى انسياب الماء في *** مرأى به ارتسمت مباهج مهرجانْ

وأمام ذا المرأى البهيج وجدتني *** قد خضته وتغيب فيه الركبتنانْ

والقلب يخفق في الحنايا راقصاً *** من نشوة غمرت شعوري والكيانْ

دفعت بجسمي أرتقي هذا العمود *** أرى إطاراً من عَلٍ زانَ المكانْ

وعلى العمود تسلّقتْ كَفّاي والرجلان *** أصعد كي يؤانسني احتضانْ

وتشم روحي حين تسبح في المدى *** للغيث نكهته وأنداء الحنانْ

أعلو على هذا العمود مرتلاً *** لله آي الحمد تصدح كالأذانْ

يسري صداه إلى مسامع عصرنا *** وأنا وصورة ذي المياه الترجمانْ

فالماء روح حياتنا قد سَبّحتْ *** ذراتُه المولى العظيم بكل شانْ

لو ماؤكم غورٌ فمن يأتيكمُ *** بمعينه، من غير ربي مستعانْ؟

أَعْظِمْ بها من آية في سِفْر هذا *** الكون يقرؤها الحجا والمقلتانْ؟

فانظروا إلى آثار رحمة ربنا *** فبأيّ آلاء الإله تكذّبانْ؟

صالح سعيد المريسي – تعز

––



بشائر النصر

بشائرُ النصر لاحت في دجى الظلم *** تزفُّ في نورها البشرى لذي الهممِ

بشائر النصر تدعو كل ذي شرفٍ: *** يا طالب العزّ ثِقْ بالله واعتصمِ

فالنصر آتٍ وقد لاحت كواكبه *** رغم اشتداد ظلام الموج والخضمِ

النصر آتٍ وقد لاحت كتائبه *** - واهاً لهم- هُمْ ليوث الغاب والأجمِ

من كلّ حرًّ سَمَا عن كل ناقصة *** يَهْوي الشموخ قويًّ فارس وكَمِي

هم فتية طهّر الإسلام أنفسَهم *** بتوبة فارتووا من طيّب القيمِ

يجدّدون لنا الإقدام حيث عفتْ *** منه الرسوم وأضحى دارس العلمِ

قد جَنّدوا سعيهم للدين ليس لهم *** في غير نصرة هذا الدين من هممِ

وجمّلوا سعيهم بالخير فاتسمت *** بالمجد أخلاقهم والجود والكرمِ

لا ينثنون لما يلقون من كَرَبٍ *** دهياء معضلة تجري على سقمِ

ولا يصدهمُ عن قصد غايتهم *** ما نابهم أبداً من فارح عَمِمِ

هُمُ الرجال إلى العلياء قد وثبوا *** بقوة فهموا في الناس كالنجمِ

قد أدركوا بضياء العلم أنهمُ *** أهلُ المكارم والتمكين في الأممِ

وأن أنوار هذا الدين بالغة *** لكل صِقعٍ بلوغ الفجر والعَتَمِ

لن يبق سهلٌ ولا هدٌّ ولا جبلٌ *** بل أي دار بأرض العرب والعجمِ

إلا ودانتْ بدين الحق واتخذت *** نوراً تشير به من أطيب الكلمِ

إما بعزًّ يُعزّ الله من عَمُرَتْ *** قلوبهم بجميل الذكر والحكمِ

ومن تعامى عن الآيات في صلفٍ *** أذلّه الله رب العرش بالنقمِ

فأبشري أمتي يا خير من وطأت *** أقدامهم في الثرى بالقادم البسمِ

واستمسكي أبداً بالحق وانتصري *** للحق كي تخرجي من حمأة الظلمِ

عن غاية النصر لا تصغي لملهية *** لا تعجزي عن طلاب العزّ لا تنمي

واستنهضي العزم إن النصر مُرْتهنٌ *** بالحزم والعزم لا بالرقص والنَّغَمِ

متى يكن تُدْرِكُ الآمال أمتنا *** طوبى لها ويعمّ الخيرُ في الأممِ

نايف محمد الحاشدي – إب

_______________

◽️◽️

‏📂 الموضوع في ملف وورد

📚 انتقاء من مجلة مساء العدد ٣٣ / ذو القعدة ١٤٢٦ هـ

 تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق