تسلّق سبيل الهداة العرب *** وطاول بعزم عنان السحبْ
فأنت كأنفٍ رفيع المكان *** وغيرك يهوي لجرَّ الذنبْ
تسلّق بثوب الحياة النجاة *** وضمَّ الأكف وضمَّ الركبْ
ودَعْ عنك ثوب القساة العتاة *** ودّعْ عنك ثوب الضلال الخَرِبْ
بثوب البياض وهمَّ الرجال *** ستهزمُ ليلاً شديدَ الكربْ
فما عاد يُجدي قعودُ الجمال *** ونوم الكسالى وصوت الطربْ
ترفّع فحولك سيل الدمار *** وخلفك طيش كواه الغضبْ
فجدّك سعد وأنت الوليد *** وأمك حفصٌ، فنعم النسبْ
قويّو السَّنان، فصيحو اللسان *** نقيّو الجنان، كعرق الذهبْ
صعدت وتدري بأن الصعود *** محاطٌ بموج الهوى والوصب
أتعلو وحيداً على مصعدٍ *** تنادي الأحبة: أين اللهبْ؟
شممتُ الرجولة في عزكم *** ولم أر ناراً تجيب الحطبْ
فهل أشعل القوم ذرَّ الغبار *** فغطّى الغبار السنا وانتحبْ
فأضحت جراحي مُبْكى الجراح *** تئن وتشكو انهزام الخطبْ
أنمتم؟! وسار فحولُ الأنام *** لأغلى وسام وأعلى لقبْ
تنال المعالي بهجر النعيم *** حرام المنال على من هربْ
ولو رمتُ غُسلاً بماء الظلام *** لخضت برجلي حتى العَصَبْ
وسرتُ على شط بحر الهروب *** فحزت الثناء وتاجَ الرتبْ
أَبَيْتُ انتظارَ زمان الخلاص *** قفزت إلى نهج من قد ذهبْ
فلبّى العمود وصاح: الرحيل *** هلمَّ إليّ إذن واقتربْ
أنا وَتَدٌ قد نشرتُ الجذور *** بتاريخ جَدًّ وأمًّ وأبْ
أضأتُ بنوري ذرا المشرقين *** تشبّث بنوري وسر وارتقبْ
فإنّ فؤادي مضى للسماء *** فأنّى لعزمي بلوغُ التعبْ؟
وهمّي ترقى نطح النجوم *** فإمّا الوصول وإمّا الطلبْ؟
رياض بن عقيل أبونمي – حضرموت
––
––
طوفان العولمة الفكرية
إلى أين ترقى؟ بما تحتمي؟ *** أترقى السماء بلا سُلّمِ؟
أحاط بك الويل من كل صوب *** كما لُفّ عقْدٌ على معصمِ
تعولمت الأرض من حولنا *** ليعبثَ موجٌ بنا يرتمي
وجاءتْ من الغرب أمواجه *** تساوم في إرثنا القيمِ
فحارتْ لدى الفيض كلُّ العقول *** ولم ينج منه سوى المُحْتَمِي
تعرتْ وجوه، وزلّتْ بها *** إليه غباوات رأي عمِ
لتَقْبَل منه رؤى مظلمات *** لترتع في لجها المظلمِ
وأخرى استقلتْ طريقاً غريبْ *** لتلقى من الويل موجاً ظمِ
أتانا ففرّق منا الجموع *** بسيف إلى عقله ينتمي
وجاء بزِيًّ ووجه جديد *** وفكرٍ كما شاء للمسلمِ
يريه التراث زماناً خنا *** عقيماً وفي قعر جُبًّ رُمِي
أحاط بنا موج طوفانه *** فكيف الخلاص؟ بمَا نحتمي؟
ففي شاشة العرض أنيابه *** ويهمس بوق الخنا بالفمِ
ويعرض في السوق إنتاجه *** لهذا الثّرِيّ وذا المعدمِ
فهل كنت منه تريد النجاة *** فقد صار منك بمجرى الدمِ
لماذا خسرتَ وصرت الغريق *** وما نؤت عنه من المجثمِ؟!
لأنك ضيّعتَ سبل النجاة *** لتلقى زماناً به تندمِ
ونحن الأُولى جاء فينا الرشاد *** شربناه صافٍ من المُحكمِ
لنا الفكر إرث عن الأنبياء *** يشعُّ سناه هدىً فاغنمِ
فعم ضياه الدُّنا رحمة *** تفك القيود بحدّ الصمِ
فمنها بدأنا بها نحتمي *** فأُنجدْ إليها ولا تُتْهمِ
وأطلق سراحك من فكرهم *** وعالجه سُقْماً من البلسمِ
ولا تحسب الماء عذباً زلال *** فما كان يوماً سوى العلقمِ
وأمسكْ بحبل شديد الوثاق *** نجاة لمن شاء لا يصرمِ
فهيّا جميعاً لبرّ النجاة *** بفلك عنيد ونورٍ همِ
عادل أحمد الزليل – حجة
––
––
هذا بما كسبت أيادينا
أيُغْرِقُ السيلُ أمجادي وشاراتي *** أم يستبيح العدى عِزّ الكراماتِ
هذا لعمري عقاب الله أرسله *** كي يَغْسل الأرض من سوء الدناءاتِ
سيلٌ تعدّى حدوداً كي يؤدبنا *** بما كسبناه من شر البلياتِ
في البر والبحر عَمّ الإثمُ ثم طغى *** فاستبدل اللهُ راياتٍ براياتِ
عجبتُ من معشر خانوا رسالتهم *** واستعصموا بالهوى دين الضلالاتِ
يا لائمين كفى لوماً ففي كبدي *** منكم جراح تنزّتْ بين آهاتي
لا تحسبوا أنني ممن تجارتُهم *** محارمُ الله أو خانوا الأماناتِ
لا لستُ ممن بغوا في الأرض وانتكسوا *** إلى الرذيلة عاشوا للملذاتِ
نعم تحلّيتُ بالأكفان مبتغياً *** موتي شهيداً لكي أحيا بجنّاتي
إني تمسكت بالإسلام معتصماً *** وتبتُ مستغفراً من كل زلاتي
لما طغى الماء آفاقي حملتُ على *** سفينة الروح أنواري وراياتي
بالأمس كُنّا وكان المجدُ مركبنا *** والعزُّ رائدنا عند الفتوحاتِ
هذي مبادئنا في الكون شامخة *** من وحي خالقنا ربّ البريات
ما لي أغنّي زمان العز فانهملتْ *** مني الدموع على أنّات أبياتي
واليوم صرنا ذيول الكفر وا أسفي *** فالقرد يُفسدُ أمجاد النبواتِ
ما بالنا اليوم نُصْلَى نارَ محنتنا *** ونُجْرع السمْ من أشداق حياتِ
القهر مركبنا والذل سائقنا *** والضيم يطعمنا وَحْلَ السياساتِ
يا قادة العرب هل ماتت ضمائركم *** أم أنكم قد رضيتم بالتفاهاتِ؟!
ما بالنا اليوم نجني من سياستكم *** عارَ المذلّة والتنكيس للآتِ
ما بالنا اليوم ننسى سرّ نهضتنا *** ونكتوي تحت ويلات الولاياتِ
كأننا لم نكن والله غايتنا *** نخاطب السحب من صرح الحضاراتِ
وا حر قلباه، هل لَمٌّ لفرقتنا *** فالغرب يقصفُ أوطاني وجناتي
والله لو صدقتْ نياتُنا لغدتْ *** أفواجُنا مدداً في نصرنا الآتي
عبده خالد أحمد – تعز
––
––
صراع البقاء
آثرت صمتي فاستهلّ رثائي *** وبقيتُ وحدي أستلّذ بُكَائي
وصعدتُ أستبقي الحياة وهدّني *** ألمي وجَالَ بخافقي خيلائي
في كل زاويةٍ يطاردني الردى *** ويطول من لقيا الردى إيماني
أنّى ألتفتُ أرى الحياة بلا قعاً *** وأرى بكل بُقيعةٍ بَلْوائي
قد أعتمتْ كلُّ الدروب بساحتي *** وأضعتُ في ليل العناء ضيائي
ضاع الرجاء هنا وحاط بجثتي *** ماءٌ يريد بدفقه إطفائي
ما عاد في رَمَقِ الحياة سوى الردى *** ينتاب أوردتي ودفق دمائي
والقلب تثقله الهمومُ بوقعها *** ويثير أوجاع الأنين بكائي
ما باله الطوفان يزحف شطّه *** ويحوطني من سائر الأرجاء
ما باله الطوفان سَدّد سهمه نحوي *** وضاق من البلاء فضائي
وتكاد تخطفني الرياح بهوجها *** وتخرّ من هول الدمار سمائي
وتكاد تصعقني مناظر إخوةٍ *** شطَّت بهم أمواجه الهوجاءِ
دفنت معالمهم وأنهت عهدهم *** وغدوا كنَصَّ صحيفة بيضاءِ
في كل مفترقٍ تلوحُ شخوصُها *** لتمدّ صرخة نجدةٍ ونداءِ
رحلوا عن الدنيا بغير تحيّة *** وطواهمُ الطوفان دون عناءِ
لكأنّهم ما سَطّروا أعمارَهم *** أضحوا كأَغْرَبِ قصة بَكْماءِ
وطواهمُ الطوفان في جبروته *** وغدوا كطيفٍ موجزِ الأنباءِ
كم من ديارٍ أقفرتْ من أهلها *** لتطلّ صورة عبرةٍ دكناءِ
وغدوتُ أرفُلُ في حنوط منيتي *** ويثور بين جوانحي استجدائي
رباه.. قد ضاق الوجود ومَلّني *** هذا العمود وخانني استقوائي
رباه.. قد عظمت مصائبنا فمَنْ *** يا رب غيرك يستجيب دعائي
لكن برغم فجيعتي في خافقي *** أملٌ وتسليمٌ بكلّ قَضَاءِ
لكأنّه الطوفان رغم عُتُوّه *** طهرٌ يزيل جرائم السفهاءِ
محمد أحمد فقيه – بيت الفقيه
––
––
المتشبث بالموت
مساءً فاعذريني يا مسائي *** وصبحاً فاغسلي عني حيائي
وغَطّي الذلّ في حَرْفي بثوبٍ *** قشيبٍ مفعمٍ بالكبرياءِ
وصُبّي من شذاك على القوافي *** ورُشّيها بزخات النقاءِ
ولُمي ما تفرّق من شتاتي *** وأضرمي نار حرفك بانطفائي
لعلي أن أرى شيئاً فشيئاً *** وأسمع ما يجلجل في فضائي
كأنّي بالمحاصر يبتليني *** بأسئلةٍ ويصرخ: وا شقائي
تسونامي وشاراتٍ ثلاثٍ *** لقد أضحى حصاري كهرومائي
فأيّهما يكون أرقُّ طبعاً *** فأدخل فيه ممتطياً غبائي
وأيّ الشرَّ أهونُ من سواه *** وأيُّهما يدقّق في اقتفائي
فقلتُ: أجَلْ علقتُ وكيف تنجو *** ولذتَ بما يعجل بالفناءِ
وما يغني التشّبثُ عنك شيئاً *** إذا نزل الموكّل بالقضاءٍ
إذا التنور فار فليس يغني *** سوى قلبٍ تعلّق بالسماءِ
وما يبكيك أهونُ من عدوٍ *** يؤجّج نار حربه من بكائي
وخنجرُه يسافر كلّ يومٍ *** إلى جسدي ويسبح في دمائي
ويقطعَ بعض أوصالي ويمضي *** فيشويها ويا شرَّ الشواءِ
ويشربني كآخر كأس خمرٍ *** ويرمي العظم عارٍ في العراءِ
ويسكب في بقايا الروح رقّاً *** فأُطرقُ طائعاً مثل الإماءِ
وينشرُ في ضميري كاسحاتٍ *** تزلزلني وتسلبني هنائي
تدمرني وتتركني هشيماً *** تبعثره العواصف في الشتاءِ
لَكَم ناديتُ من حولي عساني *** أرى نصراً يعجّل بالشفاءِ
ملأتُ الكون من حولي صراخاً *** فما أجدى وما أغنى ندائي
فلا أملاً بمعتصمٍ يرجّى *** ولا حُلماً بخطَّابٍ إزائي
ترجّلْ يالمحاصر فاقتفيني *** تسلّح بالعزيمة والإباءِ
أنِخْ كل المخاطر وامتطيها *** وقاومْ ما استطعت وكن فدائي
فهذا الحلَّ في زمن التلاشي *** وعين النصر في زمن الغثاءِ
رياض عبد الله الحمادي – تعز
––
––
بقولِ : كُنْ
جلَّ الذي غَمَرَ البرايا كل آن *** غيثاً من الرحمات فضلاً وامتنانْ
مُلِئتْ بهذا الغيث كلُّ جوانحي *** حتى انتشى الوجدان وانتعش الجنانْ
عجزتْ لغاتُ الشعر عن شكرٍ فقد *** كَلّتْ بلاغة كُلَّ سحبان البيانْ
ما أروع الماء الذي ملأ المدى *** لُجَجَاً تجلّتْ في جمال للعيانْ
الماء يربو لُجّة لكنه *** غيث الهنا برداً سلاماً وأمانْ
يطفي لهيب القحط في أرجائنا *** ومُحُوْلَ نفسٍ قد تنفّستِ الدخانْ
ويطهّر الأفق الملوّثَ غاسلاً *** آثامَنا وعن القلوب ركامَ رانْ
لا تعجبوا كيف المياه هنا رَبَتْ؟! *** فبقول ربي (كن) لذا الماء فكانْ
وخزائن الرحمن تزخر أبحراً *** جوداً غزيراً للورى إنساً وجانْ
وقف المرور بدا حضور غيابه *** لما طغى الماءُ الشوارعَ والمكانْ
وقف المرور سوى انسياب الماء في *** مرأى به ارتسمت مباهج مهرجانْ
وأمام ذا المرأى البهيج وجدتني *** قد خضته وتغيب فيه الركبتنانْ
والقلب يخفق في الحنايا راقصاً *** من نشوة غمرت شعوري والكيانْ
دفعت بجسمي أرتقي هذا العمود *** أرى إطاراً من عَلٍ زانَ المكانْ
وعلى العمود تسلّقتْ كَفّاي والرجلان *** أصعد كي يؤانسني احتضانْ
وتشم روحي حين تسبح في المدى *** للغيث نكهته وأنداء الحنانْ
أعلو على هذا العمود مرتلاً *** لله آي الحمد تصدح كالأذانْ
يسري صداه إلى مسامع عصرنا *** وأنا وصورة ذي المياه الترجمانْ
فالماء روح حياتنا قد سَبّحتْ *** ذراتُه المولى العظيم بكل شانْ
لو ماؤكم غورٌ فمن يأتيكمُ *** بمعينه، من غير ربي مستعانْ؟
أَعْظِمْ بها من آية في سِفْر هذا *** الكون يقرؤها الحجا والمقلتانْ؟
فانظروا إلى آثار رحمة ربنا *** فبأيّ آلاء الإله تكذّبانْ؟
صالح سعيد المريسي – تعز
––
––
بشائر النصر
بشائرُ النصر لاحت في دجى الظلم *** تزفُّ في نورها البشرى لذي الهممِ
بشائر النصر تدعو كل ذي شرفٍ: *** يا طالب العزّ ثِقْ بالله واعتصمِ
فالنصر آتٍ وقد لاحت كواكبه *** رغم اشتداد ظلام الموج والخضمِ
النصر آتٍ وقد لاحت كتائبه *** - واهاً لهم- هُمْ ليوث الغاب والأجمِ
من كلّ حرًّ سَمَا عن كل ناقصة *** يَهْوي الشموخ قويًّ فارس وكَمِي
هم فتية طهّر الإسلام أنفسَهم *** بتوبة فارتووا من طيّب القيمِ
يجدّدون لنا الإقدام حيث عفتْ *** منه الرسوم وأضحى دارس العلمِ
قد جَنّدوا سعيهم للدين ليس لهم *** في غير نصرة هذا الدين من هممِ
وجمّلوا سعيهم بالخير فاتسمت *** بالمجد أخلاقهم والجود والكرمِ
لا ينثنون لما يلقون من كَرَبٍ *** دهياء معضلة تجري على سقمِ
ولا يصدهمُ عن قصد غايتهم *** ما نابهم أبداً من فارح عَمِمِ
هُمُ الرجال إلى العلياء قد وثبوا *** بقوة فهموا في الناس كالنجمِ
قد أدركوا بضياء العلم أنهمُ *** أهلُ المكارم والتمكين في الأممِ
وأن أنوار هذا الدين بالغة *** لكل صِقعٍ بلوغ الفجر والعَتَمِ
لن يبق سهلٌ ولا هدٌّ ولا جبلٌ *** بل أي دار بأرض العرب والعجمِ
إلا ودانتْ بدين الحق واتخذت *** نوراً تشير به من أطيب الكلمِ
إما بعزًّ يُعزّ الله من عَمُرَتْ *** قلوبهم بجميل الذكر والحكمِ
ومن تعامى عن الآيات في صلفٍ *** أذلّه الله رب العرش بالنقمِ
فأبشري أمتي يا خير من وطأت *** أقدامهم في الثرى بالقادم البسمِ
واستمسكي أبداً بالحق وانتصري *** للحق كي تخرجي من حمأة الظلمِ
عن غاية النصر لا تصغي لملهية *** لا تعجزي عن طلاب العزّ لا تنمي
واستنهضي العزم إن النصر مُرْتهنٌ *** بالحزم والعزم لا بالرقص والنَّغَمِ
متى يكن تُدْرِكُ الآمال أمتنا *** طوبى لها ويعمّ الخيرُ في الأممِ
نايف محمد الحاشدي – إب
_______________
◽️◽️
📂 الموضوع في ملف وورد
🔗 الرابط
📚 انتقاء من مجلة مساء العدد ٣٣ / ذو القعدة ١٤٢٦ هـ
✍ تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق