بسم الله الرحمن الرحيم
في مجلة حياة .. وفي احدى صفحاتها الوضاءة..
يتواجد زاوية يكتبها فضيلة الشيخ الداعية الدكتور (عبد الرحمن السميط) ..
يتواجد زاوية يكتبها فضيلة الشيخ الداعية الدكتور (عبد الرحمن السميط) ..
في كل عدد نقرأ له مقالا مؤثرا خطها بمداد قلمه وينقل عن بعض تجاربه وقصصه خلال رحلته الدعوية للقارة الأفريقية..
بعد الاستعانة والتوكل على الله تعالى .. قررت أن أكتب وأنقل ما سطره فضيلة الشيخ خلال تلك المجلة الاسلامية..
كل ذلك ..
لأرفع من بعض الهمم ..
لأنقل عن بعض تجارب العظماء والدعاة..
لأرسل صورة واقع بعض الدول التي تسودها المجاعة والفقر في الدين..
لنحمد الله عز وجل على نعمة الدين الذي وهبنا إياه منذ ولادتنا
ولنشكره على نعمة المال والعيشة الهنيئة..
لنسأل أنفسنا ماذا قدمنا لهذا الدين العظيم؟!
ما هو هدفنا وغايتنا من الحياة؟!
لنسمع بعض صرخات وأوجاع أخواتنا واخواننا المسلمين
لنشاهد كيف ينصرون اخواننا هناك من قبل أهل اليهود والنصارى
لمثل هذا يذوب القلب من كمد ** إن كان في القلب إسلام وإيمان
لنشعر عن معاناة اخواننا ونتألم لألمهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(المؤمنون كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)
أختكم حورية الدعوة
(١)
التنصير في أفريقيا .. والمهتدين الجدد
إن الحقيقة التي لا ينبغي أن تغيب عن أذهاننا أن الآلاف من سكان القارة الأفريقية، ربما الملايين يدخلون سنوياً في الإسلام رغم إمكانات الهيئات الإسلامية الهزيلة جداً مقارنة بحجم الإمكانات المادية الهائلة والوسائل التقنية المتطورة المتوفرة للكنائس الغربية.
ونسوق مثلاً حياً على ذلك بحجم التبرعات الكبيرة التي خصصت لتمويل مشروع تنصير القارة، والتي بلغت ٣٢٠ ألف مليون دولار أمريكي لسنة ٢٠٠٣ فقط طبقاً لما ذكرته مجلة (I.B.M.R) التنصيرية العلمية.
فضلاً عن خمسة ملايين وربع مليون منصر متفرغ يعملون ليل نهار من أجل تنصير القارة بكاملها حسب المشروع المرعب.
فضلاً عن خمسة ملايين وربع مليون منصر متفرغ يعملون ليل نهار من أجل تنصير القارة بكاملها حسب المشروع المرعب.
لكن السؤال الذي لا ينبغي أن يغيب عن البال كذلك أنه إذا كان الأمر بهذه الصورة المبينة، فما السر في إقبال تلك الأعداد الهائلة من الوثنيين والنصارى الأفارقة أنفسهم على الإسلام؟
فهذا سر لا يدركه إلا من هدى الله قلبه للإيمان، حيث يكتشف أن عقيدة الإسلام هي العقيدة التي تلائم طبيعة الإنسان ولا تتعارض مع سنن الحياة والكون، كما هو الحال في سائر العقائد الأخرى المبنية على الاضطراب والأباطيل والأوهام والبعد عن العقل والمنطق وواقع الحياة. لكن ما جواب المهتدين الجدد عن أسباب إيمانهم بالإسلام وتخليهم عن العقائد الأخرى؟
لقد تبين لي من خلال الأسئلة التي كنت أطرحها عليهم على مدى خمس وعشرين سنة مضت للوقوف على الدوافع الحقيقية وراء هدايتهم، أن هناك شبه إجماع على أن العقيدة الإسلامية تتميز بسهولتها ووضوحها وخلوها من التعقيد إلى جانب ملاءمتها لفطرة الإنسان وطبيعته، سواء ما تعلق منها بأمور الدنيا، أو علم الغيب وأمور الآخرة.
وكدليل على هذا الواقع الإيماني، أذكر قبيلة الغرياما التي تستوطن شرق كينيا، كواحدة من عشرات القبائل التي أزورها، لقد بلغ عدد أفرادها مليوناً وربع مليون نسمة، ولم يسبق لي أن قضيت يوماً في أية قرية من قراها دون أن يشهر فيه العديد من الأفراد إسلامهم، وقد يكون منهم قسيسون، رغم أن نشاط الكنيسة فيها لم يتوقف منذ مائة وأربعين عاماً، إضافة إلى الإمكانات المادية التي تكاد تكون خيالية مقارنة بوضع الدعوة الإسلامية التي لم تعرفها المنطقة إلا منذ خمسة عشر عاماً فقط.
ولكم واجهوني بأسئلتهم المحرجة كتلك التي يتساءلون فيها عن أسباب غيابنا عنهم، أو عن مصير آبائهم وأجدادهم الذين ماتوا على غير ملة الإسلام.
إنها أسئلة عتاب شديد من هؤلاء المهتدين على التقصير الشديد في القيام بواجبنا الدعوي نحو هؤلاء وغيرهم أكثر منها أسئلة استفهام عن أمور الدين. فكيف يكون شعورنا إذن عندما نعرف أن أكثر هؤلاء المهتدين الجدد تمسكاً بالدين، وأكثرهم جهداً ونشاطاً في تبليغ الدعوة كانوا بالأمس قسيسين؟!
بل أصبح بعضهم دعاة مسؤولين في مكاتبنا في العديد من الدول الأفريقية، ومنهم الشيخ الداعية إسحق في رواندا – رحمه الله – على سبيل المثال والذي ضحى بحياته المهنية وراتبه الكبير من الكنيسة واعتنق الإسلام ليقضي بقية حياته فقيراً يدعو الناس إلى دين التوحيد حتى أسلم على يديه عشرات الألوف، ولما توفي لم يترك لأهله غير العلم والإيمان، حتى أنهم لم يجدوا شيئاً يدفعون منه رسوماً لاستخراج جثمانه الطاهر من المستشفى الذي توفي فيه.
بل أصبح بعضهم دعاة مسؤولين في مكاتبنا في العديد من الدول الأفريقية، ومنهم الشيخ الداعية إسحق في رواندا – رحمه الله – على سبيل المثال والذي ضحى بحياته المهنية وراتبه الكبير من الكنيسة واعتنق الإسلام ليقضي بقية حياته فقيراً يدعو الناس إلى دين التوحيد حتى أسلم على يديه عشرات الألوف، ولما توفي لم يترك لأهله غير العلم والإيمان، حتى أنهم لم يجدوا شيئاً يدفعون منه رسوماً لاستخراج جثمانه الطاهر من المستشفى الذي توفي فيه.
وكذلك كان الشيخ داود في ملاوي الذي ما إن أسلم حتى صب جام غضبه على الكنيسة التي تعمي أبصار الناس وتضلهم عن التوحيد، وكان شديد الانفعال والاندفاع غيرة على الإسلام والمسلمين، لدرجة أننا نهيناه عن اللجوء إلى الطرق الاستفزازية في التعامل مع الكنيسة.
وكذلك القس سابقاً – جيوفري ويسجي في أوغندا وغير هؤلاء كثير ممن تغيب عني أسماؤهم.
لكن ما الذي فعله إخواننا الآخرون من خارج القارة الأفريقية لرفع راية الإسلام فيها،، وإنقاذ هذه الملايين من نار جهنم.
📚 مجلة حياة العدد (٥٣) رمضان ١٤٢٥ هـ
(٢)
أغلى أمنية
أكرر أن من أنجح وسائل الدعوة إلى الله اتباع كتاب الله وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، خاصة فيما يتعلق بحسن المعاملة للآخرين.
تذكروا معي قوله تعالى: (ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك)
وقوله صلى الله عليه وسلم (الدين المعاملة) (وتبسمك بوجه أخيك صدقة)
والكثير من ذلك في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وهي أمور يغفل عنها بعض الإخوة ممن يتصدون للوعظ.
أذكر أن فتاة عمرها ١٥ سنة من مدينة قلنغارا التي تبعد عن مدينة زغنشور عاصمة جنوب السنغال ٤٠٠ كيلو متر فقدت بصرها وعمرها ٥ سنوات جاءتنا في مخيم علاج أمراض العمى وأجرينا لها عملية جراحية أزلنا فيها عدسة العين وركبنا لها عدسة جديدة
وعندما خرجت من غرفة العمليات كان يتملكها هي وأمها يأس شديد خوفاً من فشل العملية،
وعندما تمت إزالة الضماد لم تصدق أنها بدأت ترى، ولم تعرف إن كانت في عالم الحقيقة أم أنه حلم
ثم لما تأكدت من عودة بصرها أصرت أن تجري عملية للعين الأخرى في اليوم التالي
وقبل أن تغادر المستشفى سألناها عن أمنيتها
فقالت أغلى أمنية وهي الإبصار وقد تحققت بفضل الله وبقي تعلم القراءة والكتابة لأتمكن من حفظ القرآن ومعرفة فرائض الإسلام، وخدمة هذا الدين العظيم الذي أتى بكم من مكان بعيد من آلاف الكيلومترات حتى تخدمونا.
أحد دعاتنا في غامبيا أحضر جدته المصابة بالعمى منذ سنوات طويلة وقال إن ذلك أثر في نفسيتها، فلم تعد تنطق بكلمة وتبقى صامتة طوال النهار، ولا تحدث أحداً، أحضرها إلى مخيم العيون وأجرينا لها عملية استعادت معها بصرها تكللت العملية ولله الحمد بالنجاح، وعندما أزالوا عن عينيها الضماد بدأت تحمد الله وتشكره، وتدعو للعرب الذين ردوا إليها بصرها بفضل الله، وتتحدث بشكل طبيعي وتعهدت أن تكنس مسجد قريتها كل يوم.
وقوله صلى الله عليه وسلم (الدين المعاملة) (وتبسمك بوجه أخيك صدقة)
والكثير من ذلك في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وهي أمور يغفل عنها بعض الإخوة ممن يتصدون للوعظ.
أذكر أن فتاة عمرها ١٥ سنة من مدينة قلنغارا التي تبعد عن مدينة زغنشور عاصمة جنوب السنغال ٤٠٠ كيلو متر فقدت بصرها وعمرها ٥ سنوات جاءتنا في مخيم علاج أمراض العمى وأجرينا لها عملية جراحية أزلنا فيها عدسة العين وركبنا لها عدسة جديدة
وعندما خرجت من غرفة العمليات كان يتملكها هي وأمها يأس شديد خوفاً من فشل العملية،
وعندما تمت إزالة الضماد لم تصدق أنها بدأت ترى، ولم تعرف إن كانت في عالم الحقيقة أم أنه حلم
ثم لما تأكدت من عودة بصرها أصرت أن تجري عملية للعين الأخرى في اليوم التالي
وقبل أن تغادر المستشفى سألناها عن أمنيتها
فقالت أغلى أمنية وهي الإبصار وقد تحققت بفضل الله وبقي تعلم القراءة والكتابة لأتمكن من حفظ القرآن ومعرفة فرائض الإسلام، وخدمة هذا الدين العظيم الذي أتى بكم من مكان بعيد من آلاف الكيلومترات حتى تخدمونا.
أحد دعاتنا في غامبيا أحضر جدته المصابة بالعمى منذ سنوات طويلة وقال إن ذلك أثر في نفسيتها، فلم تعد تنطق بكلمة وتبقى صامتة طوال النهار، ولا تحدث أحداً، أحضرها إلى مخيم العيون وأجرينا لها عملية استعادت معها بصرها تكللت العملية ولله الحمد بالنجاح، وعندما أزالوا عن عينيها الضماد بدأت تحمد الله وتشكره، وتدعو للعرب الذين ردوا إليها بصرها بفضل الله، وتتحدث بشكل طبيعي وتعهدت أن تكنس مسجد قريتها كل يوم.
📚 مجلة حياة العدد (٧٧) رمضان ١٤٢٧ هـ
(٣)
الدعاة الفقراء أولى بالمساعدة
إن الاهتمام بأحوال المسلمين الجدد لمن الوسائل والطرق المهمة لنشر عقيدة التوحيد وتثبيتها في قلوب المهتدين، وإعطاء صورة طيبة عن هذا الدين العظيم.
وأذكر موقفاً جميلاً في معسكر بانيتو للنازحين بالخرطوم كشاهد على ذلك، عندما نظمنا مشروع إفطار في شهر رمضان، ودعونا إليه كل السلاطين وشيوخ القبائل حتى غير المسلمين من باب تأليف القلوب. وبعد الإفطار هممنا بتقديم المحاضر، فإذا بأحد الحاضرين يقوم ويتكلم عن الإسلام وأركانه بأسلوب جميل وعربية بسيطة، واستمر لمدة نصف ساعة، وأنصت الجميع لما يقول دون ملل.
وبعد انتهائه من حديثه، سألنا عنه السلطان عبد الباقي وهو أحد السلاطين المسلمين، فقال: إنه من قبائل جنوب السودان، وتحديداً قبائل الزاندي الوثنية النصرانية، دخل في دين الله قبل ستة أشهر، وأنه يحب الإسلام والمسلمين، وأن حياته قد تغيرت تماماً بعد إسلامه حتى أصبح متحمساً بشكل كبير للدعوة.
وأردف السلطان قائلاً: إن هذا الداعية على استعداد تام للعمل الدعوي متطوعاً في سبيل الله وفي أي مكان لنشر الإسلام، وأن المئات من الوثنيين والنصارى قد دخلوا الإسلام من خلال نشاطه البسيط منذ أن ذاق حلاوة الإيمان.
والحقيقة أنه إذا لم نهتم بهؤلاء المهتدين الجدد، كما يقول السلطان، فلا نلوم إلا أنفسنا عندما ينحرفون، وقد يرتدون مثل مؤذن مسجد حي النهضة في معسكر بانيتو للنازحين الذي أسلم فلم يجد من يهتم بتقوية مفاهيمه عن الإسلام، وكاد يموت من الجوع ولم يستطع المسلمون مساعدته لفقرهم، حتى تلقفته الكنيسة فبدأت تقدم له الطعام والمساعدات المالية إلى أن ارتد عن دينه وتنصر بسبب فقره في كل شيء. فقر في الدين وفقر في البطن.
إن إمداد هؤلاء المهتدين الجدد الفقراء بالوسائل التي تعينهم على مقاومة الفقر والجوع والمرض، ولا أقول العيش، كالدكاكين المتنقلة غير المكلفة، يبيعون عليها الخضروات أو الحلويات مثلاً، وهي لا تكلف أزيد من ١٢٠٠ ريال سعودي، لهي من أنجح السبل لدعم الدعاة المخلصين في عملهم، والمتحمسين لنشر الإسلام بين أهاليهم، مع العلم أن هؤلاء يعتبرون من الأصناف الثمانية الذين يستحقون أموال الزكاة.
📚 مجلة حياة العدد (٥٢) شعبان ١٤٢٥ هـ
(٤)
طفلة تحت عجلاتنا
ذهبت لزيارة مركز البسام الذي أنشأناه في كينيا في بلدة هولا التي تبعد ١٥ ساعة عن العاصمة وبعد ٩ ساعات من السير بالسيارة في طريق جيد وصلنا إلى مدينة مالندي ذات الطابع العربي على ساحل المحيط الهندي والتقينا مع أحد التجار العرب الذي نصحنا بعدم المخاطرة والاستمرار في سفرنا لأن الطريق فيه أمطار وفيه لصوص مسلحين يسلبون المارة.
لكنني أصررت على المضي قدماً ووصلنا بعد جهد كبير إلى البلدة ولكن قدر الله أن تنطلق فتاة عمرها لا يتجاوز ٤ سنوات وتقذف نفسها تحت السيارة والسيارة تسير بشكل طبيعي وحمداً لله أن الطفلة نجت بعد أن كسرت ساقها أخذنا الفتاة للمستشفى وذهبنا إلى مركز الشرطة للإبلاغ عن الحادث وذكر لنا الضابط أن الأمر بسيط خاصة وأن الطبيب ذكر أن الموضوع هو مجرد كسر بسيط يتوقع شفاؤه في حوالي شهر ولا يتوقع أية مضاعفات ولكن الضابط حذرنا بأنه لن يستطيع أن يفعل شيئاً إذا ما تدخل بعض أفراد الشرطة لأنهم من قبيلة أخرى ورغم أنه مسؤولهم إلا أنه يخشى المشاكل بسببهم وطلب منا عدم الحديث أمامهم عن الحادث، ولكن قدر الله أن يسمعوا عن الطفلة ورغم أن أباها تنازل عن حقوقه بعد أن دفعنا له مبلغاً من المال إلا أنهم أصروا على أن يكتب الطبيب لنا (ضماناً) بأن الطفلة لن تموت وطبعاً رفض الطبيب هذا الطلب الغريب. واضطررنا للرضوخ إلى ابتزازهم وترك سيارتنا في عهدة مركز الشرطة واستأجرنا السيارة الوحيدة المتوفرة في المنطقة بعد أن شاهدنا السيول الغزيرة ورغم أن من عادتي أن لا أعود دون الوصول إلى هدفي ولكن ما رأيته إن أكبر جرار في الإقليم قد غطس في مياه السيول وتوقف عن الحركة فاقتنعت أن الأمر جد وأننا لن نستطيع الاستمرار، فعدنا أدراجنا ولكن العودة لم تكن ميسرة فالسيارة القديمة كانت تنزلق إلى جانب الطريق فإذا نزلنا ودفعناها بأيدينا انزلقت إلى الجانب الآخر وهكذا، واضطررنا أخيراً أن نترك سيارتنا المتهالكة مع السائق وركبنا لوري حكومي لوزارة الزراعة، كان متجهاً إلى أقرب مدينة ولكن الجهد الذي بذلناه وسط الأمطار والوحل كان كبيراً حتى أننا شربنا من الماء المتجمع في آثار العجلات في الطريق من الأمطار والمخلوط بالوحل وكانت الشاحنة مريحة لنا رغم وعورة الطريق نسينا معها راحتنا في سيارتنا الصغيرة في الكويت وأكثرنا من حمد الله على راحة السيارة ثم طرقنا باب أحد العرب من أصل يمني وطلبنا منه سيارة فأعطانا شاحنته بعد أن أصلحها من عطب وعدنا أدراجنا إلى العاصمة نيروبي في طريق مدته ١٥ ساعة وسط الغابات.
إنها ذكريات لا أستطيع أن أنساها وأرجو الله أن يجزي خيراً أولئك الأخوة الذين كنت سبباً في معاناتهم في هذه الطرق لأنني شجعتهم على مرافقتي وصبروا وتحملوا دون شكوى أو تذمر.
📚 مجلة حياة العدد (٤٩) جمادى الأولى ١٤٢٥ هـ
(٥)
صحوة متأخرة
تربية أولادنا وبناتنا على منهاج النبوة ضروري إذا أردنا أن نحفظ مستقبلهم. آلاف المهاجرين المسلمين من دول الغرب في هولاندا وبلجيكا ودول الغرب قاطبة يدفعون ثمناً غالياً الآن حينما يكتشفون أن بناتهم يرافقن الشباب في هذه الدول ويزرن معهم البارات والمرافق، ويفعلون ما أنتم أعلم به.... إنها صحوة متأخرة بعد أن أهملوا تربيتهم عند الصغر على مبادئ الإسلام، وانشغلوا بالدنيا وعبادة الدرهم والدينار.
بعضهم يحاول إقناع ابنته بالسفر معه إلى بلاده، وهناك من يحاول إما تزويجها بالطريقة التي تزوج بها، أو على الأقل إبقائها في دولة عربية مسلمة.
وفي كل يوم تستقبل سفارات هذه الدول في دول المغرب الكثير من البنات من أبناء أولئك الذين هاجروا وراء لقمة العيش ناسين الاهتمام بتنشئة أبنائهم على القيم الإسلامية، السفارة المعنية تمنح البنت تذكرة السفر وجواز السفر وعند وصولها تمنحها شقة تعيش فيها لوحدها أو مع صديقها، لتسلك المنهج الغربي في الأخلاق والقيم. قارن بين هذا الوضع وبين تلاميذ مدرسة النبوة وأحفادهم.
كانت لمالك بن أنس صاحب الموطا إبنة تحفظ علمه، وكانت تقف خلف الباب، فإذا أخطأ التلميذ نقرت الباب، فيفطن مالك فيرد عليه، وغير هذه القصة قصص كثيرة، وأذكر أنني في جنوب أفريقيا حضرت حفلة حفظ القرآن لطفل بلغ السادسة وهو غير عربي، كما شاهدت عشرات الأطفال لم يبلغوا الخامسة. وقد حفظوا خمسة أجزاء من القرآن في دول أفريقية عديدة رغم أنهم أعاجم لا يعرفون العربية.
لنربي أولادنا على الإسلام وقيمه وحفظ كتابه قبل أن نندم يوم لا ينفع الندم.
📚 مجلة حياة العدد (٦٩) محرم ١٤٢٧ هـ
(٦)
الطفلة تهاني
حي الرحمة في الخرطوم عاصمة السودان يبعد عن وسط المدينة بالسيارة حوالي ٣ ساعات يسكنه النازحون من جنوب وغرب السودان الهاربون من الحروب الأهلية، رئيس الحي هو السلطان عبد الله كافي الذي انضم إلى تمرد جون غارنغ وقاتل في صفوف قواته ثم تاب إلى الله ورجع إلى أهله وازداد تمسكه بالإسلام ورفض السماح لأية كنيسة أن تبنى في الحي الكبير الذي يشرف عليه وشجع رغم قلة الإمكانيات إنشاء خلاوي لتحفيظ القرآن.
زرنا إحدى هذه الخلاوي وقابلنا طفلة اسمها تهاني عمرها ٣ سنوات ورغم هذا تحفظ من سورة الضحى إلى آخر جزء عم في فترة قصيرة لا تتجاوز الشهرين.
حملها الشيخ على كتفه وطلبنا منها أن تقرأ لنا القرآن، قرأت الضحى وسور أخرى بكينا جميعاً عندما سمعناها وتساءلنا ماذا يحدث لو وجد هذا الشيخ وأمثاله راتباً أو دخلاً شهرياً يعيش منه بكرامة وماذا يحدث لو أن هذه الطفلة الموهوبة كرمت ولو بالقليل.
أحس بالألم عندما أشعر أن الملايين من المتبرعين السذج تطير إلى جيوب اللصوص والأفاقين ممن يزورون بلادنا أو يراسلوننا ويدعون أن لديهم مشاريع إسلامية تحتاج إلى تمويل، بينما آلاف المشاريع والاحتياجات مثل ما ذكرنا تبقى بلا دعم لا لسبب إلا لأنهم لم يستدلوا الطريق على متبرع ساذج يحسن الظن بكل من يطرق بابه.
هذه الخلوة ليس فيها إلا سرير بدون أرجل. وضع الشيخ مكان الرجل طابوق يجلس عليه عندما يدرس الطلبة مثل الطفلة تهاني، الذين يجلسون على الأرض الترابية بلا مظلة تقيهم من الشمس والمطر يتمنى الشيخ أن يقدم وجبة إفطار كل يوم لكل طالب من الفقراء لأن الكنائس في المناطق المجاورة توزع فطوراً يومياً وهو لا يحلم بالكثير إذ يكفيه أن يطعم كل طفل من طلبة القرآن بوجبة تكلف ١٩ هللة يومياً.
أين نحن من إخواننا المحتاجين الذين لا يجدون ما يسترون به عوراتهم وفي دواليبنا العديد من الفساتين؟ أين نحن من آلاف المسلمين يموتون جوعاً لأنهم لم يجدوا حتى الحشيش ليأكلوه ونحن نلقي بالكثير من الطعام في القمامة بعد كل وجبة.
رقم الحساب/ جمعية العون المباشر - لجنة مسلمي أفريقيا
رقم الحساب/ جمعية العون المباشر - لجنة مسلمي أفريقيا
المركز الرئيسي / 866888 بيت التمويل الكويتي
الزكاة / 6/ 5468 - الصدقات / 6/ 5468
ص.ب 1414 الصفاة 13015
📚 مجلة حياة العدد (٦٥) رمضان ١٤٢٦ هـ
📚 مجلة حياة العدد (٦٥) رمضان ١٤٢٦ هـ
(٧)
امرأة لا تملك إلا ثوباً واحداً
المرأة أكثر تعاطفاً وأسهل في تقبل دين الإسلام وإذا تمكن الإسلام في قلبها فإن من الصعب جداً أن تترك هذا الدين. قبل أيام زرت قرية اسمها أمباسيكا في جنوب شرق جزيرة مدغشقر حيث أقيم مهاجراً ومتفرغاً للدعوة مع زوجتي.
تعرفنا على فاطمة تلك الفتاة التي أسلمت قبل مدة ولكنها أخفت إسلامها خوفاً من انتقام أهل القرية وعدائهم فالجميع هنا وثني أو مسيحي، لأنها تعرف أن ضغوط الأقارب وأهالي القرية كفيل بإعلان الردة، حدثناهم عن الإسلام فسروا بحديثنا، وأعلنوا أنهم لن يعارضوا أي شخص يود الدخول في الإسلام.
طلبت فاطمة من زعيم القرية أن يجتمع مع الأهالي، وقالت أنها مسلمة تخفي دينها من زمن بعيد، وقالت أن القرية لها أعراف تخالف دينها الإسلامي منها على سبيل المثال أنه في أثناء الاحتفالات يجب على الجميع أن يرقص ومن يرفض يغرم بغرامة كبيرة من الأهالي...
تم الاجتماع مع الأهالي ووقفت فاطمة لتعلن إسلامها أمام الجميع ثم بدأت تشرح موقف الإسلام من الرقص في الحفلات وناشدت الأهالي بطريقة حكيمة أن يتم العفو عن من يدخل في الإسلام لعدم مشاركته في الرقص.
تناقش الأهالي ثم قبلوا طلبها فأسلمت معها ١٢ فتاة من أهالي القرية فلله در فاطمة، ولو كان عندنا فاطمة في كل قرية لانتشر دين التوحيد وخرج الناس من الظلمات إلى النور.
قبل أن نغادر القرية طلبت منا كتبا باللغة الملاغاشية عن الإسلام، وأن نرسل داعية يعلمهم، ونبني لهم مسجداً في قريتهم وتعهدت بأنها ستبذل جهدها لنشر الإسلام بين جميع الأهالي. لم يمنعهم فقرهم وجوعهم عن السير وسط المعاناة من أجل هذا الدين.. لازلت أذكر تلك الفتاة التي كانت ترتاد دروس زوجتي (أم صهيب في قرية جازوندا) في ملاوي، وكانت حريصة كل الحرص على حضور الدروس، لكنها تغيبت يوماً وجاءت آخر الدرس بثوب يقطر منه الماء معتذرة أنها غسلت ثوبها اليوم ولا تملك ثوباً غيره لذا بقيت طول ما تبقى من الدرس واقفة حتى لا يتسخ المسجد.
وتلك المرأة المؤمنة في إحدى قرى مرسابيت شمال كينيا التي رفضت أن تسلم مع زوجها، ما لم يتعهد الزوج بالحفاظ على شرائع الإسلام علناً أمام الناس، ويفعل الزوج ذلك، ولكن شياطين الإنس يقدمون له الإغراءات المادية، ويتعهدون له ببناء بيت له لو تنصر، ويقدمون له راتباً شهرياً، ولم يستطع المقاومة أمام سيل الإغراءات فانهار تدريجياً أولاً الصلاة في المسجد ثم الصلاة في البيت ثم باقي شعائر الإسلام الأخرى، جمعت خديجة هذه المرأة المؤمنة أهالي قريتها تحت شجرة لتخبرهم أنها ستترك زوجها إن لم يعد إلى الإسلام وأنها ترفض السكنى في بيت بناه القسيس.. ويؤيدها أهل القرية رغم أن كلهم من المسلمين الجدد، ويقررون بناء بيت جديد من الطين لخديجة وزوجها إذا قرر التوبة ويعلن أمام الملأ، رفضه لكل الإغراءات قائلاً أنه وقع في حبائل الشيطان فلله درك يا خديجة رفعت رؤوس كل المهتديات الجدد.
رقم الحساب/ جمعية العون المباشر - لجنة مسلمي أفريقيا
المركز الرئيسي / 866888 بيت التمويل الكويتي
الزكاة / 6/ 5468 - الصدقات / 6/ 5468
ص.ب 1414 الصفاة 13015
📚 مجلة حياة العدد (٧٤) جمادى الآخر ١٤٢٧ هـ
(٨)
خاص بالبنات فقط
قمنا ببناء مدرسة ثانوية للبنات في دولة مسلمة في إفريقيا بتبرع من أهل الخير في أرضنا الطيبة، ورغم أننا أخذنا الأذن المبدئي مكتوباً وتم البناء إلا أن الجهات المسؤولة عن التعليم رفضت لنا فتح المدرسة لأنها مخصصة للبنات فقط بينما كل المدارس مختلطة ورغم أن البلد ١٠٠% مسلمون، إلا أنهم أصروا على الاختلاط.
لذا لجأنا إلى الأهالي وأولياء الأمور وبعد عدة سنوات وافقت الجهات المسؤولة على فتح مدرسة خاصة بالبنات ولله الحمد.
الشيء الغريب أن بنات علية القوم ومنهم وزراء ومسؤولون كبار سجلوا في مدرستنا رغم بعد بيوتهم عن المدرسة، ورغم أن المدارس الحكومية مجانية بينما مدرستنا كانت تطلب رسوم.
وفي مواقف كثيرة رأينا تصرفات شبيهة، ويبدو أن كبار المسؤولين يخافون اتهامهم بالرجعية لذلك لابد من اتخاذ مواقف سلبية تجاه القيم الإسلامية، رغم أنهم مقتنعون قلبياً بما نفعل ويوضح هذا صعوبة الطريق للعاملين في ميدان الدعوة وحاجتهم إلى أقصى درجات الحكمة في تصرفاتهم.
لازلت أذكر كيف أنه قد تم إنذاري وتهديدي من قبل حكومة أنغولا بعدم بناء أي مسجد وأنا متأكد أنهم لا يعرفون ما هو المسجد لكنهم يكرهونه إما لأن بعض أعداء الإسلام شحنوهم بالحقد والكراهية أو لأن بعض الشباب المتحمس في بلادنا حاول بناء مسجد دون اتباع الطرق الصحيحة في استخراج الأذونات وغيرها..
الحمد لله استطعنا بناء عدد من المساجد دون أية مشاكل لمجرد أن طلبنا الأذونات تحت مسمى كنائس...!! وهي الآن تعج بالمصلين..
طريق الدعوة وهو غير مفروش بالزهور وليس من زاد فيه إلا التقوى واتباع منهج النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة.
📚 مجلة حياة العدد (٥١) رجب ١٤٢٥ هـ
(٩)
ملايين النعم
مريم سليمان امرأة عربية مسلمة من قبائل البديرية في غرب السودان قتل زوجها في حرب دارفور، وترك لها أيتاماً لا يملكون شيئاً وأنا أعني ذلك تماماً، رأيناها في حي الرحمة العشوائي في غرب أم درمان بالسودان، ينامون على الطين ويلتحفون السماء هي وأيتامها، قلنا لها إن كانت تملك وثيقة ميلادهم وشهادة وفاة زوجها حتى نكفل أيتامها فبكت قائلة: (عندما هربت من قريتي تركت ما هو أهم من الشهادات، تركت جثة زوجي دون أن أدفنها وتركت كل شيء ورائي فكل همي كان إنقاذ من أستطيع إنقاذه من أولادي) تركناها والحسرة تملأ قلوبنا أن لم نستطع كفالة أيتامها أو مساعدتهم.
أمثال مريم ملايين المسلمات في أفريقيا رأيناهم في الصومال وكينيا وإثيوبيا ومالي وسيراليون وموزمبيق وأنغولا وليبيريا وغيرها.
بعد هذا كله ألا تستحق نعمة الله علينا الشكر والحمد؟
إذا غلبنا النوم والنعاس أوينا إلى فرشنا الدافئة، وإذا جعنا ذهبنا إلى المطبخ والثلاجة، وإذا مرضنا ذهبنا إلى الطبيب.. أبعد هذا كله نشتكي وقد منَّ الله علينا بما هو أعظم، ألا وهو نعمة الإيمان والإسلام، كان من الممكن أن نعيش مثل هؤلاء الذين يعيشون في مجتمعات بعيدة عن الله حياة أقرب إلى حياة البهائم، راحة بدنية وشقاء وفراغ روحي..
الشكر هنا لا يكون بالقول والدعاء وحده ولكن ”اعملوا آل داود شكراً“.. واجعل لإخوانك من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ممن يعانون، نصيباً من همك الذي يستيقظ معك ويرافقك في الفراش عند النوم، وتذكر أن الله مهما سلب منك هذه النعمة أو تلك، قد أعطاك ملايين النعم وكلها تستحق الشكر.
رقم الحساب/ جمعية العون المباشر - لجنة مسلمي أفريقيا
المركز الرئيسي / 866888 بيت التمويل الكويتي
الزكاة / 6/ 5468 - الصدقات / 6/ 5468
ص.ب 1414 الصفاة 13015
📚 مجلة حياة العدد (٧٥) رجب ١٤٢٧ هـ
(١٠)
« اخترت هذا الطريق »
قمنا في كل يوم أخرج للدعوة أقابل صوراً من فتيات ونساء بعن الدنيا واشترين الآخرة، يذكرني ذلك بقصص من سيرة أبناء وبنات مدرسة النبوة.
أذكر تلك الفتاة وحيدة أبويها تربت في بيت مسيحي متدين، لم يبخل عليها والدها بشيء، تعلمت حتى السنة النهائية في الثانوية، تأثرت بزميلاتها المسلمات، ودخلت في نقاشات كثيرة معهن، حتى بدأ الإقناع يتسلل إلى قلبها، ولكنها تعلم أن إسلامها يعني صدمة كبرى لأبويها.
استمر هذا الصراع النفسي معها مدة، حتى اتخذت قراراً بعدم العودة إلى بيت أهلها، حتى لا تصاب الأم بالهلع عندما ترى وحيدتها بالحجاب الإسلامي وضحت بأهلها وفضلت البقاء بدون دعم لدراستها وبدلاً من الجامعة التي كانت تتمناها فضلت البقاء في كوخ من القش لأنها لا تستطيع دفع رسوم الدراسة الجامعية.
أمينة فتاة أخرى أسلمت وهي صغيرة وأصرت على البحث عن مدرسة إسلامية للبنات، وبعد 6 سنوات من الدراسة، قررت وهي فتاة أن تهجر المعهد بل وتهجر الأب والأم وتنطلق في الدعوة إلى الله مشياً على الأقدام أكثر من ٦٠ كيلو متراً وعثرت على قرية أسلم فيها بعض السكان واشتكت لها النسوة أنه لا أحد يعلمهن أمور دينهن فتقرر البقاء في القرية ويساعدنها النسوة في بناء عشة من الطين لسكنها وتبقى أمينة بدون مصدر رزق سوى ما تتصدق به عليها نساء القرية، مقابل تدريسها مبادئ الإسلام للأطفال والنساء، تأكل يوماً وتجوع أياماً، لم تشتكِ يوماً ظروفها الصعبة لأحد، فهي التي اختارت هذا الطريق، ولم يجبرها أحد .. لقد دخلت عشتها فلم أجد سريراً ولا فراشاً ولا ملابس زيادة عما تلبسه، علمتني أمينة كيف تكون القيم عندما ترى الجنة أمامها يسهل عليها كل صعب في هذه الحياة. وهي الفتاة التي ضحت بأهلها وقريتها ورضيت بالحياة فقيرة من أجل هداية الآخرين.
رقم الحساب/ جمعية العون المباشر - لجنة مسلمي أفريقيا
المركز الرئيسي / 866888 بيت التمويل الكويتي
الزكاة / 6/ 5468 - الصدقات / 6/ 5468
ص.ب 1414 الصفاة 13015
📚 مجلة حياة العدد (٧٨) شوال ١٤٢٧ هـ
(١١)
تركت جثة زوجي
مريم سليمان امرأة عربية مسلمة من قبائل البديرية في غرب السودان قتل زوجها في حرب دارفور، وترك لها أيتاماً لا يملكون شيئاً وأنا أعني ذلك تماماً، رأيناها في حي الرحمة العشوائي في غرب أم درمان بالسودان، ينامون على الطين ويلتحفون السماء هي وأيتامها،
قلنا لها إن كانت تملك وثيقة ميلادهم وشهادة وفاة زوجها حتى نكفل أيتامها
فبكت قائلة: (عندما هربت من قريتي تركت ما هو أهم من الشهادات، تركت جثة زوجي دون أن أدفنها وتركت كل شيء ورائي فكل همي كان إنقاذ من أستطيع إنقاذه من أولادي، والحسرة تملأ قلوبنا إن لم نستطع كفالة أيتامها أو مساعدتهم.
قلنا لها إن كانت تملك وثيقة ميلادهم وشهادة وفاة زوجها حتى نكفل أيتامها
فبكت قائلة: (عندما هربت من قريتي تركت ما هو أهم من الشهادات، تركت جثة زوجي دون أن أدفنها وتركت كل شيء ورائي فكل همي كان إنقاذ من أستطيع إنقاذه من أولادي، والحسرة تملأ قلوبنا إن لم نستطع كفالة أيتامها أو مساعدتهم.
أمثال مريم ملايين المسلمات في إفريقيا، رأيناهم في الصومال وكينيا وإثيوبيا ومالي وسيراليون وموزمبيق وأنغولا وليبيريا وغيرها.
بعد هذا كله ألا تستحق نعمة الله علينا الشكر والحمد؟
إذا غلبنا النوم والنعاس أوينا إلى فرشنا الدافئة،
وإذا جعنا ذهبنا إلى المطبخ والثلاجة
وإذا مرضنا ذهبنا إلى الطبيب..
أبعد هذا كله نشتكي وقد منَّ الله علينا بما هو أعظم، ألا وهو نعمة الإيمان والإسلام،
كان من الممكن أن نعيش مثل هؤلاء الذين يعيشون في مجتمعات بعيدة عن الله حياة أقرب إلى حياة البهائم راحة بدنية وشقاء نفسي وفراغ روحي..
إذا غلبنا النوم والنعاس أوينا إلى فرشنا الدافئة،
وإذا جعنا ذهبنا إلى المطبخ والثلاجة
وإذا مرضنا ذهبنا إلى الطبيب..
أبعد هذا كله نشتكي وقد منَّ الله علينا بما هو أعظم، ألا وهو نعمة الإيمان والإسلام،
كان من الممكن أن نعيش مثل هؤلاء الذين يعيشون في مجتمعات بعيدة عن الله حياة أقرب إلى حياة البهائم راحة بدنية وشقاء نفسي وفراغ روحي..
الشكر هنا لا يكون بالقول والدعاء وحده ولكن ”اعملوا آل داوود شكراً“..
واجعل لإخوانك من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ممن يعانون نصيباً من همك الذي يستيقظ معك ويرافقك في الفراش عند النوم، وتذكر أن الله مهما سلب منك هذه النعمة، أو تلك قد أعطاك ملايين النعم وكلها تستحق الشكر.
واجعل لإخوانك من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ممن يعانون نصيباً من همك الذي يستيقظ معك ويرافقك في الفراش عند النوم، وتذكر أن الله مهما سلب منك هذه النعمة، أو تلك قد أعطاك ملايين النعم وكلها تستحق الشكر.
جمعية العون المباشر- لجنة مسلمي أفريقيا
المركز الرئيسي 866888
بيت التمويل الكويتي
الزكاة 54696 – الصدقات 54686
ص.ب 1414 الصفاة 13015
📚 مجلة حياة العدد (٦٦) شوال ١٤٢٦ هـ
(١٢)
أحلم بالجامعة
في أفريقيا تصادفنا باستمرار قصص مأساوية يجب أن نقابلها بالحمد والشكر لله كثيراً، على ما أنعم به علينا من نعم لا تعد ولا تحصى، وللنظر إلى قصة فتاة اسمها مريم جيري من قبيلة كامبا في وسط كينيا.
مات والد مريم وهي في الصف الثالث الابتدائي، وترك لها أماً مريضة وما أن أنهت الصف الثامن ابتدائي حتى ماتت أمها وبحثت يمنة ويسرة فلم تجد إلا خالتها الفقيرة التي لها سبعة أولاد وتعيش في حي من أفقر أحياء مدينة نيروبي في كينيا ورغم نجاحها بعلامات عالية جداً في المرحلة الابتدائية وقبولها في إحدى أرقى الثانويات وهي ميزة لا يحصل عليها ٧٥% من الطلبة في كينيا... ولكن من أين لها تكاليف الدراسة وهي كبيرة جداً وهي تنام مع خالتها وأولاده خالتها أغلب الليالي على الجوع وتنام على الأرض تمشي حافية لأن حذاءها الوحيد مخصص للذهاب إلى المدرسة.
بدأت المدرسة تطالبها برسوم الدراسة وكانت مريم تنتظر معجزة إذ أن من المستحيل أن تسدد حوالي ١٧٠٠ ريال سعودي واستعطفت المحسين بلا جدوى وأخيراً طردت من المدرسة رغم تفوقها الدراسي.
جاءت خالتها إلى مكتبنا في كينيا وبكت أمامنا ومعها شهادة مريم تأكدنا من تفوقها وزرنا بيتها للتأكد من حالتها المادية ثم كفلناها بأموال بعض المحسنات، وسارت مريم في مشوار حياتها الدراسية تحصد الشهادات حتى تخرجت من الثانوية وهي الآن تحلم مجرد حلم أن تدخل الجامعة التي قبلتها ولكن منحتها قد انتهت.
جمعية العون المباشر- لجنة مسلمي أفريقيا
المركز الرئيسي 866888
بيت التمويل الكويتي
الزكاة 54696 – الصدقات 54686
ص.ب 1414 الصفاة 13015
📚 مجلة حياة العدد (٦٧) ذو القعدة ١٤٢٦ هـ
(١٣)
القوافل الدعوية
البرامج الدعوية الناجحة جداً تلكم القوافل الدعوية التي نزور فيها العديد من القرى الإفريقية بصحبة مجموعة من الدعاة والمترجمين الذين نتمكن بواسطتهم من تبليغ الدعوة، وشرح أركان الإسلام وأخلاقه وآدابه. وتكون الفائدة كبيرة عندما تعدد مثل هذه القوافل والزيارات المكثفة.
وقد تبين لنا من أعداد المهتدين الجدد الذين اعتنقوا الإسلام خلال الربع الأخير من القرن الماضي أنه لم تخل قافلة من جميع القوافل الدعوية التي تنظمها، من أفراد وثنيين كانوا أو نصارى يعلنون إسلامهم بالعشرات أحياناً.
وأورد هنا على سبيل التمثيل لا الحصر قصة زعيم الملوك في بلدة، (تنكو دوغو) واسمه (تابا ساغا). كان قد تنصّر عن طريق المدرسة التابعة للكنيسة التي كان يدرس فيها كفالتها إلى أن تخرج من الجامعة.
فعندما زرناه في بلدته لدعوته إلى الإسلام، عجبنا من المكانة التي كان يحظى بها بين قومه خصوصاً من الوثنيين والنصارى، من خلال تحيتهم له وإلقاء السلام عليه في بعض المناسبات الرسمية. فتراهم يخلعون نعالهم ويمشون على أيديهم وأرجلهم أمامه، ويذكرون أمجاده ويفخرون بأسلافه المنعمين، ثم يقدمون له الهدايا والقرابين لتجديد البيعة والولاء والطاعة.
أما المسلمون، فكان يكتفي منهم بالدعاء له حسب شريعة الإسلام. فلما دخلنا عليه، وقدمنا له هدية، وحدثناه عن القافلة الدعوية التي نقوم بها إلى بلدته لتحقيق أهداف نبيلة، رحب بنا ترحيباً حاراً، وأمر بنصب خيمة لنا في أحسن موقع من هذه البلدة. وألقى كلمة قصيرة شجعنا فيها على نشر الإسلام.
وقد أخبرنا بعض الأهالي أن هذا الزعيم لم يكن من عادته أن يستقبل الزوار بمثل هذه الدرجة من البهجة والسرور التي خصنا بها في ذلك اليوم المشهود الذي لم يكن يسعنا فيه إلا أن نتوجه بالدعاء إلى الله أن يشرح صدره للإسلام.
ومن المساهمات الجميلة التي توجت بها نشاطات هذه القافلة انضمام الملك التقليدي المسلم (إبراهيم سورغو) إليها، ودعوته الناس إلى دين الله الحق.
كان إبراهيم قبل إسلامه وثنياً، فلما دخل الإسلام فرّ به أبوه خارج القرية خوفاً عليه من بطش أهلها به .. فقد أبلى معنا في هذه القافلة بلاءً حسناً، وخطب في الوثنيين وقال: "إن الإسلام لا يجبر أحداً على اعتناقه مصداقاً لقوله تعالى"(لا إكراه في الدين) ونحن لن نكذب على أحد أو نغريه أو نضغط عليه حتى يكون مسلماً. ولكن دعونا نعلم أبناءكم ونساءكم مكارم الأخلاق والفضائل، ولا تمنعوهم من اعتناق الإسلام إذا اقتنعوا به وأحبوه، واعلموا أن هذه المنطقة لن تنعم بمستقبل زاهر آمن إلا بكلمة التوحيد.
وانظر أخي القارئ إلى كلمة الإسلام عندما تستقر في موضعها المناسب من نفس غير المسلم، فتوقظ فيه فطرة الله، وتحوله إلى كتلة من الحكم البليغة.. وهاك مثالاً لزعيم وثني أسلم فقال: مثل الإنسان في هذه الدنيا كمثل راع في صحراء، اشتد به العطش وقطيعه حتى كاد الجميع يهلك ثم وجد الماء. فكذلك حال الراعي في الضلال الذي وجد الإسلام" فأي فرحة أعظم من فرحة بنعمة الإسلام؟!.
إنها كلمة الحق التي جعلت بعض الناس يسعون إلينا من أماكن بعيدة مشياً على الأقدام أو ممتطين دوابهم حتى ينهلوا من معين قافلتنا. فهذا أحد المهتدين الفقراء لما أقبل علينا وأعلن إسلامه قدمنا له ملابس جديدة وأخرى مستعملة، فقدمها بدوره هدية لمن هو أشد منه حاجة مكتفياً بهدية الإسلام على حد تعبيره..
📚 مجلة حياة العدد (٥٦) ذو الحجة ١٤٢٥ هـ
◽️◽️
✍ تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »
🗂️
🔗 ملف/ أوراق متناثرة .. د. عبد الرحمن السميط (١)
🔗 ملف/ أوراق متناثرة .. د. عبد الرحمن السميط (٢)
🔗 ملف/ أوراق متناثرة .. د. عبد الرحمن السميط (٣)
🔗 لقاء مجلة نون مع الداعية عبد الرحمن السميط ١٤٢٦
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق