الاثنين، 11 يوليو 2016

أروع القصائد في وصف صورة معبرة ( ٩ )


فتاةُ النخل

أصبت الدرب أم أخطأتِ دربا = وجئتِ سواكِ تلتمسين قربا

كأنكِ والطريق ضفاف عينٍ = تسلق جفنها العرجونُ هدبا

قرأتُ نوافذ الكلمات نبضاً = فكان النبض للهذيان قلبا

وتاه الهجسُ خلف الهجس حتى = تَفَطّر هاجسي في الليل شهبا

وجاء الحرف في أهداب نحوي = يجرجر رفعه المكسور نصبا

أملقاةً بكف الصمت هلا = كشفتِ السر عن ساقيكِ ثوبا

هنا أدري بأن البوح صعبٌ = وبعض البوح ليس ببوح صعبا

فليت الكوخ يُنبئني وقلبي = بسر شاخ في كفيكِ سحبا

وليت البرق ينفخ في جناحي = فأسقط من سَماكِ عليكِ سحبا

أمن جين الرمال خُلِقتِ طوعاً = فتاة النخل أم أجُهضتِ غصبا..؟

وجئت شواطئ الأحباب حبوا = تُغنين المدى جاراً وصحبا

أمن باب الصلاة سجدتِ أمراً = لوجه الله.. دام الله ربا..؟

لمحتُ صلاتك النشوى عبيراً = يسافرُ في مسام الزهرِ عذبا

توضأ بالصباحِ وقام يتلو = ضياء الله في الأبكار كُتبا

وصلى في رحاب الضوء شوقاً = إذا ما الشوق في الصلوات هبّا

فسبحان الذي أسراكِ نخلاً = وأودع فيكِ فاكهةً وأباً

وألبسكِ الشموخ رداء مجدٍ = تساقط من سناه الخيرُ رطبا

هو الرحمن ذو علم مداه = يكوَّنُ مِنْ نَوَاةِ الحّبِ حَبّاً

ويُخرج من شفاهِ الصخر ماءً = ويُنبتُ في بساط البحر عشبا

ويجري الفلك في أمن ويأتي = بكفّ الشمس شرقاً شاء غربا

فتاة النخل هذا الشعر أمسى = يرتّل عشقك الفتان حُبا

فضم الطفل في عينيكِ شعري = وخلَّي من سواه يموت غلبا

ضحاكِ اليوم.. طيراً جئتُ أشدو = مديح الوصف أفندةً ولبا

وأهرقُ بالضحى عذب القوافي = مُدامَاً قد صببتُ الشعر صبا

فمعذرةً إذا قَصّرت.. لكن = قصير الوصف يا ما كان أنبا


وضاح ناجي مُزَّيد- صنعاء

_______________



العملاق النائم

جذعٌ أناخ على البسيطة نحرا = واستلّ سعفاً باسقاتٍ خضرا

عملاق أقعده التخاذل بغتةً = وترنَّح العملاق يزحف قسرا

هو قادمٌ يرنو إلى آفاقه = كي نحتسي شهداً ونمضغ تمرا

هو قادمٌ رغم التآمر ضدنا = يبني لنا عزَّاً ويثمر تبرا

أو ما ترى شمّ الأنوف فؤوسهم = تقضي على هبلٍ وتقصف نسرا؟

لا تيأسنَّ إذا الخطوبُ استحكمت = حلقاتها وغدت تصارع بحرا

فالبحر أنت وأنت بحَّار الدُّجى = رصّع على ألواح فلكك نسرا

أرأيت أنّ الدار جانبك ارتدى = لَبنَا سيصبح للقيادة قصرا؟

يلد الفوارس من سنا ثكناته = ويشع من كل الجوانب طهرا

ليطهّر الأقصى ويحرس ثغره = ويصون حرمة قدسه والمسرى

ويزيل رجس الكفر من محرابنا = كي لا نقدّس سفرهم والحبرا

هلاّ سألت الدار أين ديارنا؟ = وقصور روما عن مدائن كسرى؟!

ماذا عن الإيوان أين بُناته؟ = سل صرح بابل أين قصر الحمرا؟!

يا أمةً خط الزمان سطورها = لا ترهبي من الفواسق فأرا

سيعود دجلة للفرات معانقاً = والنيل بالسودان يَشْدُدُ مصرا

ونخيل نجدٍ والعراق تآزرت = لتشد للنخل المعوَّق أزرا

تاالله ما نبكي لفقد أحبةٍ = كلاّ ولا تبكي القصائد أسرى

بل إنّ بحر الشعر يسكب دمعه = لطوال ليلٍ بات يحجب فجرا

يا فجر ما بال الفوارس أحجموا = لمّا رأوا سُود الليالي تترى

لابد من رحم غيورٍ ماجدٍ = يلد الأماجد كي نحقق نصرا

يا ثورة الشعر الأغرَّ تفجَّرِي = حِمَمَاً لتدمغ راجمات الشعرا

يا أمّة العملاق ثوري إننا = نارٌ على الأعداء تحرق كفرا

سنعيد تاريخ الأسود مجدّداً = ونمدّ للأرض الغريقة جسرا


علي إسماعيل محمد الباز/ اليمن- إب

_______________



وصية شهيد

دقّوا الدفوف
وتجمّعوا حول السراب
وفرّقوا كل الصفوف
واستبشروا بوقوفكم تحت المذلة والحتوف
وكلوا هنيئاً واشربوا
وتمتعوا بالعجز في أقسى الظروف
أما أنا
فقد اعتزلت وضقت من أفعالكم
وتهت في تاريخكم
قد طال نومي في مناجاة السيوف
وتعبت من طول الوقوف
وقسا الزمان
وحاصرتني لوعة
أخفيتها بين الحروف
سأنام وحدي
لا أبالي بالزمان
وبالرفاق وبالحياة
وبالضيوف
وحدي كأني لم أشاهد كل من حولي
تداعوا بالمئات وبالألوف
ما عدت أقوى أن أعيش
وكل أيامي كسوف
أنا لست من تلك الديار
ولست من تلك الشوارع
لست من هذي الكهوف
أنا لست من أرض تسيل دماؤها
أنا لست من أرضٍ
يباع ترابها وهواؤها
أنا لست من أرضٍ يذلّ رجالها ونساؤها
رغم الأنوف
ها قد رحلت
ومن ورائي ذكريات المجد
تقفو ذكرياتي
والرضا حولي يطوف
وحدي أفتّش بين أشْباح المنايا
عن طيوف
لا شيء خلفي غير أسراب الشتات
ودعته ضعفي
وقوتي لم يعد قهراً وخوف
فلتكتبوا عني وصية ميّت
كونوا شهوداً
أنني منكم براء
وأنني في داركم
آبَى الوقوف
أني أموت
رفعت رأسي للسماء
وقصدت ربي بالدعاء
لأفوز بجنات عدنٍ
قد دنت فيها القطوف


لطيفة عبد الرب المفلحي- عدن

_______________



حوارية أمام باب المجد

(1)

سمتْ في الأفق خافقة..
كمثل الفجر بل أظهرْ..
وفي الشطين كم مالتْ..
تُغازلُ فجرها الأشقرْ..
فأضحتْ في هجير الجدبِ..
بُستاناً.. ولا أنضرْ..!!

(2)

يا نخلة الهجير..
شمختِ في (مساء) ليلنا..
كمشيةِ الصَّغير..!!
حين يحبو في حبور..
ويزرعُ الآمالَ في جدبِ الصخور..!
وكوخكِ الصَّغير..
يُراقبُ القمر..
يُغازلُ الأنسامَ..
يزرعُ الفرح..
يُدافعُ الآلام..
في ليل الترح..
يقولُ: يا نسيم..
قف ساعة..
ولتبصر الأمل..
لتبصر الجذور..
تمتد في حبور..
تمتد ساقها تُطاولُ المدى..
يمتد في ضجر..
تُعاود الصُّعود
وتترك الخضوع..
ليبزغَ الصَّباحُ..
ويُسرع القدر..!!
وقيد ذلّه قد انكسر..!!
والكوخُ غارقٌ..
في همسهِ الشَّرود..!!
يقولُ: يا شذى..
متى يزولُ ليلُ أمتي متى..؟!
ومثل نخلتي..
يعودُ مجدها يعود..!!
يعودُ للصُّعود..

(3)

شموخُ النخل في الأفقين شاهدْ..
بأن المجدَ رغم الذل عائدْ..
وأنّ الدَّهرَ ذو دُولٍ وعُسرٍ..
ولكن.. للهُدى جذرٌ يُساندْ..
فثارتْ من خنوع الذُّل يوماً..
وأضحتْ في الدنى مثل الجلامد..


محمد إبراهيم محمد جلاد- اليمن

_______________



نخلةٌ غادرت عُمرَها

بماذا أُداري الهوى والألم = وماذا عسى أن يقول القلم

تباكى الزمانُ على منظري = فأجّج في الروح نار الندم

أنا نخلةٌ غادرت عمرَها = وهلَّ إليها الفَنَا والعدم

وما كنتُ شُختُ لأمرٍ يسير = ولكن في القلب همٌ جثم

تكبَّر قومي على حرفتي = ومدّوا أياديَهُمُ للعجم

وصرتُ على وحدتي أشتكي = وأبكي الفراق الذي ما انصرم

وساقي الطويلة على أراضيهم = ليحكي السنين ومنذ القدم

فبالأمس كان على هامتي = يرفرف للنصرِ هذا العلم

وتشدو البلابل من داخلي = وتَنشُر في الحيّ أحلى النغم

وألقى المحبةَ من قومنا = من السيد الكفْء والمحترم

ولولا طعامي الشهيّ الزكيّ = لما عانقتنا غيومُ القمم

وكان الرسولُ الذي ما انحنى = لدنيا الوحوش وذلّ الصنم

يُثبَّتْ في صحبه الأمنيات = ويكشف للروح غيَّ الظُلم

شَهِدتُ المعارك والعاديات = شهدتُ الزبير على من هجم

سلوا يومَ حطّين ماذا جرى = سلوا الأرض تُسمع حتى الأصم

تركنا الأعادي تذوق الردى = فَكَانَ البقيّةُ منهم خدم

وهبَّ المثنّى على صرختي = وأقسم باللهِ أقوى قسم

بأن يصنع المجدَ من شمسنا = وينشُر بالدين أحلى الشيم

وأقبل كسرى إلى موطني = يُقبّل رأسي ثمّ القدم

يُعانق مجدي شموخ السحاب = فأمطر فينا العطا والكرم

وكنا وهل تستجيبُ المنى = لمن أوهنتهُ رياحُ السقم

فبغداد من ذلّنا تشتكي = وغطى على القدس همٌّ وغم

تطاول علج في الدانمارك = فتبَّت يداهُ على ما رسم؟!!

سيلقى المهانة من فعلهِ = ويهوي إليهِ العَمى والصمم

ومهما تعالت جموعُ العِدى = ستشرق شمسُ الهدى والنعم

وصلّى الإلهُ على المصطفى = حبيبي محمّد ماحي الظُّلم

حامد محمد حفيظ - إب

_______________



كفانا ذلة

أمتي مالي أراكِ هويت التراب؟
ورضيتِ أن تزحفي على الثرى..
ورضيتِ الذل والهوان..
وعفت الارتفاع..
فوق الورى..
أما ترين قدسنا بين الكلاب..؟
يدنَّس.. ويهان..
وترين الدماء..
ألا ترين ذلك العشب هناك؟
على أرض الفداء..
قد سقاه الدم حتى ارتوى.
أمتي ألا تسمعين بكاء الأرامل
والثكالى هنا وهناك..؟
ألا ترين حالنا؟
وأنت تسرحين في أحلامك طول المدى..
ألا ترين الكفر كيف يسقينا الماء مع القذى؟
ألا ترين كيف النور غاب عن ليلنا؟
ألا ترين الذلّ والصغار والردى؟
أمتي فلْترتقي فوق السماء..
ولتعتلي بإيمانك وإسلامك..
عنان الفضاء..
أمتي..
يكفيك هوان وذلّ..
يكفيك شقاء..
هيا فلتنهضي..
ولتعيشي.
حياة العزّ والكبرياء..
هيا.. يكفي النصر
لنا جفاء..
هيا يكفينا ألم وأحزان
ويكفينا أسى

الغميصاء- يافع
_______________

◽️◽️

📚 انتقاء من مجلة مساء العدد (٤٢) صفر ١٤٢٩ هـ

 تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »

◽️ ‏◽️



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق