أرسلت إليّ صديقتي أسماء رسالة تقول فيها
( رأينني صويحباتي فقلن لي بعد السلام والكلام، حديثنا يا أسماء عن كل حدث جديد قبل وبعد العيد
فقلت:
لقد حدثت قصة تبدو للسامع قصيرة لكنها في مضمونها كبيرة، فمعانيها أليمة، ودخائلها عظيمة!
فقد كنت في السوق أشتري ما تشتهيه النفس وتتوق
فدخلت المحل الذي أهل بنوره المشع وعرضه المتسع، وكان العامل الهندي الذي يتكلم بلغة أهل دلهي في الاستقبال، يجيب عن كل سؤال، فإذا بثلة من البنات يرتدين الطرح والعباءات (كالمشالح والشماغات)؟! فسألته إحداهن عن ثمن النظارة الزرقاء، وتلك الحمراء والصفراء، فقال لها الهندي وهو يهز رأسه كأنه ينعش نفسه (بعشرة ريالات)
فصاحت البنات وقلن معترضات: وجدناها بخمسة ريالات،
فضحك الهندي على ذاك السعر المتردي وقال: (إيش الكلام هذا ما في سعر زي هذا؟!!)
فصاحت إحداهن قائلة: كذاب دون حياء أو ارتياب
ولحقتها الأخرى بقولها: (أص بس ولا كلمة) وكأنها تخاطب طفلة
وقالت الثالثة: (يا الله بس انقلع)! ولكنها ويا لسوء ما حدث هي التي ذهبت عنه وانقلعت، وبقي هو مكانه، يتذكر هيبته عند إخوانه وتبعتها بقية القطيع سائرات بالذم والتقطيع!!
وكل واحدة منهن تظن أنها بفعلها بطله وهي – في الحقيقة – لا تساوي بصلة.
ثم طلبت مني أسماء جواب عزاء ومشاركة بكاء في فقيدنا الحياء..
فقلت لها :
ضاع الحياء يا أسماء، وهذا شر البلاء، ضاع يوم أن حادت المرأة عن منهاج رب العالمين واتبعت مردة الشياطين، فتركت ما تربت عليه من أخلاق، وتمشت منفردة مع السائق، لتضحك مع كل شاب مائق، فافتقدنا من كانت تغض عن الرجال الطرف حتى ليخشى أن تقع في جرف.
لكن المفاهيم تغيرت، والموازين انقلبت ففي عصرنا عدّوا الرجل الهندي صاحب السيرلانكي يتلوهما البنغالي كالرجل الخشبي ليس فيه إحساس أو عواطف أو إباء لأنه غريب ليس له قريب، أو حبيب،
ولو كان من أهل البلد، لما تجرأوا وقالوا له: يا ولد!
بل سينتقون له أحلى الكلمات، خوفاً من الهجمات وربما اللكمات،
وكل ذلك لأن الحياء قد مات فتمردت البنات دون امتثال لأمر الله وثبات.
لقد مات الحياء يا حبيبة القلب يا أسماء، في قلب من تربت على المجلات الخليعة، والدشوش الفظيعة، والأغاني الشنيعة، فأغرق القلب بالمعاصي، وأصبح الجسد عارياً بعد أن كان كاسياً!!..
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (إذا أبغض الله عبداً نزع منه الحياء فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا بغيضاً مبغضاً! ونزع الله منه الأمانة، فإذا نزع منه الأمانة نزع منه الرحمة، فإذا نزع منه الرحمة، نزع منه ربقة الإسلام، وإذا نزع منه ربقة الإسلام، لم تلقه إلا شيطاناً مريداً).
فنعوذ بالله ممن قلبه حديد، وبالعلم لا يستزيد، إن البنات يا أسماء يشعرن بفراغ روحي وخواء، فأردن شغله، لكن الهوى حل محله، فتسمرن عند التلفاز، وشاهدن ما حرم وجاز، واتبعن (كلوديا شيفر) حين احتفظن (بالريسفر) فتأثرن بالفضائيات، ونمصن وقلدن الفنانات، وترنمن بالأغنيات الماجنات، ونافسن المذيعات، وزركشن العباءات، وارتدين رداء الغربيات وانشغلن بالتفاهة فصارت العقول بلا ثقافة والجهل كما تعلمين آفة!!
إن عزاءنا لك يا أسماء هو فيما يقوله سيد الأنبياء: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى، إذا لم تستح فاصنع ما شئت)
فتمسكي يا عزيزتي، لأن ذهابه طريق الشقاء، وداء لا تشفيه الحبوب والدواء، ثم اسألي الله السلامة من كل شيطان وهامة..
ثم كان السلام مسك الختام
◽️◽️
صفاء بنت عمر الخطيب
📚 مجلة حياة العدد ٣٥ ربيع الأول ١٤٢٤ هـ
✍ تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق