الخميس، 4 أغسطس 2016

مقتطفات متنوعة من كتاب الهمَّة طريق إلى القمة


الهمَّة
طريق إلى القمة


(١)

[ محاذير موجهةلأهل الهمّة العالية ]


هذه المحاذير التي سأذكرها خاصة بأهل الهمّة العالية فقط وليست لغيرهم من متدنّي الهمم أو متوسطيها، وذلك لأن فيها جملة من الأمور لا يفهمها غيرهم ولا يدركها سواهم.

وقد يقول قائل: إن بعض ما أذكره في هذا الصدد قد يخالف ما تعارف عليه كثير من أهل الصلاح والالتزام والدعوة من أن التوازن مطلوب والهمّة تكون بقدر، وأنا أوافقهم ولا أخالفهم ولكن قد يبدو بعض ما أورده مخالفاً لمنطقهم الصحيح وليس الأمر كذلك:


١ ـ صاحب الهمّة تحلق به همته دائماً فتأمره بإنجاز كثير من الأعمال المتداخلة في وقت واحد، فليطعها بقدر ولا يستبعد ما تأمره به، وفي الوقت نفسه لا يقوم به كله بل يأخذ منه بقدر ما يعرف من إسعاف همته له بالقيام به.

وتزاحم الأعمال على الإنسان ومحاولة القيام بها مجتمعةً أمر لا ينكره أهل الهمّة العالية، ومثال ذلك رجل مسافر في قطار مع أهله للترويح والمتعة فهو في أثناء تجواله يتمتع بجمال الطبيعة، كما أن عليه أن يهتم بأطفاله وينبههم ويوجههم، ولعله بيده كتاب يقرأه أو أمر ينجزه، وهو – أيضاً – يتكلم مع زوجه ويلاطفها، وتدور في مخيلته عدة أفكار وتحدث له كل هذه الأمور في وقت واحد وقد ينجزها على وجه مقبول، وكذلك أهل الهمّة تتزاحم عليهم الأعمال الكثيرة فينجزونها كلها أو معظمها.


وهناك محذور آخر خلال ذلك وهو أن:


٢ ـ صاحب الهمّة العالية معرض لنصائح تثنيه عن همته وتحاول أن تذكره دائماً بأنه (مَّا جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ)، وأن صاحب الصنعتين كاذب والثالثة سارق، وهكذا، فالحصيف لا يلتفت لهذه النصائح إلا بقدر محدود؛ وذلك لأن موجهي هذه النصائح قد تنشأ نصائحهم هذه لحسد اعتراهم من حال المنصوح، أو لأنهم يجهلون ما يستطيع عمله هذا الرجل ذو الهمّة العالية من أمور لا تدركها أفهامهم ولا تستطيعها هممهم.

قال ابن نباته السعديّ :

أعاذلتي(١) على إتعاب نفسي *** ورعيي في الدجى روضَ السهاد(٢)
إذا شام الفتى برق المعالي *** فأهون فائت طيب الرقاد


٣ ـ وصاحب الهمّة معرض لسهام العين والحسد فعليه بالأذكار المأثورة ليدرأ عن نفسه ما قد يصيبه من سهام القدر على يد الحساد.


٤ ـ وصاحب الهمّة قد تعتريه فَتْرة وضعف قليل لما يراه من تدني همم غالب الخلق فلا يحزن لأجل هذه الفترة، وليوطن نفسه على الإحسان وعلو الهمّة مهما ضعف أو تخاذل مَن حوله، وأياً كان سبب الفترة التي تعتريه فهي أمر طبيعيّ يعتري العاملين والسالكين، وليتذكر حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم :

(لكل عمل شِرّة(٣)، ولكل شِرّة فَتْرة)(٤).


٥ ـ وأهل الهمّة العالية قد يكونون مفرّطين في بعض الأمور التي قد لا يرون فيها تعلقاً مباشراً بموضوع هممهم، وذلك مثل بعض حقوق الأهل والأقارب، فينبغي على من وقع في هذا المحذور أن يلتفت إلى إصلاحه ولو بالقدر الذي يُبعد عنه سهام اللائمين.


٦ ـ وقد تؤدي الهمّة العالية بصاحبها إلى أن يتحمس تحمساً اندفاعياً فيستعجل ويرتكب من الأخطاء ما كان يمكن تلافيه بقليل من التعقل وحساب العواقب، وعلى من وقع في مثل هذا أن يعرف السنن الكونية وأن الأمر لا يحسم بين عشية وضحاها، وليكن مثلُه سيدَ أولي الهمّة العالية صلى الله عليه وسلم فقد كان يوصي أصحابه رضي الله عنهم بالعمل والصبر، فالصبر لا غنى عنه لأهل الهمم.


٧ ـ وأهل الهمّة العالية قد يتعرضون لأمور تؤثر في هممهم وتطلعهم إلى معالي الأمور، وأعظم مثال على هذا التعرض للخلاف الحاصل بين الفقهاء بعين الذمّ والمقت، ونقدهم والإقلال من شأنهم، ومثاله أيضاً التعرض للجماعات الإسلامية العاملة على الساحة وذمها والتنقص من شأنها وإلصاق التهم بها بدون وجه شرعيّ معتبر في أحيان كثيرة، ويمضي هذا الأخ سحابة يومه وليلته باحثاً عن الأخطاء متصيداً لها، ومثل هذا الشخص إن أصبح هذا الأمر ديدنه فستتخلف همته ولا شك وتقعد به عن معالي الأمور.


يقول الأستاذ محمد الخضر حسين:

(كبير الهمّة يستبين خطأ في رأي عالم أو عبارة كاتب فيكتفي بعرض ما استبان من خطأ على طلاب العلم ليفقهوه، ويأبى له أدبه أن ينزل إلى سقط الكلام أو يَخفَّ إلى التبجح(٥) بما عنده، وقد حدثنا التاريخ عن رجال كانوا أذكياء، ولكنهم ابتلوا بشيء من هذا الخُلق المكروه، فكان عوجاً في سِيَرهم ولطخاً في صحفهم، ولو تحاموه لكان ذكرهم أعلى ومقامهم في النفوس أسمى، ومنزلتهم عند الله أرقى)(٦).


يقول ابن القيم رحمه الله تعالى:

(أعلى الهمم في طلب العلم طلب علم الكتاب والسنة، والفهم عن الله ورسوله نفس المراد، وعلم حدود المنزل، وأخس همم طالب العلم قصر همته على تتبع شواذ المسائل وما لم ينزل، ولا هو واقع، أو كانت همته معرفة الاختلاف وتتبع أقوال الناس، وليس له همة إلى معرفة الصحيح من تلك الأقوال، وقَلّ أن ينتفع واحد من هؤلاء بعلمه).


٨ ـ صاحب الهمّة العالية لابد له من المداومة على الأعمال التي تدوم ولا تنقطع:

وليتذكر صاحب الهمّة العالية أن أحبّ الأعمال إلى الله (أدومها وإن قل)(٧)، فهمة متوسطة العلو تدوم خير من همة عظيمة متقطعة.


ولنسق إليك أخي ثلاثة أمثلة نهديها إليك فيها دلالة على ما نقول، وبها يختم هذا البحث إن شاء الله تعالى:

أما المثال الأول فهو الإمام أبو القاسم بن عساكر(٨) فقد قال عنه أبو المواهب بن صَصْرَى(٩) :

(لم أرَ مثله، ولا من اجتمع فيه ما اجتمع فيه من لزوم طريقة واحدة مدة أربعين سنة، من لزوم الصلوات في الصف الأول إلا من عذر، والاعتكاف في شهر رمضان وعشر ذي الحجة، وعدم التطلع إلى تحصيل الأملاك وبناء الدور، قد أسقط ذلك عن نفسه، وأعرض عن طلب المناصب من الإمامة والخطابة وأباها بعد أن عرضت عليه، وأخذ نفسه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا تأخذه في الله لومة لائم)(١٠).


وهذا الشيخ كمال العباسيّ الكجراتيّ الهنديّ(١١)، كان 
(من عوائده أنه كان يستيقظ في الليل إذا بقي ثلثه فيغتسل ويتهجد، ويقرأ سبعة أجزاء من القرآن في الصلاة، ثم يدعو بالأدعية المأثورة، ثم يذكر الله سبحانه، ثم يصلي الفجر، ثم يشتغل بتلاوة القرآن إلى صلاة الإشراق، ثم يصلي ويجلس للدرس والإفادة فيدرس إلى زوال الشمس، ثم يتغدى ومعه جماعة من المحصلين عليه، ثم يقيل ساعة، ثم يصلي الظهر، ثم يجلس للإفتاء فيشتغل به إلى العصر، ثم يصلي، ثم يشتغل به(١٢)، ثم يصلي ويقبل على أصحابه، فيتحدث معهم إلى العشاء، ثم يدخل في حجرته ويشتغل بمطالعة كتبه التي يدرسها إلى الثلث الأول من الليل، ثم يدخل في المنزل، وكان من الخامسة عشرة من سنه إلى أربع وخمسين صرف عمره على هذا الطريق)(١٣).


وقال أبو العباس ثعلب(١٤) :

(ما فقدت إبراهيم الحربيّ(١٥) من مجلس لغة ولا نحو، من خمسين سنة)(١٦).


وفي الختام أسأل الله تعالى أن يجعلني والقارئين من أهل الهمّة العالية، وأن يبارك لنا في أوقاتنا وأعمالنا، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

ـــــــــــــــــــــــــــ
(١) العذل: اللوم.

(٢) أي تلومه على سهره الليالي.

(٣) الشرّة: النشاط والهمّة، والفترة: الضعف والانكسار.

(٤) الترغيب والترهيب للمنذري: ١/٥١، ورواه ابن أبي عاصم وابن حبان.

(٥) السرور.

(٦) رسائل الإصلاح: ١/٨٩.

(٧) أخرجه البخاري عن عائشة رضي الله عنها في كتاب الرقائق: باب القصد والمداومة على العمل.

(٨) الإمام العلامة، الحافظ محدث الشام، ثقة الدين أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقيّ الشافعيّ، ولد سنة ٤٩٩، وغلب عليه الحديث فاشتهر به وبالغ في طلبه، ورحل ولقي المشايخ، وكان ديناً، صنف التصانيف المفيدة أجلّها (تاريخ دمشق)، توفي رحمه الله تعالى سنة ٥٧١ بدمشق. انظر (وفيات الأعيان) : ٣/٣٠٩ – ٣١١.

(٩) الحسن بن هبة الله بن محفوظ بن صصري الربعيّ التغلبيّ الدمشقيّ، أبو المواهب، من حفاظ الحديث، وكان محدث دمشق، له بعض المصنفات، توفي سنة ٥٨٦ عن قرابة ٥٠ سنة رحمه الله تعالى. انظر (الأعلام) : ٢/٢٢٥.

(١٠) تذكرة الحفاظ: ٤/١٣٣٢.

(١١) الشيخ العالم الكبير المفتي كمال محمد العباس الكجراتيّ الهنديّ، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية، ولد ونشأ بأحمد آباد، واشتغل بالعلم من صباه حتى برع وفاق أقرانه، وولي الإفتاء فاشتغل بالفتيا والتدريس ٣٠ سنة، توفي سنة ١٠١٣ . انظر (الأعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام) : ٥/٣٤٢ ـ ٣٤٣.

(١٢) أي بالإفتاء.

(١٣) (الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام) : ٥/٣٤٢ ـ ٣٤٣.

(١٤) العلامة المحدَّث، إمام النحو، أبو العباس أحمد بن يحيى بن يزيد، الشيبانيّ بالولاء، البغداديّ، صاحب التصانيف، ولد سنة ٢٠٠، وكان ثقة حجة، ديناً صالحاً، مشهوراً بالحفظ ، عُمَّر وأصم، وصدمته دابة فوقع في حفرة، ومات فيها سنة ٢٩١ رحمه الله تعالى. انظر (سير أعلام النبلاء) : ١٤/٥ ـ ٧.

(١٥) الشيخ الإمام، الحافظ العلامة وشيخ الإسلام، أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم البغداديّ الحربيّ، صاحب التصانيف. ولد سنة ١٩٨ ، كان إماماً في العلم، رأساً في الزهد، عارفاً بالفقه، بصيراً بالأحكام، حافظاً للحديث، مميزاً للعلة، صنف كتباً كثيرة، توفي سنة ٢٥٨ رحمه الله تعالى. انظر (سير أعلام النبلاء) : ٣/٣٥٦ ـ ٣٧٢.

(١٦) نزهة الفضلاء: ٢/٩٨٢.


_______________


(٢)


قال ابن القيم
(ولله الهمم ما أعجب شأنها وأشدّ تفاوتها! ، فهمة متعلقة بالعرش، وهمة حائمة حول الأنتان والحُش )
الحش: بيت الخلاء.

يتفاوت الناس في هممهم فتتفاوت على هذا أعمالهم وحظوظهم ودرجاتهم، وإذا أردت أن تعرف مراتب الهمم فانظر إلى همة ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه وقد قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(سل).
فقال: (أسألك مرافقتك في الجنة).
وكان بعض الناس يسأله ما يملأ بطنه أو يواري جلده.

* *

صاحب الهمة العالية لا يرضى لنفسه دنايا الأمور بل يطمح دائماً إلى ما هو أفضل وأحسن، فتجده يترفع عن مجالس اللغو وإضاعة الوقت، وينأى بنفسه عنها.

يقول الإمام ابن الجوزيّ متألماً من حال من يقطع يومه وليلته في سفاسف الأمور:

(قد رأيت عموم الخلائق يدفعون الزمان دفعاً عجيباً، إن طال الليل فبحديث لا ينفع أو بقراءة كتاب فيه غزل وسمر، وإن طال النهار فبالنوم، وهم في أطراف النهار على دجلة أو في الأسواق، فشبهتهم بالمتحدثين في سفينة وهي تجري وما عندهم خبر، ورأيت النادرين قد فهموا معنى الزمان وتهيأوا للرحيل، فالله الله في مواسم العمر، والبدارَ البدارَ قبل الفوات، ونافسوا الزمان).

* *

قرأت للأستاذ أحمد أمين طريفة معبرة، قال:

حُدثت أن جندياً ظريفاً رأى في مقهى رجلين يلعبان النرد، وكانت الساعة السابعة مساءً، فتقدم إليهما بكل أدب واحترام وحيّاهما ثُمَّ سألهما:

* من أي وقت بدأتما اللعب؟
- من الساعة الرابعة.

* وإلى متى؟
- إلى الثامنة أو التاسعة.

* وما عملكما؟
- مدرسان.

فانهال عليهما ضرباً ولكماً وقال: أما لكما عمل تعملانه، أو رياضة تقومان بها، أو خدمة اجتماعية تؤديانها؟ ).

ذكر الأستاذ القصة ثم قال معلقاً:
(ليت لنا مشرفين من هذا القبيل يعزرون من أضاع وقته على هذا النمط، إذاً ما نجا من الضرب واللكم إلا القليل).

إن الإسلام - وهو الدين الشامل الخاتم - قد أبيح فيه الترويح والتنفيس، ولكن أن يُخطأ في تقدير هذا الترويح فيُجعل هو الأصل، فهذا من الدنايا التي تُنزه عنها الأديان وترتفع عنها همة الإنسان.


_______________


(٣)

أكثر الخلق مفرّطون، وهم في الغفلة غارقون؛ فهم صوارف عن الهمّة العلية حيث يُغتر بهم ويقلدون في تفريطهم، فالحذار الحذار من غفلة الغافلين والاغترار بها.

وقال الشاعر:
ترجو غداً وغد كحاملة *** في الحيَّ لا يدرون ما تلد

(والإسراع في القيام بعمل من الأعمال يُزيل ما فيه من العناء، أما التأجيل فمعناه الإهمال، والعزم على العمل يصير مع الوقت عزماً على عدم العمل، وما أشبه من يعمل عملاً بمن يُلقي بذاراً في الأرض فإذا هو لم يعمله في حينه فإنه يبقى إلى الأبد بدون ثمرة، وليس صيف الزمان من الطول بحيث إن الأعمال المؤجلة تنضج ثمارها فيه)(١).

(وإن للتأخر عواقب مشؤومة، فتأخر يوليوس قيصر عن قراءة رسالة وردت إليه كلفته خسارة حياته حين بلوغه مجلس الأعيان الرومانيّ، والكولونيل راهل قائد موقع ترانتون لما جاءه رسول يحمل إليه كتاباً متضمناً نبأ اجتياز واشنطن لنهر ديلاور كان يلعب بالورق فوضع الكتاب في جيبه ولم يفضّه إلا بعد انتهاء اللعبة، وللحال سار في مقدمة جنوده إلى ميدان القتال فقتل ثمّ أخذ رجاله أسرى، فتأخّر بضع دقائق جَرَّ عليه خسارة الشرف والحرية والحياة)(٢).

هذان مثالان على ما يمكن أن يجره التسويف، ولا تستهن أخي الداعية بعاقبته فإن التسويف في الدعوة وغزو القلوب قد يؤخر تَسنُّم الشرف بتمكين دعوة الله في الأرض، وقد لا تتاح الفرص المتوفرة الآن – على قلتها – في المستقبل القريب فتعضَّ حينذاك أصابعك ندماً على ما فرطت فيه، وتُحصر الدعوة بسبب تسويفك أنت وأمثالك في مضايق لا عهد لها بها، والله الموفق.

- -

الكسل والفتور:

[لابد للمرء من البعد عن الكسل لأنه قاتل للهمّة مُذهب لها، وخاصة عند تقدم العمر وعجز الجسم، فهذا شيخ الإسلام زكريا الأنصاريّ(٣) رحمه الله تعالى (كان يصلي النوافل من قيام مع كبر سنه وبلوغه مائة سنة أو أكثر، وهو يميل يميناً وشمالاً لا يتمالك أن يقف بغير ميل للكبر والمرض، فقيل له في ذلك فقال: يا ولدي، النفس من شأنها الكسل وأخاف أن تغلبني وأختم عمري بذلك](٤).


وهذه أقوال تبين ما في العجز والكسل والفتور من آفات:

[ ما لزم أحد الدَّعَة إلا ذَلّ، وحب الهوينا يُكسب الذلّ، وحب الكفاية(٥) مفتاح العجز ](٦).

وقال الصاحب(٧):
[ إن الراحة حيث تعب الكرام أودع لكنها أوضع، والقعود حيث قام الكرام أسهل لكنه أسفل ](٨).

وقال الشاعر:
كأنذ التواني أنكح العجزَ ابنتَه *** وساق إليها حين أنكحها مهراً
فراشاً وطيئاً ثم قال له: اتكئ *** فقُصرا كما لا شك أن تلدا فقراً


وقد قيل:
[ زُوَّج العجز التواني فنتج بينهما الحرمان ](٩).

ــــــــــــــــــ
(١) (سبيلك إلى الشهرة والنجاح) : ١٠٦.
(٢) المصدر السابق، ص ١٠٤.
(٣) زكريا بن محمد الأنصاريّ المصريّ، عُمَّر طويلاً ورزق بتلامذة نجباء، وبارك الله له في مصنفاته، توفي بالقاهرة عن مائة سنة، وذلك سنة ٩٢٦ رحمه الله تعالى. انظر (الكواكب السائرة) : ١/١٩٦ – ٢٠٧.
(٤) المصدر السابق: ١/٢٠٢.
(٥) أي حب الاكتفاء بما عليه الإنسان وعدم الرغبة في الارتقاء.
(٦) (محاضرات الأدباء) : ١/٤٤٨.
(٧) الوزير الكبير العلامة الصاحب أبو القاسم إسماعيل بن عباد ابن عباس الطالقانيّ، الأديب الكاتب، وزير الملك مؤيد الدولة بويه بن ركن الدولة. صحب الوزير أبا الفضل بن العميد ومن ثم شهر بالصاحب. كان شيعياً معتزلياً، تيّاهاً جباراً، فصيحاً متقعراً. مات بالري سنة ٣٨٥ عن تسع وخمسين سنة. انظر (سير أعلام النبلاء) : ١٦/٥١١ ـ ٥١٤.
(٨) المرجع السابق.
(٩) المرجع السابق.

◽️◽️

📚 مقتطفات من كتاب: الهمَّة طريق إلى القمة
تأليف د. محمد موسى الشريف

 تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق