مشروع البحث عن قلب
يحدث أحياناً .. وأنت في مكان ما .. لنقل في إحدى ممرات الجامعة .. أن التقت عيناك بعينيها ..
فأحسست أن ابتسامتها غير مستغربة .. وأن في عينيها شيء .. لا تدرين ما هو تحديداً .. لكنه يتفق معك كثيراً ..
هو أمر قد يحدث عرضاً ودون قصد .. لكنه بالتأكيد يأخذ حيزاً كبيراً من اهتمامك ..
هل ذهبت بكن بعيداً .. ؟
لا اعتقد ..
فكل منا – ولن أقول البعض – ينجذب لأشخاص دون آخرين .. فيبدأ – لا شعورياً – محاولات التقرب منهم .. بالابتسام .. بافتعال بعض الصدف للالتقاء بهم وتبادل بعض الأحاديث العابرة .. التي قد تشبع شيئاً من نهم القلب التواق لمعرفتهم ..
تشعرين أن لهؤلاء الناس أهمية خاصة بالنسبة لك .. ليس لجمال أشكالهم ولا لحسن مظهرهن أو أناقتهن .. بل فقط للإحساس بالراحة معهن .. أو لنقل بقربهن ..
في مثل هذه الحالات تحديداً .. نقع في مأزق كبير .. قد يشغل بالنا لفترة .. وهو: كيف ننقل لهن هذه الأحاسيس .. ؟ وليس بيننا وبينهن أية علاقة .. ولا أدنى معرفة .. فنحن (ويا للأسف) قد تعودنا جعل التعبير عن المشاعر في ذيل اهتماماتنا .. ناسين أو متناسين أحاديث نبوية تحض على التبسم وأخرى تخبرنا أن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تنافر منها اختلف وأحاديث أخرى تبشر بالأجر الكبير لمن يدخل السرور على قلب مسلم ..
الأمر فقط يحتاج لبعض الذكاء .. ليس ذكاء بالمعنى العقلي .. بل الذكاء العاطفي والاجتماعي .. بإيقاظ كل الأحاسيس تجاه هذا الشخص .. ومراقبة تصرفاته لكن دون تحفز .. بل بشكل طبيعي جداً ..
والحالة هذه .. اجعلي من أحاسيسك عدسة مكبرة لا تخدعك .. بل تظهر لك كل شيء بوضوح .. اقتربي منه دون أن يشعر أنك تراقبينه أو انك تريدين منه مصلحة ما .. بل تذكري دوماً أنك في مهمة (سامية) جداً .. وهي أن تلبي نداء روحك التي ارتاحت لشخص ما .. وبدأت بالإلحاح عليك مطالبة بالتعرف عليه ..
لماذا نتعب أنفسنا كثيراً في العلاقات ذات المصالح المادية .. بينما حينما تطالبنا الروح بمن ترتاح له .. نتجاهل ذلك .. متعمدين القسوة على قلوبنا ومشاعرنا .. ؟
ولكن ..
علينا أن نتريث قليلاً ..
لأننا ببعض التصرفات العفوية .. قد يفهمنا الآخرون بشكل خاطئ ..
بينما الخير .. كل الخير .. في نوايانا ..
لنوضح ذلك فنقول .. لو ارتاحت نفسك لإحداهن .. زميلة في العمل .. في الجامعة .. في المدرسة .. أو حتى في محيط الأقارب والمعارف ..
ماذا لو بالغت بمراقبتها .. والتبسم لها .. بل والتقرب منها بطريقة متسرعة نوعاً ما ..
هنا ستظهر أمور أخرى ..
في العمل .. قد تظن أنك تريدين منها مصلحة ما .. أو تسبرين بعض أسرار العمل من خلالها .. في الجامعة والمدرسة قد تظن أنك (معجبة) وتطول الحكاية ويصعب التخلص منها وتوضيحها ..
وفي محيط الأقارب ومجتمعك .. قد تظن .. أنك .. ستخطبينها .. !
ما الحل إذاً .. ؟
( أشعر بك قارئتي وأنت تقولين: أدخلتني في الورطة .. إذاً أخرجيني منها .. !)
ليس هناك شيء مثل .. إحسان الظن ..
تنظيف دواخلنا .. من أي شيء قد يعكر صفاء أرواحنا ويمنعها من عكس صورة صحيحة عمن ارتحنا له ..
إذا نظرت لصديقة أو أياً من كانت .. لتكن نظرتك حميمة .. صادقة .. معقودة بابتسامة عذبة ..
ليكن سلامك دافئاً وودياً .. وحديثك هادئاً جذاباً ..
لا تراقبيها كمحقق .. ولا تفتعلي مواقف سخيفة معها قد تعقد (مشروعك) الخاص ..
بل سيري متمهلة ..
وسأعطيك فكرة .. بسيطة جداً. قد تعينك على الشعور بهذه الطمأنينة .. ولك حرية فتح آفاق أخرى في ذهنك لتصور أمور أكثر روعة ..
تصوري أنك تسيرين في مكان جميل .. محلات أثاث مثلاً .. من النوع المرتب المنسق الجميل .. سيتيح لك أصحاب المحل بالطبع تفحص كل قطعة .. بلمسها .. وتجربتها .. والسؤال عن خامتها .. ومكان صنعها .. عندها ستخرجين من المحل وقد ابتعت ما تريدين وما اقتنعت به فقط .. أو .. على الأقل تكونين (أخذت فكرة) كما نقول عن بعض المعروضات وأنواعها ..
كل ما سبق. لنتصوره مع النفوس البشرية ..
ياه .. كم ستكون تجربة ممتعة .. !
تحياتي لقلوبكم ..
◽️◽️
سارة بنت محمد الخضير
📚 مجلة حياة العدد (٥٩) ربيع أول ١٤٢٦هـ
✍ تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق