الأربعاء، 17 أغسطس 2016

قرار أصعب من خطر الاقتحام !!


الحكاية باختصار.. فتاة جامعية خطبها مقاوم فلسطيني، اعتقل قبيل إعلان مراسم الخطبة، وبتسلسل للأحداث أصرت تلك الفتاة على أن تعلن خطوبتها في ظروف خطرة جداً، حيث تسللت لمحكمة قوات الاحتلال الإسرائيلي وسط بنادق الموت وفي قاعتها ألبست خطيبها ( خاتم العرس ) ،
 القصة صحفياً مميزة فقد حرصت جموع الصحفيين على تسجيل كافة مقتطفات العملية، وكيف نجحت الفتاة في الفلتان من الموت في كل خطوة خطتها حتى وصلت خطيبها،
 أما إنسانياً فهي لا تقف عند حدود هذه المخاطرة، لأنها باختصار... مخاطرة لا تساوي واحداً في المليون من النقطة الأهم التي آثرت أن أتحدث عنها مع ( منى الخضر ) ، ألا وهي ... قرار تلك الفتاة في ربط مصيرها بأسير ( لم يحكم بعد) وهو (محمد زيدات)... قرار كان من الممكن أن يؤجل البت فيه قليلاً أي لأسابيع بسيطة حتى تعلن محكمة الاحتلال حكمها الجائر على هذا الأسير، و المتوقع أن يصل لـ (ربع قرن).

هاتفتها بعد أيام من الحدث وسألتها تفاصيل موضوعي الصحفي، ثم جاءت النقاط الأهم لي شخصياً، وبدأتها أسأل.. لماذا لم تصبري الأسابيع القليلة التي ستوضع فيها النقاط على الحروف وأقصد (حكم بأرقام)
أجابت: (لا يهمني... لو فعلت ذلك لاستحقرت نفسي) ،
 فأعيد أنا السؤال ويلح علي الفضول أن أجد إجابة أخرى فتكون (هي هي) ، ثم عاد الصمت يسكن سماعة الهاتف، لكنها بادرت تقول (محمد رائع.. ما فعلته من أجله قليل، هو ضحى بكل ما يمكن التضحية به من أجلنا جميعاً) ، واستمرت تتحدث بقوة وحب عن هذا الرجل القابع خلف الأسوار.. عاشر غريباً ثم جاء فدائياً للوطن طورد وأصيب والآن يعتقل من أجلنا.. من أجلنا جمعياً.. وتتحدث المزيد وتصمتني قوة قرارها...

لكنني استدركت الوقت فسألتها عن الواقع الذي عاشته بعد تلك الأيام في تنفيذ القرار وبدأت بالمواقف السلبية فقالت بهدوء ( سألوني كيف أفضل الركض من السجن لنادي الأسير كي أتمكن من رؤية خطيبي على أن يصحبني أي خطيب آخر من مكان ترفيه لأخر) واستمرت تسرد المزيد والمزيد، لكنها كانت تجبل الحكايا والأراء بقوة تحملها لمسؤولية القرار الذي أخذته على نفسها.

القرار كان أكبر منا جميعاً.. كان قرار فتاة تمسكت برجل قد لا تراه إلا في الخمسينات من عمرها.. لكنه معها منذ لحظة هذا القرار.. هنيئاً لك قرارك الكبير يا منى وهنيئاً للفتاة العربية وجود أمثالك وهنيئاً للوطن المحتل زوجين مثلكما.


ومضة : في موت الأنانية تكمن السعادة الحقيقية

◽️◽️

بقلم / ميرفت عوف
📚 مجلة حياة العدد ٦٧ – ذو القعدة ١٤٢٦ هـ

 تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق