الاثنين، 29 أغسطس 2016

ما فرطنا في الكتاب من شيء


ما فرطنا في الكتاب من شيء

المشهد الأول:

في ليلة من ليالي رمضان ألمت بي وعكة صحية، أجبرتني على الذهاب إلى مركز صحي أهلي

كانت أعداد المراجعين كبيرة

فانتظرت طويلاً إلى أن حان دوري

ثم حولني الطبيب إلى قسم الأشعة

وعندما دخلت القسم وجدت عددا كبيرا من المراجعين

حييت الممرضة وكانت فلبينية، وسألتها بالإنجليزية عما إذا كان يتوجب علي أن أنتظر طويلاً

فأخبرتني بأن الآلة معطلة وأن المختص بتصليح الآلات منهمك في تصليحها

فجلست أمام ساعة الحائط وكلما مرت خمس دقائق شعرت بضجر الانتظار، وألم الجوع حيث إنني لم أفطر بعد.

كان يجلس قريباً مني زوجان.. أخذا يتهامسان ثم تحرك الزوج ليغادر مكان الانتظار وعاد بعد عدة دقائق،

 بعد عودته

رن جرس الهاتف القريب من الممرضة

فالتقطته الممرضة للرد عليه، ردت التحية وأصغت لما يقوله الطرف الآخر، ثم أخذت تدافع عن نفسها وتؤكد بأنها تحرص على أن يأخذ كل مريض دوره وأنها لم تسمح لمريض أن يأخذ دور مريض آخر

وقد علا صوتها أثناء الحديث مما يؤكد بأن ما سمعته من الطرف الآخر قد أثار انفعالها،

وبعد أن أغلقت الهاتف التفتت إلى زميلتها وأخذت تشتكي من المدير الطبي الذي عنفها لأن الرجل الذي كان ينتظر دور زوجته قد ذهب إلى المدير الطبي وأخبره بأن الممرضة قد تكلمت مع مريض آخر بالإنجليزية ووعدته بأن تدخله إلى غرفة الأشعة قبل زوجته،

 ونظرا لكون كلمة (مريض) بالإنجليزية قد تعني مريضاً أو مريضة، لم أدرك بأنني كنت المقصودة، وأن الرجل قد توهم بأن الممرضة سوف تدخلني إلى غرفة الأشعة قبل زوجته،

وبعد أن أصلحت الآلة، نودي على زوجة الرجل أولاً، ثم نودي على عدة أسماء بعدها

تقدمت نحو الممرضة أسألها عن دوري

 فقالت:
ألا زلت تنتظرين؟ تعالي..

وعندما ولجنا غرفة الأشعة عبرت لي عن ألمها من سلوك الرجل فقالت: تصوري أنه قد ذهب إلى المدير الطبي ليشتكيني لأنه ظن بأني وعدتك بأن أدخلك أولاً، كيف يكذب هؤلاء الناس في رمضان؟!

تذكرت الآية التي تقول: (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن، إن بعض الظن إثم)
فشعرت بخسارة ذلك الرجل الصائم الذي ذهب ليشتكي الممرضة بسبب سوء الظن،
ثم تذكرت الآية: (يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) فساءني سلوك المدير الطبي الذي عنف الممرضة الفلبينية لمجرد أن رجلاً سعودياً قد اشتكاها.

المشهد الثاني:

دخلت إحدى محلات البقالة الموجودة قرب الحرم النبوي لشراء قنينة ماء في يوم اشتدت فيه الحرارة

وبينما كنت واقفة بجوار الدولاب البارد

 وقف رجل وقال:
أعطني بيبسي بقارورة قزاز .. يا دكتور.

انتفض البائع الباكستاني وغادر مكانه واقترب من الرجل وقال بصوت غاضب: أنا ترتور (طرطور) أنت ليش قول كذا؟ أنا إيش سويت لك؟

حاول الرجل الدفاع عن نفسه ولكن البائع لم يصدقه،

قفزت إلى ذهني الحادثة التي حصلت لي في المستشفى، فاقتربت من البائع وأكدت له بأني سمعت الرجل يقول (يا دكتور) وليس (يا طرطور) كما توهم.

إن إساءة الظن تنمي الشعور بالاضطهاد لدى الشخص، فيسلك سلوكاً بهدف الدفاع عن كرامته، أو استرداد حقه فيكون هذا السلوك ظلماً للطرف الآخر.

◽️◽️

سبيكة الوهيَّب
📚 مجلة حياة العدد (٨٨) شعبان ١٤٢٨ هـ

 تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق