الجمعة، 16 نوفمبر 2018

استشارة: نعيش في بيت نكد!


مجلة الأسرة العدد ١٣٧: نشرنا في العدد (١٣٤) مشكلة الأخت أم مصعب تحت عنوان/ أعيش في بيت نكد، خلاصتها أنها امرأة مطلقة تعيش مع والديها اللذين يكرهان بعضهما، وأنها وأخواتها يعشن سفيرات إصلاح بين الوالدين، وأن اثنين من إخوانها يتعاطيان المخدرات ويرهبان أخواتهما. والدتها عرضت عليها الزواج أكثر من مرة حتى تحصل على المال، لكن أم مصعب رفضت أن تكون سلعة تباع.
وسؤالها: هل تتزوج وتترك أخواتها؟. 


- - - - - - - - - - - - - - - - - - - -


استشعار رحمة الله

مريم الثمالي:
* لا تخلو الحياة من ضغوط ومنغصات تتكالب على الفرد أحياناً من جميع الجهات فإما أن ينهار وتضطرب شخصيته أو يقف أمامها صامداً ويثبت ثبات المؤمن الصابر على الابتلاء المنتظر لفرج الله.
أهم ما يجب علينا استشعاره في زحمة الظروف والضغوط رحمة الله سبحانه وتعالى وحكمته في قضائه وقدره واصطحاب مبدأ (ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك).
غذّي نفسك بعقيدة أهل السنة والجماعة في الإيمان بقضاء الله وقدره فهي كافية أن تحوّل المحنة إلى منحة.. والحزن إلى إشراقة ورضا وتسليم.
لا شك أن الظروف التي تمرين بها قاهرة (طلاق – اضطراب علاقة الوالدين – مشاكل الإخوة – قلقك على أخواتك – زواج الأب – ضعف الحالة المادية).. ولكن تذكري أن كل ابتلاء يمر بالإنسان لا يخلو من صورة مضيئة أو تعلّم إيجابي..
فقط عليك أن تُعملي ذهنك وتوقفي سيل الأفكار السلبية التي تؤدي إلى الإحباط والضعف وتوقع الأسوأ..

وإليك الخطوات التالية التي تعينك على تجاوز هذه الضغوط بسلام:

* احمدي الله عز وجل على كل حال واسأليه أن يفرج همك ويرزقك الصبر وحسن الرضا.

* تذكري ما تحملين داخل نفسك وما تحمله عائلتك من جوانب إيجابية جميلة فيما بينكم.. ابحثي عنها فالنفس والعقل بحاجة أن يتذكرا شيئاً جميلاً ويستشعراه في زحمة التفكير بالسلبيات..

* انتشلي نفسك أولاً من جو الحزن واليأس ثم ساعدي عائلتك وابدئي صفحة بيضاء جديدة واملئيها بما يبعث في نفسك السعادة.

*خذي ورقة وقلماً وحددي كتابة: ما هي أهم المشاكل الأكثر إزعاجاً بالنسبة لك وللأسرة؟ ولماذا؟ أكرر (ولماذا؟) حتى يتبين لك تصورك تجاه هذه المشاكل فقد يكون تصوراً مبالغاً فيه أو يحمل تصوّراً سلبياً مزعجاً للنفس.. عندئذ استبدلي به آخر إيجابياً.

* لا بد من التفكير المنظم وابدئي بعمل خطة علمية عملية لحل هذه المشاكل وحددي الأشخاص الذين يمكن أن يقدموا لك يد العون بعد الله ويساعدوك على التغلب عليها.. أما ما استصعب حله وتأكدت أنك لا تستطيعين حله فاتركيه ولا تطيلي التفكير فيه واسألي الله فرجاً من عنده ولا تشقّي على نفسك ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة: ٢٨٦].

* قلقك من الزواج وإعادة التجربة مرة ثانية أمر طبيعي في ضوء التجارب التي مررت بها لكن عليك الفصل بين أفكارك والواقع وأقدمي على الزواج بعد سؤال الله التوفيق كحق لك في حياتك الخاصة لا هروباً من الظروف وأحسني الظن بالله.

* رسالتك حول وضعك ووضع الأسرة قمة في الشعور بالمسؤولية والرغبة في تغيير الوضع.. فعلام الخوف من تحمل المسؤولية في الزواج؟ أعتقد أنك جديرة بهذه المسؤولية.. ولا تنسي التفاؤل..

* الرهاب والخوف الذي تعاني منه انعكاس لظروفك السابقة لكن حاولي بجدية تطبيق ما ذكرته لك سابقاً من تغيير للأفكار السلبية تجاه نفسك وتجاه الضغوط وإرسال رسائل إيجابية لذاتك بما تحملينه من مميزات وما تتمنين تحقيقه فيها فهذا سيعيد تدريجياً بناء ثقتك بنفسك. ثم عليك أن تتدرجي في مواجهة المواقف التي تثير في نفسك الخوف حتى تتمكني من ذلك تماماً وهذا ما قد تساعدك فيه أخصائية نفسية.

* أعانك الله وفَرّج كربك ووفقك لكل خير وهنيئاً لك تلك الروح القوية المتفائلة الراغبة في التغيير للأفضل.

----------------


من يدري أين يكمن الخير؟

أسماء السقيلي: عندما تريدين البحث عن حل للمشكلة عليك أولاً: أن تستشعري أن هناك من هم في مصيبة أكبر من مصيبتك وهذا يهوّن عليك كثيراً، وتذكري دائماً أن الحل لا يكمن فقط عند طبيب جراح، أو محلل نفسي بل هو بيد الله أولاً وأخيراً، وأن سهام الليل لا تخطئ أبداً، قال تعالى: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر: ٦٠].

مشكلتك تكمن في ثلاثة محاور:
المحور الأول: أخواك المتعاطيان للمخدرات.
المحور الثاني: الوالدان. المحور الثالث: الزواج.

مشكلة أخواك هي إطار باقي المشكلات وإذا انحلت تنحل بإذن الله تعالى باقي المحاور والعقد والعقبات القادمة، أتعلمين لماذا: لأن مصيبة الدين أعظم من مصيبة الدنيا، والمخدرات تقدح في الدين، فمتى بحول الله تلاشت ستحلّ باقي الأمور بإذن الله، لابد وأن لكِ أهلاً: أعمامك، أخوالك فحدثيهم بما يجري، واطلبي مساعدتهم بإسعاف أخويك قبل فوات الأوان.. سواء بإدخالهم المستشفيات المختصة أو الجهات المختصة لمعالجة الأمر، مع المحافظة على السرية التامة.
وإن كان الأمر فيه صعوبة فاستعيني بالله وابدئي المشوار مع أختك، وتعاونا على الدعاء في جوف الليل، وحاولا ترك الأشرطة النافعة في سيارتيهما أو في غرفتيهما، أو أن تصمما أوراقاً زاهية الألوان وملفتة تكتبان فيها عبارات ملفتة مثل: (محمد وخالد – مثلاً – أنتما في قلوبنا – نحن في أمس الحاجة لطيب حنانكما – إخواني المخدرات طريق إلى النار) وضعا تلك الأوراق في أرجاء المنزل.
وعليك أخيتي الاستعانة بالله ثم بأئمة المساجد المجاورة لكم في محاولة الحديث معهم، عسى الله أن يهديهما ويصلح بالهما.

أما بالنسبة للوالدين فقلما يخلو بيت من المشاكل الأسرية التي تحدث بين الوالدين سواء كانت صغيرة أم كبيرة.
ازرعي الثقة في نفسك، وقولي دوماً سأتخطى المشاكل بعون الله تعالى، لن أسمح يوماً بأن تتغلب علي هواجس شيطانية تجعلني مقيدة بقيودها!
اذهبي إلى والدتك وحاولي أن تزيني صورة والدك أمامها، وأخبريها أن والدك يعزها ويقدرها وسيكون لها أجر على صبرها واحتسابها على زلاته، وأشعريها بأنها أهل لهذا الصبر وهذا الاحتساب، وذكريها دوماً بأعظم سلاح لها وهو الدعاء.
إن أمكنك الذهاب إلى والدك، أشعريه بمعزة والدتك له، وزيني صورتها عنده ومدى حرصها على الدعاء له بالخير وتذكره في كل صغيرة وكبيرة، وإن كان كل ما تتحدثين به ليس واقعاً، فالكذب في إصلاح ذات البين جائز.

فيما يتعلق بالزواج فإذا عرضت عليك والدتك الزواج، فما عليك إلا تحري الخاطب، هل هو من أهل التقى والصلاح؟وبادري بالاستخارة تلو الأخرى، فإن كان في الأمر خير لك ولأسرتك ولأخواتك فسييسر الله لك الزواج، وإن كان فيه شرٌ سيصرفك الله عنه، فمن يدري أين يكمن الخير وأين يكمن الشر؟!.
وأسأل الله أن يفرج عنك كربتك ويصلح أهلك ويؤلف بين قلوبكم.

----------------


اشتدي أزمة تنفرجي

منى السعيد الشريف: كم تفاعلت مع مشكلتك وأثرت في نفسي، مما دفعني لأن أكتب إليك بشوق، ولعلك تسخرين مني لو قلت لك بأن الحل يسير إن شاء الله تعالى، بل هو بين يديك أو عند قدميك أو هو أقرب من ذلك.. فهو يتخلص في عدم استسلامك لهذا الواقع الأليم، فإياك أن يتسرب إليك الإحساس باليأس أو الفشل أو اتهام الذات بالعجز أو عدم الثقة بالنفس، وليكن شعارك (اشتدي أزمة تنفرجي) ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا و(لن يغلب عسر يسرين) وكي لا أستهلك الوقت في عبارات إنشائية حماسية ربما لا يكون لها صدى عند البعض،

أهدي إليك هذه الخطوات العملية واليسير ما يسره الله تعالى:

- أولاً: اجمعي العناصر الطيبة من إخوتك، وكونوا جبهة واحدة في مواجهة ظروفكم الصعبة، فيد الله تعالى مع الجماعة.

- ثانياً: لابد أن تحاول هذه المجموعة الطيبة من الإخوة الاعتماد على نفسها بالنسبة للكسب، فمن عنده مهارة معينة أو حرفة يتقنها زاولها من أجل الحصول على الكسب الطيب، ومن ليس عنده أي مهارة تعلم ولو مهارة بسيطة تسد رمقه، ومن حسن المصادفة أن العدد الذي عُرضت فيه مشكلتك في محبوبتنا (مجلة الأسرة) قد تناول هذا الموضوع بشكل باهر، فأنا أدعوك لمطالعته لتقفي على الرسالة الحقيقية للمرأة المسلمة والخاتمة الجميلة التي ختم بها الموضوع تحت عنوان (نساء منتجات) فهي رسالة لك خاصة ولكل الغيورات على دورهن في الحياة عامة.

- ثالثاً: لا تعرضي عن الزواج بحجة أن الزوج غني وأمك تريدك أن تكوني سلعة، فرب زوج غني ومعه صلاح وتقى، والدين لا يتعارض أبدا مع الغنى كما تعلمين، ومقصدي هنا أن تنظري إلى حال المتقدم لك بصرف النظر عن مستواه المادي، ولو كان الزوج غنياً فبها ونعمت والطيبات للطيبين، فقد ييسر الله لك زوجاً تقر به عينك ويكون سببا في الخروج من محنتك.

- رابعاً: إذا فشلت كل محاولاتكم في الإصلاح والتقريب بين الوالدين فهذا في تقديري نتيجة لقلة أو نقص الإيمان في نفوس الزوجين الخصمين، فعليكم بدعوتهما كل على حدة لمزيد من القرب من الله تعالى وطاعته، فإن للإيمان سكينة تذيب الشحناء والبغضاء مهما عظمت.. عليكم بالموعظة الحسنة وكثرة الكلام عن الدنيا الفانية مما لا يستلزم شحناء وبغضاء تهدم أسرة بأكملها، وعليكم بتذكير الوالدين بمقامهما بين يدي العزيز الجبار وسؤاله جل وعلا لهما عمن استرعاهما.. وهكذا وبكل السبل كالحديث الطيب، والشريط الإسلامي الهادف، ومشاركة صالحي الأسرة أو الأصدقاء أو كبراء الحي في هذا الأمر، والثمرة الطيبة في هذا الأمر يسير منالها إن شاء الله تعالى.

خامساً: مزيج الصبر والاستعانة بالله تعالى ترياق لا يخيب متعاطيه ومتناوله، وهو المخرج الحقيقي من كل أزمة فالله تعالى لا يخيب قاصده ولا يتخلى عن عباده المؤمنين، وإياك والمعاصي فإنها تقطع الطريق إلى الله، ومن أعرض عن الله تعالى بمعصيته أعرض الله عنه بتوفيقه ورعايته ولا يبالي به في أي واد هلك.

◽️◽️

 تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق