أختي المسلمة. . .
يجدر بك أن تنتبهي إلى أن محاولتك السعي بجد واجتهاد في محاولة إرضاء زوجك، وإدخال السرور إلى قلبه من الأمور التي يرجو الرجل منا أن يراها من شريكة حياته.
يجدر بك أن تنتبهي إلى أن محاولتك السعي بجد واجتهاد في محاولة إرضاء زوجك، وإدخال السرور إلى قلبه من الأمور التي يرجو الرجل منا أن يراها من شريكة حياته.
نعم كثيراً ما يحدث بين الزوج وزوجته النزاع والشقاق، وهنا عليك أن تحتوي هذا النزاع، وتنظري إلى أقصر الطرق المؤدية إلى انتهائه والفراغ منه فتسيرين منه.
قد يكون الصواب معك فيما ذهبت إليه، وبالعكس زوجك، ولكن عليك أنت في تلك الظروف لا على غيرك أن تستشعري أن الزوج قد لا يرى ما قد رأيت أنت، لحكمة ربما غابت عنه، أو لتسرعي في إبداء حكم معين على شيء، وهكذا.
وهنا يبرز دورك:
عليك في مثل هذا الموقف وما شابهه أن تهدئي من روعه، وضيقه، وتحاولي تخفيف الأمر عليه، وبعد ذلك بفترة من الزمن، وقد طابت نفسه، وهدأ باله اشرحي له رأيك، وأنك ما أردت إلا الخير لك وله، فهو شريك حياتك، لا غنى لك عنه.
ولعل من طرائف الأخبار التي تروى موضحة تأثير الإصلاح بعد استقرار القلوب، وهدوء النفوس، وراحة البال، تلك الحكاية العربية:
يروى أن أميراً من العرب يكنى بأبي حمزة تزوج امرأة، وأحب أن تلد له غلاماً، فولدت له بنتاً، وكما عرف عن بعض العرب في الجاهلية أنهم كانوا يكرهون البنات، ويحبون الذكور، حتى كان الواحد منهم يفخر بأنه سيدفن ابنته وهي حية، ويقول لمن رزق بالبنت:
(أمنكم عارها، وكفاكم مؤنتها، وصاهرتم القبر)
أبو حمزة هذا لما رأى أن المولود أنثى هجر منزل زوجته، لشدة غيظه من ولادتها لأنثى، وصار يأوي إلى بيت آخر، فمر بخبائها بعد عام، فإذا بها تداعب ابنتها بأبيات من الشعر، تقول فيها:
ما لأبي حمزة لا يأتينا = يظل بالبيت الذي يلينا
غضبان ألا نلد البنينا = ليس لنا من أمرنا ماشينا
وإنما نأخذ ما أعطينا = ونحن كالأرض لزارعينا
ننبت ما قد زرعوه فينا
وما إن سمع أبو حمزة هذا القول حتى غلبه حنان الأبوة، وتذكر عش الزوجية، فدخل البيت، وقبل رأس امرأته وابنتهما.
وهكذا بكلمات بسيطة عاد الحب والوئام، والسرور والفرح إلى بيت هذين الزوجين.
وتستطيعين أنت في كل لحظة ينشب النزاع فيها أن تخرجي وقد ازداد زوجك لك حباً، لأنك استطعت أن تعيدي البسمة إلى وجهه، والراحة إلى قلبه.
حقاً! إن في وسعك أن تحملي الزوج على تنفيذ إرادتك إذا منحتيه ما يريد من سماعك لقوله، وتنفيذك لأمره.
أنت تفكرين في أن يسعدك زوجك، ويملأ حياتك بهجة وسروراً، ولكن أنى لك أن تصلي إلى تلك الغاية؟ ! ! وأنت لا تجيدين كسب قلبه، وسلب إعجابه؟ ! !
إن (الزوجة الصالحة) هي التي تشعر زوجها بأنه عظيم لديها، وبأنها في حاجة إليه كحاجتها إلى الماء والطعام.
(الزوجة الصالحة) تعرف حق زوجها، فلا تحتاج إلى تنبيه إلى ذلك الحق، وإلى توضيحه.
(الزوجة الصالحة) تدرك أن الرجل قد يخطئ، لأنه ليس بالمعصوم، ولكنها بذكائها، وسعة تفكيرها، تعرف كيف تحافظ على زوجها، وكيف تحل المشكلة التي نزلت ببيتها.
(الزوجة الصالحة) تتخير الوقت المناسب، والطريقة المناسبة التي بها تعمل على إصلاح الخطأ الذي وقع فيه زوجها.
(الزوجة الصالحة) متسعة الصدر، فتنسى الكثير من السلبيات التي تبدر من زوجها، ما دام الأمر لم يصل إلى حد القلق والخوف.
(الزوجة الصالحة) تعلم أن زوجها ما تزوجها إلا وهو محب لها، لذا فهي دائما على الرغم مما قد يحدث من اختلاف في الرأي، لا تنسى أن زوجها إنما تزوجها لشعوره بالحاجة إليها.
(الزوجة الصالحة) تسعى جاهدة لتلبية الأمور التي يحبها زوجها، حتى لو كانت هي تكره بعضها، حباً في إظهار محبتها له.
(الزوجة الصالحة) دائماً عقب كل خلاف، أو نزاع، تقف مع نفسها، وتسأل نفسها:
ما الذي دعا زوجها إلى ما قال من قول، أو فعل من فعل؟
وما الذي فعلته هي حتى وصل الأمر إلى ما وصل إليه؟
إنها تبحث عن عيوبها، وتكشف أخطاءها، قبل أن يدلها غيرها عليها وبعد هذه الوقفة مع النفس، تسأل نفسها ثانية، وتقول:
ألم يكن من الأفضل السكوت؟
ألم يكن الأولى عدم مفاتحة الزوج الآن؟ !
ألم يكن من الأليق مخاطبته بطريقة كذا؟ !
هكذا هي (الزوجة الصالحة) تتعامل مع زوجها، وكأنها لا تستغني عنه بحال.
أقدم لك هذا الخبر، وأتركك تتفكرين فيه:
لما زوج أسماء بن خارجة ابنته، دخل عليها في ليلة زفافها، فقال لها: يا بنية، إن كان النساء أحق بتأديبك، ولابد من تأديبك، كوني لزوجك أمة يكن لك عبداً، ولا تقربي من جدا فيملك أو تمليه، ولا تباعدي عنه فتثقلي عليه، وكوني له كما قلت لأمك:
خذي العفو مني تستديمي مودتي = ولا تنطقي في سورتي حين أغضب
ولا تنقريني نقرة الدف مرة = فإنك لا تدرين كيف المغيب
فإنى رأيت الحب في القلب والأذى = إذا اجتمعا لم يلبث الحب يذهب
وهكذا نرى أن الرجل قد يقع في الخطأ الذي قد يصل إلى حد إلقاء الطلاق على زوجه، ولكن بصبرها، وعدم ظهور البغضاء، والكراهية، والشحناء منها، فإن الزوج سرعان ما يندم، ويشعر بمدى الفادحة التي وقع فيها.
وانظري ثانية فيما تضمنه الخبر التالي:
لقد طلق عبد الله بن العجلان زوجته في لحظة استولى الشيطان على قلبه، وسيطر الغضب على عقله، فلما انصرفت زوجته في صمت وهدوء، ولم تدخل معه في عراك وشجار، أحس بالزلة التي وقع فيها، وكان يحبها، فندم على فعلته، وصار حزينا، وقال في ذلك أبياتاً شعرية، نكتفي منها بقوله:
فارقت هندا طائعا = فندمت عند فراقها
فالعين تذرى دمعة = كالدر من آماقها
وكم رأينا من الأزواج من يوقع الطلاق في ثورة طائشة، أو سعياً وراء هوى جديد، فنقض عهده، ونكث وعده، وليس ذلك من الإسلام في شيء، بل ليس من المروءة في شيء.
ولكن على المرأة أن تتصرف في كل مشكلة تحدث في بيتها بالحكمة، حتى يظل البيت معموراً، ولا يصير خرابا.
* *
هكذا رأينا كيف أن الطلاق ينبغي بحال من الأحوال أن يكون في نزوة طيش، أو في ثورة غضب، أو سعياً وراء حب جديد، من نوع آخر.
* *
هكذا رأينا كيف أن الطلاق ينبغي بحال من الأحوال أن يكون في نزوة طيش، أو في ثورة غضب، أو سعياً وراء حب جديد، من نوع آخر.
ليست (الزوجة الصالحة) هي التي تنسى كيف أن زوجها تعب من أجلها، وسعى لراحتها، فإن حدثت منه أخطاء، أو هفوات، تسارع بطلب الفرقة.
لذا فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم بنات حواء من طلب الطلاق من الرجال من دون مبرر لذلك، فقال: -
(أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً في غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة).
فهذا الحديث النبوي يرشدنا إلى أنه: أي امرأة سألت زوجها أن يطلقها في غير حالة شدة تدعوها، وتلجئها إلى المفارقة، كأن تخاف ألا تقيم حدود الله فيما يجب عليها من حسن الصحبة، وجميل العشرة لكراهتها له، أو بأن يضارها لتختلع منه، فحرام عليها، أي: ممنوع عنها رائحة الجنة.
وذلك على نهج الوعيد، والمبالغة في التهديد، أو وقوع ذلك متعلق بوقت دون وقت، أي: لا تجد رائحة الجنة أول ما وجد أهل الإحسان، والفلاح، أو لا تجد أصلاً، وهذا من المبالغة في التهديد، ونظير ذلك كثير.
أختي المسلمة . . .
الزواج في الإسلام يراد به إنشاء أسرة قوية، مترابطة، يسودها الود، والمحبة، إنها مؤسسة إجتماعية مصغرة، تسعى لأهداف نبيلة عليا.
فإذا لم تتحقق الغاية منه، لقصور في الزوجين، أو في أحدهما في القيام بواجباته، أو تنكر لحقوقه الآخر عليه، كان لابد من فصم العلاقة بين الزوجين، وذلك لأن في استمرارها لا يستقيم معها بناء الأسرة، وتنهار قواعدها.
ومن هنا نشأت الضرورة للأخذ بمبدأ الطلاق كعلاج واق لسلامة بناء الأسرة، وتقدير هذه الضرورة يعود إلى الرجل، باعتباره رأس الأسرة، وربان السفينة، وهو المكلف برعايتها، والإنفاق عليها.
غير أن الرجل لا يسوغ له بحال من الأحوال أن يمارس حق الطلاق إلا في حدود الضرورة التي تقتضيه، ويعتبر ظالماً، ويعد مسيئا، ومسؤولا ديانة، إذا تجاوز هذا الحق، فهو عند الله أبغض الحلال، والمؤمن الصادق في إيمانه، العامل بإسلامه، يخشى سخط ربه، ويخشى عقابه.
ولقد أعطى الإسلام المرأة الحق في الطلاق عن طريق الخلع، وهو أن تدفع بعض الماديات، أو تتنازل عن بعضها نظير أن يطلقها الزوج لتضررها.
وأخيراً . . .
إن (الزوجة الصالحة) تؤمن بأن الإسراع إلى أبواب المحاكم ظناً أنه العلاج ليس بالأمر المحمود إلا في نهاية المطاف، ولا يكون إلا آخر الدواء إن صح أنه دواء.
إن (الزوجة الصالحة) تقف مع نفسها، وتصارح قلبها، لم حدث بينها وبين زوجها تلك الجفوة ؟
أو لمَ وقع زوجها في هذه الهفوة ؟ !
حتما تجد الجواب، وتعرف الأسباب.
وهكذا تدوم العشرة للزوجة الصالحة، وتحمد سيرتها، ويرتفع قدرها، وتكون مثالا طيبا للحياة الزوجية السعيدة.
مجدى فتحي السيد
✍ تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق