خطأ كبير يقع فيه معظم الناس، ألا وهو الثقة بالناس مطلقاً والاسترسال إلى الأصدقاء بالحديث.
فبلا شك أن من أشد الأعداء وأكثرهم عداوة هو الصديق المنقلب عدواً لأنه قد اطلع على خفي السر ونقاط ضعفك فاستغلها ضدك.
وفي ذلك يقول الشاعر:
احذر عدوك مرة = واحذر صديقك ألف مرة
فلربما انقلب الصديق إلى عدو = فكان أعلم بالمضرة
وربما أن بعضنا قد حصل له مثل هذا، فيجب التنبه لهذه النقطة الجديرة بالاهتمام.
حتى وإن قلت بأن هذا الصديق لا يمكن أن يصدر منه مثل هذا أبداً، وأنا لم أخبره بسري إلا وهو ثقة وأقسمت على ذلك. فربما ضرك بطريقة غير مقصودة، كأن يستفيد منه من يريد لك الهلاك من أعدائك.
حتى وإن قلت بأن هذا الصديق لا يمكن أن يصدر منه مثل هذا أبداً، وأنا لم أخبره بسري إلا وهو ثقة وأقسمت على ذلك. فربما ضرك بطريقة غير مقصودة، كأن يستفيد منه من يريد لك الهلاك من أعدائك.
قال أحدهم:
عدوك من صديقك مستفاد = فلا تستكثرن من الصحاب
وكما هو معروف وخاصة في وقتنا الحاضر أن معظم الناس لا يتمالكون أنفسهم من إفشاء أسرارهم. فإذا ظهر سرهم عاتبوا من أخبروا به ولكن بعد ماذا. وإني لأعجب من هؤلاء كيف لم يستطيعوا حفظ سرهم ثم يلقوا بالملامة على من أفشى سرهم.
قال أحدهم:
إذا المرء أفشى سره بلسانه = ولام عليه غيره فهو أحمق
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه = فصدر الذي يستودع السر أضيق
وقال آخر:
لا تفش سرك ما استطعت إلى امرئ = يفشي إليك سرائر تستودع
فكما تراه بسر غيرك صانعاً = فكذا بسرك لا محالة يصنع
فما أروع تلك الأبيات من الشعر وما تحمله من فوائد، وهي على عكس قول أحدهم:
كل علم ليس في القرطاس ضاع = كل سر جاوز الاثنين شاع
حيث إني أختلف معه في الرأي، فأقول كل سر جاوز صاحبه شاع.
ومن النادر بل شبه المستحيل أن تلقى صديقاً أو قريباً يحفظ سرك، فإذا أنت لم تستطع المحافظة عليه وأنت صاحب الشأن فكيف بمن هو بعيد عن ذلك؟.
ولا شك أن لكتمان الأسرار فوائد كبيرة وفي إفشائه ضرر كبير ربما لا يشعر به الفرد إلا بعد أن يقع في ما كان يحذر منه،
وخير مثال لنا في ذلك قصة يوسف عندما قص لأبيه رؤياه في قوله تعالى: ﴿ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا...﴾ الآية سورة يوسف ، فلما سمع أبوه بالرؤيا قال: ﴿ قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ ﴾
فلما قص يوسف عليه السلام رؤياه كانت حاضرة زوجة يعقوب فأخبرت إخوته فحدث له ما حدث.
لذا يجب علينا المحافظة على الأسرار وعدم إفشائها وأن لا نودع أسرارنا إلى طالبها فكما قيل فالطالب للسر مذيع.
وهناك أمر آخر وهو أن كل منا يجب ويعز الآخر ولكن مع التعمق في الصداقة وكشف أسراره ونقط ضعفه، فإنها تقل المحبة خاصة وأنه أصبح مكشوفاً لدى الآخر وذهب بريق الغموض الذي كنا نشعر به معه لذلك يجب أن لا نكشف أنفسنا وأن لا نرخصها للآخرين مهما بلغت الصداقة.
وأخيراً تمسك بالنصائح التالية:
لا تتكلم فيما لا يعنيك، واحذر صديقك حتى الأمين، ولا تطلع أحداً على سرك، فمن علامات الجاهل الثقة بكل أحد.
لا يحفظ السر إلا كل ذي كرم = والسر عند لئام الناس مبذول
◽️◽️
📚 من كتاب رسالةٌ قد تُحدث شيئاً
للمؤلف حسن جابر الفيفي
✍ تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »
💻 صفحات أخرى:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق