عند عودة ( آل البقيشي ) من مكة إلى بريدة ليلة العيد عام ١٤١٦ هـ بعد أن صاموا شهر رمضان في مكة حدث لهم حادث بين ظلم وعفيف ، ذهب كلهم ضحيته وهم ثمانية أشخاص : محمد ووالدته وزوجته وأبنائه الخمسة .. وكان من ضمن هؤلاء الموتى أحد أولاد فضيلة الشيخ سلمان العودة حفظه الله:
ويح الحوادث رعبها متمادي ... كم ألهبت نيرانها بفؤادي
ألمٌ على ألم وخوف جاثم ... من بطشها وجحيمها الوقاد
فتكت بنا قطعت نياط قلوبنا ... وتكرُّ هائجة بلا ميعاد
هبّت عواصفها وجُنّ جنونها ... وكأنها موكولة بحصاد
يا ليتها لما تشنّ هجومها ... لتحلّ بالأنذال والأوغاد
لكنها عجباً لها لا تنتقي ... إلاّ ذوي الأفضال والأمجاد
كم أيتمت طفلاً وكم فجعت أباً ... كم أحزنت أماً على أولاد
وحليلةٍ تشتاق رؤية زوجها ... فعدا عليه من الحوادث عاد
كم مزقت من أهل بيتٍ بعدما ... كانوا بأحلى عيشة ووداد
سُحّي ، دموعك يا عيون لحادث ... هزّ المشاعر في جميع بلادي
أوّاه من هول المصاب وما بنا ... من حرقة الأحشاء والأكباد
عافت لذيذ النوم عين محبكم ... وسرت رهينة دمعة وسهاد
وبدى النهار بضوئه وضيائه ... في ناظريّ كمثل لون مرادي
صبراً بريدة للفجيعة واعلمي ... أن البلاء مزية العبّاد
لا يُبتلى إلاّ التقي ليرتقي ... لمنازل الفردوس والإسعاد
إن فاز واجتاز البلاء بهمةٍ ... ومحبة وتعلقٍ بالهادي
صبراً بريدة يا أجمل مدينةٍ ... بالدين والعلماء والزهّاد
فالأرض تُسقى من معينك سلسلاً ... فيه الدواء لكل قلب صادي
عجباً كأن الموت أفعمَ غيرة ... من مجدك الميمون ذوي الأوتاد
فعدى عليك ليبتليك وما درى ... أن البلاء بداية الميلاد
بتّي مولّهة الفؤاد كئيبةً ... والناس في فرح وفي أعياد
لبسوا الجديد من الثياب لعيدهم ... ولبست يوم العيد ثوب حداد
صلّوا صلاة العيد ثم تفرقوا ... للأنس والأفراح كالمعتاد
وبقيت أنتِ على الصيام من الأسى ... تبكين من حُملوا على الأعواد
أسفي على "آل البقيشي" كلما ... صدح المغرد أو ترنم شاد
أسفي على بيت المكارم كلما ... نادى إلى فرض الصلاة مناد
أسفي على البيت الذي شهدوا له ... بديانة وبعفةٍ ورشاد
يبكي القصيم من المصاب مردداً ... واحسرتاه لعدتي وعتادي
صبراً جميلاً يا محب فإنهم ... ساروا من الدنيا لخير معاد
صاموا وقاموا طاعة ومحبة ... لله واشتاقوا لأطيب نادي
فاختارهم ربي فهيأ عيدهم ... في جنة المأوى وخير مراد
ما ظنكم أهل القصيم بمؤمنٍ ... يمسي بضيفة أجود الأجواد
قال الصيام أنا الذي أجزي به ... فجزى أحبته بأفضل زاد
نالوا على أجر الصيام شهادة ... أمِنوا بها من هول يوم تناد
ومضوا إلى ركب المحبة والرضى ... وكأنما كانوا على ميعاد
وازّينت لهم الجنان ورحّبت ... والحور في طرب وفي إنشاد
أهلاً بركبٍ سار في مرضاته ... فجراه للظل الظليل الحادي
لك يا قصيم عزائنا ودعائنا ... وحميت من ألم ومن أنكاد
هذا الطريق وسوف نمضي كلنا ... لمصارع الآباء والأجداد
لن ينفع الإنسان إلا ما أتى ... من طاعة وهداية وجهاد
من عاش في خِدَع الأماني غافلاً ... في غير ما عمل ولا استعداد
أو عاش يلهو بالحياة وزيفها ... فالموت للأحياء بالمرصاد
أسلمت للباري رضيت بحكمه ... وله بذلت مشاعري وقيادي
ذاك العظيم ومالك الملك الذي ... رفع السماء بدون أي عماد
ذاك الذي تهفو القلوب لذكره ... وهو الكريم ومطمع القُصّاد
فاصبر على قدر الإله وحكمه ... هو صاحب الإصدار والإيراد
واضرع إليه كي تفوز بعفوه ... فهو الغفور مجيب كل منادي
بقلم ناصر الزهراني .. قال هذه القصيدة علماً بأنه لا يعرف أسرة ( آل البقيشي )
لا يعرف هذه الأسرة إلا بالصلاح والاستقامة ..
١٠ / ١٠ / ١٤١٦ هـ
✍ تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق