السبت، 31 مارس 2018

ماذا تريد المرأة؟


تطلب المرأة – في جميع أحوالها .. وفي جميع مراحل عمرها - الأمن والحب والسعادة.

ولكن السؤال: كيف سيتحقق لها ذلك؟

سأروي قصة حياتي مختصرة .. لأرى جوانب الأمن .. والسعادة .. والحب :

نشأت في عائلة ثرية جداً، طفولتي سعيدة هانئة .. ولكن في مرحلة المراهقة انتابني شعور بالوحشة والضجر .. شعرت بأن المال والجاه والشهرة وحتى الجمال لا يحقق لي الطمأنينة في نفسي.

كنت أشتري الملابس الغالية فأكون سعيدة للحظات ثم يكون شيئاً عادياً لا إثارة فيه .. تقدم لخطبتي كثير .. أقارب وأباعد فالصفات : جمال ومال ونسب وحسب .. تزوجت زواجاً سعيداً وما زلت لا أشعر بالأمن مع أنني أمتلك الثروة والزوج..

قلت لعلي بعد الإنجاب أشعر بالسعادة التي تبقى ولا تزول سريعاً.

وبعد الإنجاب لا تتغير ، كل شيء عادي روتيني .. سعادة لحظات قليلة ثم يعود كل شيء على ما كان عليه.

أحسست أن هناك شيئاً أفتقده سيحقق لي السعادة الدائمة التي لا تنقطع والأمن المستمر والطمأنينة

ولكن ما هو الشيء الذي أفتقده؟
إن جميع مُتع الدنيا حولي .. فما هو الشيء الذي ينقصني؟

وأين أجد السعادة التي لا تنقطع؟

لقد بحثت في نفسي .. ماذا تريدين؟
وما هو الشيء الذي لم تحصلي عليه بعد؟

فأجابتني …… أريد أن أكون قريبة من الذي بيده السعادة الحقيقية لكي يعطيني إياها ..

لقد عرفت ما تريدينه يا نفسي .. عرفت لماذا أنت مضطربة.

إنك تشعرين بالوحشة لأنك بعيدة عن الله .. فلماذا لا تقتربين منه فتأمني وتشعري بالسعادة الحقيقية .. لقد تداركتني رحمة الله تبارك وتعالى .. وهداني إلى صراطه المستقيم ، أسأل الله لي ولكم الثبات.

كنت في السابق أُصلي متى استيقظت من النوم .. أغلب الصلوات أؤديها بلا خشوع ولا طمأنينة .. ولم أكن أحافظ على الأذكار.

وبعدما حافظت على الصلوات في أوقاتها مجتهدة على أدائها بأكمل وجه وحافظت على الأذكار .. تبدلت حياتي .. اطمأنت نفسي وهدأت روحي .. مسكينة أنت يا روحي .. كم كنت أحرمك من زادك الحقيقي .. كنت أُطعم جسدي بإسراف ولكني أُقتر عليك .. ما أقصر نظري وما أصغر عقلي .. حيث ظننت أني أسعدك بالذهاب والإياب والشراء واللباس والطعام .. فوجدت أنك تسعدين بالقرب من خالقك وبارئك الذي سوف ترجعين إليه.

يقول الله تعالى ﴿يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية
ويقول ﴿ألا بذكر الله تطمئن القلوب

نعم لقد وجدت الطمأنينة فلك الحمد يا رب العالمين.

ويقول الله تعالى ﴿من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون.

نعم لقد وجدت الحياة الطيبة السعيدة فلك الحمد يا رب العالمين ، ولنستمع ماذا يقول ربنا تبارك وتعالى في هذه الآيات ﴿ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا.

ما أكرمك يا ربي وما أرحمك ، تسعدنا في الدنيا إذا كنا مؤمنين نعمل الصالحات وتدخلنا الجنة في الآخرة وأي سعادة بعد هذا ؟!..
إنها السعادة الحقيقية التي لا تنقطع في الدنيا ولا في الآخرة.

وختاماً :
هذه رسالتي لمن يبحث عن السعادة الحقة والأمن والطمأنينة.

◽️◽️

📚 منتقاة من مجلة الأسرة العدد ١١٥

 تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »

الجمعة، 30 مارس 2018

قصة أدبية ( لحن الرحيل )

أسندت يدها المثقلة بطبق الحساء على ركبتها المثنية ، وعاودت طرق الباب وشعور الإحباط يوسع سلطانه في مملكة فكرها .
إلا أن باب الملحق فتح ليطل منه وجه أخيها الذي لا تعرفه بغير الاسم ( منسي ) ...

كانت بشرته سمراء ، لسمرتها صمت حزين ... وفي عينيه النجلاوين ، عسليتي اللون ، أعماق تنبض بقصص لا يعيها العقل ، إلا أن التنهدات تنطلق على إثرها حارة مشفقة .. أما شعره فاحم السواد ، المنتثر بإهمال على جبينه ، فكان وكأنه يناشد الخلاص من سياط الوحدة .. والمعاناة !
ببعض التردد وابتسامة واجفة تطل من شفتيها رفعت طبق الحساء وهزَّت كتفيها مازحة ..
- حساء طازج من القدر إلى مسكنك في دقيقتين !!

تسللت ابتسامة إلى ركن فمه ، أخفاها ، وابتعد عن المدخل قليلاً ، فدخلت واحتوتها برودة مسكنه .. أزاح عنها الطبق وأشار لها بالجلوس على المقعد الوحيد في حجرته ، بينما جلس قبالتها على حافة فراشه .
كل ما أعدته من مواضيع ، وخططت قوله ، تسرَّب تحت تأثير برودة الموقف . مواجهة أخ لها لم تحادثه مطلقا ، ولا تعرف له اسما سوى ( منسي ) ، الغريب الذي يعيش في معزل عنها وعن والدتها في هذا الملحق الصغير ، بينما تمنعها والدتها من الخروج إلى الحديقة أثناء تواجده فيها ...
قطع منسي الصمت ..
- ما شاء الله يا هنوف ، في أي مرحلة أصبحت الآن ؟!
تطلَّعت إليه بدهشة ، فأدرك أنها لم تخله يعرف اسمها . اشتعلت في داخله رغبة إطلاعها على الأعوام الماضية التي قضاها يسترق النظر إليها خلال نافذة الملحق الصغيرة ، يرقبها منذ أن كانت طفلة بضفيرتين مجدولتين تسرع راكضة إلى الحافلة المدرسية وابتسامة تشع خلال وداعها لأمها وسلامها لها حين عودتها ، حتى أصبحت فتاة ناضجة تخرج بعباءتها ، وجمال يشرق بإصرار خلال السواد الذي تكتسي به ... يراها كل يوم ، ويشيَّعها بدعاء الله أن يحفظها ويوفقها ...

تغلَّبت هنوف على دهشتها لتجيبه بمرح ..
- أصبحت في التوجيهية ... ( عنق الزجاجة ) كما يقولون !
فابتسم ، وعاد الصمت يخيّم عليهما من جديد ..
- ألا ترتشف حساءك يا " منسـ-
وبترت عبارتها وقد انتبهت لزلّة لسانها ، لكنه قرّب الحساء إليه وبدأ في ارتشافه بتمتع واضح ..
- لا عليك ... ذاك هو اسمي بالفعل ... أستحقه يا هنوف أكثر مما تتصورين !
وبدت عيناه وكأنهما تتطلعان إلى ماضٍ سحيق لم تعشه هنوف ولم تسمع عنه حتى ... حينما نطقت عيناها بصادق التعاطف والشفقة ، بدأ عليه الانفعال والضيق وبادرها مدافعاً ..
- اسمعي يا هنوف .. قد عشت وحدي طوال عشرة أيام ، لم أحتج خلالها إلى معونة أحد ... ولن أحتاج في يوم ما إلى شفقة مخلوق أياً كان !

وقبل أن يسترسل في دفاعه المجروح أجابته ..
- أدرك هذا جيداً يا أخي
- وانسابت كلمة أخي إلى قلبه فشعر بالدفء يسري في أوصاله ..
- الجو بارد ، والحساء يفوق حاجتي أنا وأمي ،
وزفرت زفرة طويلة قبل أن تواصل ..
ـ وفي الحقيقة ، إنني لم أعد أطيق جو الغموض الذي يحيطني ، وأحببت أن أنهيه بالقدوم إليك .
في البداية ، كنت أظنك ضيفاً غريباً . ثم مرّت الأيام واستنتجت معها أنك أخي ، وأن أمي غاضبة عليك ولم تعد حبك .
ولكن ، قبل يومين تنبهت من نومي على صوت شهقات أمي المتقطعة . سارعت إليها ، فوجدتها ترقب الملحق المضاء – حيث أنت – وتبلل خشب النافذة بدموعها المنسابة بغزارة . كانت تكرر نداءها لك بابني ... تصرّح بحبها لك ... تعاتبك ... تدعو الله أن يحفظك ... ثم تعود لبكائها من جديد ...

تحت الضوء التمعت عينا منسي بتأثر ، وبدت تقاطيع وجهه الناضج محفورة بعدد سنينه السبع والعشرين .
تنحنح في جلسته ، أسند جبينه إلى يديه مستغرقاً في تفكير عميق ، وأخيراً رفع عينيه إليها سارداً قصة ماضيه بتفاصيلها الدقيقة .
قصته منذ أن كان في مثل عمرها ، يفيض طاقة وحيوية وحيرة ..
و .. توقاً إلى أن يكون مثل سالم .. شاب يغاير الطلبة ، سواء بقامته الفارعة ، أو قوته التي لا ينافسه فيها أحد منهم .. أو استقلاليته ، حيث كان يعيش مع جدته – التي لا تدرك من محيطها شيئاً – في معزل عن أهله – الذين لم تتوصل الإشاعات إلى تحديد أصلهم أو محل إقامتهم ... كانت له مواجهات عدة مع رجال الأمن ، خرج منها خروج الشعرة الناعمة من العجين .. كان من ذلك النوع الذي لا يشق له غبار ، ولا يقف في طريقه أحد إلا سحقته إطارات أحد سياراته المتجددة في طرازها ولونها ...

وأتى يوم أرعد فيه مدير مدرستهم بصفهم الدراسي ، وفي عينيه رصاصتا اتهام مصوبتان تجاه سالم ... صرخ فيه ، يتوعده بالفصل إن صح ما سمعه عن تدخينه ( السجائر ) داخل الصف وقت ( الفسحة ) ... وأخذ يسأل الطلبة واحداً واحداً عن صحة الخبر ، وهم يجيبونه بصمت يثقله الخوف – الخوف من سالم ... فانطلق منسي بعد تفكير – لم يدم طويلاً – ينفي بثقة مبالغة – يخفي بها اضطرابه – إقدام سالم على ذلك ... وكانت كلمة واحدة منه – وهو الذي عرف باستقامة خلقه وصدقه – كفيلة بمسح أي أثر للشك من فكر المدير .. و الذي رحل محبطاً – لسبب ما – وهو ينذر من تسوّل له نفسه الإخلال بالنظام بعقاب لا يعرف الرحمة ... وفتحت السماء مصراعيها لمنسي ، إذ التفت إليه سالم ، وابتسامة عريضة تقتحم فكه العضلي ، ودعاه لمشاركته العشاء في أحد المطاعم التي عُرف بارتيادها ...

ومنذ ذلك الحين ، وحياته تسير في خط مواز لسالم ... فقد فتح له الآخر آفاقاً جديدة من القوة ... دلّه على طرق مكنته من دفع أهله إلى إمداده بسيارته التي يتمناها ، ومنحه مساحة من الحرية توائم رجولته ... وصار يصحبه إلى صالة الأثقال حتى صار يباريه قوة ... وسمح له بالتجول معه في خارطة حياته ... إلا مكاناً واحداً، لم يصحبه إليه ... وهو الشباب ... الشباب الذين كان يتحدث عنهم بفخر ، ويرفض اصطحاب منسي إليهم .. قائلاً بأن الوقت لم يحن بعد .. بأن منسي لم ينضج بما فيه الكفاية ، ولم يستقل ذهنياً ، بالصورة التي تؤهله لولوج عالمهم ... وكان في كل مرة يقولها ، يطعن منسياً ، طعناً يؤلمه ... وصبر الآخر طويلاً ، واحتمل الطعنات مراراً ، حتى تفجّر صبره هائجاً ، فأمسك بتلابيب سالم يحذره من الاسترسال في الاستهانة به ، وأن يأخذه إلى أولئك الشباب وإلا – فما كان من سالم إلا أن دفعه بابتسامة غامضة تشابه تلك التي منحه إياها في الصف حين دافع عنه ، وأخبره بأنه سيصحبه ليلتها إلى الشباب ... فقضى منسي يومه ينتظر حلول الموعد ودقات قلبه تسابق بعضها ... فقد كان متيقناً من أنه لم يكن ينتظر .. سوى الخطر !

.... فقضى منسي يومه ينتظر حلول الموعد ودقات قلبه تسابق بعضها ... فقد كان متيقناً من أنه لم يكن ينتظر .. سوى الخطر !
غابت عيناه عن أخته ، وهو يرسم تفاصيل لحظاته الأولى مع الشلة ، وكيف كان يجلس بينهم وهو يشعر بالضآلة ... والاختناق من عالم حياته الصغير الممل ، الخالي من الإثارة .. والتحدي .. والمتعة ... ولم تمر عليه ساعة من الجلوس بينهم ، حتى كان قد اتخذ قراره بأن يكسر القوقعة التي تطوّقه ... وأن يجيب بـ ( نعم ) حريته الفردية .. واستقلاليته ... وأن لا يسمح لوالديه أو مجتمعه بتقييده و التدخل في قراراته الشخصية !

أخذ يسرد على أخته – التي انتقلت التماعة الحزن إلى عينيها هي الأخرى – أحداث الليلة التي عاد فيها بعد سهرة مع سالم و( شلته ) ، تصاعدت فيها سحب دخان ( الماريجوانا ) المخدر ، إلى المنزل وهو يقود سيارته بسرعة جنونية فاصطدم بوالده الذي قضى الليل قلقاً عليه ينتظر وصوله أمام المنزل ... فسقط مغشياً عليه إثر كسور شتى أصابت عظامه ، ودخل في غيبوبة إثر نزيف داخلي ... ولم تمر أيام حتى فارق الحياة !

بحرقة أفضى إليها مشاعراً بدا مع كل حرف فيها يفسح للهواء مجالاً أكبر للنفاذ إلى صدره المكتوم ...
حكى لها كبف مرت أيام المحاكم والقضاء طويلة غائمة – لا يذكر بم ابتدت ، ولا إلى شيء آلت ... وكبف جرفه تأنيب الضمير إلى الغرق في بحر المخدر ، وكأن للغرق أعماقاً سحيقة يلوذ بها من صورة والده التي تلاحقه ... والده الذي جنى عليه بأفعاله الرعناء ، فيهرب من ذكراه إلى الشباب .. إلى عالم ( الرّواقة ) حيث تحتضنه دوامة النسيان ... نسيان الليلة التي حلفت عليه أمه ألا تطأ قدماه عتبة البيت ، والجمود يجعل من حنانها معنى أجنبياً ليس له أيّ أثر في قسماتها أو نظرات عينيها . فاستنجد بالشباب ليدخن ( الكراك ) ، مودعاً في سبيل دخانه سيارته التي كانت آخر مصدر للنقود ... و سار على إثره في الشوارع يترنح ويضحك والعالم في ناظريه مائج ، يتراقص خلال شلال دموعه ، لتصطدم به سيارة مسرعة .

تم نقله إلى المستشفى لمعاينة كسوره ، ثم أحيل إلى مركز " الأمل " لمساعدته في القضاء على الإدمان .
وبالفعل أطل الأمل . وبعد أسبوعين من العناية المركزة ، نسق المركز مع والدته عودته إلى المنزل ، فأجازت له العيش في الملحق .. ومنذ احتواء الملحق له وهو يعيش حجيماً من الذكريات تشن عليه الحرب على مدار اليوم والليلة ...

حاول مراراً أن يحادث والدته ، أن يستعطفها بدموعه وبكل ما أوتي من عبارات ، لكن الجرح غار وتعمق . وما كان له سوى النظر إلى العالم الخانق عبر نافذته ووحدة حجرته الصامتة .

حانت منه التفاتة إلى باقة ورد مهترء غلافها ، جافة أوراقها ، واختنقت حروفه ... لكنه أكمل رغم حشرجة صوته ..
- وعشت بعيداً عنكم يحيي مركز الأمل في نفسي الأمل . كانت صورة اللقاء بكم شعلة تجدّد في داخلي الإصرار على المقاومة والشفاء ... فسبقت زملائي في تجاوز المراحل المختلفة حتى تمكنت من طرد السم من دمي كليّة . واحتفى بي المركز ، وكرّمني في حفلة بسيطة ، تمنيت لو حضرتها أمي لتشهد أنني بالفعل قد تغيرت تغيراً جذرياً . لتشهد أني أصبحت رجلاً عشرينياً له طموح وأهداف يسير على طريقها ..
وصمت برهة ، قبل أن يكمل ..
ـ وعدت إلى المنزل وقد استدنت من أحد المسؤولين بالمركز ريالات لشراء باقة ورد لأمي قضيت ساعتين أصوغ ما خط على البطاقة المرفقة بها من مشاعر .

حاولت الدخول إلى المنزل ، فإذا به مقفل من الداخل ، ومزقني حينها شعور اللصوصية .
طرقت الباب مراراً ، حتى سمعت خطواتك الناعمة تسرع إليه وأنت تهتفين لوالدتك بأن الطارق هو الرجل الغريب . فأمرتك بألا تفتحيه ، بألا تدعي منسيّاً يدخل ... ورأيتك عبر الباب الزجاجي ترمقينني بعينيك الواسعتين وألف سؤال يرتسم خلالهما .
لكنك استدرت مولية وناثرة شعرك الأسود الطويل خلفك . وعدت أدراجي أجر أذيال الهزيمة تجاه غرفتي . وكما تلك الزهور ، أخذت مشاعري وأحلامي تنضب وتجف توشك أن تتحطم . وما عاد يربطني بعالم الأحياء سوى وظيفة ذات دخل جيد ، حصلت عليها في مركز الأمل ، أحيي خلالهما الأمل في نفوس يكاد يقتلها اليأس ...

شعرت هنوف برغبته في الاختلاء بنفسه ، فسحبت خطاها خارجة من الملحق مودعة إياه بقبلة أودعتها جبينه الحار ... أسرعت إلى حجرة والدتها تتفجر في داخلها الرغبة في ترميم بناء الماضي .
وجدتها تطل عبر النافذة في غياب وعي تام ... وما أن دنت منها ، واحتضنتها بحنان ، حتى قالت لها والظلام يخفي معالمها ...
- في الماضي جراح خير لنا ألا ننكأها ..
لكن هنوف تجاهلت مقصد أمها وانطلقت تسرد عليها ما فاتها من الأحداث في قصة منسي ، والتي ختمتها الأم بصرامة ..
- بإمكاني أن أعفو عنه وقد استحق ذلك . ولكن ليس بمقدوري أن أعيش معه تحت سقف واحد ، أجدد بمرآه عذاباً أليماً من الذكريات ..
وكشف ضوء القمر عن دمعة وحيدة ترقرقت على خدها وسط الظلام ...

تلون المستقبل أمام هنوف بالسواد . صارت تسامر أخاها بين الفنية والأخرى ، لا تجرؤ على إطلاعه على ما كان من والدتها . لكن أجراس الخطر بدأت تدق حواليها حين صارت تلحظ غيبته المتكررة ، وحين كانت تمر عليه في بعض الأمسيات فلا تجده .
ووصل به الأمر إلى المبيت خارج الملحق عدة ليالي . فأدركت أن الانتكاسة أقبلت ، وأن اليأس قد عاد بمنسي إلى الوراء .
أصبح شديد الهزال ، تجد الخطوط السوداء تحت عينيه مرتعاً خصباً لها . وفي محاولة منها على الإلمام بأبعاد ما يجري أخذت تحادثه ذات ليلة عن الطموح والمستقبل وتحقيق الذات ، لتفاجأ بطرده لها دون أن يقوى للنهوض على قدميه . صرخ فيها بصوت أبح واهن أنه ليس بحاجة إلى أخت صغيرة تنصحه وتلقنه معانٍ هي أكبر بكثير من استيعابها .

بحزن عميق تركته حتى تخفَّ حدة مزاجه ... عادت إليه بعد الأسبوع فلم تجده ، مرت عليه في اليوم التالي فلم تجده أيضاً ... وفي اليوم الثالث اقتحمت مسكنه وأخذت تفتش بين أرففه وأدراجه عن شيء يثبت صحة مخاوفها .

بحزن عميق تركته حتى تخفَّ حدة مزاجه ... عادت إليه بعد الأسبوع فلم تجده ، مرت عليه في اليوم التالي فلم تجده أيضاً ... وفي اليوم الثالث اقتحمت مسكنه وأخذت تفتش بين أرففه وأدراجه عن شيء يثبت صحة مخاوفها .

عثرت على إشعارات بنكية بمبالغ كبيرة مسحوبة بانتظام ... وجدت قصاصات جرائد قلبتها فخفق قلبها لرؤية اسمه الحقيقي ولأول مرة ، وفوجئت بموهبته الكتابية التي لم يطلعها عليها من قبل . في كل خاطرة وقصة كتبها جسَّد مرحلة مر بها في حياته .
حتى هي ، كتب فيها قصيدة بعنوان ( وطرقت أناملها بابيَ ... ) . وآخر ما نشر كان خاطرة تنطق بصريح اليأس وتحمل أثراً لدموع ، تحت عنوان ( لحن الرحيل )
" وحدي لا أجد غير الظلام أنيساً ، والبرد ملجأً . تطالعني الوحدة وشماتة ترافق ظلها ... ليت الدموع تجف لكثرة ماانسابت تصنع بحوراً من الندم ... بحوراً ليتها تحملني إلى الماضي ، إلى الليلة التي ضعفت فيها وقلت " نعم " ... ليتها ترد لي أياً يحمل في كبريائه صمود الجبال وفي حديثه صوت الحياة ... ليتها تحملني إلى أمي لترى أي فعل صنعه البعد بقلبي قبل جسدي العليل ، فتمسح بيدها على شعري وقد غدا أشعث أغبر يتوق إلى الحنان ... ليتها تصنع بي ولو شيئاً من هذا إذ صمدت ، وقلت " لا " ، فأصبح في داخلي قلب يحس وينبض بالنقاء ... وصارت لي أذن تسمع الحقيقة ، وعينان تريان الجمال ، تتجاوزان الظاهر الخادع إلى الأعماق حيث يكمن الصدق والإحساس ... ولكن أنَّى لـ " ليت " بأن تحقق شيئاً ، وهي رفيقة دربي المثقل بالأماني والحسرات .
أنّى لها أن تعيد لي الماضي ، وهي تمنّ عليَّ بالحاضر ... ضعيف أنا بضعف الكلمة التي يرددها قلبي ، وتهمس بها شفتاي ، وتصرخ بها عيناي ( آسف آسف آسف ) ...

معذرة لست وحدي ، ففي داخلي سم يرافقني ويتغلغل الأعماق ، وألم يمزق الجسد كما الإحساس .
شمس المغيب تعزف اليوم لحناً حزيناً ... و ( آسف ) تتردد في مسكني ، تطل على بيت الأم الحنون تستأخر المصير ، وتطلب الرضى ، لا شيء غيره ... تطلب العفو ، به تقرّ العين ، وتطمئن إلى الرحيل ... ولكن ، تتلاحق النبضات ، وعلى أرض الفراق تنبعث السيمفونية صادقة : أن قد فات الأوان ، فلترفع الأكف ضارعة إلى الرب الرحيم – هيثم "

فسارعت بعدها تقلَّب أدراج مكتبه بحماس أكثر ، فإذ بها تعثر على أوراق مواعيد ووصفات علاج كلها تحمل ختم ( قسم علاج السرطان ) ، وتعثر أخيراً على أوراق تشير إلى عملية مزمعة فأسقط في يدها !
سارعت إلى والدتها تطلعها على الأمر لتسرع الاثنتان معاً إلى المستشفى ، وتصلان بعد بحث طويل إلى حجرة مسجلة باسمه .
عند الباب قابلتهما ممرضة مكتنزة الجسم ، آسيوية الملامح . سألتاها عن منسي ، فهزت رأسها بحركة روتينية متقنة ..
- لم نعلم أن له أهل ، وإلا لاستدعيناكما البارحة حين كان يعاني الآلام المبرحة ... لكن ها قد أراحه الله ... آسفة جداً !

في أعماق هنوف استيقظ ما رد الصمود يحبس دموعها ويردد هازئاً أنها لم تعرفه من الأساس فما لها تصر على التشبث به وقد رحل بلا رجعة ... لكن الألم في داخلها كان سيد الموقف .
عادت أدراجها برفقة والدتها التي ناء جسدها بأعوامه الخمسين فاتكأت بوهن شديد عليها . وقبل أن تصلا إلى نهاية الممر سمعتا نداء شاب يسرع إليهما . اتجه بحديثه إلى والدة هنوف ..
- سلام الله عليك يا خالة ... اسمي عبد الله ، أتيت أحمل صادق التعازي باسمي واسم شباب الملجأ الملحق بمركز الأمل-
نظرت الأم إلى الوجهة التي يشير إليها عبد الله لتجد مجموعة من الشباب يعانق بعضهم بعضاً ووجوم يطلّل كل فرد منهم ..
- باقتراح إنشاء ملجأ يختص باحتضان هذه الفئة العمرية من الشباب ، والاستمرار في متابعتهم ودعمهم معنوياً وفكرياً ، أنقذ منسي العشرات من الطاقات من براثن التخبط ووجهها إلى الكثير من الأعمال البناءة في المجتمع ... سنفتقده كثيراً كأخ غالٍ علينا ، وسيفتقد الشباب أبوته ... لقد عانى في مرضه كثيراً ... عسى الله أن يتغمده في فسيح جناته ، وأن يؤجركم في مصيبتكم ..
وانطلق مبتعداً يواري دموعه .

مدفوعة بإحساس ملحاح ومبهم ، أوعزت هنوف للسائق ، في الصباح التالي ، أن يبتاع الصحيفة الأسبوعية التي كان يكتب بها هيثم .
لم تجد اسمه ، لكنها وجدت زاوية صغيرة بلا اسم .. أو أنها لاسم قد سقط سهوا !

" تعصف الرياح ، وتقتلع بهبوبها منازل كانت يوماً من الأيام وهجاً من الحياة تنبض وتفيض بالسعادة ... وعلى ضفتي الواقع يقيم رجلان ... يتجاذبهما مد وجزر وتعتصرهما دوامة ذكرى الماضي ، ورثاء الأيام ... أحدهما تغلفه الدوامة وينظر إلى الأسفل فيخيفه العمق ، والآخر يرفع عينيه بدعاء خالص إلى الله فيبصر سترة نجاة يتشبث بها لتعينه على اجتياز الخطر ... يرى رفيقه يغرق ، فيزداد إصرارً على النجاة ، يقاوم التيار ويظل يحاول حتى يصل ... والذي مات ، لموته بقية ، جثة تطفو تعلن عن قصة كان ينقصها إيمان بالله ، وبعد نظر ! "

◽️◽️

📚 من كتاب صراع مع الموج
عائشة توفيق القصير

 تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »

السبت، 24 مارس 2018

[ صدى المدارس ] مواقف طريفة وممتعة




تكتبها / طالبة مؤدبة


تحذير « حياتي »
هه المنطقة خطرة
وننصحك بالابتعاد عنها


مواقف تدور خلف أسوار
المدرسة، مغامرات وحكايات،
دموع تعانقها ابتسامات...
مشاغبات نتهامس بها بعيداً
عن دفتر العلامات ووعيد
المراقبات


عصفور..
حمامة.. نعامة!!
محبة حياة غ/خ : في ثالث ثانوي دخل فصلنا عصفور، وبدأت مواهبي وذكائي تتفتق.. قلت للبنات: لا تفتحن الشباك ولا تخرجنه من الفصل.. حتى يقطع علينا الدرس الكئيب إذا أزعج الأستاذة، القهر في الموضوع أن العصفور كان مؤدب ولم يتحرك من على المروحة إلا مرة واحدة..! ووقتها أحسست بالرطوبة على رأسي..؟!!
ومن رحمة ربي أن من خلفي كانت نائمة ومضت الأيام وستر الله علي ، وفي ثالث كلية قصصت على زميلاتي الجدد الحكاية وكانت معي صديقتي المعاصرة (التي أذكر أنها كانت نائمة!) فأخذت زمام الحديث وأكملت القصة عني وهي تضحك وتتشمت.. وجاء التطبيق في المدارس فأصابها ما أصابني ولكن أقوى..! ليس عصفور بل حمامة.!!
لا تضحكوا... ممكن تسويها على رأسكم نعامة..!!


موقف طريف غير ظريف
مسفرة الجميري – المدينة النبوية : كان ذلك يوم السبت، عندما استيقظت متأخرة عن الموعد المعتاد فهرعت لصلاتي وأديتها ثم لملمت ملابسي وخطفت كتبي وسحبت عباءتي ولم أشعر بنفسي إلا وقد فتحت الباب ولم أكمل لبس حجابي ثم أدخلت رجلي في الحذاء الذي كان مصطفاً أمامي وعندما ركبت الحافلة توقفت دقات قلبي المتسارعة حيث علمت أني أدركت الحافلة وأطلقت آهة قوية تنفست معها الصعداء وبدأت أتفقد نفسي جيداً وحمدت ربي أني لم أنسى شيء من أغراضي ومشت الأمور حتى وصلت للمدرسة، وفي أثناء اصطفافي في الطابور الصباحي نظرت عند قدمي فدهشت لكن عيني لم تصدق ما رأت.. كررت النظر فإذا الحقيقة المرة.. الحذاء مختلف لوناً ومقاساً.. وبدأت نظرات زميلاتي وهمساتهن ثم علت ضحكاتهن على الموقف الطريف غير الظريف وتذكرت عندها المثل القائل (إن مع المستعجل الزلل).


هروب بالإغماء
الدايخة/ أسماء الجراد : في المتوسط.. نسيت إحضار مواد التفصيل وكانت المعلمة شديدة في تعاملها وتعاقب بالوقوف والخصم.. فضاق صدري وكلما اقتربت حصتها اكتأبت أكثر.. وقبل حصتها استشرت زميلتي فقالت ليس لديك حل إلا أن تتمارضي!.. فقلت: أي مرض يصلح لي.. ولائق علي؟ حتى أنزل عند المشرفة وافتك من الحصة؟
فقالت الإغماء أحسن شيء.. وأخذنا نفكر كيف يغمى علي؟ حتى جاء وقت الحصة..
فنظرت لي صديقتي وقلت لها سأفعلها فقالت أتحداك.. قلت لا تتحدي.. واحد.. اثنين.. ثلاثة.. وبدأت أتميع وأبكي وأتزحلق من الكرسي وأتنهد.. وصديقاتي غرقن من الضحك.. وجاءت المعلمة تركض مرعوبة.. وبدأت تسمي علي.. وقامت فزعة الإسعاف من الزميلات وحملوني للمشرفة وبدأت تنفيذ الخطوة الثانية وهي عدم القدرة على التنفس.. ووضعوني على السرير بكل رأفة.. وسحبتها نومة.. وإذا صديقتي تبكي عند رأسي وتقول: كانت بصحة جيدة.. لا أعلم ماذا حدث لها فجأة..؟! (كذبت كذبة وصدقتها) واتصلوا بأمي وقالوا تعالي لبنتك التعبانة.. ولما رأيت أمي قمت مثل الحصان فانفجرت زميلاتي بالضحك.. وحصلت على إكرامية غياب يومين نظراً لظروفي الصحية (( يا حرام )) ويا دار ما دخلك شر ...


الأبله مشركه!!
ورود الحسون : إحدى المعلمات كانت معها ابنتها في نفس المدرسة، وكانت صغيرتها في الصف الأول الابتدائي (عام الإبداعات والحركات!) ولأن البنت كانت شقية قالت لها أمها: انتبهي يا حبيبتي لا تزعجين الأبلة.. لان عنكم مشرفة (أي موجهة)، وقالت حسناً.. جاء الدرس وحضرت المشرفة ولم تنتبه لها الصغيرة وجلست وأخذت الأبلة تشرح الدرس.. فقاطعتها الصغيرة قائلة بصوت عالٍ: أبلة مها.. وين المشركة تأخرت..!!

**
📚 مجلة حياة العدد ٦٤ شعبان ١٤٢٦ هـ




عندها «خشم»
(لمياء م.م – ٣م) : في أيام المراجعة قررت أنا وكافة أعضاء شلتي المحترمات، أن نقيم حفلة صغيرة وقت الفسحة. قمنا بتوزيع العمل: غادة تحضر الشوكولاتة، وحصة الشيبس الحار، وأنا الفواكه والخضار (ولاحظوا أن فكرة الفاكهة والخضار هذه للفت الانتباه.. يعني تخيلوا شكلنا شلة ونأكل البرتقال والتفاح والخيار والجزر والخس و.. و.. !؟)

المهم جاء اليوم الموعود، وكل واحدة دخلت الفصل بكيسها، لاحقاً دخلت أستاذة العلوم وجلست عند باب الفصل ترصد الدرجات بينما البنات يضحكن ويثرثرن. أما أنا فبكل براءة قمت بفتح كيسي، وبدأت بتوزيع ما في جعبتها: غادة أخذت موزة، وعبير يوسفندي، وحصة خيارة، والجوهرة جزرة، وأنا طبعاً أخذت البرتقالة وقشرتها في الدرج وأكلتها دون أن تشعر بي الأستاذة، وفجأة أغلقت الأستاذة الدفتر وصكت المكتب بقلمها، ووقفت وهي تزمجر متوعدة: (اللي سوت الحركة تقوم واقفة قبل لا أفتش!) أنا – المسكينة أنا – لم أفهم مقصدها إلا بعد أن أكملت وقال: (تحسبون ما عندي خشم!؟ شممت رائحة البرتقال!).

وأطمئنكن بأننا ولله الحمد أكملنا حفلتنا على أتم وجه، وفي الإدارة بالطبع!!


في غيري ولا فيني
(أماني بنت محمد) : عندما كنت طالبة في الصف الثالث المتوسط كانت الأستاذة تشرح لنا درساً في مادة النصوص، طرحت علينا سؤالاً وقالت: (ما هو مفرد كلمة آهات!؟) ثم استدارت وأخذت تكتب على السبورة. فقلت بصوت خفيض نسبياً: (آآآآآآه) أتغنى بها وكأني إحدى المطربات (نسأل الله السلامة من حالهن). فإذا بالأستاذة تلتفت في غضب شديد وتصرخ: (إذا كنت تريدين أن تغني فغني في البيت، أما هنا فلا!!) رفعت رأسي على الفور وفي خجل ناحيتها، فإذا هي تعاتب طالبة بعيدة عني وكانت تعتقد أنها هي من تحولت إلى مطربة!
فرحت بذلك قرحاً شديداً.. (الله لا يعاقبنا).. وتحمدت نفسي بالسلامة من التوبيخ!


شريط الفضيحة!
(شهد محمد) : أنا في الصف الثالث الثانوي الأدبي. طلبت مني إحدى الزميلات في الصف الآخر، إحضار شريط فيديو إلى المدرسة، أحضرته بالفعل، وكان ذلك في تمام يوم الأحد الموافق زيارة موجهات وإداريات لمدرستنا، وهنا كانت الورطة!
ففي أثناء تجوالهن بالفصول، آخر الدوام، أخرجت الشريط، كنت منهمكة في إطلاع زميلاتي على الصور التي على الغلاف (هذه لفلان، وهذا علان) حين داهمني دخول الإداريات والموجهات وأنا لا أعلم. وإذا بإحداهن تقول بصرامة: (هاتي الشريط!!) وجهي تلون بألوان لا حصر لها، بينما أنا أقف بين ورطتين لا تقل إحداهما بشاعة عن الأخرى، إحراجي أمامهن، وإحراج خالتي – التي كانت المديرة – أمام الموجهة، والتي كانت المدرسة تعد لزيارتها مدة يومين كاملين!


تلفريك متنقل
(إيمان الأحمد – الزلفي) : في يوم من أجمل الأيام في مدرستنا، كان الجو ماطراً ورائعاً. وكان فصلنا في الخارج (الملحق) بحيث يتسنى لنا الخروج متى شئنا. في ذلك اليوم، وبينما المدرسة تشرح انتبهت وصديقتي – إذ كنا نجلس في آخر الصف والنافذة فوق رؤوسنا – إلى أن الطالبات كن ينظرن إلى النافذة ثم يكركرن لسبب ما. لما انتهت الحصة الثالثة، علمنا منهن أن هناك رجل عجوز في بيت مجاور يطل على المدرسة يصلح خزان الماء في سطح منزله. ولأننا لم نرد أن نحبس في الفصل، طرأت فكرة على بال صديقتي، تطوعت، وأحضرت عباءتها وأخذنا نستظل بها لننتقل مجموعة مجموعة إلى الساحة الأخرى المظللة وغير المكشوفة. وكان شكلنا مدعاة للضحك ونحن نمتطي هذه العباءة. كنا كتلفريك متحرك.

**
📚 مجلة حياة العدد (٢٥) جمادى الأولى ١٤٢٣ هـ




شتيمة بين يدي معلمة
(هديل – ٣م) : في بداية الفصل الدراسي الثاني دخلت علينا معلمة الدين، كالعادة انهمكت في الشرح، لكنها فجأة قطعت الدرس ونادت وهي تبتسم: (يا بنات) وأنا أبادلها الابتسام، قالت: (في الاختبارات النهاية في الفصل الدراسي الأول خرجت إلى الساحة ووجدت أنواع الكتب منتشرة فيها.. وكنت أحتاج كتاب تفسير بسبب وجود خطأ في الإجابات أردت أن أعثر عليه في الكتاب..) صمتت قليلاً، ثم أكملت: (وبينما أقلب كتاباً، رأيت في ظهره شتائم وسباباً موجهة إليّ: ليه ما تخططين معنا!؟ أصلاً من زين شرحك!! وليه ما تراجعين لنا!؟ مالت عليك!!.. إلخ من الكلام الحلو..) وحين قالت هذا، تمنيت أنا لو أن الأرض تنشق سريعاً وتبتلعني! لكن الذي حصل سريعاً هو أنها سألت: (تدرون يا بنات، من هي الطالبة!؟ هذه هديل..!!) والتي هي أنا!!
يا سلاااااااام..
ومن ردود الأفعال المختلفة الممكنة، بدأت أضحك، (من وساعة الوجه عاد!!) والأستاذة لهول الصاعقة هي الأخرى بدأت تضحك. والفصل انهمك في الضحك أيضاً.
لكن المفاجأة الحقيقية أنه مع اقتراب الامتحانات النهائية، الأستاذة بإخلاص خططت معنا، وراجعت لنا ما فات من دروس، وقالت: (تكفون يا بنات.. لا أحد يدعي علي!)


إحم إحم . . الطالبة المؤدبة تتحدث
عائشة ٢م: هذا الرقيب الذاتي عندك أبهرني! إذا ما قدر الله يوماً، وتقرر انتخاب طالبة مؤدبة للصفحة يا عيوش.. أعتقد بأن أدباً كأدبك سيكون من أوائل المرشحين: المهم لا تنسي في المرة المقبلة أن تكتبيها: (لا يخاف (في) الله لومة لائم!). ابعثي لي أصداء مدارسك، كيف هي بدايات ٣ معك؟

* أسماء ٣م: عندك عدسة التقاط مدهشة، أما عن طلبك (الفزعة) من بنات ٣م للتغلب على ٣ ث في عدد المشاركات، فلقد غلبتموهن بالفعل.. وبمسافة : )
من المواقف سأنتقي واحدة لفسح مجال لمشاركات أخرى، وسأنتظر بشوق مفاجآتك عن مشاغبات الانتقال للثانوية.. سمعت سمسوم!؟

* هديل ٣م: اسمي سرا لا تحاولي يا هدول، سوف لن أخبرك: ) على فكرة، تستحق الأستاذة أكليلاً معطراً بـ : الأستاذة القدوة.. أبلغيها احتراماتي. سأنتظر أن تشاركي أسماء الكتابة عن مشاغبات الثانوية.. تمام!؟

* فاطمة ٣م: قلمك واعد جداً، وتصعيدك للحدث كذلك، شاركي هديل وأسماء حضورهن القادم.. اتفقنا!؟

* ريم النمري: أستقرئ فيك حباً لخوض مجاهل العلم والعلوم، والكتابة عنها بأسلوب مرح، جذاب ومميز. لِمَ لا تحاولي التواصل مع المجلة في هذا المجال؟


عبايات بنات بطوطة
(أسماء – ٣م) : كنا معتادات على عناد الأستاذة حول العباءات، فهي تقول لنا: (خذوها معكن إلى الصف)، ونحن نرفض رفضاً تاماً، وذات مرة صعدنا إلى الصف من دونها رغم صراخ الأستاذة، ومع نهاية الدوام لم نجد العباءات حيث تركناها، حين سألنا الأستاذة عنها قالت لتقهرنا: (في غرفة المعلمات ستجدونها، اذهبن بأنفسكن إليها!) لكننا لم نبد تأثراً، بل ابتسمنا وأعدنا الكرة في اليوم التالي فلم نصطحب عباءاتنا إلى الصف. لكن العباءات هذه المرة كانت قد زحفت لمكتب المديرة (والله ما حصلها إلا العبايات قدام المكيف والراحة والهدوء!) وحين استلمناها من هناك صرخت بنا المديرة حتى هدها التعب، وفي اليوم الثالث أعدنا الكرة، وتركنا العباءات ونحن نتضاحك قائلات: (ما بقي غير أن يضعوها في المقصف!!) وحين انتهى الدوام، ونزلنا نبحث عنها لم نجدها.
سألنا الأستاذة فقالت: (لا أعرف) فألمت بنا الدهشة: (أين تراها تكون!؟) بحثنا وبحثنا فلم نجدها، وحين جاءت الحافلة المدرسية، كانت إحدانا تستدير لرمي اللبان الذي في فمها فحلت الفاجعة!؟ أتدرون أين وجدنا العباءات!؟ كانت في قلب سلة المهملات (الزبالة!) بل، وإمعاناً في الاحترام، كانت مربوطة في كيس، تبنا بعدها، ولم يحصل أن صعدنا للصف دونها، ومتى ما قالت واحدة (غلبونا يعني!؟ عاندوا بس واتركوها أسفل) بهلع نجيبها: (ما بقي إلا أن ننتظر وصولها لدورة المياه!!).

**
📚 مجلة حياة العدد (٢٦) جمادى الثاني ١٤٢٣ هـ




خروج متأخر
ليلى أم المعتصم/ الخبر : في المتوسط كنت في الظاهر هادئة، لكني من داااخل قلبي.. (انبسط) على المقالب..! قمنا بإغلاق باب الفصل. وكان لعطل فيه (أو للقدم بالأصح!!) لا يفتح.. كانت الحصة السادسة والأخيرة.. أغلقناه وبدأنا بالصراخ.. وطلب النجدة.. حتى جاءت المعلمات والإداريات وحاولن فتحه دون جدوى.. ونجحت الخطة.. فما كان منهن إلا أن أمرونا بالخروج من النوافذ وكانت عالية نوعاً ما ومائلة للداخل قليلاً.. وتخيلوا الأشكال التي تخرج من جميع الفتحات..! والبعض خائف متردد.. وانكشفت البلاوي.. وظهرت الفضائح.. وكانت ظهيرة لا تنسى..


أسرع الطرق لتسليم الورقة
روان البدر – ٣ متوسط : في أحد أيام الاختبارات، أتيت للمدرسة متأخرة (كالعادة!!) وكنت مسرعة جداً فلا وقت كاف لدي للحل والتفكير.. كانت الفوضى تعم الساحة والحقائب مرمية في كل زاوية، وحتى الممرات مفروشة بالحقائب..!
دخلت الفصل تسلمت ورقتي وحليت الأسئلة بسرعة، ومن شدة خوفي أن ينتهي الوقت المخصص قمت للمعلمة بسرعة لأسلمها ورقتي ولم أشعر إلا ورأسي في الأسفل وقدمي في الأعلى..! وإذ بالحذاء يطير عند السبورة وشعري متشعث في كل اتجاه..!! لقد علقت قدمي بأحد الحقائب الملقاة في الأرض وكان يجب أن أفعل أي حركة جمباز لأسلم الورقة في الوقت المناسب..!
بالطبع رفهت عن زميلاتي ومعلمتي اللاتي غرقن في ضحك متواصل حتى أن المعلمة غطت وجهها بالأوراق لشدة الضحك..


أكملي الفراغ



حاله طاااارئة
مشاعل العنزي .. الرياض : يوم دراسي جديد حافل بالتجديد ... قررت أكشخ على الآخر " مخربتها " الشعر مدرج والعيون تلمع من العدسات والكعب عالي ..
الأولى والثانية هينة لكن الزبده في الكعب ... المهم البنت رازه طولها تتمشى وتسلم على صديقاتها نازله مع الدرج .. طق .. طق .. دردب نص الكعب طايح .. يا شينها .. يالله مو مشكله نكمل على أساس أنه رجلي فيها شد عضلي وما أقدر أمشي (عاش مصرف) ما وصلت آخر الدرج إلا البنات انطلقوا يدورون القاعدة حقت الكعب مدري وين طارت .. الوجه ألوان وأشكال لكن الشلة ما يقصرون صلحوا بحث سريع عن أقرب مطرقة ومسامير .. لكن ما مشى الحال وأختكم في الله تمشي عرجه .. إلى أن قررت تفسخه وتمشي بالشراب وأنتوا عارفين التعليقات والضحك ... وسيرتي على كل لسان في الكلية والإذاعات اشتغلت والإشارات كلها علي والعيون تطاردني ...
بعد ما راحت علي المحاضرة الأولى .. ما ينفع إلا شبشب من أقرب مدرسه يمشي الحال لنهاية الدوام ...
الله لا يوريكم اللي شفته ....


دروس تقوية !
همسة محبة – المنطقة الشرقية: في الصف الثاني ثانوي، كان أسعد يوم بالأسبوع حصص العملي وخصوصاً طالبات (التربية الفنية والرسم) فالمعلمة جزاها الله خيراً طيبه وحبوبه والأهم من ذلك أنها تتأخر عن الحصة..! مما يجعلنا نأخذ جولة رائعة في ساحات وممرات المدرسة ريثما تأتي.. والأجمل أننا نمر على الفصول المحكورين في الدراسة لنقهرهم..!! ونسخر منهم... ولكن حصل ما لم يكن في الحسبان، فهذه معلمة اللغة العربية تعطي دروسها لأحد الفصول ولفت انتباهها (الضجة.. والضياع) الذي نمارسه فما كان منها إلا أن خرجت وأمسكت بنا وأدخلتنا لفصلها وأجلستنا في الصفوف الخلفية..! ونحن نجاهد لنكتم ضحكاتنا.. واستمرت هي تكمل درسها.. وحينما خرجنا لمعلمة الفنية لم نجد ما نقوله لها إلا أن تعذرنا بقولنا.. (آسفين يا أبله.. كنا نحضر دروس تقوية بالعربي..!!)

**
📚 مجلة حياة العدد (٦٩) محرم ١٤٢٧ هـ




على السطح
(شذى – ١ ث) : ما أتخيل أنه من الممكن أن تجدوا بنت خوافة وخجولة مثلي. خجولة أنا بطريقة مزعجة و(تفشل). والبنات اتفقوا علي يوماً من الأيام. كن في العادة يتسللن إلى سطح المدرسة، حيث اكتشفن باباً خشبياً بلا قفل يفضي إلى السطح في أحد المباني. (مدرستنا عبارة عن مبانٍ كثيرة ومنفصلة عن بعض) واتفقن أنا يأخذنني معهن إلى السطح، حيث أنني دائماً أقول لهن لا، وأخاف أن يكون ما تفعله يغضب المشرفات أو المديرة..
وكأنني لم أكن ناقصة إحراج من خوفي وخجلي، حصلت مصيبة (من النحس اللي أنا فيه). فهن حين جررنني إلى السطح، صدف هذه المرة أن كان في مدارس الأولاد، التي على الشارع المقابل، مجموعة كبيرة من الشباب صعدت فوق السطح. أنا أول من نظرت أمامي ورأيتهم من على المسافة انقلب لوني شفاف، وصارت ساقاي كأنهما حبلي مكرونة!! ركضت، وركضن ورائي إلى الباب لكي نهبط بسرعة.. فخبر وجود بنات على السطح إن لم يرصده قسم البنات، فسيرصده قسم الأولاد، ويصل الخبر إلى هنا. ولكننا ما أن لمسنا مقبض الباب، إذا بمشرفة واقفة ويدها على خصرها.
تجاوزتنا ونظرت عبر السطح، وما أن رأت الشباب في السطح المقابل، حتى احتقن وجهها وسحبتنا من أعناق ملابسنا وأخذتنا للإدارة على الفور.
(أنتِ كلك نحس! أول ما أخذناك معنا كل شيء صار غلط..)
(أي والله! كل يوم نطلع للسطح ما عمره صار لنا شيء، ولا رأينا أحداً ولا رآنا أحد!)
كانت حفلة الزفاف التي رافقتني ممن هن حولي طوال الطريق..!!


مهندسات تكييف !!
(سهام ع – الحوطة) : حين كنت في الصف الخامس أو السادس، تأخرت ذات (نهاية دوام) أنا وزميلاتي. كان الوقت صيفاً، وأحببنا تصليح التكييف.. (على بالنا مهندسات). المهم، أصلحنا ما أردنا إصلاحه بحيث إذا جاء الغد يكون الجو بارداً في الفصل. ثم نزلنا إلى الساحة فإذا بها خالية من السكان، لا أحد فيها.. أين الطالبات؟!.. أين..؟!
فإذا بالأستاذة المساعدة هناك.. (يعني لم ينقرض الجميع بعد!!).. واصففنا مطأطئات رؤوسنا، والتقريع يهطل علينا منها: (لماذا جلستن؟! ولماذا.. لو ذهبنا وتركناكن كيف كنتن لتذهبن؟!.. و..) ويا للهول كانت شديدة جداً لا تعرف إلا..!!! والمصيبة الأكبر أنها بنت جيراننا، وستشكوني عند أمي حتماً..
وانتهينا بالذهاب، أنا وابنة عم المساعدة مع مدرسات كلهن قريباتي لإيصالي إلى منزلي (هل رأيتم شهوداً بعدد هؤلاء!!؟).. أما صديقتي الأخريين فقد ذهبتا مشياً على الأقدام، فقد كان منزلهما قريباً إلى حد ما.
لا أعاده الله من تكييف.. عاد علينا بحرارة التقريع فحسب، بل وحرارة الجو أيضاً


مطر من نوع خاص!!
(فايزة الغامدي – الخرج) : في الصف الأول الثانوي، كانت سبورة فصلنا كبيرة وواسعة، ويوجد أعلاها (لمبة) محاطة بصفائح حديدية كانت مرتعاً خصباً للطيور. وكنا في الحصص، وبينما نحن مستغرقات إما في النوم أو التركيز، تدخل علينا حمامتان فنصرخ ويضج الفصل بصيحاتنا إلى أن تخرجا كما دخلتا!
ذات حصة، غضبت صديقتي لسبب ما، فألقت بالقلم بقوة إلى السبورة، وكانت المفاجأة عظيمة. حيث فوجئنا بحمامة تنطلق من أعلى السبورة، ولفرط خوف الطالبات (قولوا ما شاء الله على النعومة والرقة) بدأن بالصياح والصراخ بهلع وارتعاب شديدين. والحمامة بدورها صارت تتخبط بين جدران الفصل، وتطير بسرعة، مصابة بنوبة مغص شديد تطلقها في صورة قذائف على رأس كل طالبة تصرخ..
ومع اشتباك المعركة، وتفاقم الصوت، أقبلت المديرة بسرعة جنونية. وللمعلومية فإن مديرتنا هذه من النوع الحساس والحنون (والعكس صحيح!!!!). ولكن بالطبع، إذا فات الفوت، ما عاد ينفع الصوت. كانت الحمامة قد خرجت، فأمطرتنا بدش ساخن من (التهزيئات) الملونة.. وعلى رأسها قلة أدبنا! وانصرفت أخيراً وهي تردد: قليلات أدب!! ونحن نضحك..


صائمات
(أسماء – ٣م) : في يوم ١٠ / ١ الشلة العزيزة تواعدت على الصيام، ولما أوفى جميع أفرادها بالوعد، رفضنا في حصة القرآن أن نردد الآيات أو نحفظها. (من قدنا .. صايمات!) فتغاضت الأستاذة عنا، وأعتقد والله أعلم أنها صائمة وإلا لما كانت تركتنا. وحين أتت الفسحة، وبعد إلحاح شديد من الأستاذة علينا بالنزول، لم يكن في نيتنا الخروج إلى الساحة، (ما قلنا لكم صايمات!!؟) المهم، اختبأنا تحت الدرج كي ننفذ الخطة (١٢١). حين ينزل الجميع، نرجع فنصعد رغم أنف الجميع، إلا أن المشكلة التي حصلت، أنه بعد نزول جميع الطالبات، جلست المدرَّسة على الدرج مع زميلة لها.
وأخذن يتحدثن، ونحن المسكينات محتجزات في هذا الحر والاختباء المختنق، وبعد الملل والتعب أخيراً ذهبت المعلمة، بسعادة كبيرة صعدنا. وما أن لامست أقدامنا عتبة باب الفصل إذا بذلك الصوت المقيت: (تر رررررن تر ررررن .. الجرس!!)

**
📚 مجلة حياة العدد (٢٧) رجب ١٤٢٣ هـ




يا ما تحت السواهي . . .!
( سهام عبد الله ) : صديقتي ( لعّابة ) تحب اللعب بالرغم من أن شكلها يوحي بالهدوء والمسكنة والمسالمة، حدثتني إحدى قريباتها عن موقف ينم عن أنها تحب اللعب بالفعل، ففي إحدى المرات، بينما المدرسة تفتش على الواجب .. تدور هنا وهناك ... وأنهت المرور عليها واتجهت إلى وجهة ثانية .. اعتلت صديقتي الطاولة ووقفت وهي تقول : (أنا الأطول)!! ثم نزلت بسرعة، وكأن شيئاً لم يحدث .. أتخيلها فأرى مشاغبتها فأضحك!...
ومن مشاغبات المسالمة ... صديقتي .. أن تثقب الطاولة ثقباً دائرياً وتدخل به أنبوب العصير الذي تبقيه داخل الدرج وبذلك أثناء الحصة، تنزل رأسها على الطاولة وكأنها تستريح أو تأخذ شيئاً وهي تشفط، وتشششفط هذا العصير، دافعة به لقمة من خبز أو كسرة من بطاطس مقرمشة.


لا . . . للمقابلات !
( أماني بنت محمد ) : عندما كنت طالبة في المرحلة المتوسطة كلفتني إحدى مدرساتي أن أعمل مقابلة مع المديرة أمام الطالبات في الطابور الصباحي .. وفعلاً، وقفت إلى جانب المديرة وكلي فخر واعتزاز وشعور بالخيلاء ( من قدي!؟ أتقابل مع المديرة!! ) وبدأت في طرح الأسئلة واحداً تلو الآخر، وفي إحدى الإجابات كنت أمسك لها المايكروفون، وعندما توقفت المديرة عن الكلام أبعدت أنا المايكروفون عنها، وبدأت في طرح السؤال التالي، فإذا بها تقبض على يدي وتسحب المايكروفون مني وهي تزمجر (لم أنته بعد من الإجابة!!) عندها فقط، تمنيت لو أنني لم أوافق على مقابلتها لأحافظ على ما تبقى من كبريائي وماء وجهي الذي أراقته المديرة أمام الطالبات.


العقرب لدغ سهواً
 ( فاطمة الخليفة – ٣ م ) : صحوت في يوم دراسي من أيام شهر رمضان على صوت الساعة المزعج، كنت قد سهرت الليلة الفائتة، فأطفأت الساعة وعدت للنوم، لكني بعد فترة استيقظت فوجدت العقرب يلدغ العاشرة إلا ربع ( وهو موعد بداية الحصة الأولى! ) قمت بسرعة ولبست في ظرف دقائق خمسة (أعجوبة!) أختي الصغيرة وجدتها لا تزال نائمة، هززتها، فنظرت إلي بتثاؤب، ثم إلى الساعة باستغراب، وعادت للنوم، احترقت من الداخل، لكن ولحسن حظها لم يسعفني الوقت للتشاجر معها، جريت إلى غرفة أمي فوجدت أنها هي الأخرى لم تستيقظ طرقت عليها الباب بقوة (هيا لقد تأخرنا) فلم تجبني وازددت احتراقاً في الداخل، خرجت من المنزل وأنا أركض فإذا بالاحتراق يتأجج على، اكتشاف أنه لا توجد لدى بوابة المدرسة ولا سيارة واحدة!!! متجاوزة نظرات الحارس المندهشة قلت (لا بأس لابد وأني قد تأخرت كثيراً .. وعليَّ أن أسرع!) لكن في الداخل كانت المفاجأة .. لم أجد في الفصل ولا طالبة، ( وأنا متأكدة من أنه ليس يوم الخميس! ) قلت لنفسي لأطمئنها. مسحت بعيني زجاج ساعتي مرة أخرى: ( لا ... لا!!! هل أنا أحلم ...!! إنها التاسعة ... ) فتحت عيني مجدداً، ونظرت. كانت الساعة هي فعلاً التاسعة ... والدخان بدأ يصعد مني بكثافة!.


بكتيريا ٢٠٠٢
ريم محمد النمري – ٢ث : في حصة ( فلتة ) من حصص الأحياء كنا على موعد مع درس خطير وجميل عن تلك المخلوقات الصغيرة والمسماة بالبكتيريا ( للمعلومية أنا وحدة علمي .. ) المهم اكتشفنا بأن تلك المخلوقات موجودة في كل مكان حولنا: الهواء، والتربة، والأسطح، والأيدي، والأقدام .. ( بل وفي هذه الصفحة التي أمامكن الآن ).
في عصر ذلك اليوم، وبعد أن استيقظت أنا و ( بكتيريتي الخاصة ) من النوم، تلجلجت في نفسي رغبة جامحة في أن أرى تلك المخلوقات، نعم فكيف يراها لوفينهوك ( مكتشف الحياة المجهرية ) وأنا لا أراها .. أنا ابنة القرن الحادي والعشرين!؟
من محاسن الصدف أن وقعت تحت يدي مجلة " سنان " (بالغلط ولا ترى أنا ما أقرأ مجلات أطفال) في المجلة عثرت على تجربة مفادها: إذا وضعت يداً على طبقة من الجيلاتين وتركتها فترة، فإن البكتيريا ستنمو على شكل تلك اليد!! رهيبة صح!؟
طبعاً بكل حبي للاستطلاع أجريت التجربة، وأضفت إليها – بكل حنكة ودهاء .. احم – حفظ الجيلاتين في فرن ساخن للدفء فمدينتنا ذات جو بارد جداً، لأقع أثناء تفقدي إياه بعد عدة أيام بأن الجيلاتين قد تحول إلى ( قرف ) أسود .. أعوذ بالله أن يكون فيه ولو قليلاً من رائحة يدي!!


لصوصية ( بنسة )
( أغاريد – ٢ م ) : ضحكات تنبثق من ورائي شيئاً فشيئاً إلى أن تصلني .. أريد أن أنهي امتحاني، لكن كيف لي أن أفعل والأستاذات يتخافتن بضحكهن وكلامهن من ورائي!؟ إنهن يرددن اسمي بأفواههن ويصدحن بحديث .. تمنيت لو أعلم ما الذي يدور من حديث .. وما أن أنهيت الامتحان حتى هرعت إلى زميلاتي ( ماذا خلفك؟ ) سألتني إحداهن وقفت جامدة في مكاني .. ماذا يكون يا ترى؟ مررت يدي على شعري فإذا بـ (بنسة) تتدلى من طرف خصلة في شعري. امتقع وجهي بالأحمر والأصفر .. وشددت على البنسة أقرصها بحنق ( لماذا لم تسقطي لما رأيتني مستعجلة؟ )

**
📚 مجلة حياة العدد (٢٨) شعبان ١٤٢٣ هـ




(فيوزات) ضاربة
( سولافة محمد- ٢ث أ) : كنت وشلتي (شلة الأنس) في أيام الامتحانات (منهبلين) ومبسوطين على الآخر لأننا الوحيدون الذين نمتحن فترة واحدة فقط لذلك اليوم بينما كل المراحل عليها فترتان. المهم، يوم صعدت المراحل الباقية إلى فترتها الثانية، بدأنا الهبل والخبال. تجمعنا وسط الساحة، وكانت كبيرة، وقمنا نلعب (فتحي يا وردة، سكري يا وردة..) اللعبة المعروفة (حقّ البزارين). وكانت أصواتنا مرتفعة لدرجة أننا صرنا نشعر بأن لا أحد في المدرسة سوانا. وفيما نحن منهمكات في لعبنا وصراخنا وحركاتنا الحلوة إذا بالمديرة والمساعدات والمراقبات يهرعن نازلات من السلم وعيونهن يتقد فيها الشرّ.
رميننا بكلمتين هزئتا فيها، وكدن أن يفصلننا، لكن كان آخر أيام الامتحانات... وبعدها تبنا وعقلنا!


أستاذة في مستشفى الأمل!
( بدور الجويعي ) : حين كنا في الصف السادس الابتدائي؛ كانت عندنا أستاذة للاقتصاد المنزلي اضطرت لتدريسنا التاريخ والجغرافيا لوجود عجز في هيئة التدريس.
المهم، هذه الأستاذة شريرة جدا جدا (وإن كتبت شريرة لى الغد فلن أوفيها حقها!!). وذات يوم تعبت تعبا بالغا إثر إصابتها بانفلونزا حادة، وأخذت إجازة مرضية لمدة أسبوع. لكنها صباح السبت التالي تأخرت عن موعدها وهي التي تجيء في موعد الحصة وبالدقيقة والثانية حتى. وعرفنا على الفور أنها غائبة.
في اليوم التالي لم تجيء أيضا، وبدأنا نستفسر عن سبب غيابها فأخبرتنا طالبة، كانت الأستاذة جارة عمتها، أنها منومة في مستشفى الأمل. (ولم نكن نعي ما مستشفى الأمل...!!) وهكذا كلما دخلت أستاذة أخبرناها بأن أستاذتنا منومة في مستشفى الأمل. وما أتى يوم الأربعاء إلا والأستاذة مقبلة تتقدمها مسطرة طــويييلة...
وجنينا علقة (أحح) أذكرها إلى يومنا هذا، بعدها اكتشفنا أن الأستاذة كانت في (مستوصف) الأمل وليس المستشفى.. وأن بين المسميين كبير فرق!!


مرجوجة مع مرتبة الشرف!
( فاطمة المطيري – ٣م ) : لا أظن أني قد فرحت يوما أكثر من فرحتي يوم استلامي شهادة الانتقال إلى الصف الثالث المتوسط. قد تخلصت أنا وصديقاتي أخيرا من تسلط من هن أكبر منا، وأصبحنا أكبر من في المدرسة. من شدة فرحتي، أنا وشلتي، اتفقنا على أداء يوم دراسي بدري. وأن من تجيء أولا تكون الفائزة. فما كان مني إلا أن استيقظت في الثانية بعد منتصف الليل لأكون أول من يصل. وقمت بإيقاظ السائق في الرابعة حتى يكون مستعدا في أي لحظة. طبعا لم أعلم أحدا من الأهل بخطتي كي لا يدخلوا فيها برامجهم اللانهائية من إيصال فلان وعلام و..و... المهم، وصلت إلى المدرسة وكانت خالية من أي كائن بشري. وبعد عشر دقائق مرعبة من انتظار وصول أحد سمعت صوتا في الساحة الثانية، فذهبت لأستطلع الأمر (يقالك شجاعة!!). وإلا بـ: طاااخ، طوووم طااااع! اصطدمت بكتلة بشرية ولما رفعت رأسي فوجئت بوجه ذلك الرجل ولم أدرِ ما جرى بعدها. وما وعيت إلا وأنا في بيت أهلي (قلت لكم شجاعة!!) لأكتشف أني، (ومن زود الرجة)، ذهبت إلى المدرسة قبل بدء الدراسة بيوم كامل، وأن عامل النظافة كان هناك لتجهيزها.


أن أكون قاتلة
( الجوهرة حمود – ٢م ) : أحد دروس اللغة الإنجليزية كان حول الأمنيات. فأخذت الأستاذة تسأل كل طالبة عن أمنيتها، لتجيب الأغلبية بالإنجليزية: (داكتور، دكتورة – تيتشر، أستاذة) ربما لأنهن لا يعرفن بالإنجليزية سوى هاتين الكلمتين. ولما جاء دوري قلت: (أمنيتي أن أصبح ربة منزل.) فتعجبت المعلمة وقالت: (خسارة فتاة مثقفة ومجتهدة مثلك .. خسارة أن تكون ربة منزل!)
ولما استدركت خطأها قالت: (لا بأس أن تكوني ربة منزل، لكن بالإضافة إلى مهنة أخرى...) فقلت: (إذا أفضل أن أكون إلى جانب ربة منزل، أن أكون داعية... فكيف تنطق كلمة داعية بالإنجليزية يا أستاذة؟) بعد تفكير قالت: (كولر) caller، فقلت: (أريد أن أكون كولر).
ومضت الأيام، فلما جاء موعد الامتحان الشفهي النهائي، سحبت ورقة عليها ذات السؤال القديم: ما أمنيتك.
فأجبت: (كيلر.) Killer صعقت المعلمة وقالت: (ماذا؟ ماذا قلتِ؟) فأعدت عليها الإجابة: (أريد أن أكون كِلَرْ!!) فرفعت حاجبيها وقالت: (أعيدي؟!) فرددت بالعربية وبنفاد صبر: (داعية.. أريد أن أكون داعية.)
فضحكت ملء فيها وحنجرتها وقالت: (إذا أردتِ أن تقولي داعية، فقولي (كولر)، وليس (كِلَرْ)... تعلمين ما معنى (كيلر – Killer؟).. معناها قاتلة!)


زعفرانة . . .
( آمال العنزي ) : كانت لدينا معلمة اسمها قرنفلة، فكنت أنا وشلتي المشاغبة نسميها (زعفرانة) حتى كدنا أن ننسى اسمها الحقيقي. في إحدى المرات أحدثنا شقاوة ضد هذه المعلمة استحققنا عليها العقاب. فعدت إلى البيت مغضبة وأخبرت أمي بالأمر مع قلب الحقائق طبعا، فأخبرتها أن أبلا الزعفرانة – هكذا قلت- ظلمتني وأهانتني.. و.. (جميع كلمات الذل). فرأفت أمي بحالي، وعزمت على مواجهة هذه المعلمة. فما أن جاء الغد حتى ذهبت إلى المدرسة واتجهت إلى المديرة وقالت: (أين أبلا الزعفرانة!؟)

**
📚 مجلة حياة العدد (٢٩) رمضان ١٤٢٣ هـ




نابغة!
(نوران العمري- ١ث) : عندما كنت في الصف الثاني المتوسط ، كنت نابغة في مجال اللغة الإنجليزية لدرجة أني دخلت الاختبار التجريبي من غير مذاكرة. فأنا كما أسلفت.......
كان من ضمن الأسئلة اختيارات: الإسعاف: (يأكل – ينزف – ينتظر). وبلا نقاش، وبكل فخر، اخترت: الإسعاف يأكل!!
ما كنت أحتاج أن أنتظر طويلا لكي تبارك خطوتي المباركة، ويبارك نبوغي، فالمعلمة ما أن استلمت الأوراق حتى صرخت: (عمره الإسعاف ياكل!؟ يااااااا الله اللي كتبت كدا إيش اسوي فيها!؟)


هل انتبه أحداً ؟
( موضي الوهابي - اث ) : كنت في حصة الإنجليزي .. أجلس في آخر الفصل .. بينما المعلمة تختبر الطالبات اختباراً شفهياً يخص الفصل الأول، كنت أجلس في غير مكاني، وأتكلم مع صديقاتي، أردت شيئاً من حقيبتي، لكني لم أشأ أن أقوم لئلا تشعر بي المعلمة، وبرشاقة مفرطة ملت بأرجل الكرسي تجاه الحقيبة وأنا أتشبث به بقوة.
بدأت أميل ...
و.. أميل ...
وفجأة !!! طراااااااااااااخ !
كان ميلانا إلى جوف الأرض مباشرة. سقطت زلزالاً والتفتت المعلمة بينما الفصل كله غارق في ضحك صاخب، أما أنا فاختبأت تحت الطاولة ولم أنهض، ملتصقة بالأرض كنت جاهدة أحاول التقاط أنفاسي من عاصفة هائجة من الضحك.


لتعطيل الامتحانات فن!
  ( هند الأحمري– ٢ث ع ) : عندما كنت في الصف الثالث الإعدادي كانت معلمة مادة العلوم حامل. وكلما دخلت الفصل تقول: (وش هالحر رر!) مع أن المكيفات تعمل جيدا والفصل بارد.
ففي أحد الأيام قالت: (يا بنات غدا امتحان الفصل السابق.) طبعا لم يذاكر أحد. وأخذت أفكر حتى قلت لصديقتي وكانت تحب المقالب: ( ما رأيك أن نغلق المكيفات؟) ابتسمت بخبث وقالت: (دعي الأمر لي!)
دخلت المعلمة الفصل وقالت كلمتها المعتادة: (وش هالحر رر!) فنهضت صديقتي: (أستاذة المكيفات محترقة وطلع منها دخان!!) وجازت اللعبة على المعلمة، بل إنها في الأصل نسيت الامتحان، وما أفسد المقلب إلا طالبة قامت من مكانها وفتحت المكيفات قائلة: (أستاذة البنات يكذبون!!)
استشاطت المعلمة غيظاً: (نورة!!) وكان هذا اسم صديقتي. (ليش تقولين انها محترقة!؟ ليش تكذبين هاه!!؟) استعت عينا نورة، وكتمت ضحكتها. (في الحقيقة.. امم.. يا أستاذة كذبت عشاني خايفة من الامتحان. تدرين استاذة؟ مع الامتحانات تجيني حالة نفسية حتى اسألي أمي!) ضربتها المعلمة. (حالة نفسية، هاااه!؟) وطردتها خارج الفصل مذيلة بصديقة كانت قد أفلتت منها ضحكة صاخبة.


في المعمل
( منيره الوحيمدي- الخرج ) : وأنا في المتوسطة، نادتنا المدرسة إلى حصة علوم في المعمل. وما أن بدأت المعلمة بشرح الدرس حتى (طارت عيونها) ، وانقلب وجهها فجأة للون الأحمر. خرجت من الفصل وهي تسابق الريح، وصرخت بنا أن نخرج بسرعة. وجرت حالة استنفار وتناثرت المقاعد وكلنا جازمات بأن الأمر الذي على وشك الحصول خطير! فإذا بها تكمل الصراخ: (فار.. فار!! بسرعة اخرجوا فااار..) فانفجرنا من الضحك. صحيح أننا نخاف من الفأر، لكن أستاذة علوم... أو ما شرّحت أشياء أشد خطورة وإرعابا!؟


دخان أبيض!
( فاطمة نصر-٣م- الخوطة ) : ذات حصة قرآن، يوم كنا في الصف الأول المتوسط ، رأينا دخانا أبيضا يخرج من المكيف. بدأنا نتبادل النظرات، وعلامات الخوف تنتشر على ملامحنا.. البعض يقلن: (يمهّ) والآخر: (وش هذا!!) لكن الكلام ما استمر طويلا، ونهضت الغالبية فزعة باتجاه الباب لتنقذ حياتها من الموت. وهنا حصلت المشكلة. تمسكت المعلمة بمقبض الباب ورفضت خروج أي منا خارج الفصل. حاولنا فتحه بلا جدوى. وبلا شعور منا بدأنا نستجيب لنزعة طلب النجاة، وصرنا نضرب يدها ونلقيها بسيل من الشتائم، إلى أن تمكنا من الخروج، وتقافزنا خارج الفصل. كان البعض منا يقفز من فرط الانفعال والخوف، في حين بقي البعض الآخر جامدا من شدة الهلع، يرقب المكان الذي امتلأ كله بالدخان الأبيض الكثيف. فإذا بنا نجد مجموعة كبيرة من المعلمات يضحكن. سألناهن إن كان ثمة ما يستدعي الضحك، فأجبن – وليتهن ما فعلن- أنهن كن يجربن طفاية الحريق.....!!

**
📚 مجلة حياة العدد (٣٠) شوال ١٤٢٣ هـ




ختامها . . وش ؟
(أفنان عادل – ٢م- الدمام) : في آخر يوم من أيام المراجعة، نهاية الفصل الدراسي الثاني.. حبيت أن أسلم على إحدى المعلمات. ذهبت إليها بصحبة زميلتين لي. طرقنا الباب وطلبنا تلك المعلمة بالذات. طلعت لنا المعلمة بعد الطلب. سلمنا عليها وقالت لها زميلتي الأولى: (كل عام وأنتم بخير..) تبعتها الثانية: (كل عام وأنتم بخير..)، وجاء دوري فقلت في خجل شديد: (وأنت بخير...)!!!


قصدنا شريف!
(وفاء محمد – اليمن – ١م) : كان اليوم الدراسي طويل وثقيل أيضاً.. فبحثت مع إيمان صديقتي الحبيبة عن حل. وقع اختيارنا على حصة الأستاذة عائشة لنهرب منها، وذلك لطيبة قلبها وتصديقها للأعذار.. (شوفوا المجازاة!).
ولأن المدرسة التي قبلها تأخرت في الخروج ولدخول الأستاذة عائشة – حفظها الله – بعدها، فكرت في حيلة جهنمية نخرج بها من الفصل، قلت لإيمان: (ما رأيك أن نّدعي أنني أصابني رعاف، وأمسك بمنديل وأنت تخبري الأستاذة أنني أريد الخروج بسرعة. وسوف تستجيب بالطبع – قلتها بثقة – وأنت طبعاً تأتين معي لإجراء الإسعافات الأولية للمصابة..) (شوفوا التخطيط !!)
بدأنا بتنفيذ الخطة رقم ٦٠٠ تقسيم أ، فإذا بالأستاذة تفاجئنا: (وفاء أريني الدم اللي على أنفك!) – أوف يبدو أن مزاجها غير رائق اليوم!!- ولأننا تسمرنا من هول المفاجأة انكشفت الخطة ووبختنا قليلاً، وأخرجنا من الفصل. حينها قلت لنفسي أعزيها: (خرجنا على كل حال!) ولكن على بعد خطوة من خروجنا من الفصل قالت: (اذهبا إلى مكتب المديرة وسآتي فوراً بعدكما!) (يا للمأساة!!)
عند مواجهة المديرة المستغربة لحضورنا، وبدون شرح، صحنا بصوت واحد: (قصدنا شريف يا أستاذة).


احم . . طالبة مؤدبة تتكلم :
حصة: من المواقف القصيرة التي وصلت، والتي كانت مختصرة وتحتاج إلى ثرثارة مثلي (بس لا يدري أحد) لتفلسفها قليلاً ثم ترويها، هي من فاطمة وريم، الموقف حصل لحصة، ويبدو أن حصة هذه من الطالبات اللاتي يقعن في ورطة كل مرة تكلف الأستاذة الطالبات بإقامة إذاعة. النوع المتحمس والجاد ولا شك، الذي ترتاح إليه رائدة الفصل فتقول: (يا فلانة الأسبوع القادم إذاعتنا، اليوم الفلاني، اللحظة الفلانية، سلام!) ولا ننسى طبعاً (طراخ) صفعة الباب، ومن ثم البنت المسكينة المدهوسة أرضاً اللهم إلا من شفتين تنبسان بـ: (تم!) وهكذا تزحف المسكينة حصة لتستجدي أفكار زميلاتها ومشاركتهن، فتسمع (طراااخ!) أعلى، حيث طالبات فصلها متحمسات جداً (جدددد!!) للإذاعة فيصفعن بوجهها الباب خارجات للفسحة. وطبعاً الطالبة حصة طالبة (قوية) و(سنافية) و(راعيتها) فلا يحل اليوم الموعود إلا والأمور تجري، كما لم يقولوا، على بطن وساق. اسمعوا معي الإذاعة كما نقلتها ريم وفاطمة ثعباناً (عفواً حية) على الورق: (في أحد الأيام دخلتُ الحديقة فوجدت بها ثلاث وردات.. فتحت الوردة الأولى فوجدت فيها آيات من القرآن الكريم تقرؤها الطالبة (حصة)، وفتحت الوردة الثانية فوجدت فيها حديثاً شريفاً تقرؤه الطالبة (حصة) وفتحت الوردة الثالثة فوجدت نشيداً تلقيه الطالبة (حصة) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تطييب خاطر: ولمن قرأ باب سطور الأعداد الماضية، سيجد أن أسهم حصة .. مرتفعة هذه الأيام وتستاهل!!!


الأصبعان . .
(آمنة الشيخي – جدة) : كنت أنا وأختي في الصف الثاني المتوسط حين طلبت أستاذة الجغرافيا – وهي شديدة بعض الشيء – من فصلنا مراجعة المادة لتسألنا فيها. أنا وأختي لم نراجع، وأهملنا المادة تماماً.
واكتشفنا يوم المراجعة شدة الأستاذة وكيف أنها توقف الطالبة التي لا تجيب في آخر الصف بعد أن ترميها بكلمات الشتم والتقريع أمام جميع الطالبات. فلم نجد بداً، أنا وأختي، من أن نرفع أيدينا وكأننا نعلم الإجابة لأن المعلمة تركز أكثر على الطالبة التي لا ترفع أصبعها. في المرة الأولى استطعنا الإجابة على سؤالها، وعندما رأت استبسالنا في رفع اليد وصياحنا: (أنا يا أبلة.. أنا يا أبلة.. الله يخليك يا أبلة) أمسكت بإصبعي وإصبع أختي وقالت: (هاتان الطالبتان مميزيان عندي!)، طبعاً تخاطب بهذا طالبات الصف، وراحت تمدحنا حتى شعرنا بالاطمئنان، المهم، وفي مرة لاحقة سألت سؤالاً فرفعنا أيدينا باستبسالنا المعهود فإذا بالاختيار يقع على أختي، قالت المعلمة: (هاه؟ ما هي الإجابة) وأسقط في يدي أختي لأنها لا تعرف الإجابة أصلاً.. فقامت أختي للإجابة وكلها إحراج (آ..آ..آ) أي أنها لم تقل شيئاً.. فقالت المعلمة بعصبية: (أنا لا أحب الآآآآ.. ارجعي ورا هيا!!) وعنفتها (وهي التي تكيل لها المديح قبل قليل!!) وهي تدفعها بإصبعها الغاضب إلى آخر الصف.


زوج الحذاء
(نورة) : في يوم من أيام امتحانات الصف الثاني المتوسط صحوت متأخرة. جمعت أغراضي ولبست المريول بسرعة، وذهبت لأنظر هل حافلة نقل الطالبات جاءت أم لا، فوجئت بأنها ذهبت إلى جيراننا القريبين ومن ارتباكي الشديد وخوفي على ذهاب حافلة المدرسة أخذت كل حذاء (شكل) وأنا في المدرسة وبين أفواج الطالبات.. بمعجزة، جاءت أختي بعدي بدقائق ومعها زوج الحذاء الأول.. حمدت الله على أن واحدة من الطالبات لم تلمح قدمي قبل وصولها.

**
📚 مجلة حياة العدد (٣١) ذي القعدة ١٤٢٣ هـ




ماااااء
(بنان عبد المعين الشتوي – ٢م) : كانت الأستاذة تشرح درساً في مادة الرياضيات، والطالبات في انتباه شديد معها في حل المسائل الحسابية. وكنت أنا (سرحانة) لست منتبهة لشرحها، بل كان انتباهي مع الفصل المجاور، وهو الفصل الأول المتوسط ولديهم مادة الإنجليزي. طلبت منهم الأستاذة ترديد الكلمات وراءها..
(Water) (ماء) قالت لهم، وراحوا يرددون.. W-a-t-e-r..
W-a-t-e-r.. قلت معهم. قلتها بصوت عالٍ، ومن غير شعور مني، فإذا بالصف قد ضج بالضحك، وأنا ذبت خجلاً..


لتعطيل الامتحانات فن!
(هند الأحمري – ٢ ث ع) : عندما كنت في الصف الثالث الإعدادي كانت معلمة مادة العلوم حاملاً.. وكلما دخلت الفصل تقول: (وش هالحررر!) مع أن المكيفات تعمل جيداً والفصل بارد. ففي أحد الأيام قالت: (يا بنات غداً امتحان الفصل السابق) طبعاً لم يذاكر أحد. وأخذت أفكر حتى قلت لصديقتي وكانت تحب المقالب: (ما رأيك أن نغلق المكيفات؟) ابتسمت بخبث وقالت: (دعي الأمر لي).
دخلت المعلمة الفصل وقالت كلمتها المعتادة: (وش هالحررر!) فنهضت صديقتي: (أستاذة المكيفات محترقة وطلع منها دخان!!) وجازت اللعبة على المعلمة، بل إنها في الأصل نسبت الامتحان، وما أفسد المقلب إلا طالبة قامت من مكانها وفتحت المكيفات قائلة: (أستاذة البنات يكذبون!!)
استشاطت المعلمة غيظاً: (نورة!!) وكان هذا اسم صديقتي.. (ليش تقولين أنها محترقة!؟ ليش تكذبين هاه!!؟) اتسعت عينا نورة، وكتمت ضحكتها. (في الحقيقة .. امم.. يا أستاذة كذبت عشاني خايفة من الامتحان. تدرين أستاذة؟ مع الامتحانات تجيني حالة نفسية حتى اسألي أمي!) ضربتها المعلمة. (حالة نفسية، هااااه!؟) وطردتها خارج الفصل مذيلة بصديقة كانت قد أفلتت منها ضحكة صاخبة.


تمرد
مديرتنا عائشة أقامت دعوة خاصة لرئيسة الوحدة الصحية ومجموعة من المشرفات إلى مدرستنا احتفالاً بمناسبة العناية بالأسنان، في ذلك اليوم وزعت المديرة الأدوار التنظيمية في الحفل على الطالبات، وتورطت أنا وصديقتي (ج) في مسؤولية غلق وفتح ستار المسرح!! نغلقه متى انتهى مشهد، ونفتح متى بدأ آخر، لم نرغب في هذه المهمة، لكنها اجبرتنا عليها، فاتفقت أنا وصديقتي بأن نخرَّب عليها الحفل " مرة نبقي الستار جزءاً مفتوحاً والآخر مغلقاً، ومرة نفتحهما بينما المعلمة في الداخل تشرح للطالبات طريقة عرض المشهد، و..و.. والمديرة من خلف الستار عيناها الحمراوان تلتهبان من شدة الغضب ووجنتاها تتوردان من الخجل والإحراج.


هل توقفنا أو اكتفينا . . لا
حين انتهى الحفل، دعت المديرة الضيوف إلى صالة الطعام، وهي صالة لا يدخلها إلا الدكتورات والموجهات وأمهات الطالبات المتفوقات، فقط! قررت وصديقتي أن نرتكب مزيداً من الإزعاج، ارتديت العباءة، ووضعت النقاب حتى لا تعرفني مدرسة من المدرسات، ثم اصطحبت معي أخت صديقتي الصغيرة التي لم يتجاوز عمرها العام، الفضيحة كانت أنها بدأت في الصراخ قائلة بأنها لا تريدني.. أسكتها ودخلت صالة الطعام التهم الحلوى هنا وهناك، وأبلل ريقي بالعصيرات المنعشة، وما لذ وطاب، وفجأة تذكرت صديقاتي، وأنهن لدى الباب ينتظرنني حتى أبعث لهن ببعض الأكل، أخذت معي شيئاً من المأكولات، وأرسلتها لهن، فكن كمن في مجاعة، يتضاربن على الأطباق ويمددن أياديهن في تدافع
لحظتها.. طااااااااخ!
امسكتني الوكيلة، وأطبقت على ساعدي بإحكام قائلة: (أنا أعلم أنك طالبة ولست والدة).
(سهى . ح- ٣ث – مكة)


مديرة !!!
مروج ناصر الأحمدي : مجموعة نشيطة من الطالبات في المدرسة قائمات بعمل نشرات، ومن بين أنشطتهن إجراء لقاء مع المديرة، تسأل الطالبة والمديرة تجيب، وكان من بين الأسئلة أن ذكرت المديرة حديثاً: (ومن يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)، قائلة بأنه آية، نبهتها الطالبة إلى ذلك فأجابت المديرة: (أنتو متأكدين إنو حديس!؟).


هل انتبه أحد ؟!
موضي الوهابي- ١ ث كنت في حصة الإنجليزي، أجلس في آخر الفصل، بينما المعلمة تختبر الطالبات، اختباراً شفهياً يخص الفصل الأول، كنت أجلس في غير مكاني وأتكلم مع صديقاتي، أردت شيئاً من حقيبتي، لكني لم أشأ أن أقوم حتى لا تشعر بي المعلمة، وبرشاقة مفرطة، ملت بأرجل الكرسي تجاه الحقيبة وأنا اتشبث به بقوة ..
بدأت أميل..
و... فجأة!!! طراااااااااخ!
كان ميلاناً إلى جوف الأرض مباشرة، سقطت زلزالاً، والتفتت المعلمة بينما الفصل كله غارق في ضحك صاخب، أما أنا، فاختبأت تحت الطاولة ولم أنهض، ملتصقة بالأرض كنت جاهدة أحاول التقاط أنفاسي من عاصفة هائجة من الضحك.

**
📚 مجلة حياة العدد (٣٢) ذو الحجة ١٤٢٣ هـ

◽️◽️

 تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »