أنا فتاة أبلغ من العمر ٢٥ عاماً ، ولي أخ عمره ١٨ عاماً .. تكمن المشكلة في الصراع الشديد والدائم بين أبي وأخي .
فأبي ليس لديه وسيلة لتأديب أخي سوى الضرب والطرد من البيت.
قبل فترة اكتشفت أن أخي يدخن ، و(يشم) أيضاً ، وذلك عندما وجدت علبة الدخان والشمة مخبأة في الحمام ـ أكرمكم الله.. لقد صعقت ولم أعرف ماذا أفعل؟ فأنا لا أريد أن أخبر أبي حتى لا يستخدم معه أسلوب الضرب ويطرده للشارع وتزداد المشكلة.. ولا أريد أن أصارح أخي خوفاً من أن يستسهل أمر التدخين أمامي, أو يطلب مني مالاً ونحن ليس لدينا أي مال فأبي لم يعودنا على إعطائنا مصروف طوال عمرنا.. حتى أخي لم يعطه يوماً ريالاً واحداً!!
لقد حاولت نصح أبي كثيراً لكنه يعاند ويزداد قسوة علينا.. إنني خائفة على أخي ، وأنا أقوم بالاستيقاظ كل ليلة فجراً لأحل واجباته دون أن يراني أبي ، كما أقوم يتزوير شهادته كل سنة حتى لا يتضح عدد مواد رسوبه ، وأنا غير راضية عن ذلك لكن والله لا أفعله إلا لحماية أخي من الانحراف بسبب قسوة أبي.
أمي أصيبت بمرض في ذكر الطبيب أن له علاقة بحالتها النفسية، تخيلي أن أبي إذا رآنا مستعدين للذهاب لمناسبة وفرحين فإنه يختلق مشكلة من لا شيء ويصرخ ويحرمنا من الخروج، لكني صابرة على الألم وخائفة فقط على أخي.. أرجوكم ماذا أفعل؟
مشاعل ـ مكة
حبيبتي الغالية مشاعل..
حبيبتي الغالية مشاعل..
قبل أن أبدأ أود أن أقول لك .. أني أحببتك جداً .. نعم والله .. لقد أحببتك من طريقة كلامك الحكيمة ومن حبك لأخيك ولأبيك ومن صبرك ومن تضحياتك الكثيرة .. وشعرت بتعاطف كبير مع فتاة قوية من النادر أن نجد مثلها .. واعذريني لاختصار رسالتك الطويلة..
وتعالي الآن ننظر ما الذي يمكنك فعله :
لا تواجهي أخاك حالياً بالاتهام، بل حاولي الجلوس معه والتحدث معه حول حاله عموماً، مشاعره، ألمه، اكسري الحاجز بينك وبينه ودعيه يتحدث فهذه أول خطوات العلاج..
المشكلة الكبرى حالياً هي .. من أين يأتي بالمال لشراء الدخان والمخدرات الباهظة الثمن؟! إنني أخشى بصدق أن يكون قد انحرف إلى مسار آخر .. وأرجو منك أن تحاولي التحدث معه بكل صراحة في وقت هادئ ومناسب.. وتوقعي أن يقول لك أي شيء لا تتوقعينه.. كوني متماسكة وصبورة.. واستمعي له بهدوء أثناء حديثه.. وإذا اعترف أمامك بالإدمان، فساعديه على تجاوز هذه الأزمة ولا تضخمي الأمر، قولي له أنه يستطيع ترك هذا الماضي خلف ظهره ويتوب توبة صادقة ويبدأ حياة جديدة بإذن الله والفائدة ستعود له قبل غيره ، كما أن هناك عيادات لمعالجة الإدمان بسرية تامة (كمستشفى الأمل) يمكنه أن يلجأ إلى أحدها.
أشعريه بالحب والاهتمام والتقدير، ووضحي له كم تحترمينه وتثقين فيه، فهو يحتاج لذلك بشكل كبير في ظل قسوة الأب، أهدي له هدايا إن استطعت، نظفي ملابسه بعناية.. إلخ.
حاولي أن تنصحيه بطريقة غير مباشرة، قومي بتشغيل شريط مؤثر مثل (قلبي أين ومتى؟) و (قصص لا أنساها) و (دمعة سجين) وغيرها وأحضريها لغرفته وكأنك تريدين الابتعاد عن الإزعاج وسماع الشريط ، عنده.. وأنا متأكدة أنه سينصت ويستمع بإذن الله.. وكرري هذا العمل.. ثم اتركي بعض الأشرطة في غرفته..
حاولي إقناعه بأسلوب هادئ يتسم بالحب بأن لا يتأخر خارج المنزل، ولا تأمريه بذلك أو توضحي عتابك ولومك له، واطلبي منه ذلك لأجلك أنت ولأجل أمك وليس لأجل أبيك.
حاولي تفهم طبيعة شخصية والدك، وما الذي يثير غضبه؟ فهو قد يكون غاضباً لأسباب لا تعرفونها ، ربما بسبب إهماله أو عدم تقديره والجلوس معه أو غير ذلك.. اعرفي أسباب غضبه وابتعدي عنها. حاولوا إسعاده وإرضاءه قدر الإمكان ، واجلسوا معه وقتاً أطول ، واضحكوا معه ، واسألوه عن أحواله دائماً ، وبإذن الله ستتغير طريقة معاملته لكم.
احرصي على الدعاء يشكل متواصل وكل ليلة لأخيك ولأبيك بهداية القلب وصلاح الأخلاق ، واحرصي على صلاة الليل والدعاء في الثلث الأخير بشكل مستمر.
واعلمي يا حبيبتي أن الصبر مفتاح الفرج ، فاستبشري وتفاءلي بالفرج بإذن الله.
◽️◽️
📚 مجلة حياة العدد (٦٢) جمادى الآخرة ١٤٢٦ هـ
📚 مجلة حياة العدد (٦٢) جمادى الآخرة ١٤٢٦ هـ
✍ تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »