يعاني كثير من الآباء والأمهات عند ذهابهم إلى مكان عام مع أطفالهم من إلحاحهم الزائد في الحصول على أشياء يحبونها – مثل الحلوى والألعاب-
أو قضاء وقت أطول في مكان ما – مثل الحديقة أو الملاهي –
أو قضاء وقت أطول في مكان ما – مثل الحديقة أو الملاهي –
وعندما يرفض الوالدان طلب طفلهما لأي سبب فإن الطفل غالباً ما يلجأ إلى التذمر ورفع الصوت، فإن لم يستجب لطلبه فإنه قد يلجأ للبكاء، وبعض الأطفال يبدأ في الصراخ والعويل، وأحياناً قد يتمدد على الأرض ويرفض مرافقة والديه إلى المكان الذي يريدانه.
التذمر وما يرافقهما من تصرفات تعد ردة فعل طبيعية عندما يرفض الوالدان طلب طفلهما، ولكنها أحياناً تتحول إلى وسائل ضغط يمارسها الطفل عليهما حتى يرضخا لرغبته.
الطفل ورغباته:
من الطبيعي أن يشعر الطفل بعدم الرضا عندما يرفض والداه تحقيق طلباته – خاصة عندما تعرض أمامه بشكل مغر، مثل الحلوى في الأسواق المركزية حيث تمتلئ بها الرفوف، أو الألعاب المعروضة أمام المحلات–
والتعبير عن عدم الرضا أمر فطري يبدأ مع الطفل منذ الأشهر الأولى، مثل بكاء الرضيع عندما تضعه أمه في السرير حتى تستمر في احتضانه أو حمله.
والتعبير عن عدم الرضا أمر فطري يبدأ مع الطفل منذ الأشهر الأولى، مثل بكاء الرضيع عندما تضعه أمه في السرير حتى تستمر في احتضانه أو حمله.
عندما تستجيب الأم لرغبة الطفل بتحقيق رغبته ليتوقف عن البكاء، تجعل الطفل يتمادى فلا يرضى بعد ذلك إلا بالاستجابة السريعة لمطالبه، وعندما يكبر وتنمو معه هذه العادة التي تحقق له ما يريد، فإنه قد يستخدمها كوسيلة للضغط على والديه، خاصة عندما يقدم له الوالدان الطريقة المُثلى على طبق من ذهب.
في كثير من الأحيان يقول الوالدان لطفلهما عندما يرفع صوته أو يبكي في مكان عام: (لا تفشلنا أمام الناس)، عندها يعلم الطفل أنه أمسك بنقطة الضعف التي يخشاها والداه! ولذلك يزداد صراخاً ويتمدد على الأرض حتى يلفت أنظار الناس ليجبر والديه على الاستجابة لطلبه.
في كثير من الأحيان يقول الوالدان لطفلهما عندما يرفع صوته أو يبكي في مكان عام: (لا تفشلنا أمام الناس)، عندها يعلم الطفل أنه أمسك بنقطة الضعف التي يخشاها والداه! ولذلك يزداد صراخاً ويتمدد على الأرض حتى يلفت أنظار الناس ليجبر والديه على الاستجابة لطلبه.
كونا مستعدين:
من الضروري أن يتفق الوالدان مع طفلهما قبل الخروج من المنزل على ما يمكنه شراؤه من السوق، أو الوقت الذي يمكن قضاؤه في اللعب.. من الطبيعي أن يحاول الطفل ثنيهما عن موقفهما.. عندها يمكن للوالدين تذكيره بهدوء بأنهما اتفقا معه على أمر محدد لا يمكنه المطالبة بأكثر منه.. بعض الأطفال يستجيب لتوجيهات والديه، وإن كان على مضض.. وفي مثل هذه الحالة يفضل سرعة الابتعاد عن المكان الذي توجد به المغريات التي يصعب على الطفل مقاومة رغبة الحصول عليها.
لكن بعض الأطفال يتمادى في الطلب ناسياً أو متناسياً الاتفاق بينه وبين والديه – ويستخدم سلاح الإحراج لعلمه بنقطة الضعف تلك؛ حيث يبدأ في الصراخ والعويل والتمدد أرضاً ورفض مصاحبتهما، في مثل هذه الحالة يجب على الوالدين ألا يرضخا لطلبه؛ حيث إن تحقيق طلب مثل هذا يعد (مكافأة) له على سلوك خاطئ مما يساهم في ترسيخ ذلك السلوك عنده، حيث يلجأ للسلوك نفسه عندما يريد الحصول على شيء يظن أن والديه لن يوافقا عليه (سلمياً)..
قد يظن الوالدان أن الاستجابة للطفل في مثل هذا الموقف وتهديده بقولهما: (انتظر حتى نعود إلى المنزل) سيردعه في تلك اللحظة أو مستقبلاً ويثنيه عن اللجوء لمثل هذه السلوكيات.. ولكنهما في حقيقة الأمر يزيدان هذا السلوك رسوخاً، حيث يؤكدان له أنهما لا يستطيعان معالجة الأمر أمام الناس.. كما أن الطفل غالباً ما يقبل بتحقيق (مؤكد) لطلبه مقابل عقوبة (غير مؤكدة) بعد الرجوع إلى المنزل، خاصة إن كان الوالدان ممَّن ينسى أو يتغاضى بعدما تهدأ أعصابهما فلا يحاسبان الطفل.
ما الحرج؟!
عندما يصرخ الطفل أو يبكي أو يتمدد على الأرض يشعر الوالدان أنهما أصبحا محط أنظار الناس، وهذا مكمن رئيس لمشاعر الإحراج التي يخشيان منها.. قد يلتفت بعض المارة عندما يسمعون صوتاً عالياً – سواء من صغير أو كبير– ولكن ليس معنى ذلك أن الناس ينتقصون والدي الطفل عندما يمارس مثل هذه الأفعال، والدليل أن الوالدين تمر عليهما مواقف عديدة مشابهة ولا يشعران –ربما– إلا بالتعاطف مع والدي الطفل الذي يحاول الضغط عليهما.
والطريف أن بعض النساء يشعرن بالحرج أكثر من الرجال، مع أنهن – في حقيقة الأمر– يتمتعن بفرصة إخفاء هويتهن أكثر من الرجال.. فالمرأة المحجبة حجاباً كاملاً يصعب على المقربين منها معرفة هويتها إلا من خلال معرفتهم بأطفالها أو زوجها، بينما يكون التعرف على هوية الرجل أسهل.. ولكن في الحالين يجب على الوالدين أن يوازنا بين وضع الاستجابة والرضوخ الذي يجعل الطفل أكثر عناداً وتشبثاً بمواقفه المزعجة مستقبلاً، وبين معالجة الأمر بهدوء حتى لا يتكرر مثل هذا السلوك..
كيف نتعامل مع هذه المواقف؟
من المهم التعامل مع هذه السلوكيات منذ الصغر حتى لا تترسخ في شخصية الطفل.. وعندما يذهب الوالدان إلى أحد الأسواق مثلاً ويمارس طفلهما أحد أساليب الضغط تلك، فيجب عليهما ما يلي:
*تذكر أن ليس في الأمر حرج حقيقي! فغالباً ما تكون في مكان عام لا يعرفك فيه أحد.. وإن كنت تشعر ببعض الحرج رغم ذلك، فإن تحمله الآن في بدايته خير من الاضطرار للتعامل معه طوال سنوات نمو طفلك وأثناء مراهقته..
*حاول التحكم في مشاعرك فلا تنفعل ولا ترفع صوتك على طفلك، لأن ذلك يشعره بأنك ابتدأت تستجيب لطريقته في إدارة المشكلة التي توشك أن تواجهها.
*عندما يبدأ الطفل في الصراخ أو البكاء أو التمدد على الأرض، اجلس بجانبه وأنت هادئ الأعصاب حتى يشعر أنه لم ينجح في تعطيلك عن التسوق.
*يمكن للأب أن يطلب من والدة الطفل أن تذهب مع بقية الأطفال لإتمام التسوق بينما ينتظر هو مع الطفل
حتى يتوقف عن سلوكياته تلك.
حتى يتوقف عن سلوكياته تلك.
*سيحاول الطفل المساومة بعد قليل من انتظارك بجواره كأن يتنازل عن بعض مطالبه، أو يؤجل وقت الحصول عليها! ارفض تلك العروض تماماً.
*عندما يشعر الطفل أن استراتيجيته في إدارة المشكلة لم تفلح فإنه سيحاول حفظ ماء وجهه بطلب شيء يسير، مثل قوله: (احملني) أو (ساعدني على النهوض) أو (أريد الذهاب إلى أمي)، وهنا لا بأس من الاستجابة مع قليل من الثناء على تعديله سلوكه.
*لا تطلب منه الاعتذار في لحظتها لأنه مشحون بمشاعر الهزيمة والفشل في الحصول على ما كان يريد، ويمكن تأجيل ذلك إلى وقت لاحق بعد العودة إلى المنزل.
*إن كان الطفل في الخامسة أو أكبر فينبغي تنبيهه في وقت مناسب وبأسلوب هادئ أن ما عمله في السوق سلوك غير مقبول، وأنه سيحرم من بعض المزايا لو كرر هذا الأمر.
◽️◽️
د. محمد بن عبد العزيز الشريم
📚 مجلة الأسرة العدد (١٥٠) رمضان ١٤٢٦ هـ
✍ تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »