الثلاثاء، 7 مارس 2017

أمي إكسير حياتي

أمي.. لا أدري لولاك كيف ستصبح هذه الدنيا وتمسي في عيني؟!

أسيكون للكون مذاق ولون ورائحة وأهازيج صادحة وأعياد قائمة، ووئام، وترابط ورحمة وأمن وأمان نلمسه في الحياة أم سيكون للكون وجه آخر لن أطيق!!

قسوتك حنان، وعتابك حنان، وصمتك حديث يُسِرُ أعماقي، وعطفك ظمأ لا تفتأ تطلبه روحي..

أمي.. كم تمنيت على الله لو تُعمرين مليون عام حتى وإن كنت ستبلغين من العمر عتيّا وتضعفين وتهرمين وتعلوك تجاعيد الزمن وشحوبه فيكفيني أن أسمع صوتك الذي ما أن أُرهف سمعي إليه حتّى تتراقص الدماء في أوردتي وشراييني ويتسارع نبض قلبي وتطول أنفاسي وتلين مفاصلي وعظامي بالعطف والشفقة تجاهك..

أنت سرّ إشراقة هذا الوجود في عمري، وأنت الوداعة والروعة والحب الحقيقي والإخلاص والتضحيات والسرور الدائم المُقيم لا العاجل العابر..

أنت سلاحي الوحيد الذي أنازل به الهمّ والحزن والعبرات وأمسح بأحاسيسك الدافئة دمعاتي المنحدرة وأنسى بلمساتك الناعمة ذكرياتي المتعبة وألمي ووجعي الخفي وآهاتي الطويلة العريضة..

أنت من يقطن أوطان قلبي ويروي واحاته اليانعة بهمساته وضحكاته ودعواته الصادقة وعطائه اللامحدود وأنت دوماً وأبداً غاليتي قريبتي وصديقتي وصندوق علانيتي وسرّي..

فما أن أراك تضحكين حتى أسمع العالم على جراحاته ومآسيه يضحك ويجلجل متناسياً وغير آبه ببؤسه وأتراحه.. وما أن أراك قوية صامدة أمام النوبات والأزمات حتّى يهتز إجلالي وتعظيمي أمام رجاحتك وثباتك فتقتحم الراحة والطمأنينة أغوار نفسي فلا أخشى بعدها الخوف والقلق والاضطراب والهلع ولا أكترث بما قد يكون من ألم –أو لا يكون- وبما أنك ركن العزة والقوة في زمني فدول الأيام لا تُحتسب من عمري بل وتهون!!

أمي.. لا حد من حدود الدهر قد يقف أمام تيار حبي إليك أو يتجرأ على صده فحاجتي إليك دائمة ظمأ منذ مهدى وإلى طفولتي وطيشي ونضجي وبلا ريب إلى مماتي..

أنا لا أملّ ولا أتذمّر منك في أي حالة تكونين (عصبية مفرطة، عتب جارح، صمت مطبق، غضب محموم، أو حنان متدفّق) في كل حالاتك أستعذبك وأكنُّ لك الإكبار والخضوع والمودة، وأشعر بالعجز عن إيفائك ولو جزء الجزء من حقك إزائي وإزاء رعايتك وعطائك وبذلك السّخاء الواسع.. فأنت دنياي كلها حلوها ومرها، أوّلها وآخرها، أدناها وأقصاها، ظلامها ونورها وما أشرق عليه الشمس والقمر والأفلاك وأغربت..

أحبك أمي يا إكسير حياتي..

◽️◽️

حنان بنت محمد الثويني
📚 مجلة الأسرة العدد (١٧٦) ذو القعدة ١٤٢٨هـ

 تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق