الأحد، 17 أبريل 2016

خاطرة | شذرات قلب : والدي .. ودراستي الجامعية


بينما كنت اقلب كتبي .. افتش في اوراقي القديمة .. وجدت ورقة – في ظرف – قديم.. دفعني الفضول .. فتحت الورقة فوجدت أسطرها .. كلماتها .. لها حرارة تختلج حنايا قلبي .. فاذا بها مسودة كتبتها ايام حياة والدي رحمه الله تعالى

بعد كتابتي لهذه الخاطرة انتقل والدي إلى رحمة الله تعالى .. كان لرحيله أثر علينا .. كنت مرافقة له .. قصة رحيله حكاية أخرى سوف أكتبها في حينها .. عزاؤنا الوحيد أني الحمد لله أوفيت بجزء مما كنت أتمناه وما كان يحبه ويتمناه والدي رحمه الله ويحبه كل قلب مملوء بحب الديار المقدسة ولا زال أثر ذلك باقٍ على جسدي فخراً وشاهداً لنا لا علينا إن شاء الله

خاطرة | شذرات قلب : والدي .. ودراستي الجامعية

في لحظة ارتقبناها بفارغ الصبر .. ملأ الضجيج المكان .. أطفئت الأنوار .. كل طالبة تلملم حاجياتها ثم تنحني تنفض ردائها بكف لطختها بقع ألوان مختلفة .. فُتحت الأبواب .. أبواق الحافلات تنذر بقرب المسير .. كل طالبة تخرج من قاعتها محتضنة عباءتها وحقيبتها الصغيرة .. بدأت بهبوط درجات السلم بخطوات منهكة ويدين مثقلتين تحمل ألواح وبضع أدوات .. ها هي جموع غزيرة من الفتيات تتدافع للخروج من البوابة الرئيسية  للجامعة .. خرجت بشق الأنفس بعدما تجاوزت الزحام .. لهيب الحر ينهش أطرافي .. الإعياء يثقل خطواتي .. الإرهاق يتجسد على ملامحي .. كعادتها .. ها هي سيارة والدي تنزوي بعيدا في موقف الحافلات .. تحاشيا للزحام ولتبرج النساء .. فلله درك يا والدي .. خرجت أجر خطواتٍ تكاد تتعثر .. الرصيف يتململ من أشعة الشمس الحارقة .. اقتربت كثيرا .. ها هو والدي منسدل على مرتبة السيارة يتأرجح مابين النوم واليقظة .. الإرهاق يبدو على محياه ..ليس ثمة سوى بضع نسيمات تتسلل لنافذة فتحها أبي .. رحماك يا ربي رحماك .. آآه كم أتمنى أن أرد لك بعض ماقدمته لي لكن أنى لي ذلك ولو فديتك بروحي ماوفيت بها حقك .. تبعثرت أفكاري .. تمايلت شغاف روحي .. سقطت دمعة تلو دمعات .. احتضنت الأرض نظراتي .. استجمعت كل قواي وفتحتُ الباب ببطء .. فجأة اعتدل في جلسته وأطلق من شفتيه ابتسامته الحنون .. وكأن عيونه الكسيرة الملأى عطفا وطهرا ، وملامح وجهه الوضاء تنقل إلي رسالة فتهمس إلي بعتاب: أبطأني الانتظار وأقلقني تأخرك يا بنيتي! .. حاولت أن أخفي وجهي المبلل بالدموع .. أشار بيده الحانية بالجلوس بالمكان الذي كان موضع رأسه .. شعرت بحرارة المقعد وكأني أشعر بحرارة أنفاسه الطاهرة ، فاشتعل القلب نارا وتسارع نبضا .. آآه لو  أستطيع لأحنيت رأسي وقبلت كل شي لامسه جسدك الطاهر .. سارت السيارة فسارت معي كل المشاعر الفياضة .. سكون مخيم عمّ داخل السيارة .. فجأة توقف كعادته أمام البقالة وهمس إلي : ماذا تشتهين؟! .. طأطأت رأسي خجلا ووقارا .. آآه يا ليته لم ينطق بذلك .. ألا يكفيه ما يحمله من هم وتعب .. أطرقت مليا .. حاولت أستجمع ما بقي مني من أنفاس .. أومأت برأسي إليه نفيا .. أي قلب يحمله هذا الكيان .. رباه لقد تعبت مما يستعر في حناياي .. صورتك يا أبي طُبعت في وجداني .. لن أنساك ما حييتُ يا أبي .. حبك يضخه القلب فيجري في دمي .. كم أتمنى يا أبي أن أرد لك بعضا من جميل ما صنعت .. كم كافحت مرارة العيش .. وتقلبات رياح الحياة .. فاشتعل رأسك شيبا من أجلنا .. لتسكب على شفاهنا بسمة وفرحا .. والله لو أملك الدنيا وما فيها لفرشت الدروب أمامك بالزبرجد والريحان .. ولفتحت لك أبواب السعادة والتوفيق .. تنثر لك همسات محبتي .. وصدق مشاعري .. لكني أملك ما هو أغلى وأثمن .. وأقوى وأبقى .. إني أملك يا أبي يدان صغيرتان أرفعها لك في كل صلاة ..

✍ ابنتك حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق