٦ ـ فضيلة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى: التحذير من السفر إلى بلاد الكفرة وخطره على العقيدة والأخلاق
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين . أما بعد :
فقد أنعم الله على هذه الأمة بنعم كثيرة وخصها بمزايا فريدة وجعلها خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله ، وأعظم هذه النعم نعمة الإسلام الذي ارتضاه الله لعباده شريعة ومنهج حياة وأتم به على عباده النعمة وأكمل لهم به الدين قال تعالى:
﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا ﴾
ولكن أعداء الإسلام قد حسدوا المسلمين على هذه النعمة الكبرى فامتلأت قلوبهم حقدا وغيظا وفاضت نفوسهم بالعداوة والبغضاء لهذا الدين وأهله وودوا لو يسلبون المسلمين هذه النعمة أو يخرجونهم منها ، كما قال تعالى في وصف ما تختلج به نفوسهم : ﴿ وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ﴾
وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ﴾
وقال عز وجل: ﴿ إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لو تكفرون ﴾
وقال جل وعلا: ﴿ ووَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ﴾
والآيات الدالة على عداوة الكفار للمسلمين كثيرة . والمقصود أنهم لا يألون جهدا ولا يتركون سبيلا للوصول إلى أغراضهم وتحقيق أهدافهم في النيل من المسلمين إلا سلكوه ولهم في ذلك أساليب عديدة ووسائل خفية وظاهرة، فمن ذلك ما تقوم به بين وقت وآخر بعض مؤسسات السفر والسياحة من توزيع نشرات دعائية تتضمن دعوة أبناء هذا البلد لقضاء العطلة الصيفية في ربوع أوربا وأمريكا بحجة تعلم اللغة الإنجليزية ووضع برامج شاملة لجميع وقت المسافر .
وهذه البرامج تشتمل على فقرات عديدة منها ما يلي:
أ - اختيار عائلة كافرة لإقامة الطالب لديها مع ما في ذلك من المحاذير الكثيرة.
ب - حفلات موسيقية ومسارح وعروض مسرحية في المدينة التي يقيم فيها.
جـ - زيارة أماكن الرقص والترفيه .
د - ممارسة رقصة الديسكو مع فتيات كافرات ومسابقات في الرقص .
هـ - جاء في ذكر الملاهي الموجودة في إحدى المدن الكافرة ما يأتي : ( أندية ليلية . مراقص ديسكو . حفلات موسيقى الجاز والروك . الموسيقى الحديثة . مسارح ودور سينما وحانات كافرة تقليدية ) .
وتهدف هذه النشرات إلى تحقيق عدد من الأغراض الخطيرة منها ما يلي :
١ - العمل على انحراف شباب المسلمين وإضلالهم .
٢ - إفساد الأخلاق والوقوع في الرذيلة . عن طريق تهيئة أسباب الفساد وجعلها في متناول اليد .
٣ - تشكيك المسلم في عقيدته
٤ - تنمية روح الإعجاب والانبهار بحضارة الكفرة .
٥ - دفع المسلم للتخلق بالكثير من تقاليد الكفار وعاداتهم السيئة .
٦ - التعود على عدم الاكتراث بالدين وعدم الالتفات لآدابه وأوامره .
٧ - تجنيد الشباب المسلم ليكونوا من دعاة السفر إلى بلد الكفر بعد عودتهم من هذه الرحلة وتشبعهم بأفكار الكفرة وعاداتهم وطرق معيشتهم . إلى غير ذلك من الأغراض والمقاصد الخطيرة التي يعمل أعداء الإسلام لتحقيقها بكل ما أوتوا من قوة وبشتى الطرق والأساليب الظاهرة والخفية وقد يتسترون ويعملون بأسماء عربية ومؤسسات وطنية إمعانا في الكيد وإبعادا للشبهة وتضليلا للمسلمين عما يرومونه من أغراض في بلاد الإسلام .
لذلك فإني أحذر إخواني المسلمين في هذا البلد خاصة وفي جميع بلاد المسلمين عامة من الانخداع بمثل هذه النشرات والتأثر بها وأدعوهم إلى أخذ الحيطة والحذر وعدم الاستجابة لشيء منها فإنها سم زعاف ومخططات من أعداء الإسلام تفضي إلى إخراج المسلمين من دينهم وتشكيكهم في عقيدتهم وبث الفتن بينهم كما ذكر الله عنهم في محكم التنزيل ، قال تعالى : ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾ كما أنصح أولياء أمور الطلبة خاصة بالمحافظة على أبنائهم وعدم الاستجابة لطلبهم السفر إلى الخارج لما في ذلك من الأضرار والمفاسد على دينهم وأخلاقهم وبلادهم كما أسلفنا ، وفي بلادنا بحمد الله من التعليم لسائر أنواع العلوم ما يغني عن ذلك ، وإن إرشادهم إلى أماكن النزهة والاصطياف في بلادنا وهي كثيرة بحمد الله والاستغناء بها عن غيرها . مما يتحقق بذلك المطلوب وتحصل السلامة لشبابنا من الأخطار والمتاعب والعواقب الوخيمة والصعوبات التي يتعرضون لها في البلاد الأجنبية .
هذا وأسأل الله جل وعلا أن يحمي بلادنا وسائر بلاد المسلمين وأبناءهم وبناتهم من كل سوء ومكروه وأن يجنبهم مكايد الأعداء ومكرهم وأن يرد كيدهم في نحورهم ، كما أسأله سبحانه أن يوفق ولاة أمرنا وجميع ولاة أمور المسلمين لكل ما فيه القضاء على هذه الدعايات الضارة والنشرات الخطيرة ، وأن يوفقهم لكل ما فيه صلاح العباد والبلاد ، إنه ولي ذلك والقادر عليه . وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
المصدر: الموقع الرسمي لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى
٧ ـ من أوراق معلمة
لا أعرف ما الذي جرى لنا؟ وإلى أي منحدر نسوق أنفسنا إليه بكل جرأة وثبات..
مع تداخل الثواب والعقاب وتمازج الرحمة والقسوة وأنا أحاول معها بكل ما أعطاني ربي من قوة وتحمل لتدريسها.. تلميذة من تلميذات الفصل زهرة لا يتجاوز عمرها السنوات السبع.. مرتبة نظيفة ذات ضفائر جميلة تأتي كل يوم بتسريحة جديدة لافتة للنظر.. حاولت معها مرة ومرات ولكن المحاولة تذهب أدراج الرياح. إذاً لابد من الاستعانة بالأم.. بهذا حدثت نفسي، فللأم دور كبير في الحياة..
جاءت الأم.. ويا ليتها (؟..!) بعد حديث قصير حول البنت ومستواها الدراسي وكيفية التعاون و.. و.. و... نطقت الأم قائلة.. (لا يكون خاطرك إلا طيب) والتفتت إلى الصغيرة ذات السنوات السبع.. (والله إذا ما تعاونت مع المعلمة ودرست وكتبت الواجب فلن تذهبي معنا في الصيف إلى سويسرا) بكت الابنة.. بكت بحرقة لأنها ستحرم السفر لأن السفر أهم عند الأم والابنة.
وبكيت أنا حرقة ولوعة وأسى على حال المسلمين، على حال أمهات المستقبل.. اعذريني يا ابنتي لأني لم أفهمك وأفهم أمك.
ألا ترون معي أن الفقر حكمة في بعض الأحيان.. رحم الله حالنا وحال المسلمين.
منى صبحي الهنداوي
📚 مجلة حورية العدد ٨ / جمادى الأولى ١٤٢٧ هـ
٨ ـ هذه قصة أخي
قبل يومين كان أحد زملاء أخي يقود «دباب بانشي» في العاذرية تعرّض لحادث مريع، إذ سقط في حفرة وكانت إصابته بالغة حيث انكسر فكه وأصيب ظهره و تمزق جزء بسيط من رئته وهو الآن على السرير الأبيض في أحد المشافي تحت الملاحظة الفائقة.
الأمر المحزن أنه كان مع أخي في إحدى الدول المجاورة قبل أسبوع تقريبا ولو كان يعلم أنه سوف يصاب بهذه الإصابة ويفقد الوعي لما سافر.
ذهب أخي لزيارته قبل العصر في المشفى وما إن وصل حتى أخذ يجرّ الخطى، يمشي ببطء شديد، يفكر أثناء سيره داخل الممرات كيف سيرى شكل صاحبه داخل غرفة الملاحظة الفائقة، دلف الغرفة وهاهو صاحبه أمامه على السرير لا يستطيع الحراك، الأجهزة تحيط به من كل مكان منظره تغيّر كثيراً، عندها تنهد أخي وسالت دموعه؛ لأنه تذكّر موقفاً حصل مع صديقه قبل أيام عندما سمعا الآذان قال له أخي هيا لنتهيأ لأداء الصلاة فرد عليه: العمر طويل، عندما تذكر ذلك بكى أخي وضاقت به الدنيا الواسعة.. يا الله! كيف قالها ليته علم أنه سوف يكون هنا قبل أن ينطقها وتتحرك بها شفتاه، أحسّ أخي بثقل على كاهله وبانتفاضة في جسده وضيق في صدره فخرج من الغرفة مسرعا متجها نحو سيارته، ولم يستطع أن يقودها بل إن أفكاره وذكرياته فقط هي التي أصبحت تقوده، تذكر أني أهديته شريط قرآن ولم يجد عناء في البحث عنه لتميّز غلافه عن بقية الأشرطة التي عنده وعندما سمعه هدأ روعه وسكن جزعه، أراد التحرك ولكن لا يعلم إلى أين يذهب، بلى لقد عرف الطريق الذي ينبغي له ولكل إنسان أن يتجه إليه إنه المسجد حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم لبلال: (أرحنا بالصلاة يا بلال).
المشكلة ليست هنا: المشكلة أن زملاءه بالاستراحة - أصدقاء العمر كما يقولون - سوف يقيمون حفلة يوم الأربعاء القادم في إحدى الاستراحات وقرروا استضافة أحد الفنانين، رفض أخي رغم أنه ليس بملتزم وقال كيف تقيمون هذه الحفلة وصاحبنا الذي كان لا يفارقنا على هذه الحالة؟! رد عليه أحدهم: إذا ضاقت بنا الدنيا هل ستعود له عافيته ويخرج من المشفى؟!، طبعاً أخي تضايق وسكت أو بالأصح لم يعرف كيف يرد (آه من أصحاب هذا الزمان).
تذكرت في هذه اللحظة ضعف الإنسان، فأهل المُصاب في المشفى ينظرون إليه ولا يستطيعون فعل أي شيء له، ومع ذلك تجد المعافى يتجبّر على غيره، الزوج على زوجته، والزوجة على الخادمة، والغني على الفقير، والرئيس على المرؤوس، نسوا وتناسوا أنه في أي لحظة قد ينقلب الأمر عليهم فلا يستطيعون فعل أي شيء، بل ربما يصابون بمرض أو عاهة.
(سوف أنتقل بكم سريعاً إلى ذاكرتي)
تذكرت لما توفّيّ أحد الملتزمين – لا أعرفه شخصياً - ذهب أربعة من زملائه في نفس اليوم لمكة وأخذوا عمرة عنه وخامس قام بتوزيع كتب شرعية يقول هذه عن فلان رحمه الله، مغسلة الأموات امتلأت الكل يريد تغسيل صاحبهم المتوفّى والمقبرة مليئة برجال وشباب يدعون له، جاء من زملائه السابقين – قبل الالتزام - ثلاثة أشخاص فقط، - التزم قبل وفاته بشهرين رحمه الله - وباقي الحضور لا يعرفونه ولم يروه في السابق، وزملاؤه الملتزمون الجدد تصدقوا عليه ويزورون قبره كل فتره يدعون له ويذكرونه بالخير.
عرفت الآن الفرق بين المستقيم وغير المستقيم .. الفرق بسيط جداً: المستقيم عرف أن أمامه يوماً سيلاقي فيه ربه ولذلك أرسل الله له من يعينونه على هذا اليوم. أما غير المستقيم نَسيَ هذا اليوم ولن يجد من يعينه في هذا اليوم.
صالح بن سليمان أبو حميد
📚 مجلة الأسرة العدد ١٦٠ رجب ١٤٢٧ هـ
٩ ـ مسافرون بلا هدف
نتألم كثيراً عندما نرى أفواج شبابنا تهرع نحو الموانيء والمطارات متجهين نحو بلاد عُرف عنها ما عُرف لا ليحصّلوا العلم والمعرفة، ولكن من أجل السياحة والعبث. نتألم لأننا حتماً سنخسر فيهم كل شيئ، ونحزن لأننا نتركهم للضياع في الشوارع والحانات في بعض الدول الغربية، ومن يسير في فلكها من دول العربان.
ماذا نفعل وقد انتقلت عدى السفر إلى الخارج إلى فتياتنا.. أمهات المستقبل ... مدارس الأجيال.. حفيدات عائشة وصفية.. إنها مصيبة أشد وقعاً على نفوسنا. إنني أحمّل المسئولية عن هذا النزيف أولياء الأمور الذين يضعون أبناءهم وبناتهم في فوهة المدفع، ويساهمون في تدمير أخلاق فلذات أكبادهم، ويُفقدون المجتمع أعضاء كان من الممكن الاستفادة منهم لو أحسنت تربيتهم.
لولوة بنت صالح الشدوخي
بريدة – السعودية
📚 مجلة الأسرة العدد (٣٥) صفر ١٤١٧ هـ
١٠ ـ الإصابة بالأمراض المستعصية
هذا شاب يقول عن نفسه في آخر حياته:
بعد أن أنهيت الثانوية - ونحن الآن في هذا الجو الذي قد انتهى فيه البعض من الثانوية- جاءني أحد رفقاء السوء فقال لي:
يا فلان! أتحب السفر معنا؟
قلت: إلى أين؟
قال: إلى تلك البلاد الآسيوية.. بلاد آسيوية فيها المنكر والفساد، جهاراً نهاراً بأبخس الأثمان،
فقلت: كيف؟
قالوا: اطلب من أبيك المال، وسافر معنا والأمر بسيط، أياماً معدودات ثم نرجع
قال: فجئت إلى أبي.. وانظروا إلى أبيه الغافل، وكم غفل بعض الآباء عن أبنائهم.
فقال: يا أبي! قد نجحت في الثانوية، وحصلت على التقدير العالي، وأريد مكافأةً؟
قال: ماذا تريد؟
قال: أريد مالاً؛ لأذهب وأسافر مع أصحابي.
فقال الأب: إلى أين؟
قال: إلى تلك البلاد،
قال: لا بأس، فأعطاه المال،
قال: فسافرت لأول مرة، فذهبنا إلى تلك البلاد، والغريب أنني رأيت شباباً من أبناء بلادنا دخلوا أماكن حمراء.. أماكن مظلمة.. أماكن فيها الفساد والشهوات، يفعلون الفواحش والمنكرات، فدخلت معهم، وفعلت ما لم أظن أنني أفعله في حياتي يوماً من الأيام، صنعت المنكرات، وفعلت الفواحش، وأتيت الشهوات، يقول: فتلذذت مرة بعد الأخرى، حتى رجعت إلى بلادي فاشتقت إلى الرجوع، فأخذت من أبي مالاً مرة أخرى.. وهكذا توالت السفرات بعد السفرات، حتى وقعت في وكر المخدرات.
يقول: فلما نفدت الأموال، بدأت أسرق الأموال؛ لأسافر إلى تلك البلاد، السفر صار في دمي، والمخدرات تجري في عروقي، ومرت الأيام والسنون، حتى جاء ذلك اليوم -اسمع ما الذي حدث؟- يقول: أحسست بإعياء شديد، فسقطت على الفراش، فذهب بي أصحابي إلى الطبيب، وبعد التحاليل والفحوصات، جاءني الطبيب يفاجئني، وقال: يا فلان! إن الأمر صعب، قال: أخبرني يا طبيب. قال: بعد التحاليل اكتشفنا في الدم أنك مصاب بفيروس الإيدز.
يقول: فكأن الدنيا قد أظلمت أمامي، أحلامي تبددت، وضاقت علي الأرض بما رحبت.
أيها الطبيب! ربما أخطأتم، قال: سنعيد الكرة، فأعادوا التحليل مرة أخرى، لكن النتيجة هي النتيجة،
يقول: ذهبت إلى طبيب آخر وإلى مستشفى آخر، ولكن النتيجة هي النتيجة، ثم رجعت إلى بلادي مسود الوجه، قد أظلمت الدنيا أمامي، يقول: وأنا الآن أكتب إليكم قصتي وأنا على فراش الموت أنتظر الموت!!
أتعرف ما الذي يحصل؟ إن الإيدز أوله فضيحة وعار، وتمر به الأيام وهو على الفراش ملقى ثم يبدأ بعد هذا تنهار قواه، ثم يصاب بشلل في الجسم؛ لأن الفيروس يصيب المخ، وتمر به الأيام حتى يصير على الفراش ملقى لا يستطيع أن يقضي حاجته بنفسه.
أرأيت أين المتعة والشهوة؟ أين السهرات؟ أين الفتيات؟ أين السفرات؟ كلها قد ذهبت، وهو الآن على الفراش لا يقرب منه أحب الناس إليه، كل الناس قد هربوا منه، يخافون أن ينتقل المرض إليهم، فإذا ذكروا فلاناً اسود وجه أبيه، وأظلمت الدنيا في عين أمه، وبكوا ودمعت أعينهم، ابنهم على الفراش ينتظر الموت، ثم تمر به الأيام، فيذهب شيء من عقله، فيصاب بالجنون، ثم يأتيه ألم شديد، يأخذه من رأسه إلى رجله، وربما يظل على هذه الحال سنة أو سنتين، يتمنى الموت ولا يموت.. يتمنى الموت ولا يدركه، ثم يتعذب سنيناً أو شهوراً على هذه الحال، ثم يقبض الله عز وجل روحه.
تفنى اللذاذة ممن ذاق صفوتها ...... من الحرام ويبقى الإثم والعار
تبقى عواقب سوء في مغبتها ...... لا خير في لذة من بعدها النار
إحدى البلاد العربية لما زرتها سألت أهلها: لماذا يسمح أهل هذا البلد بالفجور وبالمومسات؟ هذا الأمر مفتوح في تلك البلاد بقوانين رسمية، الخمور والممومسات في بعض الفنادق موجودة، فسألتهم: ألا يوجد عندكم الإيدز؟
فقالوا لي: إن الإيدز منتشر، لكن الإحصائيات يُكتم عليها، حتى أخبرني أحد الذين يعملون بالصحة، قال: عندنا أعداد ضخمة ممن يصابون بالإيدز، ولكنها تكتم ولا تصل إلى عامة الناس،
قلت لهم: أتعرفون أشخاصاً بأعينهم؟
قالوا: نعرف رجلاً كبيراً في السن متزوجاً وعنده أبناء، رجل مستقيم، لكن لحظة من حياته غلبته شهوته، ففكر في السفر، ولم يسافر في حياته إلا أياماً قليلة ثم رجع وتاب، يقولون: مرت الأيام ولكن تلك السفرة كانت سبباً في إصابته بالإيدز، فعولج ثم هلك في المستشفى، يقولون: الأغرب من هذا أن زوجته كانت من الصالحات، وهي مستقيمة، وبعد أن توفي زوجها بأشهر اكتشفوا في دمها فيروس الإيدز، والزوجة صالحة ومتدينة.. من الذي قتلها؟ من الذي أجرم بحقها؟ من الذي أوصلها إلى هذا الحال؟
إن هذه المرأة المتدينة لم تكن تعرف للحرام طريقاً.. من المجرم؟ إنه الزوج.
فقالوا لها: أتحبين العلاج لنذهب بكِ إلى أي بلاد شئت؟
قالت: لا والله، لن أموت إلا على سجادتي وأنا أصلي بين يدي ربي جل وعلا، وفعلاً مرت شهور وماتت الزوجة في بيتها، محتسبة صابرة.
📼 من شريط (قصص من الواقع) لفضيلة الشيخ نبيل العوضي
١١ - إكمال الدراسة الجامعية في الخارج
هذه القصة مؤلمة ولها جوانب اجتماعية كبيرة، وهي للشاب (ف.خ)، فبعد تخرجه من الثانوية العامة ذهب إلى إكمال الدراسة الجامعية في الولايات المتحدة الأمريكية وقضى هناك عدة سنوات وأتم دراسته بنجاح
ورجع إلى بلده بعد تحقيق حلمه وحلم أهله بعد حصوله على الشهادة الجامعية،
وعند رجوعه حصل على وظيفة مرموقة وأمن مستقبله، وطلب من أهله البحث عن فتاة يكمل بها نصف دينه وقد تم له ذلك، وظفر بزوجة أحبته وأحبها، وقرت بها عينه
إلى أن جاء وبدأ سيناريو الفاجعة المؤلمة عندما شعرت الزوجة الشابة الطموحة المغلوبة على أمرها بعد أربع سنوات من زواجها (التعيس) بالتعب والإرهاق من تكرار الالتهابات الرئوية وتم إدخالها للمستشفى،
وكانت الشكوك لدى الأطباء حول إصابتها بنقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، وتم إجراء التحاليل الطبية اللازمة التي أثبتت وللأسف إصابتها بفيروس (الإيدز) الخطير،
وقام الفريق الطبي باستدعاء زوجها وأجريت له التحاليل التي أثبتت إصابته هو الآخر بالفيروس.
فاعترف أمام أحد الأطباء بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بعيادة الإيدز ممارسته وقيامه ببعض الممارسات الجنسية المحرمة أثناء دراسته بالخارج ولم يكن يعلم بإصابته بهذا المرض الفتاك، وكان شديد التألم، وقال: لو كنت أعلم عن إصابتي بمرض الإيدز لما أقدمت على الزواج ولَمَا عرضت زوجتي التي أصيبت بهذا المرض المميت،
وكان هذا الشاب متألماً لحال زوجته أكثر من تألمه لنفسه وبإحساسه بأنها لا ذنب لها،
بدأ يذرف الدموع، وذهب إلى زوجته يعانقها ويتأسف منها ويحلف لها بالإيمان المغلظة بأنه لا علم له بإصابته بالمرض الذي يتألم منه،
واستمر الزوجان يعانيان من جحيم (الإيدز) تحت المتابعة الطبية فترة من الزمن، ولم يكن التقدم الطبي في ذلك الوقت كما هو عليه الآن من تطور طبي من حيث وجود أدوية فعالة كما هو متوفر الآن
واستمرت حالة الزوجة في تدهور، وأخيراً ظهرت أورام لمفاوية في البطن وأثبتت الفحوص عن إصابتها بسرطان لمفاوي بسبب نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)
وتوفيت الزوجة المسكينة متأثرة بمرضها،
وقد آلم زوجها ذلك كثيراً فعاش فترة اكتئاب مستمرة،
وقد لحق بها بعد عدة أشهر متأثراً بمرضه وحالته النفسية التي لا يحسد عليها.
وهذه القصة تدل على أهمية فحص الزوج والزوجة قبل الزواج للاطمئنان على حالتهما الصحية قبل ارتباطهما.
📚 من كتاب (قصص من الحياة) عبد المطلب حمد عثمان
١٢ ـ أريد أن أسافر لبريطانيا..
التائهة ت- ف : رغم أن عمري تجاوز الـ ٢٥ سنة إلا أنني أقترف الذنوب كثيراً.. حاولت معالجة هذه المشكلة والتوبة منها إلا أني سرعان ما أعود إليها.. كيف لا أدري؟
على الرغم من أنني أحفظ القرآن الكريم إلا أني أرتكب الكثير من الذنوب حيث ألبس الملابس الشبه عارية في الحفلات، وأتساهل كثيراً بالحجاب وأشاهد الفضائيات وغير ذلك.. أعيش حياتي بكل ما فيها من ملذات ورغم ذلك أشعر بالملل فأشعر برغبة لممارسة أي شيء آخر ولو كان محرماً.. كما أني لا زلت أعامل في البيت كطفلة مدللة..
وفي هذا الصيف كنت أريد أن أسافر لبريطانيا للدراسة لأمارس فيها كل ما أريد من أنواع الحرية.. أريد نصيحتكم أرشدوني فأنا أحس بالضياع واليأس..
أيتها الغالية.. اطلعت على رسالتك بين وقت أذانٍ وإقامة فدعوت لك بكل الخير..
ولقد دهشت عندما ذكرت بأنك لا تتأثرين وهذا غير صحيح.. أتعرفين لماذا؟
لأنك لم ترسلي رسالتك عبثاً بل لابد وأن لديك قلباً حياً ونفساً لوامة حثتك على ذلك..
إن البحث عن الحق يستلزم فتاة مثلك لها شخصية قوية وذكية تواجه بها مكائد الشيطان..
وحفظك للقرآن نعمة.. وكل ما أعطيتي نعمة وهي كلها من الله عز وجل..
تأمليها وأغمضي عينيك لبرهة وتخيلي أنك فقدت إحدى النعم والله على ذلك لقدير إلا أنه أسبغ عليك ستره ورحمته وهو ينتظر عودتك سبحانه..
يقول الله عز وجل في الحديث القدسي: (يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي.. يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة).
وكما تعلمين فإن بعض الأعمال تورث قسوة في القلب فابحثي عن العمل الذي تسبب في ذلك..
ومن في ذكاءك تعلم بأن الطريق طريقان لا ثالث بينهما..
طريق عائشة وفاطمة وأمهات المؤمنين والصالحات..
وطريق الفاسقات والخاسرات..
فاختاري أنت ماذا تريدين وأي طريق ستسلكين؟
فإذا أردت الطريق الأخضر قد تنفعك هذه الوسائل:
* تقربي من الله فمن تقرب منه شبراً تقرب الله منه ذراعاً.. وأنت تقربت أكثر فالله أكرم وأعظم..
* تعرفي على أسماء الله الحسنى وصفاته فإنها تورث محبة الله وإتباعه.
* استشعري معاني الآيات القرآنية من خلال التفاسير.
* وإذا أردت لزوم هذا الطريق فعليك بالصحبة الصالحة..
* ولا تنسي الدعاء بصدق.. أرسلي دمعاتك آخر الليل ساجدة راكعة وكوني كحال الطفل الذي يبكي حتى ينال بغيته من والديه. ولا يهلك أحد مع الدعاء كما أخبرنا بذلك صلى الله عليه وسلم.
* كما بوسعك أن تقومي بزيارة دور الأيتام والمساكين محملة بالمال والهدايا.
* وإن كنت تحملين روح المغامرة فهناك العديد من الدورات التي تكشف أغوار النفس.
وأنت بذكائك ستتعرفين على وسائل أخرى تجلب لك الخير وبعدها لن تشعري بإذن الله باليأس ولا الضياع بل بروحٍ تعانق السحاب وحالك يقول.. الله ربي لست أعبد غيره.. ولست إمعة أوجه كالغنم..
وأوصيك بسماع الشريط الرائع قوافل العائدين.. ونرجو أن تطمئنينا برسالة عنك إن شاء الله..
📚 مجلة حياة العدد (٤٢) شوال ١٤٢٤ هـ
١٣ - أحمد والزواج من ألمانية
نصيحة من محب
جلس أحمد متوترا أمام ابن أخته وهو يخبره عن رغبته في الزواج من زميلته الألمانية، يخبره عمّا تتصف بها من حسنات ، عن عقلها، عن جمالها، والأدهى من هذا كله، يخبره أنّه سينهج نهجه في الزواج من غير عربية.
مرّت على أحمد بعد هذا الخبر ليلة لم يعرف فيها طعم النوم، وهو يرى ابن أخته يتّخذ منه مثلا أعلى وقدوة، وما إن بزغ النور حتى قام إلى ابن أخته الذي أتى من بلاده للدراسة في هذا البلد الأوروبي، وحيث وافق أهله ورحبوا لأنّه سيكون في بيت خاله وتحت رعايته.
استدعاه إلى مكتبه وأحكم إغلاق الباب..تعجّب الشاب من تصرفات خاله، لكنّه أخفى استغرابه وانتظر ليرى سبب ذلك، أجلسه خاله وجلس على أريكة مقابلة له.
فترة من الصمت سادت بينهما، كان الخال فيها متوتّرا لا يعرف من أين يبدأ ، والشاب متلهّف ينتظر..وبعد أن استجمع أحمد بقايا شجاعته، قرّر البدء بالكلام، بلع ريقه، ثم نظر في عينيّ ابن أخته وقال:
اسمع يا بني، وانتبه جيدا إلى القصة التي أريدك أن تعيها بعقلك قبل قلبك .
في يوم من الأيام ، كان هناك شاب مجتهد حصل على منحة دراسية في بلد أعجمي، كان هذا الأمر أقصى أحلامه، فرحته حينها لم توازها فرحة ،ولم يهتم وقتها لبكاء أمّه وتوسّلاتها،ولا لوصايا والده..كانت بلاد الأعاجم تتراءى له أمام مخيلته كعروس في أبهى حلّة تغريه إليها فتطغى صورتها على كل ماعداها .
ترك بلده وسافر وهو يحلم بالشهادة التي سينالها، وبالمركز الذي سيحظى به بعدها، ووصل إلى البلد المنشود..بلد كل ما فيه غريب عليه، النظام، الناس ، واللغة..ولكن ما ان انخرط في الدراسة حتى اندمج مع هذا البلد ومع أهله،
وما كان يتعبه فيه إلا فتياته الكاسيات العاريات، ذوات الجمال الأخاذ ، أولئك اللاتي ما كن يعرفن للأخلاق من سبيل، وكان يتعبه تحصنه وتمسكه بدينه وابتعاده عن الوقوع في هوّة الحرام، خاصّة بعد أن شاهد الكثير من أصحابه المسلمين يتهاوون في مكائد الشيطان فيبيعون دينهم لعرض من الدنيا..
وصار يرتاد مسجدا قريبا من داره يقضي فيه شطرا من وقته يهرب به من رغبات النفس ووساوس الشيطان.
فتعرف هناك على إمام المسجد الذي كان من بلد آسيوي، وصارت بينهما علاقة أخوة في الله، ولم يشعر هذا الشاب إلا وقد تزوج من قريبة هذا الإمام، بعد أن نصحه بأن الزواج هو الحل الأفضل له ،وأنه ما زال في سنته الأولى ومازالت أمامه سنوات دراسة، فإن تمكّن الآن من الذود بنفسه من براثن الفتنة فهل سيتمكن غدا؟؟
كانت الفتاة طيبة تعمل في سلك التدريس، وافق عليها وفرح بها أيما فرح ، أرسل إلى أهله يخبرهم عنها وعن نيته بالاقتران بها ، وما كان يتصوّر ردّة فعل الأهل حينما عرفوا ، أرسل والده يطالبه بالعودة الفورية إلى الوطن وإكمال الدراسة هناك، وأرسلت الأم تعرض عليه من تعرفه من فتيات الأقرباء والأصدقاء، كلّ هذا ما كان ليثنيه عن عزمه وعما كان يراه وقتها صحيحا ، واقترن بها رغم رفض أهله وإصرارهم على ألا يتزوج بغريبة ، فهو كان يرى في كلامهم تخلّفا ورجعية..
سنوات أعقبت زواجه وهو يعتقد نفسه من أسعد السعداء، ولم لا؟؟ فهو كان ناجحا في دراسته ، ولديه زوجة جميلة تشبع رغبات الجسد وتساعده بعملها في تحمّل تكاليف الحياة، ورزقه الله بولدين ، فرح بهما فرحا شديدا رغم أن وقته ماكان يسمح له أن يكون معهما كما يكون الأب مع أولاده، فالدراسة والعمل كانا يأخذان منه جلّ وقته، وكلّ اهتمامه، فأوكل أمر تربيتهما لزوجته ولوالدتها أثناء غياب الزوجة في العمل،
وكان يوطّن النّفس أنه لا بد سيأتي اليوم الذي يتفرّغ فيه للأولاد فيعلمهم اللغة العربيّة التي يجهلونها، ويعلم زوجته أيضا لغّة القرآن حتى يمكنهم التخاطب جميعا باللغة العربية ويهجرون الانكليزية فلا يستعملونها إلا خارج البيت. لكنه كان حلما يا بنيّ لم ير النور.
مرّت السنوات ، ونال شهادة الدكتوراه وبعدها شهادة خبرة ، وبعد عشر سنوات من الغربة وترك الوطن قرر العودة إلى بلده...
قرار العودة كلّفه وقتا طويلا أقنع فيه زوجته التي كانت رافضة أن تترك بلدها وأهلها وعملها ،وأن يزيّن لولديه العالم الجديد الذي هما منه، وفي آخر المطاف وافقوا وانتقلوا جميعا إلى الوطن مع فرحته الكبيرة.
أثناء الرحلة وبينما الطائرة في السماء لم يتوقف الشاب عن التكلّم لأولاده وزوجته على وطنه، وعلى ذكرياته مع إخوته وأصحابه، وعلى أمه كيف كانت الحضن الدافئ الذي يضم بين حناياه العطف والحنان، على سهراتهم العائلية في الشتاء حول الموقد، وعلى قصص والده الواقعية ذات العبر...
وما إن حطّت الطائرة على أرض الوطن حتى انهمر الدمع من عينيه شلالا، لم يعد يتحمّل وقوف المسافرين وانتظار الباب أن يفتح، يريد الخروج بأسرع ما يمكن، ها هو قد عاد إلى أرض الآباء والأجداد، أرض ولد فيها ونشأ، بلد ضمّ الأحباب وأحلى الذكريات...ما أصعب سنوات الغربة وما أقساها، كيف استطاع أن يبتعد عن بلده؟؟؟عن أهله وأصحابه؟؟
وفي صالة الاستقبال وجد حشدا كبيرا في استقباله، أفراد العائلة كلهم والأصدقاء، حتى صاحب الدكان الصغير الذي كان يشتري منه منذ الطفولة الحلوى والسكاكر كان موجودا.. وأكثر ما أثر فيه وقوف والده على عكازين وقد فعلت السنون به ما فعلته، ورغم ذلك أتى وكان في أول الصفوف..
استقبالهم الرائع كان له أجمل الوقع على القلب ، جعله يعود إلى شخصه قبل السفر والتغرّب والزواج، ذلك الشاب الذي كان يعشق وطنه وأرضه...
بقي بعده أياما وهو متلهف لمعرفة أخبار الجميع في البلد، الأهل والأصحاب... كان يمشي في الشوارع غير مصدق أنه عاد إليها، أخيرا عاد ابن الوطن إلى وطنه وأهله، كل شيء تغيّر، الناس كبرت، وملامح البلدة تغيرت فقد عرف العمران طريقه إليها،
إلا أهله لم يتغيّروا، فقد بقيت أمه الحضن الذي يضم أفراد العائلة ،
وبقي الأب في هيبته وعنفوانه..
وبقيت لهفة الإخوة والأخوات على بعضهم البعض..
أين كان من هذا كله؟؟ وأين ألمانيا وماديتها وهذا الحبّ المتدفّق هنا؟؟
كم خسر كثيرا عندما سافر وتغرّب... لكن ولله الحمد قد عاد..
أخيرا عاد ليصحح الوضع الذي وضع نفسه فيه..
الحمد لله أنه أتى بعائلته ليروا بأنفسهم كل هذا..
وعليه أن يسعى الآن بتسجيل ولديه في المدرسة والبحث عن عمل له ..
لكن زوجته وولديه لم يتقبلوا حياتهم الجديدة.. وكيف سيتقبلونها بعد أن كانوا في عالم مختلف تمام الاختلاف عن العالم الذي هم فيه الآن؟ عالم كله حضارة وسهولة، لا مكان للعواطف، كل ما فيه آلات تتحرّك ،
كما أن أهله لم يستطيعوا تقبّل زوجته غير العربية وتصرفاتها الغربية.
وبسبب بحثه عن عمل كان يضطر ولأول مرة منذ زواجه أن يصرف وقتا طويلا في بيته مع عائلته التي ما كان يعرف عنها الكثير، وصار يصطدم بتصرفات زوجته التي تختلف عن تقاليده وتقاليد مجتمعه،
كما انتبه إلى أن ولديه تشربا تقاليد أمهما وعاداتها ولم يأخذا من أبيهما أي شيء، وهذا أمر طبيعي يا ولدي، فهما لم يكونا يريانه إلا سويعات جد قليلة في اليوم،
وبدأ يقارن بين زوجته ومشاعرها المقتضبة وبين زوجات إخوته وأصدقائه ومشاعرهن الملتهبة على أزواجهن وأولادهن،
بدأ ينظر إليها كيف تطالبه بالمساواة في كل صغيرة وكبيرة، وكيف هن زوجات الآخرين شمعات تذوب لتضيء لأحبائهن طريق الحياة.
بقي على هذه الحال أكثر من سنة ، كان يرى فيها نظرات أمه المشفقة وهي تشعر بما يعانيه .
بعد سنة من كل هذا يا بني، ورغم أنه وجد عملا جيدا يعتبر من أفضل الأعمال في الوطن ، رغم ذلك قرر الهروب ثانية على المواجهة وقرر العودة إلى البلد الذي أتى منه.
اتخذ هذا القرار بعد صراع مع النفس عنيف، وتحت ضغط من الزوجة والولدين.
أخيرا فرّ بمأساته وهو يتجرع الألم والمرارة...
كتب على نفسه البعد مجددا عن الأهل والوطن، والعيش في بلاد المادة والآلات.. ما كان أمامه أي خيار آخر.. لقدكان أمامه إما التضحية بنفسه أو بأسرته... آه يا ولدي ما أصعب على الرجل أن يجد نفسه محشورا في الزاوية كما صاحبنا هذا... وليتك تتصور الألم الذي قاساه وهو يودع عائلته من جديد، يودعهم هذه المرة وهو على يقين انه لن يعود إليهم إلا للزيارة، وليتك تتصور الشعور الذي شعر به والطائرة تحط على أرض الغربة ثانية..كان يشعر أنه يذهب إلى السجن المؤبد بقدميه.
والآن... له عشرون سنة في هذا البلد، لا يزور بلده إلا زيارات متقطعة، ويعيش يا بني في بيت لا حياة فيه، بيت خاو ناضب من أي مشاعر ، حتى الزوجة فقد عافته بعد أن كبر وصارت معه كأخت، لا لا ، بل كشريكة في السكن لا غير،
وولديه.. آه من ولديه، أحدهما تزوج من قريبة أمه وسافر إلى مقاطعة ثانية فلا نراه إلا مرة كل سنة أو سنتين، والثاني هجر البيت وسكن لوحده مقلدا الشعب الذي عاش بينهم.
أعرف يا ولدي أنك عرفت عمن أتكلم ، نعم أن أتكلم عن نفسي،
لا تستغرب يا ولدي،
فما تراه من مظاهر توافق ما هي إلا غلاف.. غلاف لواقع كله تعاسة ومرارة وآلام..
أنا ضيعت يا ولدي حياتي حين فكرت بمن هي غير عربية وليست من بلدي، رغم أنني اخترتها مسلمة، فكيف بك وأنت تختار كافرة، تختلف عنك في العقيدة واللغة والعادات والبيئة والبلد وكذلك في المفاهيم والتصورات،
يا بني عِ ما قلته لك.. وإياك أن تنظر إلى الزمن القريب، بل إلى البعيد، انظر إلى حياتك معها ان تزوجتها بعد عشر سنوات أو عشرين.. الرجل منا يا ولدي بعد سنوات من الزواج لا يعود كل ما يريده جميلة مثيرة.. بل يريد قلبا وروحا وعقلا.. وهذا لن تجده في بنات الغرب أبدا.. هن آلات يا بني، اسألني أنا عنهن، أنا عشت حياتهن وخبرتهن,,
إياك أن تقع بما وقعت فيه، وتعلم من تجربتي واستفد، ولا تنس يا بني المثل القائل: زوان بلادك ولا قمح الغريب.
سحر لبـّـان
💻 موقع صيد الفوائد
١٤ - فيديو: ( أسفار وأخطار )
حلقة بثت في قناة المجد عام ١٤٢٨ هـ
الحلقة بعنوان : ( أسفار وأخطار )
نبذة عن الحلقة :
لقاءات جريئة من تجارب المسافرين .. ماذا يواجه المسافرين في الدول الأخرى ..
ماذا يفعل أغلب الشباب حين يسافر للخارج
رابط الحلقة :
http://safeshare.tv/v/tPbJPtk8-48
١٥ - احترق بأحد فنادق بانكوك وتسبب في اغماءة والدته ثم وفاتها
* قال لي صاحب : عندنا امرأة كبيرة في السن نريدك أن تقرأ عليها
قلت : ما بقي إلا أن أقرأ هنا في المستشفى ! لن أقرأ
قال : في نفسها أحاسيس تريد أن تبديها فما وَجدَتْ أحداً تبديها إليه .
قلت : أذهب
فلما دخلت وإذا هي امرأة في السبعين أو الثمانين ، لها شهران في المستشفى ، وحدثتني بأشياء عجيبة
فلما خرجت قال : ماذا قالت لك ؟
قلت : إنها امرأة مصابة بأمر عظيم .
قال : أنا أقص لك قصتها .. ويذكر لي
أن لها ابناً ممن يسافر إلى بانكوك ولقد نَصحَتْه مراراً فما قبل النصح
وفي آخر مرة وعظتْه فلم يزدجر وسافر إلى هناك
واستأجر مع صاحبه في فندق ، والتقوا ببعض الشباب من هنا ، فأنسوا بهم وقرروا السكن مع بعضهم البعض في فندق واحد ليجتمعوا على الزمر واللهو والزنا والخمر
فقال هذا الشاب : لا مانع إلا أني لن أذهب معكم الليلة فقد واعدت مومسة زانية وخمري عندي .. ولكن في الغد آتيكم
انطلق زميله الذي كان معه
وفي الغد جاء بعد أن أفاق من سكره ليأتي به ويدله على المكان .. ولما قرب من الفندق وإذا به محاط بالشرط
يسأل : ما الذي حدث ؟ أهناك لصوص أو عصابات ؟
قالوا : لا ، إن الفندق قد احترق بكامله
فوقف شعر رأسه متأملاً : أين صاحبي ، جئنا لنمرح
قالوا له : ألك معرفة هنا ؟
قال : نعم .. نعم .. أخذوا يَجْرِدُون وإذا بصاحبه يأخذه كالفحم محترقاً
ويسأل ، فقالوا : قد مات ومعه امرأة في نفس الليلة .
جلس يوماً أو يومين ثم حمل صاحبه ينقله إلى هذا البلد وهو يقول : الحمد لله الذي لم أبت معه فأكون كمثله .. وأظنه استقام على طاعة الله
وعلمت والدته بالمصيبة ، وجيء به إلى البيت يستفتون أيغسل أم لا
قالت الأم : أريد أن أودعه بنظرة واحدة قبل أن تدفنوه .. وألحت بشدة .. فلما كشفت عن وجهه أغمي عليها ، ولها شهران في المستشفى .. ثم سمعت بأنها توفيت رحمها الله.
📼 من شريط "حقائق حول الزمن" عمر العيد
٧ ـ من أوراق معلمة
لا أعرف ما الذي جرى لنا؟ وإلى أي منحدر نسوق أنفسنا إليه بكل جرأة وثبات..
مع تداخل الثواب والعقاب وتمازج الرحمة والقسوة وأنا أحاول معها بكل ما أعطاني ربي من قوة وتحمل لتدريسها.. تلميذة من تلميذات الفصل زهرة لا يتجاوز عمرها السنوات السبع.. مرتبة نظيفة ذات ضفائر جميلة تأتي كل يوم بتسريحة جديدة لافتة للنظر.. حاولت معها مرة ومرات ولكن المحاولة تذهب أدراج الرياح. إذاً لابد من الاستعانة بالأم.. بهذا حدثت نفسي، فللأم دور كبير في الحياة..
جاءت الأم.. ويا ليتها (؟..!) بعد حديث قصير حول البنت ومستواها الدراسي وكيفية التعاون و.. و.. و... نطقت الأم قائلة.. (لا يكون خاطرك إلا طيب) والتفتت إلى الصغيرة ذات السنوات السبع.. (والله إذا ما تعاونت مع المعلمة ودرست وكتبت الواجب فلن تذهبي معنا في الصيف إلى سويسرا) بكت الابنة.. بكت بحرقة لأنها ستحرم السفر لأن السفر أهم عند الأم والابنة.
وبكيت أنا حرقة ولوعة وأسى على حال المسلمين، على حال أمهات المستقبل.. اعذريني يا ابنتي لأني لم أفهمك وأفهم أمك.
ألا ترون معي أن الفقر حكمة في بعض الأحيان.. رحم الله حالنا وحال المسلمين.
منى صبحي الهنداوي
📚 مجلة حورية العدد ٨ / جمادى الأولى ١٤٢٧ هـ
٨ ـ هذه قصة أخي
قبل يومين كان أحد زملاء أخي يقود «دباب بانشي» في العاذرية تعرّض لحادث مريع، إذ سقط في حفرة وكانت إصابته بالغة حيث انكسر فكه وأصيب ظهره و تمزق جزء بسيط من رئته وهو الآن على السرير الأبيض في أحد المشافي تحت الملاحظة الفائقة.
الأمر المحزن أنه كان مع أخي في إحدى الدول المجاورة قبل أسبوع تقريبا ولو كان يعلم أنه سوف يصاب بهذه الإصابة ويفقد الوعي لما سافر.
ذهب أخي لزيارته قبل العصر في المشفى وما إن وصل حتى أخذ يجرّ الخطى، يمشي ببطء شديد، يفكر أثناء سيره داخل الممرات كيف سيرى شكل صاحبه داخل غرفة الملاحظة الفائقة، دلف الغرفة وهاهو صاحبه أمامه على السرير لا يستطيع الحراك، الأجهزة تحيط به من كل مكان منظره تغيّر كثيراً، عندها تنهد أخي وسالت دموعه؛ لأنه تذكّر موقفاً حصل مع صديقه قبل أيام عندما سمعا الآذان قال له أخي هيا لنتهيأ لأداء الصلاة فرد عليه: العمر طويل، عندما تذكر ذلك بكى أخي وضاقت به الدنيا الواسعة.. يا الله! كيف قالها ليته علم أنه سوف يكون هنا قبل أن ينطقها وتتحرك بها شفتاه، أحسّ أخي بثقل على كاهله وبانتفاضة في جسده وضيق في صدره فخرج من الغرفة مسرعا متجها نحو سيارته، ولم يستطع أن يقودها بل إن أفكاره وذكرياته فقط هي التي أصبحت تقوده، تذكر أني أهديته شريط قرآن ولم يجد عناء في البحث عنه لتميّز غلافه عن بقية الأشرطة التي عنده وعندما سمعه هدأ روعه وسكن جزعه، أراد التحرك ولكن لا يعلم إلى أين يذهب، بلى لقد عرف الطريق الذي ينبغي له ولكل إنسان أن يتجه إليه إنه المسجد حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم لبلال: (أرحنا بالصلاة يا بلال).
المشكلة ليست هنا: المشكلة أن زملاءه بالاستراحة - أصدقاء العمر كما يقولون - سوف يقيمون حفلة يوم الأربعاء القادم في إحدى الاستراحات وقرروا استضافة أحد الفنانين، رفض أخي رغم أنه ليس بملتزم وقال كيف تقيمون هذه الحفلة وصاحبنا الذي كان لا يفارقنا على هذه الحالة؟! رد عليه أحدهم: إذا ضاقت بنا الدنيا هل ستعود له عافيته ويخرج من المشفى؟!، طبعاً أخي تضايق وسكت أو بالأصح لم يعرف كيف يرد (آه من أصحاب هذا الزمان).
تذكرت في هذه اللحظة ضعف الإنسان، فأهل المُصاب في المشفى ينظرون إليه ولا يستطيعون فعل أي شيء له، ومع ذلك تجد المعافى يتجبّر على غيره، الزوج على زوجته، والزوجة على الخادمة، والغني على الفقير، والرئيس على المرؤوس، نسوا وتناسوا أنه في أي لحظة قد ينقلب الأمر عليهم فلا يستطيعون فعل أي شيء، بل ربما يصابون بمرض أو عاهة.
(سوف أنتقل بكم سريعاً إلى ذاكرتي)
تذكرت لما توفّيّ أحد الملتزمين – لا أعرفه شخصياً - ذهب أربعة من زملائه في نفس اليوم لمكة وأخذوا عمرة عنه وخامس قام بتوزيع كتب شرعية يقول هذه عن فلان رحمه الله، مغسلة الأموات امتلأت الكل يريد تغسيل صاحبهم المتوفّى والمقبرة مليئة برجال وشباب يدعون له، جاء من زملائه السابقين – قبل الالتزام - ثلاثة أشخاص فقط، - التزم قبل وفاته بشهرين رحمه الله - وباقي الحضور لا يعرفونه ولم يروه في السابق، وزملاؤه الملتزمون الجدد تصدقوا عليه ويزورون قبره كل فتره يدعون له ويذكرونه بالخير.
عرفت الآن الفرق بين المستقيم وغير المستقيم .. الفرق بسيط جداً: المستقيم عرف أن أمامه يوماً سيلاقي فيه ربه ولذلك أرسل الله له من يعينونه على هذا اليوم. أما غير المستقيم نَسيَ هذا اليوم ولن يجد من يعينه في هذا اليوم.
صالح بن سليمان أبو حميد
📚 مجلة الأسرة العدد ١٦٠ رجب ١٤٢٧ هـ
٩ ـ مسافرون بلا هدف
نتألم كثيراً عندما نرى أفواج شبابنا تهرع نحو الموانيء والمطارات متجهين نحو بلاد عُرف عنها ما عُرف لا ليحصّلوا العلم والمعرفة، ولكن من أجل السياحة والعبث. نتألم لأننا حتماً سنخسر فيهم كل شيئ، ونحزن لأننا نتركهم للضياع في الشوارع والحانات في بعض الدول الغربية، ومن يسير في فلكها من دول العربان.
ماذا نفعل وقد انتقلت عدى السفر إلى الخارج إلى فتياتنا.. أمهات المستقبل ... مدارس الأجيال.. حفيدات عائشة وصفية.. إنها مصيبة أشد وقعاً على نفوسنا. إنني أحمّل المسئولية عن هذا النزيف أولياء الأمور الذين يضعون أبناءهم وبناتهم في فوهة المدفع، ويساهمون في تدمير أخلاق فلذات أكبادهم، ويُفقدون المجتمع أعضاء كان من الممكن الاستفادة منهم لو أحسنت تربيتهم.
لولوة بنت صالح الشدوخي
بريدة – السعودية
📚 مجلة الأسرة العدد (٣٥) صفر ١٤١٧ هـ
١٠ ـ الإصابة بالأمراض المستعصية
هذا شاب يقول عن نفسه في آخر حياته:
بعد أن أنهيت الثانوية - ونحن الآن في هذا الجو الذي قد انتهى فيه البعض من الثانوية- جاءني أحد رفقاء السوء فقال لي:
يا فلان! أتحب السفر معنا؟
قلت: إلى أين؟
قال: إلى تلك البلاد الآسيوية.. بلاد آسيوية فيها المنكر والفساد، جهاراً نهاراً بأبخس الأثمان،
فقلت: كيف؟
قالوا: اطلب من أبيك المال، وسافر معنا والأمر بسيط، أياماً معدودات ثم نرجع
قال: فجئت إلى أبي.. وانظروا إلى أبيه الغافل، وكم غفل بعض الآباء عن أبنائهم.
فقال: يا أبي! قد نجحت في الثانوية، وحصلت على التقدير العالي، وأريد مكافأةً؟
قال: ماذا تريد؟
قال: أريد مالاً؛ لأذهب وأسافر مع أصحابي.
فقال الأب: إلى أين؟
قال: إلى تلك البلاد،
قال: لا بأس، فأعطاه المال،
قال: فسافرت لأول مرة، فذهبنا إلى تلك البلاد، والغريب أنني رأيت شباباً من أبناء بلادنا دخلوا أماكن حمراء.. أماكن مظلمة.. أماكن فيها الفساد والشهوات، يفعلون الفواحش والمنكرات، فدخلت معهم، وفعلت ما لم أظن أنني أفعله في حياتي يوماً من الأيام، صنعت المنكرات، وفعلت الفواحش، وأتيت الشهوات، يقول: فتلذذت مرة بعد الأخرى، حتى رجعت إلى بلادي فاشتقت إلى الرجوع، فأخذت من أبي مالاً مرة أخرى.. وهكذا توالت السفرات بعد السفرات، حتى وقعت في وكر المخدرات.
يقول: فلما نفدت الأموال، بدأت أسرق الأموال؛ لأسافر إلى تلك البلاد، السفر صار في دمي، والمخدرات تجري في عروقي، ومرت الأيام والسنون، حتى جاء ذلك اليوم -اسمع ما الذي حدث؟- يقول: أحسست بإعياء شديد، فسقطت على الفراش، فذهب بي أصحابي إلى الطبيب، وبعد التحاليل والفحوصات، جاءني الطبيب يفاجئني، وقال: يا فلان! إن الأمر صعب، قال: أخبرني يا طبيب. قال: بعد التحاليل اكتشفنا في الدم أنك مصاب بفيروس الإيدز.
يقول: فكأن الدنيا قد أظلمت أمامي، أحلامي تبددت، وضاقت علي الأرض بما رحبت.
أيها الطبيب! ربما أخطأتم، قال: سنعيد الكرة، فأعادوا التحليل مرة أخرى، لكن النتيجة هي النتيجة،
يقول: ذهبت إلى طبيب آخر وإلى مستشفى آخر، ولكن النتيجة هي النتيجة، ثم رجعت إلى بلادي مسود الوجه، قد أظلمت الدنيا أمامي، يقول: وأنا الآن أكتب إليكم قصتي وأنا على فراش الموت أنتظر الموت!!
أتعرف ما الذي يحصل؟ إن الإيدز أوله فضيحة وعار، وتمر به الأيام وهو على الفراش ملقى ثم يبدأ بعد هذا تنهار قواه، ثم يصاب بشلل في الجسم؛ لأن الفيروس يصيب المخ، وتمر به الأيام حتى يصير على الفراش ملقى لا يستطيع أن يقضي حاجته بنفسه.
أرأيت أين المتعة والشهوة؟ أين السهرات؟ أين الفتيات؟ أين السفرات؟ كلها قد ذهبت، وهو الآن على الفراش لا يقرب منه أحب الناس إليه، كل الناس قد هربوا منه، يخافون أن ينتقل المرض إليهم، فإذا ذكروا فلاناً اسود وجه أبيه، وأظلمت الدنيا في عين أمه، وبكوا ودمعت أعينهم، ابنهم على الفراش ينتظر الموت، ثم تمر به الأيام، فيذهب شيء من عقله، فيصاب بالجنون، ثم يأتيه ألم شديد، يأخذه من رأسه إلى رجله، وربما يظل على هذه الحال سنة أو سنتين، يتمنى الموت ولا يموت.. يتمنى الموت ولا يدركه، ثم يتعذب سنيناً أو شهوراً على هذه الحال، ثم يقبض الله عز وجل روحه.
تفنى اللذاذة ممن ذاق صفوتها ...... من الحرام ويبقى الإثم والعار
تبقى عواقب سوء في مغبتها ...... لا خير في لذة من بعدها النار
إحدى البلاد العربية لما زرتها سألت أهلها: لماذا يسمح أهل هذا البلد بالفجور وبالمومسات؟ هذا الأمر مفتوح في تلك البلاد بقوانين رسمية، الخمور والممومسات في بعض الفنادق موجودة، فسألتهم: ألا يوجد عندكم الإيدز؟
فقالوا لي: إن الإيدز منتشر، لكن الإحصائيات يُكتم عليها، حتى أخبرني أحد الذين يعملون بالصحة، قال: عندنا أعداد ضخمة ممن يصابون بالإيدز، ولكنها تكتم ولا تصل إلى عامة الناس،
قلت لهم: أتعرفون أشخاصاً بأعينهم؟
قالوا: نعرف رجلاً كبيراً في السن متزوجاً وعنده أبناء، رجل مستقيم، لكن لحظة من حياته غلبته شهوته، ففكر في السفر، ولم يسافر في حياته إلا أياماً قليلة ثم رجع وتاب، يقولون: مرت الأيام ولكن تلك السفرة كانت سبباً في إصابته بالإيدز، فعولج ثم هلك في المستشفى، يقولون: الأغرب من هذا أن زوجته كانت من الصالحات، وهي مستقيمة، وبعد أن توفي زوجها بأشهر اكتشفوا في دمها فيروس الإيدز، والزوجة صالحة ومتدينة.. من الذي قتلها؟ من الذي أجرم بحقها؟ من الذي أوصلها إلى هذا الحال؟
إن هذه المرأة المتدينة لم تكن تعرف للحرام طريقاً.. من المجرم؟ إنه الزوج.
فقالوا لها: أتحبين العلاج لنذهب بكِ إلى أي بلاد شئت؟
قالت: لا والله، لن أموت إلا على سجادتي وأنا أصلي بين يدي ربي جل وعلا، وفعلاً مرت شهور وماتت الزوجة في بيتها، محتسبة صابرة.
📼 من شريط (قصص من الواقع) لفضيلة الشيخ نبيل العوضي
١١ - إكمال الدراسة الجامعية في الخارج
هذه القصة مؤلمة ولها جوانب اجتماعية كبيرة، وهي للشاب (ف.خ)، فبعد تخرجه من الثانوية العامة ذهب إلى إكمال الدراسة الجامعية في الولايات المتحدة الأمريكية وقضى هناك عدة سنوات وأتم دراسته بنجاح
ورجع إلى بلده بعد تحقيق حلمه وحلم أهله بعد حصوله على الشهادة الجامعية،
وعند رجوعه حصل على وظيفة مرموقة وأمن مستقبله، وطلب من أهله البحث عن فتاة يكمل بها نصف دينه وقد تم له ذلك، وظفر بزوجة أحبته وأحبها، وقرت بها عينه
إلى أن جاء وبدأ سيناريو الفاجعة المؤلمة عندما شعرت الزوجة الشابة الطموحة المغلوبة على أمرها بعد أربع سنوات من زواجها (التعيس) بالتعب والإرهاق من تكرار الالتهابات الرئوية وتم إدخالها للمستشفى،
وكانت الشكوك لدى الأطباء حول إصابتها بنقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، وتم إجراء التحاليل الطبية اللازمة التي أثبتت وللأسف إصابتها بفيروس (الإيدز) الخطير،
وقام الفريق الطبي باستدعاء زوجها وأجريت له التحاليل التي أثبتت إصابته هو الآخر بالفيروس.
فاعترف أمام أحد الأطباء بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بعيادة الإيدز ممارسته وقيامه ببعض الممارسات الجنسية المحرمة أثناء دراسته بالخارج ولم يكن يعلم بإصابته بهذا المرض الفتاك، وكان شديد التألم، وقال: لو كنت أعلم عن إصابتي بمرض الإيدز لما أقدمت على الزواج ولَمَا عرضت زوجتي التي أصيبت بهذا المرض المميت،
وكان هذا الشاب متألماً لحال زوجته أكثر من تألمه لنفسه وبإحساسه بأنها لا ذنب لها،
بدأ يذرف الدموع، وذهب إلى زوجته يعانقها ويتأسف منها ويحلف لها بالإيمان المغلظة بأنه لا علم له بإصابته بالمرض الذي يتألم منه،
واستمر الزوجان يعانيان من جحيم (الإيدز) تحت المتابعة الطبية فترة من الزمن، ولم يكن التقدم الطبي في ذلك الوقت كما هو عليه الآن من تطور طبي من حيث وجود أدوية فعالة كما هو متوفر الآن
واستمرت حالة الزوجة في تدهور، وأخيراً ظهرت أورام لمفاوية في البطن وأثبتت الفحوص عن إصابتها بسرطان لمفاوي بسبب نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)
وتوفيت الزوجة المسكينة متأثرة بمرضها،
وقد آلم زوجها ذلك كثيراً فعاش فترة اكتئاب مستمرة،
وقد لحق بها بعد عدة أشهر متأثراً بمرضه وحالته النفسية التي لا يحسد عليها.
وهذه القصة تدل على أهمية فحص الزوج والزوجة قبل الزواج للاطمئنان على حالتهما الصحية قبل ارتباطهما.
📚 من كتاب (قصص من الحياة) عبد المطلب حمد عثمان
١٢ ـ أريد أن أسافر لبريطانيا..
التائهة ت- ف : رغم أن عمري تجاوز الـ ٢٥ سنة إلا أنني أقترف الذنوب كثيراً.. حاولت معالجة هذه المشكلة والتوبة منها إلا أني سرعان ما أعود إليها.. كيف لا أدري؟
على الرغم من أنني أحفظ القرآن الكريم إلا أني أرتكب الكثير من الذنوب حيث ألبس الملابس الشبه عارية في الحفلات، وأتساهل كثيراً بالحجاب وأشاهد الفضائيات وغير ذلك.. أعيش حياتي بكل ما فيها من ملذات ورغم ذلك أشعر بالملل فأشعر برغبة لممارسة أي شيء آخر ولو كان محرماً.. كما أني لا زلت أعامل في البيت كطفلة مدللة..
وفي هذا الصيف كنت أريد أن أسافر لبريطانيا للدراسة لأمارس فيها كل ما أريد من أنواع الحرية.. أريد نصيحتكم أرشدوني فأنا أحس بالضياع واليأس..
أيتها الغالية.. اطلعت على رسالتك بين وقت أذانٍ وإقامة فدعوت لك بكل الخير..
ولقد دهشت عندما ذكرت بأنك لا تتأثرين وهذا غير صحيح.. أتعرفين لماذا؟
لأنك لم ترسلي رسالتك عبثاً بل لابد وأن لديك قلباً حياً ونفساً لوامة حثتك على ذلك..
إن البحث عن الحق يستلزم فتاة مثلك لها شخصية قوية وذكية تواجه بها مكائد الشيطان..
وحفظك للقرآن نعمة.. وكل ما أعطيتي نعمة وهي كلها من الله عز وجل..
تأمليها وأغمضي عينيك لبرهة وتخيلي أنك فقدت إحدى النعم والله على ذلك لقدير إلا أنه أسبغ عليك ستره ورحمته وهو ينتظر عودتك سبحانه..
يقول الله عز وجل في الحديث القدسي: (يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي.. يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة).
وكما تعلمين فإن بعض الأعمال تورث قسوة في القلب فابحثي عن العمل الذي تسبب في ذلك..
ومن في ذكاءك تعلم بأن الطريق طريقان لا ثالث بينهما..
طريق عائشة وفاطمة وأمهات المؤمنين والصالحات..
وطريق الفاسقات والخاسرات..
فاختاري أنت ماذا تريدين وأي طريق ستسلكين؟
فإذا أردت الطريق الأخضر قد تنفعك هذه الوسائل:
* تقربي من الله فمن تقرب منه شبراً تقرب الله منه ذراعاً.. وأنت تقربت أكثر فالله أكرم وأعظم..
* تعرفي على أسماء الله الحسنى وصفاته فإنها تورث محبة الله وإتباعه.
* استشعري معاني الآيات القرآنية من خلال التفاسير.
* وإذا أردت لزوم هذا الطريق فعليك بالصحبة الصالحة..
* ولا تنسي الدعاء بصدق.. أرسلي دمعاتك آخر الليل ساجدة راكعة وكوني كحال الطفل الذي يبكي حتى ينال بغيته من والديه. ولا يهلك أحد مع الدعاء كما أخبرنا بذلك صلى الله عليه وسلم.
* كما بوسعك أن تقومي بزيارة دور الأيتام والمساكين محملة بالمال والهدايا.
* وإن كنت تحملين روح المغامرة فهناك العديد من الدورات التي تكشف أغوار النفس.
وأنت بذكائك ستتعرفين على وسائل أخرى تجلب لك الخير وبعدها لن تشعري بإذن الله باليأس ولا الضياع بل بروحٍ تعانق السحاب وحالك يقول.. الله ربي لست أعبد غيره.. ولست إمعة أوجه كالغنم..
وأوصيك بسماع الشريط الرائع قوافل العائدين.. ونرجو أن تطمئنينا برسالة عنك إن شاء الله..
📚 مجلة حياة العدد (٤٢) شوال ١٤٢٤ هـ
١٣ - أحمد والزواج من ألمانية
نصيحة من محب
جلس أحمد متوترا أمام ابن أخته وهو يخبره عن رغبته في الزواج من زميلته الألمانية، يخبره عمّا تتصف بها من حسنات ، عن عقلها، عن جمالها، والأدهى من هذا كله، يخبره أنّه سينهج نهجه في الزواج من غير عربية.
مرّت على أحمد بعد هذا الخبر ليلة لم يعرف فيها طعم النوم، وهو يرى ابن أخته يتّخذ منه مثلا أعلى وقدوة، وما إن بزغ النور حتى قام إلى ابن أخته الذي أتى من بلاده للدراسة في هذا البلد الأوروبي، وحيث وافق أهله ورحبوا لأنّه سيكون في بيت خاله وتحت رعايته.
استدعاه إلى مكتبه وأحكم إغلاق الباب..تعجّب الشاب من تصرفات خاله، لكنّه أخفى استغرابه وانتظر ليرى سبب ذلك، أجلسه خاله وجلس على أريكة مقابلة له.
فترة من الصمت سادت بينهما، كان الخال فيها متوتّرا لا يعرف من أين يبدأ ، والشاب متلهّف ينتظر..وبعد أن استجمع أحمد بقايا شجاعته، قرّر البدء بالكلام، بلع ريقه، ثم نظر في عينيّ ابن أخته وقال:
اسمع يا بني، وانتبه جيدا إلى القصة التي أريدك أن تعيها بعقلك قبل قلبك .
في يوم من الأيام ، كان هناك شاب مجتهد حصل على منحة دراسية في بلد أعجمي، كان هذا الأمر أقصى أحلامه، فرحته حينها لم توازها فرحة ،ولم يهتم وقتها لبكاء أمّه وتوسّلاتها،ولا لوصايا والده..كانت بلاد الأعاجم تتراءى له أمام مخيلته كعروس في أبهى حلّة تغريه إليها فتطغى صورتها على كل ماعداها .
ترك بلده وسافر وهو يحلم بالشهادة التي سينالها، وبالمركز الذي سيحظى به بعدها، ووصل إلى البلد المنشود..بلد كل ما فيه غريب عليه، النظام، الناس ، واللغة..ولكن ما ان انخرط في الدراسة حتى اندمج مع هذا البلد ومع أهله،
وما كان يتعبه فيه إلا فتياته الكاسيات العاريات، ذوات الجمال الأخاذ ، أولئك اللاتي ما كن يعرفن للأخلاق من سبيل، وكان يتعبه تحصنه وتمسكه بدينه وابتعاده عن الوقوع في هوّة الحرام، خاصّة بعد أن شاهد الكثير من أصحابه المسلمين يتهاوون في مكائد الشيطان فيبيعون دينهم لعرض من الدنيا..
وصار يرتاد مسجدا قريبا من داره يقضي فيه شطرا من وقته يهرب به من رغبات النفس ووساوس الشيطان.
فتعرف هناك على إمام المسجد الذي كان من بلد آسيوي، وصارت بينهما علاقة أخوة في الله، ولم يشعر هذا الشاب إلا وقد تزوج من قريبة هذا الإمام، بعد أن نصحه بأن الزواج هو الحل الأفضل له ،وأنه ما زال في سنته الأولى ومازالت أمامه سنوات دراسة، فإن تمكّن الآن من الذود بنفسه من براثن الفتنة فهل سيتمكن غدا؟؟
كانت الفتاة طيبة تعمل في سلك التدريس، وافق عليها وفرح بها أيما فرح ، أرسل إلى أهله يخبرهم عنها وعن نيته بالاقتران بها ، وما كان يتصوّر ردّة فعل الأهل حينما عرفوا ، أرسل والده يطالبه بالعودة الفورية إلى الوطن وإكمال الدراسة هناك، وأرسلت الأم تعرض عليه من تعرفه من فتيات الأقرباء والأصدقاء، كلّ هذا ما كان ليثنيه عن عزمه وعما كان يراه وقتها صحيحا ، واقترن بها رغم رفض أهله وإصرارهم على ألا يتزوج بغريبة ، فهو كان يرى في كلامهم تخلّفا ورجعية..
سنوات أعقبت زواجه وهو يعتقد نفسه من أسعد السعداء، ولم لا؟؟ فهو كان ناجحا في دراسته ، ولديه زوجة جميلة تشبع رغبات الجسد وتساعده بعملها في تحمّل تكاليف الحياة، ورزقه الله بولدين ، فرح بهما فرحا شديدا رغم أن وقته ماكان يسمح له أن يكون معهما كما يكون الأب مع أولاده، فالدراسة والعمل كانا يأخذان منه جلّ وقته، وكلّ اهتمامه، فأوكل أمر تربيتهما لزوجته ولوالدتها أثناء غياب الزوجة في العمل،
وكان يوطّن النّفس أنه لا بد سيأتي اليوم الذي يتفرّغ فيه للأولاد فيعلمهم اللغة العربيّة التي يجهلونها، ويعلم زوجته أيضا لغّة القرآن حتى يمكنهم التخاطب جميعا باللغة العربية ويهجرون الانكليزية فلا يستعملونها إلا خارج البيت. لكنه كان حلما يا بنيّ لم ير النور.
مرّت السنوات ، ونال شهادة الدكتوراه وبعدها شهادة خبرة ، وبعد عشر سنوات من الغربة وترك الوطن قرر العودة إلى بلده...
قرار العودة كلّفه وقتا طويلا أقنع فيه زوجته التي كانت رافضة أن تترك بلدها وأهلها وعملها ،وأن يزيّن لولديه العالم الجديد الذي هما منه، وفي آخر المطاف وافقوا وانتقلوا جميعا إلى الوطن مع فرحته الكبيرة.
أثناء الرحلة وبينما الطائرة في السماء لم يتوقف الشاب عن التكلّم لأولاده وزوجته على وطنه، وعلى ذكرياته مع إخوته وأصحابه، وعلى أمه كيف كانت الحضن الدافئ الذي يضم بين حناياه العطف والحنان، على سهراتهم العائلية في الشتاء حول الموقد، وعلى قصص والده الواقعية ذات العبر...
وما إن حطّت الطائرة على أرض الوطن حتى انهمر الدمع من عينيه شلالا، لم يعد يتحمّل وقوف المسافرين وانتظار الباب أن يفتح، يريد الخروج بأسرع ما يمكن، ها هو قد عاد إلى أرض الآباء والأجداد، أرض ولد فيها ونشأ، بلد ضمّ الأحباب وأحلى الذكريات...ما أصعب سنوات الغربة وما أقساها، كيف استطاع أن يبتعد عن بلده؟؟؟عن أهله وأصحابه؟؟
وفي صالة الاستقبال وجد حشدا كبيرا في استقباله، أفراد العائلة كلهم والأصدقاء، حتى صاحب الدكان الصغير الذي كان يشتري منه منذ الطفولة الحلوى والسكاكر كان موجودا.. وأكثر ما أثر فيه وقوف والده على عكازين وقد فعلت السنون به ما فعلته، ورغم ذلك أتى وكان في أول الصفوف..
استقبالهم الرائع كان له أجمل الوقع على القلب ، جعله يعود إلى شخصه قبل السفر والتغرّب والزواج، ذلك الشاب الذي كان يعشق وطنه وأرضه...
بقي بعده أياما وهو متلهف لمعرفة أخبار الجميع في البلد، الأهل والأصحاب... كان يمشي في الشوارع غير مصدق أنه عاد إليها، أخيرا عاد ابن الوطن إلى وطنه وأهله، كل شيء تغيّر، الناس كبرت، وملامح البلدة تغيرت فقد عرف العمران طريقه إليها،
إلا أهله لم يتغيّروا، فقد بقيت أمه الحضن الذي يضم أفراد العائلة ،
وبقي الأب في هيبته وعنفوانه..
وبقيت لهفة الإخوة والأخوات على بعضهم البعض..
أين كان من هذا كله؟؟ وأين ألمانيا وماديتها وهذا الحبّ المتدفّق هنا؟؟
كم خسر كثيرا عندما سافر وتغرّب... لكن ولله الحمد قد عاد..
أخيرا عاد ليصحح الوضع الذي وضع نفسه فيه..
الحمد لله أنه أتى بعائلته ليروا بأنفسهم كل هذا..
وعليه أن يسعى الآن بتسجيل ولديه في المدرسة والبحث عن عمل له ..
لكن زوجته وولديه لم يتقبلوا حياتهم الجديدة.. وكيف سيتقبلونها بعد أن كانوا في عالم مختلف تمام الاختلاف عن العالم الذي هم فيه الآن؟ عالم كله حضارة وسهولة، لا مكان للعواطف، كل ما فيه آلات تتحرّك ،
كما أن أهله لم يستطيعوا تقبّل زوجته غير العربية وتصرفاتها الغربية.
وبسبب بحثه عن عمل كان يضطر ولأول مرة منذ زواجه أن يصرف وقتا طويلا في بيته مع عائلته التي ما كان يعرف عنها الكثير، وصار يصطدم بتصرفات زوجته التي تختلف عن تقاليده وتقاليد مجتمعه،
كما انتبه إلى أن ولديه تشربا تقاليد أمهما وعاداتها ولم يأخذا من أبيهما أي شيء، وهذا أمر طبيعي يا ولدي، فهما لم يكونا يريانه إلا سويعات جد قليلة في اليوم،
وبدأ يقارن بين زوجته ومشاعرها المقتضبة وبين زوجات إخوته وأصدقائه ومشاعرهن الملتهبة على أزواجهن وأولادهن،
بدأ ينظر إليها كيف تطالبه بالمساواة في كل صغيرة وكبيرة، وكيف هن زوجات الآخرين شمعات تذوب لتضيء لأحبائهن طريق الحياة.
بقي على هذه الحال أكثر من سنة ، كان يرى فيها نظرات أمه المشفقة وهي تشعر بما يعانيه .
بعد سنة من كل هذا يا بني، ورغم أنه وجد عملا جيدا يعتبر من أفضل الأعمال في الوطن ، رغم ذلك قرر الهروب ثانية على المواجهة وقرر العودة إلى البلد الذي أتى منه.
اتخذ هذا القرار بعد صراع مع النفس عنيف، وتحت ضغط من الزوجة والولدين.
أخيرا فرّ بمأساته وهو يتجرع الألم والمرارة...
كتب على نفسه البعد مجددا عن الأهل والوطن، والعيش في بلاد المادة والآلات.. ما كان أمامه أي خيار آخر.. لقدكان أمامه إما التضحية بنفسه أو بأسرته... آه يا ولدي ما أصعب على الرجل أن يجد نفسه محشورا في الزاوية كما صاحبنا هذا... وليتك تتصور الألم الذي قاساه وهو يودع عائلته من جديد، يودعهم هذه المرة وهو على يقين انه لن يعود إليهم إلا للزيارة، وليتك تتصور الشعور الذي شعر به والطائرة تحط على أرض الغربة ثانية..كان يشعر أنه يذهب إلى السجن المؤبد بقدميه.
والآن... له عشرون سنة في هذا البلد، لا يزور بلده إلا زيارات متقطعة، ويعيش يا بني في بيت لا حياة فيه، بيت خاو ناضب من أي مشاعر ، حتى الزوجة فقد عافته بعد أن كبر وصارت معه كأخت، لا لا ، بل كشريكة في السكن لا غير،
وولديه.. آه من ولديه، أحدهما تزوج من قريبة أمه وسافر إلى مقاطعة ثانية فلا نراه إلا مرة كل سنة أو سنتين، والثاني هجر البيت وسكن لوحده مقلدا الشعب الذي عاش بينهم.
أعرف يا ولدي أنك عرفت عمن أتكلم ، نعم أن أتكلم عن نفسي،
لا تستغرب يا ولدي،
فما تراه من مظاهر توافق ما هي إلا غلاف.. غلاف لواقع كله تعاسة ومرارة وآلام..
أنا ضيعت يا ولدي حياتي حين فكرت بمن هي غير عربية وليست من بلدي، رغم أنني اخترتها مسلمة، فكيف بك وأنت تختار كافرة، تختلف عنك في العقيدة واللغة والعادات والبيئة والبلد وكذلك في المفاهيم والتصورات،
يا بني عِ ما قلته لك.. وإياك أن تنظر إلى الزمن القريب، بل إلى البعيد، انظر إلى حياتك معها ان تزوجتها بعد عشر سنوات أو عشرين.. الرجل منا يا ولدي بعد سنوات من الزواج لا يعود كل ما يريده جميلة مثيرة.. بل يريد قلبا وروحا وعقلا.. وهذا لن تجده في بنات الغرب أبدا.. هن آلات يا بني، اسألني أنا عنهن، أنا عشت حياتهن وخبرتهن,,
إياك أن تقع بما وقعت فيه، وتعلم من تجربتي واستفد، ولا تنس يا بني المثل القائل: زوان بلادك ولا قمح الغريب.
سحر لبـّـان
💻 موقع صيد الفوائد
١٤ - فيديو: ( أسفار وأخطار )
حلقة بثت في قناة المجد عام ١٤٢٨ هـ
الحلقة بعنوان : ( أسفار وأخطار )
نبذة عن الحلقة :
لقاءات جريئة من تجارب المسافرين .. ماذا يواجه المسافرين في الدول الأخرى ..
ماذا يفعل أغلب الشباب حين يسافر للخارج
رابط الحلقة :
http://safeshare.tv/v/tPbJPtk8-48
١٥ - احترق بأحد فنادق بانكوك وتسبب في اغماءة والدته ثم وفاتها
* قال لي صاحب : عندنا امرأة كبيرة في السن نريدك أن تقرأ عليها
قلت : ما بقي إلا أن أقرأ هنا في المستشفى ! لن أقرأ
قال : في نفسها أحاسيس تريد أن تبديها فما وَجدَتْ أحداً تبديها إليه .
قلت : أذهب
فلما دخلت وإذا هي امرأة في السبعين أو الثمانين ، لها شهران في المستشفى ، وحدثتني بأشياء عجيبة
فلما خرجت قال : ماذا قالت لك ؟
قلت : إنها امرأة مصابة بأمر عظيم .
قال : أنا أقص لك قصتها .. ويذكر لي
أن لها ابناً ممن يسافر إلى بانكوك ولقد نَصحَتْه مراراً فما قبل النصح
وفي آخر مرة وعظتْه فلم يزدجر وسافر إلى هناك
واستأجر مع صاحبه في فندق ، والتقوا ببعض الشباب من هنا ، فأنسوا بهم وقرروا السكن مع بعضهم البعض في فندق واحد ليجتمعوا على الزمر واللهو والزنا والخمر
فقال هذا الشاب : لا مانع إلا أني لن أذهب معكم الليلة فقد واعدت مومسة زانية وخمري عندي .. ولكن في الغد آتيكم
انطلق زميله الذي كان معه
وفي الغد جاء بعد أن أفاق من سكره ليأتي به ويدله على المكان .. ولما قرب من الفندق وإذا به محاط بالشرط
يسأل : ما الذي حدث ؟ أهناك لصوص أو عصابات ؟
قالوا : لا ، إن الفندق قد احترق بكامله
فوقف شعر رأسه متأملاً : أين صاحبي ، جئنا لنمرح
قالوا له : ألك معرفة هنا ؟
قال : نعم .. نعم .. أخذوا يَجْرِدُون وإذا بصاحبه يأخذه كالفحم محترقاً
ويسأل ، فقالوا : قد مات ومعه امرأة في نفس الليلة .
جلس يوماً أو يومين ثم حمل صاحبه ينقله إلى هذا البلد وهو يقول : الحمد لله الذي لم أبت معه فأكون كمثله .. وأظنه استقام على طاعة الله
وعلمت والدته بالمصيبة ، وجيء به إلى البيت يستفتون أيغسل أم لا
قالت الأم : أريد أن أودعه بنظرة واحدة قبل أن تدفنوه .. وألحت بشدة .. فلما كشفت عن وجهه أغمي عليها ، ولها شهران في المستشفى .. ثم سمعت بأنها توفيت رحمها الله.
📼 من شريط "حقائق حول الزمن" عمر العيد
◽️◽️
👇
✍ تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق