الخميس، 14 أبريل 2016

الطاقة الكونية والحيوية أسرار وآيات (٦)


عبد الرحمن بن يحيى السالم
باحث في الطب البديل
ومستشار علم الإشارات العصبية والأمراض الروحية


* *

الطاقة الكونية والحيوية أسرار وآيات (٦)



>>> تنظيم الرقية وفتح عيادات للعلاج بالقرآن



أهلاً بكم أعزائي القراء في هذه الرحلة الجديدة، والتي سنحلق فيها مع الحلقة السادسة من حلقات (الطاقة الحيوية).

بما أن القرآن الكريم يعتبر أقوى مولد للطاقة الحيوية وخير زاد لروح المؤمن، رأيت أن أتحدث عن مسألة خلافية مهمة يجب توضيحها وتحرير الخلاف فيها.

وهي مسألة: هل يجوز تنظيم الرقية وفتح عيادات للعلاج بالقرآن أم لا؟

فأقول وبالله التوفيق، بعد أن تناولت في الحلقة الماضية موضوع
(عين الإعجاب) وما يترتب عليها من آثار نفسية وعضوية واجتماعية متمثلة في كثرة المشاكل والخلافات الأسرية، والطلاق أحياناً لدى بعض الحالات الصعبة، وكثرة الاحتلام وزيادة الطاقة الجنسية المؤدية أحياناً للانحراف الخلقي لدى البعض من ضعفاء الإيمان.

بعد أن تناولت هذا الموضوع، جاءت رسائل كثيرة من القراء سواءً عبر المجلة أو من خلال البريد الإلكتروني، تطالب وتسأل عن العلاج من هذه الإصابة وغيرها من الإصابات الروحية.

وعند استعراضي للرسائل، اتضحت لي حجم المشكلة التي يعاني منها المجتمع، فهناك الكثير من البنات اللاتي بلغن سن الزواج، ولكن ينصرف عنهن الكثير من الخطاب بعد أن يعدوهن بالرد أو الرجوع مرة أخرى؛ ولكن يذهبوا إلى غير رجعة.

بعض هؤلاء البنات وصل بهن السن ٢٨ سنة وبعضهن ٣٠ سنة وبعضهن ٣٥ سنة، ولك أن تحصي كم من البيوت؟ وكم من البنات داخل هذه البيوت؟ ممن ابتلي بمثل هذه الإصابة، وخاصة من تميز منهن بالجمال أو حسن الخلق وغير ذلك من المميزات المؤدية إلى إعجاب الناس بهن، مع غياب التحصين المستمر.

أما من وفَّقَت وتم زواجها، وهي مصابة بهذا النوع من الإصابات الروحية (عين الإعجاب) فهي تعيش في مشاكل وخلافات مستمرة مع زوجها، تؤدي هذه المشاكل عند البعض من الأزواج الجهلاء إلى الطلاق.


أما الجزء الثاني من المشكلة والأخطر والأعظم، فهو ما يتعلق بالمجموعة الثانية:
وهم الإخوة والأخوات اللاتي أصبن بعين الإعجاب ورافق هذه العين مس من الجن، والذي يتطور إلى ما يسمى (بالمس العاشق).

ولكم أن تتخيلوا الكثير من الآثار المترتبة على وجود هذه الإصابات منها ما هو واضح للجميع مثل: عدم التوفيق في الزواج وانصراف الخطاب، ومنها ما هو غائب عن الكثير، وهو ما يقع من تلاعب هؤلاء الجن بهؤلاء البنات من زنى أو لواط أو غير ذلك مما يعلمه الله وحده، لأنه عشقها، بل إنه يحارب كل من حاول مشاركته فيها، فيقوم بتصوير هذه البنت في شكل بشع أو مخيف في عين الخاطب، تقول: أحد هؤلاء البنات، قالت لي أخت الخاطب: (أخي خاصمني، وقال كيف تغشيني وتقولين هذه البنت جميلة، وقد رأيت وجهها كأنه وجه قرد)، وتقول الأخرى: رآني الخاطب وقال لأهله: كأن وجهها مثل أهل الفضاء، ويقول الثالث: رأيت وجهها قبيح، إلى غير ذلك من الصور والأشكال.

بل إن البعض منهن يتعايشن مع هؤلاء الجن، وتقول إحداهن: (ما في داعي للزواج) (ثم نقول لها) اقرئي على نفسك سورة البقرة، تقول: لا أستطيع القراءة، أشعر بضيق، أو آلام، أو يأتيني نوم عند بداية القراءة، إلى غير ذلك من التبريرات.

أما أحد الشباب المصابين، بالمس العاشق، فيقول: (يدفعونني إلى الشذوذ الجنسي، ولا أشعر بالرغبة الجنسية مع زوجتي، أنا تعبت أريد حلاً)

ونحن نقول: من لمثل هؤلاء، الذين يعيشوا في ضياع أسري واجتماعي ونفسي؛ حيث يظن البعض منهم أنه يعاني من حالة نفسية.


المجموعة الثالثة:
من أصيبوا (بالحسد) وأدى ذلك إلى وقوع البعض منهم في أمراض نفسية أو عضوية، عجز الطب الحديث عن علاجهم، وهم كثير.

بعد هذا نقول: إلى متى ونحن نحرم الناس من التداوي بالقرآن والاستشفاء بكلام الله عز وجل بشكل منظم؟ وإنقاذهم من الضرر الواقع بهم؟ بحجة أن السلف لم يقيموا عيادات للعلاج بالقرآن.

لماذا لا يتم تنظيم هذا الأمر؟، ونقوم بفتح مراكز وعيادات للعلاج بالقرآن، ونغلق الباب على المشعوذين والدجالين والسحرة الذين يستترون بغطاء الرقية.

لماذا لا نصحح هذه العشوائية الحاصلة في المجتمع؟ حيث ترك الحبل على الغارب لكل من هب ودب لعلاج الناس بالقرآن، والبعض منهم لا يعرف كيف يقرأ القرآن، أو ربما يجتهد في التشخيص من غير خبرة أو علم يستند إليه فيقول للمريض أنت مصاب بمس جن وهو في الأصل يعاني من حالة نفسية، أو ربما يقول أنت مسحور، إلى غير ذلك من التشخيصات الخاطئة من أكثر من معالج أو راقٍ والتي تؤدي بالمريض إلى العيش في أوهام يترتّب عليها أمراض نفسية لا نهاية لها.


تحرير المسألة:

أولاً: منشأ الخلاف.
بعد تتبعي لهذا الموضوع، ظهر لي أن منشأ الخلاف بين العلماء سببه أن منهم من يعد (الرقية) من العبادات والتي لا يجوز الزيادة فيها؛ حيث إن الأصل في العبادات الحضر.

والصحيح أن (الرقية) تعد نوعاً من أنواع التداوي، والأصل في التداوي الحل.

وعلى هذا فيجوز فتح عيادات للرقية، وتنظيمها من الدولة بإشراف من عدة وزارات معنية، واختيار الرقاة الموثوق بهم، والمؤهلين علمياً وشرعياً، ويتم متابعتهم وتأهيلهم بشكل دائم، من خلال الدورات والندوات العلمية المفيدة.

ثانياً: الأدلة.
هناك أدلة كثيرة تدل على أن (الرقية) تعد نوعاً من أنواع التداوي

ـ من الأدلة: قول الرسول صلى الله عليه وسلم (تداووا عباد الله ولا تتداووا بحرام)، وبما أن الرقية دواء للأمراض الروحية، فيجوز استخدام أي طريقة، أو تجربة في الرقية، أو تنظيمها في عيادات ومراكز متخصصة؛ لأن هذه الوسائل ليست بحرام في الأصل.

ـ قول الرسول صلى الله عليه وسلم (اعرضوا عليَّ رقاكم لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك) رواه مسلم.

في هذا الحديث تتبين لنا (قاعدة مهمة) وضعها لنا رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم في الرقية، مفاد هذه القاعدة (أنه لا بأس ولا مانع من استخدام أي طريقة أو تجربة أو تنظيم للرقية، وتحرم الطريقة أو الوسيلة الشركية) فهذا شيك مفتوح كتبه لنا من بعثه الله رحمة للعالمين، لعلمه بحاجة الناس للرقية وطرقها المتعددة، في علاج الأمراض الروحية.

ثم يقوم وللأسف بعض طلبة العلم بالتضييق على الناس في هذا الأمر، ويشاركهم في الأمر من له مصلحة في عدم وجود هذا التنظيم للرقية، ويقولون: لم يؤثر عن السلف أنهم فتحوا عيادات للرقية.

ونحن نقول لمثل هذا وأمثاله، لم يؤثر عن السلف أيضاً، أنهم وضعوا أجراً للأئمة والمؤذنين من خلال وظائف وجعلوا لهم وزارة تنظمهم، مع أن الصلاة وما يتعلق بها تعد من العبادات المحضة.

ولم يؤثر عن السلف أنهم وضعوا هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ووضعوا لها رجالاً بوظائف رسمية؛ بل إن هذا العمل يسمى في الشريعة الإسلامية (الحسبة) أي من الاحتساب.

وكذلك مدرسو حلقات تحفيظ القرآن الكريم، لا يوجد نص شرعي يدل على جواز أخذ الأجرة على تعليمهم القرآن للناس.

ولكن حاجة الأمة لتنظيم هذه الأمور، دفعت العلماء للاجتهاد في هذه المسائل وقاسوها على جواز أخذ الأجرة للراقي على رقيته، واستندوا في ذلك على حديث أبي سعيد الخدري المشهور في لديغ سيد الحي، وقد أقرهم النبي عليه الصلاة والسلام على ذلك، وطيب نفوسهم بقوله (واضربوا لي معكم بسهم) مما يعني أن هذه الرقية يستحق الراقي عليها أجراً لكونها عملاً طيباً لا يتمحض الجانب العبادي فيها، بل إنها منفعة وعمل بذل الراقي فيه جهداً يستحق أجراً عليه، كما أن الطبيب يأخذ أجراً في علاجه للناس.

ولكن مما يتعجب منه أحدنا، هو (أنه تم قياس جواز أخذ الأجرة للإمام والمؤذن، ولرجل الحسبة، ولمعلم القرآن على جواز أخذ الراقي الأجرة على رقيته) وتم تنظيم الأئمة والمؤذنين من خلال وزارة عملاقة، وتم تنظيم رجال الحسبة من خلال رئاسة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتم تنظيم تعليم القرآن من خلال جمعية تحفيظ القرآن، أما الرقية التي تم القياس عليها وفيها نص شرعي على جواز أخذ الأجرة للراقي على رقيته)، لم يتم تنظيمها أو إنشاء عيادة أو مركز رسمي لهذا الأمر، وكأن الشيطان استطاع أن يلبس على البعض في هذه المسألة.

ـ من الأدلة أيضاً، أن شراح الحديث يذكرون أحاديث الرقية تحت كتاب الطب وأبوابه مما يعني أنهم ارتضوا تكييف مادة الرقية في باب التداوي والطب.


وأخيراً، يجب أن نتذكر أن الإنسان مكون من جسد وعقل ونفس وروح، ولكل جزء من هذه الأجزاء أمراضه وعلله وأدويته.

فلماذا نركز على أمراض وعلاج الجانب الجسدي، والجانب العقلي والنفسي، ونهمل الجانب الروحي وهو أهم الجوانب والأجزاء في الإنسان، بل إن غالب الأمراض الجسدية والعقلية والنفسية هي عبارة عن أثر ونتيجة للأمراض الروحية.

أتمنى من علمائنا، ورجال هذا البلد المبارك المعنيين بهذا الأمر إعادة النظر في هذه المسألة، وتنظيم عيادات لعلاج الأرواح المتهالكة من إصابات الحسد أو المس أو السحر.

عند ذلك سنكتشف أن الكثير من المشاكل الاجتماعية، والأخلاقية، والأمنية التي ظهرت أخيراً، إنما هي نتيجة لأمراض روحية تسلطت من خلالها الشياطين على البعض، دفعت به إلى محاربة أمته ووطنه.

وإلى اللقاء إن شاء الله في العدد القادم مع رحلة جديدة في الطاقة الكونية والحيوية أسرار وآيات، ويسرني تقبل مشاركاتكم وملاحظاتكم على البريد الالكتروني.

◽️◽️

📚 مجلة نون العدد (٢١) محرم ١٤٢٩ هـ

 تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق