وحتى تنظر النساء إلى مقامهن أهدي تلك الخاطرة : طال غيابك أيتها الحبيبة !

 

وحتى تنظر النساء إلى مقامهن أهدي تلك الخاطرة 

طال غيابك أيتها الحبيبة !

هل تصدقين زوجتي الغالية أني الآن هائم بك كعاشق قد هجرته معشوقته .

هذه أول ليلة أمضيها بدونك ، سائلاً الله ألا يطول فراقنا .

غرفتك أصبحت لا معنى لها في غيبتك ، كل شيء فيها يبعث على الحزن ، كل جزء منها يصرخ باسمك ، ينادي بعودتك ، الكتب التي كنت تضجرين منها ما عادت تؤنسي كما كانت ، وأيقنت أن المتعة التي كنت أجدها في القراءة إنما هي متعة بوجودك ، وقربك .

منذ فراقك لم أقرأ شيئاً . كتبي أهملتني ، كأنها تعلم أنك لست هنا ، فهي لم تعرف الترتيب إلا على يديك ، فأحبتك أكثر من حبها لي ، مع أني جالبها ، وقارئها .

أما البيت فقد تراكم فيه كل شيء ، ما كنت تخافينه من الفوضى وقع ، أعانك الله على ترتيب جديد .

لقد عشت بعيداً عنك في الطلب والدراسة سنتين ليستا كأي سنتين ، إنهما سنتا الزواج الأوليان ، حيث يكون الحب بالغاً مداه ، وخوف الفراق هو ما يبغضه القلب ويخشاه ، كنت أعيش كما لو كنت أعيش معك ، ولا أنكر أن كثيراً من فترات وقتي إنما كانت تذكراً للمواقف القليلة التي عشناها معاً ، هذا مع بُعد المسافة وامتداد زمن الإياب .

أما الآن فمع قُرب المسافة ، ودنو وقت العودة فلست بمستطيع الصبر عنك .

أنت الآن تنعمين بطفلنا الصغير الذي سيمتلك الجزء الأكبر من عرش قلبك ، ولعله يجود عليَّ بركن قصي منه .

قد لا تذكرينني الآن فرحاً وتشاغلاً به ، لكن ما أفعل أنا؟ أرجو ألا يطول الفراق أكثر من ليلة ، وإلا فإنك ستجدينني في البناية البيضاء ، ذات الشبابيك الخضراء ( أقصد المستشفى النفسي المجاور ) .

الآن فقط أدركت لماذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقرع بين نسائه إذا أراد الغزو؟
ولأي سبب تزوج أبو عبد الله أحمد بن حنبل في يوم وفاة زوجته .

إنكن من العظمة بحيث لا نعرفكن إلا حين نفقدكن .

◽️◽️

رياض بن عبد الملك العمر

حفر الباطن – السعودية

📚 مجلة الأسرة العدد ٥٥ شوال ١٤١٨ هـ

✍ تحرير : حورية الدعوة

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »