السبت، 8 سبتمبر 2018

طفلك العنيد عامليه بالرفق


معظم الآباء والأمهات يشكون تصرفات أولادهم التي قد تدفعهم إلى فقد أعصابهم، وبالرغم من أنهم يرددون في شكواهم بأن أولادهم سيدفعونهم إلى الجنون إلا أنهم لا يفكرون في الأسلوب الذي يمكن أن يتعاملوا به مع هؤلاء الأولاد، فالتعامل مع الأطفال من بداية تكوين الشخصية حتى سن البلوغ يحتاج إلى فنٍ ومهارة، إن الهدف الأساسي للأم والأب أن يجعلا ابنهما يتصرف دائماً بأفضل السلوك، وأن يفكر بعقله، وأن يكون شجاعاً في مواجهة الحياة، ولكن هذا الهدف يحتاج إلى شجاعة لا يقدر عليها كثير من الناس، إن الولد أو البنت في سن البلوغ يصبح كثير النقد لأعمال والديه ويصر على رأيه ولا يؤمن إلا بوجهة نظره هو حتى لو كانت خاطئة ويصبح الأولاد في مثل هذه الحالة مثيرين لأعصاب الوالدين بحيث تصل إلى درجة فقد أعصابهما، وفي هذه اللحظة يأخذ الأولاد دور التحدي ولا ينصتون ولا يستجيبون لكلام آبائهم..

ومن الشكاوى الشائعة أيضاً رد الأولاد على الوالدين بصوت عال، وأن تصرفاتهم فيها كثير من تصرفاتهم أيام الطفولة، هؤلاء الأبناء يستطيعون بتصرفاتهم هذه أن يقلبوا حال المنزل وتفسير ذلك أن معظم المتاعب التي يتسبب فيها الأبناء تأتي نتيجة لأسلوب التربية الذي يُتَّبَعُ الآن ويختلف عن الأسلوب الذي تربى عليه الأب والأم أيام طفولتهما، فهما نشآ على طاعة الوالدين أما الجيل الجديد فنشأ على عدم الطاعة، وبينما هما نشآ على احترام المائدة وتحديد وقت النوم ودخول السرير والاستيقاظ مبكراً وشرب الحليب، نشأ الأولاد على الفوضى وعدم احترام مواعيد الأكل أوالنوم.

هناك بعض الأمثلة التي تدل على أسلوب العناء الذي يتّبعه الأولاد ويتفننون فيه لمضايقة الوالدين، فتقول مثلاً: لا يحلو للأولاد دخول الحمام إلا في اللحظة التي يريد فيها الأب أو الأم ويطيلون الغياب داخله حتى يَفْقِدَا أعصابهما، أيضاً عدم احترام الأولاد في الإجابة على الأب أو الأم لدرجة أن الأمهات يقلن: إنهن لم يسبق أن تحدثن بهذا الأسلوب مع آبائهن أو أمهاتهن، ومن المضايقات التي يسببها الابن العنيد لوالديه رفضه لما يطلب منه كأن تطلب منه الأم أن يرتدي ملابس النوم أو يغسل يديه قبل الأكل أو ينظف أسنانه قبل النوم أو أن تطلب منه أن يتناول الخضروات، كل هذه الطلبات التي تصدر عن الأم أو الأب مرفوضة، هذه التصرفات التي تحرج الأب أو الأم خاصة أمام الضيوف.

هذه التصرفات والمضايقات التي تصدر عن الأولاد هي في الحقيقة محاولة منهم ليذكرونا وهم يشعرون أو لا يشعرون بأنّ لهم شخصية مستقلة لابد أن نحترمها، فمثلاً عندما يضرب أخ أخاه الصغير ويتلذذ ويقف أمام الأب ويضحك فهذا معناه محاولة لتأكيد شخصيته، إن هذه الحالات لا يجدي معها المعالجة بالعنف ولا الإجابة بالعصبية التي يستخدمها معظم الآباء والأمهات، ولكن لابد أن نجعل الطفل يشعر من تلقاء نفسه أنه قد أخطأ وبهذه المعاملة ستجدينه يعتذر وأحياناً يبكي لأنه لم يفعل ذلك رغبة في الإيذاء، ولكنه فعل ذلك بشعور أو بلا شعور لتأكيد شخصيته، والذي يساعد الطفل على الاعتراف بخطئه والامتناع عن عمليات المضايقة هو أن يشعر الأب أو الأم بأنه لو كان في سنه لم يكن يفعل ذلك، ذلك أن شعور الطفل بأنه يستطيع أن يثير من هو أكبر منه يعطيه إحساساً بالأهمية، والأطفال عادة لا يملكون العقل والفكر في هذه السن التي تجعلهم يدركون أنهم تصرفوا تصرفات سخيفة، ولذلك يجب على الوالدين أن يعرفا أولادهما أنهم لا يمكن أن يعيشوا في هذه السن بأفكار صبيانية، ولا يأتي هذا إلا بامتداح أي عمل حسن يفعلونه، فمثلاً تذكر الأم والأب أمام الضيوف والأصدقاء الأعمال الحسنة التي يقوم بها أولادُهما ولا تذكر الأعمال السيئة.


لا تثيري حفيظة الطفل العنيد

أيضاً لا تحاولي أن تنالي من شخصية الطفل أمام أصدقائه أو أمام من هم أكبر منه سناً لأن هذا يدفعه إلى عناد أكثر، وعليكِ أن تغمضي عينيكِ عن الأعمال السيئة وتمتدحي وتُبالغي في الأعمال الحسنة فهذا الأسلوب يرضي غرور الابن أو الابنة ويجعله يمتنع عن مضايقة والديه إثباتاً لشخصيته.

وكذلك إذا أردت أن يفعل ابنك شيئاً في هذه السن فلابد أن تجعليه يعتقد أنه هو صاحب الفكرة ولست أنت، وأن أحداً لا يريد أن يفرضها عليه، فإذا أردت منه مثلاً أن ينزل البحر فقولي له إنه كان ينزل البحر كل يوم في الصيف الماضي وأنه كان يقضي وقتاً ممتعاً في الماء ثم اسأليه عن السبب الذي جعله يغيّر فكره، في هذه الحالة ستجدينه قد لان ويُخبُركِ عن الأسباب الحقيقية ويناقشك بهدوء.


أَقلّي اللّوم

وإن حدث مثلاً أن جاءت الشهادة من المدرسة خلال العام الدراسي وبها درجات سيئة فإياك أن تحاولي مواجهته بإلقاء اللوم أو بالحديث معه بعصبية لأن هذا الأسلوب سيجعله يعتقد أنه غبي وأنه لا يستطيع أن يواجه الدراسة وربما تسبب ذلك في فشل أكبر، ولكن عليك أن تختلقي الأعذار التي تبين له إنه أذكى من هذه الدرجات وأنك متأكدة من أنه سيحصل على درجات أعلى في الامتحان القادم، وأنك متأكدة أن هناك أسباباً خارجة عن إرادته أدت إلى ذلك ثم حاولي أن تفهمي منه أسباب تقصيره، هذا الأسلوب سيأتي بنتيجة ويحصل ابنك على درجة أعلى.

وباختصار عيشي مشاكل طفلك من وجهة نظره هو حتى لو كانت الفكرة هي فكرتك فاجعليها تبدو كأنها فكرته حتى يتحمس لها ولا يقاومها لأنه في هذه الحالة سيجد في فكرته تأكيداً لشخصيته.

حفيظ الرحمن الأعظمي
📚 احدى المجلات الأسرية

◽️◽️

 تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق