الثلاثاء، 12 ديسمبر 2017

قصة رجل أخافته أفعى في المنام



وكالة سرايا الإخبارية: يحكى أن امرأةً رأت في الرؤيا أثناء نومها أنَّ رجلاً من أقاربها قد لدغته أفعى سامة فقتلته ومات على الفور ، وقد أفزعتها هذه الرؤيا وأخافتها جداً .

وفي صبيحة اليوم التالي توجهت إلى بيت ذلك الرجل وقصّت عليه رؤياها وعَبَّرَت له عن مخاوفها ، وطلبت منه أن ينتبه لما يدور حوله ، ويأخذ لنفسه الحيطة والحذر .فنذر الرجلُ على نفسه أن يذبح كبشين كبيرين من الضأن نذراً لوجه الله تعالى عسى أن ينقذه ويكتب له السلامة من هذه الرؤيا المفزعة.

وهكذا فعل ، ففي مساء ذلك اليوم ذبح رأسين كبيرين من الضأن ، ودعا أقاربه والناس المجاورين له ، وقدم لهم عشاءً دسماً ، ووزَّعَ باقي اللحم حتى لم يبقَ منه إلا ساقاً واحدة .وكان صاحب البيت لم يذق طعم الأكل ولا اللحم ، بسبب القلق الذي يساوره ويملأ نفسه ، والهموم التي تنغّص عليه عيشه وتقضّ مضجعه ، فهو وإن كان يبتسم ويبشّ في وجوه الحاضرين ، إلا أنه كان يعيش في دوامة من القلق والخوف من المجهول .

لَفَّ الرجلُ الساقَ في رغيفٍ من الخبز ورفعها نحو فمه ليأكل منها ، ولكنه تذكّر عجوزاً من جيرانه لا تستطيع القدوم بسبب ضعفها وهرمها ، فلام نفسه قائلاً : لقد نسيت تلك العجوز وستكون الساق من نصيبها ، فذهب إليها بنفسه وقدّم لها تلك الساق واعتذر لها لأنه لم يبقَ عنده شيء من اللحم غير هذه القطعة .

سُرَّت المرأةُ العجوز بذلك وأكلت اللحم ورمت عظمة الساق ، وفي ساعات الليل جاءت حيّة تدبّ على رائحة اللحم والزَّفَر ، وأخذت تُقَضْقِضُ ما تبقى من الدهنيات وبقايا اللحم عن تلك العظمة ، فدخل شَنْكَل عظم الساق في حلقها ولم تستطع الحيّة التخلّص منه ، فأخذت ترفع رأسها وتخبط العظمة على الأرض وتجرّ نفسها إلى الوراء وتزحف محاولة تخليص نفسها ، ولكنها عبثاً حاولت ذلـك ، فلم تُجْدِ محاولاتها شيئاً ولم تستطع تخليص نفسها .

وفي ساعات الصباح الباكر سمع أبناء الرجل المذكور حركة وخَبْطاً وراء بيتهم فأخبروا أباهم بذلك ، وعندما خرج ليستجلي حقيقة الأمر وجد الحيّة على تلك الحال وقد التصقت عظمة الساق في فكِّها وأوصلها زحفها إلى بيته ، فقتلها وحمد الله على خلاصه ونجاته منها ، وأخبر أهله بالحادثة فتحدث الناس بالقصة زمناً ، وانتشر خبرها في كلّ مكان ، وهم يرددون المثل القائل : كثرة اللُّقَم تطرد النِّقَم. أي كثرة التصدق بالطعام تدفع عنك البلايا.

عن أبي مالك الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله لمن أطعم الطعام وافشى السلام وصلى بالليل والناس نيام.

 تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »

الثلاثاء، 5 ديسمبر 2017

(عز الدين القسام) رحمه الله تعالى– الرجل الذي لا تنساه أرض فلسطين


( عز الدين القسام ) – رحمه الله تعالى –
الرجل الذي لا تنساه أرض فلسطين


في سنة 1871 م أطل علينا في سوريا مولود له شأن عظيم في الأرض الفلسطينية ترعرع هذا المولود على يدي رجلٍ تقيَّ هو والده الذي أراد أن يكون ابنه من العلماء الأفذاذ. . . . وهكذا يجب أن يكون الآباء.

وعندما بلغ (عز الدين القسام) الرابعة عشرة من عمره قام والده بإيفاده إلى الأزهر الشريف.

. . . . فأخذ ينهل من العلم على أيادي العلماء. . . .
علماء وشيوخ الأزهر السابقين
نعم السابقين
الذين لا يداهنون. . . . أحداً. . . .
ولا يفتون بالفتوى التي تعجب السائل.

عاد (عز الدين القسام) بعد أن أصبح شيخاً في العلم. . . .
وتطوع للخطابة. . . . وعيَّن مدرساً في جامع (إبراهيم بن أدهم) في سوريا وبفضل من الله تعالى توفرت (لعز الدين القسام) صفات الخطيب الناجح.

الإخلاص
الصدق
العلم
اللباقة

فكسب بإخلاصه وصدقه وعلمه ولباقته قلوب الناس وأخذوا يتوافدون إلى مسجده زرافات زرافات. . . . حتى أصبح من الشيوخ الذين لهم شأن كبير

وفي ذلك الوقت. . . . كان الاستعمار الفرنسي يدير دفة الحكم، وحكم الاستعمار هو إقصاء الإسلام ومحاربة دعاته ومحاولة عزل الإسلام عن الحياة وحصره في المساجد.

وهذا ما يريده الاستعمار في القديم ومن هم على شاكلته!!

. . . . ولأن الجهاد في سبيل الله كان يشتعل في صدر (عز الدين القسام) لهذا انضم إلى ثورة (عمر البيطار).

ولما علمت الحكومة الفرنسية بنشاط (عز الدين القسام) وتحركاته ارتابت في أمره فأصدرت عليه حكم الإعدام، وفاوضوه على إلغاء حكم الإعدام وإعطائه مركزاً مقابل انضمامه إلى الحكومة.

. . . . ولكنه أبى أن يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل. . . . وفي سنة 1922 م ارتحل إلى فلسطين. وبعد الاستقرار تنبه إلى مكيدة

. . . . . . . . . . فما هي هذه المكيدة ؟ . . . . . . . . . .

المكيدة ما تحيكه حكومة الانتداب بالتعاون مع الجمعيات الصهيونية لسلب عرب فلسطين وطنهم.

وخيوط المؤامرات بدأت تظهر جهاراً نهاراً.
ورائحة الطبخة انتشرت في أرجاء المعمورة.

فعقد العزم على رفع راية الجهاد. . . . وإبطال المؤامرات المحبوكة.

المؤامرات التي تهدف إلى نسف إسلامية فلسطين
فلسطين المباركة
فلسطين مهبط الكثير من الأنبياء

وبدأت رحلته الجهادية :

عمل مدرساً حتى يتصل بالطلبة والمدرسين.
وانضم إلى جمعية الشباب المسلمين عام 1926 م في (حيفا).

وفي الانتخابات التي جرت في 14 تموز عام 1928 م نال أكثر الأصوات فانتُخب رئيساً لها.

وبجانب هذا الكسب عاد مرة ثانية للخطابة وعُين خطيبا في جامع (الاستقلال) بحيفا.

وفي سنة 1929 م عُين مأذوناً شرعياً لكتابة عقود الزواج.

. . . . . . . . . . . وهكذا . . . . . . . . . . .

فعن طريق التدريس. . . . اتصل بالطبقة المثقفة من المدرسين والطلاب
وعن طريق الخطابة. . . . اتصل بعامة الناس.
وعن طريق القضاء الشرعي. . . . اتصل بمختلف القرى والأرياف.

وبدأت بينهم المحبة والألفة ونبذ الخلافات، بجانب تعرفه على الكثير من العائلات لذلك انتشر صيت هذا المجاهد الذي كان يعد العدة لمقارعة الأعداء ويُوثَّق اتصالاته بجميع طبقات الشعب.

وعلى هذه الصورة يجب أن يكون الداعية.
يعيش مع الناس ليعرف مشاكلهم.
ويشاركهم أفراحهم وأتراحهم.
يجهد نفسه من أجل راحة الآخرين.
فهذا هو الداعية والقيادي المسلم.
ألا تود أن تكون كذلك يا أخي الحبيب؟ ؟
ألا تود أن تسلك ما سلكه رسولك محمد صلى الله عليه وسلم
اقرأ سيرته العطرة للتأكد من صدق ما أقول

فقد كانت السيدة (عائشة) رضي الله عنها تقول : يمر علينا الشهر والشهران ولا توقد في بيتنا نار)، وكان طعامه صلى الله عليه وسلم: (الأسودان) التمر والماء، وكان من دعائه: (اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكيناً واحشرني في زمرة المساكين).

فيود أن يكون في الحياة مسكيناً
وعند الموت مسكيناً
ويتمنى أن يحشر مع زمرة المساكين.

عفوا ً: يا أخي الحبيب. . . . لقد ابتعدت قليلاً عن المجاهد (عز الدين القسام) فلا تلمني لأنني أود دائماً أن أرجع إلى المربي الأول. والقدوة الأولى حبيبي وقرة عيني. . . . ورسولي ونبيي محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء والمرسلين وعدنا إليك يا (عز الدين القسام). . . .

بدأ بتوحيد قلوب الناس. . . . وتحذيرهم من مخاطر الهجرة وبيع الأراضي وأتبع ذلك بتوعية الناس بمؤامرات الحكومة البريطانية.

وبفضل من الواحد الأحد
تكونت له القواعد الإيمانية الراسخة.
ولم يكتف بذلك.

بل أقام مدرسة ليلية لتعليم الأميين، وكانت تلك المدرسة مرتعاً خصيباً لبث فكرة الجهاد للدارسين.

وما دامت فكرة الجهاد قائمة فلا بد لها من الإعداد بالمال والنفس
والمال يجب أن يصب في مكانه الشرعي.

فشدد النكير على من يبذر أمواله. . . . ولم ينس الأوقاف التي أقامت الفنادق في القدس بدون داع بينما الحاجة ماسة لهذه الأموال لشراء السلاح والعتاد.

وأحس الإنكليز بتحركاته ونشاطه الفعَّال.

وأرادوا كسبه كما كسبوا كثيرا من القلوب الضعيفة. . . . ولا زالوا! !

فأرسل إليه حاكم لواء (حيفا) وقال له: يا شيخ إنك متحرك وذو نشاط مناويء لنا. فما كان من الشيخ (عز الدين القسام) إلا أن أخرج المصحف وقال له: (هذا الكتاب العظيم يأمرنا بالجهاد ولا نخالفه)
وخرج الشيخ من تلك المقابلة صامداً كما دخل. . . .

وتابع المجاهد (عز الدين القسام) نشاطه غير مكترثٍ بالإنكليز وسماسرتهم وقام بتقسيم أعوانه إلى خمس مجموعات.

1 ـ المجموعة الفدائية أو وحدة التدريب العسكري: وهي تقوم بتدريب المناضلين.
2 ـ مجموعة التهيئة والإعداد الثوري: وهم الذين يقومون برصد المؤامرات.
3 ـ مجموعة التمويل: وهي التي تقوم بجمع التبرعات والاحتفاظ بجميع المصادر المالية التي تأتي للجماعة.
4 ـ مجموعة الوعظ والإرشاد: وهي التي تقوم ببث روح الجهاد في نفوس المواطنين والطلاب ورواد المساجد.
5 ـ المجموعة السياسية: ودورها القيام بالاتصال بالشخصيات السياسية البارزة وبث العيون على اليهود والإنكليز لمعرفة خططهم.

. . . . وتلك التقسيمات تدل على اقتراب الموعد. . . .
ولكنَّ هذه المهمة تحتاج إلى أموال كثيرة.

بَدأ القائد بنفسه. . . . فباع بيته الوحيد الذي كان في (حيفا) وباع أصحابه حُلى زوجاتهم وبعض أثاثهم

وهكذا شاركت المرأة الرجل في الإعداد للجهاد

. . . . والتاريخ يعيد نفسه. . . .

واشترى المجاهدون بتلك الأموال سلاحاً لمواجهة الاستعمار الحاقد

واقتربت ساعة الصفر! !
وبدأ العد التنازلي

في 12 تشرين الثاني 1935 م أعلن المجاهد القائد (عز الدين القسام) الجهاد في سبيل الله .

فجمع إخوانه وأخبرهم بشعار الجهاد
تُرى أتعرف يا أخي ما شعار الجهاد الذي رفعه (القسام)؟

إذا أردت أن تعرف. . . . اهدأ واجلس. وتابع معي بهدوء
لقد كان شعار جهاده.

أن يذهب كل مجاهد إلى أهله ويستودعهم الله ويواعدهم اللقاء في الجنة

نعم يواعدهم في الجنة

ما أجمله من لقاء
أهناك شيء أفضل من الجنة؟

ورحم الله عبد الله بن رواحة عندما قال:

يا حبذا الجنة واقترابها. . . . طيبة وباردٌ شرابها.

وبعد إخبار أهليهم بشعار الجهاد يعودون للاجتماع في بيت (محمود سالم المخزومي) وذهب الجميع لوداع الأهل على أمل اللقاء بهم في الجنة إن شاء الله تعالى وقصد القائد المقدام (عز الدين القسام) إلى أهله وأولاده وأخبرهم بالشعار ثم ودعهم، واستودعهم الله الذي لا تضيع ودائعه.

ومرة ثانية اجتمع القائد بإخوانه، واختار أرض معركته في المناطق الجبلية.
ووزع إخوانه على قرى متعددة
منهم من أرسله إلى قرية (كفردان)
والآخرون وزعهم على: (يعبد)
(فقوعه)
(صندلة)
(قباطية)

وبعد ذلك الاستعداد. . . . هل كان الاستعمار الإنكليزي يغط في نومٍ عميق

. . . . لا . . . . وألف لا . . .

لقد كانت التحركات السرية تبث عيونها هنا وهناك هذا بجانب العملاء الخونة.

وهؤلاء العملاء من أهل فلسطين ومن قلبها.
هؤلاء هم الذين باعوا ضميرهم من أجل حفنة من المال.

فداس الاستعمار على رؤوسهم بعدما داس على أرضهم
فلا نامت أعين أشباه الرجال. . . . ولا رجال
بالرغم من ذلك

توزع المجاهدون على القرى التي حددها (عز الدين القسام)
توزعوا. . . . وفي جيب كل واحدٍ منهم شيء ما. . . .
أعرفته؟

إنه النور المبين. . . . القرآن الكريم

نعم وضعوا القرآن الكريم في جيوبهم. . . . ولم يضعوا شريطاً للأغاني الماجنة ولم يستمعوا للأغاني وطائرات العدو تقصفهم.

ففي المعركة يجب على المجاهد أن يذكر الله تعالى، ففي تلك اللحظات الحاسمة في تلك اللحظات التي تتطاير فيها الرؤوس 
الأيادي
الأرجل

والأشلاء تتمزق. . . . إرباً. . . . إرباً

في تلك اللحظات التي لا يكون فيها بين المجاهد والموت إلا ثوانٍ معدودة
في تلك الثواني يجب أن يذكر الله تعالى
حتى يستشهد ولسانه رطبٌ بذكر الله
ويا لها من شهادة. . . .

فوالله الذي لا إله إلا هو إنني أتمناها من كل قلبي – أقسمت بذلك وأنا في بيت الله وحيداً أخط هذه الحروف –

وإنني لأتمنى أن أستشهد وأنا أجاهد لإعلاء كلمة الله
أجاهد اليهود ومن هم على شاكلتهم

والآن. . . . بعد أن استعد المجاهد (عز الدين القسام) للهجوم. . . . فما خطته؟

كانت خطته أن يتوزع رجاله على المناطق الجبلية حتى يضموا إليهم أكبر عدد من المناضلين. . . . وإذا اكتمل العدد هاجموا مدينة (حيفا) لاحتلال دوائر الحكومة ومراكز الشرطة والميناء فيها.

وبعد أن يستتب الأمر يعلن عن قيام الدولة

في الوقت الذي يكون فيه أعوانه في المدن الأخرى قد قاموا بنفس المهمة ولكن ماذا حدث؟

في ليلة 14 تشرين الثاني 1925 م وبينما كان المجاهد (محمود سالم المخزومي) يقوم بالحراسة قرب قرية (فقوعة) إذ به يشاهد دورية شرطة يقودها شاويش يهودي مع  يهودي آخر قادمين من مستعمرة (عين جالوت) فما كان من (محمود المخزومي) إلا أن دب الحماس فيه:

فقام بإطلاق النار على الشاويش اليهودي فقتله إلا أن زميله استطاع الهرب

فأبلغ مركز الشرطة بما حدث.

وفي اليوم التالي : جاءت قوات كبيرة. . . . وطوقت جميع القرى المجاورة وهكذا اجتهد المجاهد (محمود المخزومي).

اجتهد. . . . لأنه لم يُؤمر بإطلاق النار ما لم يعتد عليه أحد لأن وقت الهجوم لم يعلن عنه بعد، وتحديد ساعة الهجوم من اختصاص القائد المجاهد (عز الدين القسام) الذي يخبر جنوده بها متى حانت. فالهجوم والانقضاض يكون جماعياً ومدروساً تحت خطة وساعة معينة.

فلماذا استعجلت يا أخ (محمود)

على كل حال. . . . نسأل الله تعالى لك المغفرة.

وبعد ذلك
عرفت القوات الإنجليزية مكان (عز الدين القسام)
ومكانه في أحراش (يعبد).

فأرسلت القيادة الإنكليزية خمسمائة جندي إلى أحراش (يعبد) ليحاصروا المكان ولما اشتد الحصار . . . . طلبوا منه الاستسلام.

ولكنه بعزة المؤمن المجاهد، قال : (عز الدين القسام) لا نستسلم، إنّ هذا جهاد في سبيل الله.

والتفت إلى إخوانه وقال: (موتوا شهداء).
ودارت المعركة منذ الفجر حتى الظهر.

وفي أثنائها. . . . سقط القائد المجاهد (عز الدين القسام)
أسقط جريحاً؟
أسقط مستشهداً إن شاء الله تعالى ؟
أم ماذا حدث له؟
لقد سقط على الأرض مرفوع الرأس.
نعم لقد استشهد هو وبعض المجاهدين وأُسر الباقون
وحاكموهم محاكمة عسكرية.

واختفى باقي المجاهدين الذين كانوا في القرى الأخرى. . . . اختفوا في الجبال وبدأوا بالإعداد والتخطيط. . . . والمسير بخطا ثابتة . . . .
وإكمال طريق (عز الدين القسام).

وتسلم الأهالي جثة المجاهد الفذ (عز الدين القسام)

وشيَّعت الجنازة المهيبة في يوم لن تنساه فلسطين وأهلها جميعاً
وفي أثناء الجنازة دب الحماس في نفوس الكثير من الناس. . . . فقاموا بمهاجمة دوائر الشرطة والدوريات الإنكليزية.

هاجموها بالحجارة.
الحجارة. . . . السلاح الذي استخدموه في سنة 1935 م.
واستخدموه في سنة 1987 م أيضاً.
سلاح الحجارة الذي يشع ويبرز عندما تنطفيء الأسلحة الأخرى. . . . الحجارة التي إذا رمى بها الشعب الفلسطيني المسلم لا تعود إلى ظهورهم مرة ثانية

وفي المسجد الكبير صلى الناس صلاة الجنازة على (عز الدين القسام) وإخوانه الشهداء، وحمل الناس جنازة (القسام) على الأكتاف ومشوا بها من (حيفا) إلى قرية (الياجور) لدفنه هناك، والمسافة بين (حيفا) وقرية (الياجور) أحد عشر كيلو مترا. . . .
أي أن الناس حملوا جنازة (القسام)، على أكتافهم ومشوا بها أحد عشر ألف متر.

ونُعي الشهيد (عز الدين القسام) من على مآذن أولى القبلتين وثالث الحرمين المسجد الأقصى المبارك.

ونُعي كذلك في مساجد فلسطين : مدنها وقراها وصلى الناس عليه صلاة الغائب ودفنوه في قرية (الياجور).

هناك يرقد (القسام) الذي عاش حياة مليئة بالجهاد لرفع راية
لا إله إلا الله محمد رسول الله

لقد فكر في جهاد اليهود ولم يفكر بتعمير الأرض، ولم يفكر برصيده في البنوك ولم يفكر بالوصول إلى الشهرة على أكتاف الناس ثم يرميهم وراء ظهره

لقد كان مثالاً رائعاً في التفاني لإبراز الحق.

هذا وأمثاله أشد ما يخشاه الاستعمار بجميع ملله.
لدرجة أنه بعد استشهاده.

قام مدير المطبوعات باستدعاء أصحاب الصحف ورؤساء تحريرها استدعاهم وطلب منهم عدم كتابة أي شيء عن (القسام)
وهددهم بمحاكمتهم وتعطيل صحفهم إذا ذكروا (القسام) في صحفهم

أتعرف لماذا هذه المحاربة لرجل استشهد؟

لأنهم يدركون أبعاد ذكر (عز الدين القسام).

خشية من خروج (عز الدين القسام) آخر بنفس الروح الجهادية والقيادية وبرغم تلك المحاولات. . . . فقد كان لاستشهاده دوي في قلوب المسلمين حتى أن قريحة الشعراء تفتحت وعبرت عن حادثة استشهاده.

والآن دعنا نستمع إلى ما يقوله الشاعر (محمد صادق عرنوس) :

من شاء فليأخذ عن القسام
.......... أنموذج الجندي في الإسلام
ولنتخذه إذا أراد تخلصاً
.......... من ذلة الموروث خير إمام
ترك الكلام ورصفه لهوائه
.......... وبضاعة الضعفاء محض كلام
وما تُرى زُعماؤنا قد أُتْخِموا إلى
.......... آذان قولاً أيما إتخام
كنا نظن حقيقة ما جروا
.......... فإذا به وهم من الأوهام

هذا ما سطروه في الثلاثينات.

وفي الثمانينات لم ينس الشباب الفلسطيني المسلم القائد (عز الدين القسام) فأرادوا أن يضيئوا شمعة من أعمال

فأضاءتها الرابطة الإسلامية لطلبة فلسطين. . . .

حيث قامت بأداء مسرحية (عز الدين القسام) على مسرح الجامعة، وبفضل من الله تعالى نجحت المسرحية نجاحاً منقطع النظير، وأقبل عليها الكثير من الناس حتى غصت بهم صالة العرض.

وقد جسدت المسرحية شخصية (عز الدين القسام) المجاهد.

ومن القلب نزجي التحية للرابطة الإسلامية لطلبة فلسطين على هذا العمل الرائع! !

والآن. . . . اهتف معي بقوة وقل: اللهم إنا نسألك قائداً ربانياً.

بيده اليمنى القرآن الكريم
وبيده اليسرى السلاح العتيد

عمله بالكتاب والسنة. . . . وعلى شفتيه ذكر الله وتحرير فلسطين المسلمة، ويكون قدوة لأتباعه ويُنمّي فيهم حب الشهادة في سبيل الله، وإني لأتساءل هل هناك من القادة من في قلبه تلك الأحاسيس.

ولكن. . . . فلننتظر وإنا لمنتظرون! ! !


• •
المؤمن .. والمنافق

عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(مَثل المؤمن كمثل خامة الزرع، من حيث أتتها الريح كفأتها، فإذا اعتدلت كفأتها بالبلاء، والفاجر كالأَرَزة، صماء معتدلة حتى يقصمها الله إذا شاء)
أخرجه البخاري
• •

◽️◽️

📚 من كتيب مواقف إيمانية
تأليف نجيب العامر
تقديم الشيخ أحمد القطان

 تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »

الخميس، 2 نوفمبر 2017

مطالب من الأمة المحمدية



يقول الكاتب البريطاني المعروف (توماس كارلايل)
في كتابه (الأبطال)

مدافعاً عن نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم:

( من العار أن يصغي أي إنسان متمدن من أبناء هذا الجيل إلى وهم القائلين بأن: دين الإسلام كذب، وأن محمداً لم يكن على حق.
لقد آن لنا أن نحارب هذه الإدعاءات السخيفة المخجلة، فالرسالة التي دعا إليها هذا النبي ظلت سراجاً منيراً أربعة عشر قرناً من الزمان لملايين كثيرة من الناس، فهل من المعقول أن تكون هذه الرسالة التي عاشت عليها هذه الملايين وماتت أكذوبة كاذبة، أو خديعة مخادع؟!
لو أن الكذب والتضليل يروجان عند الخلق هذا الرواج، لأصبحت الحياة سخفاً وعبثاً، وكان الأجدر بها ألا توجد! 
هل رأيتم رجلاً كاذباً يستطيع أن يخلق ديناً، ثم يتعهده بالنشر بهذه الصورة؟!).

إن هدف هذا الكتاب لم يركز فقط على بيان الأصول الفكرية لموقف الغرب من نبي الإسلام. الأهم من ذلك هو وضع تصورات عملية لتغيير ذلك الموقف إلى موقف أكثر إيجابية وعدالة وإنصافاً.

إننا في حاجة إلى أن نتعامل مع العداء الذي يواجهه خير خلق الله في الفكر الغربي بشكل عملي وعاجل.

ونختتم هذه الدراسة بمجموعة من التوصيات التي تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: هي مطالب من الأمة الإسلامية،
والقسم الثاني: هو عبارة عن المطالب التي ينادي الغرب أن يلتزم بها.

* *

التعامل مع العداء:

إن عداء الغرب للنبي محمد صلى الله عليه وسلم هو عداء مفهوم من المنطلقات الفكرية، وإن كان غير مقبول على الإطلاق تحت أي مبرر أو تفسير.

كان هدف هذه الدراسة هو توضيح أهم المعالم الفكرية لمشكلة الغرب مع نبي الإسلام.

فرسول – الله صلوات الله وسلامه عليه – قد جسّد صورة مخالفة تماماً للإنسان عن الصورة التي ارتبط بها المسيحيون مع المسيح  - عليه السلام – كما يصورونه. إنه جسّد إمكانية انتصار الإنسان دون الحاجة لمعجزات، بينما الفكر المسيحي المعاصر في الغرب يرى أهمية المعجزة للهروب من مواجهة الكثير من مصاعب الحياة في الغرب.

إن الأمة الإسلامية تدرك أن الاختلاف سنة كونية، وأن التدافع والتنافس بين الشعوب والأمم يسمح للبشرية بدفع عجلة التقدم إلى الأمام.
ومع ذلك فإن الاختلاف ليس مبرراً للتخاصم بين الشعوب، وإنما هو حافز للتعرف على الآخر، والتكامل معه لما فيه خير الإنسانية.
وعندما يتعدى البعض ويتجاوز خدود التعارف إلى الاعتداء أو الرغبة في الهيمنة، فإن الأمة الإسلامية تتعاون مع الآخرين من العقلاء للدفاع عن مصالحها، وحماية أمتها، والانتصار لرموزها ومقدساتها، ولتحجيم مخاطر الاعتداء، وحفظ الاستقرار والسلام بين شعوب العالم، ومقاومة أسباب الإرهاب وليس فقط مظاهره، ولذلك سميت الأمة الإسلامية – بفضل خالقها ورحمته – أمة وسطاً.

إن الأمة الإسلامية لا تعتدي ابتداء، ولكنها أحياناً تُعادى من قبل قلة من الآخر الذي يسعى إلى إقصاء الأمة وتهميشها؛ بل وإلغائها في بعض الأحيان. لذلك تنتفض الأمة لتقاوم وتدافع عن هويتها، وتحفظ دينها وكرامة رموزها. ولا تخشى الأمة من مواجهة الاعتداء، ولكنها ترغب دائماً في السلام وتجنح إليه، وترفض التظالم مع دول العالم وجميع الأمم والشعوب.

* *

مطالب من الأمة:

إن الأمة الإسلامية بحاجة إلى اتخاذ مجموعة من الخطوات العملية الفعالة لتغيير واقع النظرة الغربية عن نبي الإسلام، والتصدي للهجمة الإعلامية والفكرية التي تستهدف إهانته صلى الله عليه وسلم.

ومن الوسائل التي يمكن اقتراحها في هذا المجال:

وصف ما يحدث من البعض في الغرب من هجوم على الإسلام ورموزه ب (التطرف الغربي الديني)، وبيان مظاهر هذا التطرف وأدلته، ورموزه الفكرية والعقدية، وكيفية التصدي له.

إيجاد وسائل ضغط شعبي وإعلامي مستمر وفعال لمواجهة هذه الإهانات، والرد عليها بما يناسبها.

تكوين مؤسسات للمجتمع المدني تتولى التنسيق بين الدول وبين العلماء وبين الشعوب في إدارة هذه الحملات، والتعاون بين الجميع من أجل نجاحها. فرسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فقط نبي الشعوب، ولكنه رمز عزة الأمة أجمعها؛ بقادتها وسياسيها ومفكريها وعلمائها وشعوبها.
ومن المهم السعي نحو الإعلان عن هذا التكاتف بين الجميع في مواجهة من يسيئون إلى نبي الأمة.

توحيد الجهود الدبلوماسية في حال تبني القادة السياسيين في دولة ما إهانة رموز الإسلام، ويتدرج ذلك من إعلان المواقف الموحدة من دول العالم الإسلامي (57 دولة)، إلى البيانات العامة، ثم استدعاء السفراء، وطرد البعثات الدبلوماسية، وكذلك التهديد بقطع العلاقات، وغيرها من الإجراءات الدبلوماسية المعروفة في هذا الشأن.

تفعيل لجان علمية وفكرية تتخصص في بيان ودراسة أسباب تكرار هذه الحملات العدائية والخلفيات التي تحركها، وإتاحة ذلك لمن يتولون الرد على الإساءات.

الامتناع عن المشاركة في جلسات الحوار أو التفاوض مع كل من يثبت إساءته للإسلام، أو رموزه، أو مقدساته.

منع من يتورط في إهانة خير خلق الله من زيارة أي دولة من الدول الإسلامية، والدول المتعاطفة معها، والإعلان عن أنهم شخصيات غير مرغوب فيها في العالم الإسلامي.

إعداد قائمة سوداء بأسماء وخلفيات من يعرفون بالهجوم على رموز الإسلام تعمداً وتكراراً، ومقاطعتهم على كافة المستويات الفكرية والإعلامية والسياسية.

إعداد دراسات فكرية وسياسية عن جوانب الضعف والخلل في الخلفيات الدينية والعقدية لمن يهاجمون رموز الإسلام، ونشر ذلك عالمياً باللغات المتعددة، وليس باللغة العربية فقط.

استخدام المقاطعة الاقتصادية والثقافية الشعبية كأحد وسائل الضغط العملي، واقتران ذلك بمواقف حكومية ورسمية مشابهة، ضمن ما تسمح به القوانين والاتفاقات الدولية في هذا الشأن.

التصدي للإعلام المضاد بشكل مستمر ومؤثر، والرد على ما يثار من شبهات عن ديننا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

تبني كل من يتصف بالإنصاف من مفكري الغرب ومثقفيه ممن يهتمون بأمور العالم الإسلامي, ودعمهم في جهودهم للتصدي للتطرف الديني الغربي المعاصر.

إعداد برامج وثائقية عن تاريخ التطرف الديني في الغرب، ومقارنة ذلك بسماحة العالم الإسلامي تاريخياً وعملياً مع مخالفيه.

...

قائمة الأفكار يمكن أن تكون أطول من ذلك وأكثر فعالية ونضوجاً، ولعل هذه المبادرة أن تكون حافزاً للدعاة والمفكرين والعلماء، ولكل من يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تجديد فكر المواجهة، واختيار الوسائل المناسبة لذلك، ضمن ما تقره الشريعة الإسلامية، وتغلب فيه المصالح على المفاسد، ويصب في خدمة الأمة والدفاع عن نبيها.

إن الغرب يستخدم معظم هذه الوسائل التي ذكرت أعلاه ضمن حملاته الفكرية والسياسية في مواجهة الأمة الإسلامية ونهضتها المعاصرة. لذلك لا يمكن أن يحتج أحد أن هذه الوسائل غير مقبولة عالمياً أو غير متفقة مع الأعراف الدولية.
إننا هنا لا نبحث بالضرورة عن الصواب أو الخطأ من منظور السياسات الدولية، ولكننا فقط نلزم المخالف بما يعتقد وما يمارس.

الولايات المتحدة ومعظم دول الغرب لديهم قوائم سوداء بمن لا يرحبون بهم في دولهم، وتمارس عدد من دول الغرب الضغوط الاقتصادية على كل من لا يوافقهم في مشروعاتهم للهيمنة، وتعمل المراكز الفكرية الغربية على تشويه كل من يخالف نظم الغرب أو مشروعاته أو تصوراته لمستقبل الإنسانية.
إن ما ذكر سابقاً لا يخرج عن هذه الوسائل، وبالتالي فهي وسائل مشروعة دولياً. ونحن نعاني من ممارستها ضدنا بشكل علني، فلِمَ لا نمارسها نحن بالمثل ضد كل من يهاجمون رموز الأمة؟

* *

مطالب من الغرب:

إن الغرب يتحدث كثيراً في الآونة الأخيرة عن التعايش والحوار، وأهمية تفهم الآخر ونبذ الحلول غير السلمية في العلاقة معه.

ونحن نوافق الغرب على ذلك شريطة أن يقترن هذا الحديث بتصرفات وأفعال من قادة ومفكري الغرب تعكس التزامهم أولاً بما يطالبون الأمة به.

من أجل ذلك نوصي أن تكون رسالتنا إلى الغرب هي كالتالي:

إننا نريد أن يتفهم الغرب أن الأمة الإسلامية تنتصر دائماً لدينها، ولا تقبل إهانة الأنبياء جميعهم، وأهمهم – في نظر الأمة – نبيها صلى الله عليه وسلم. إننا ندعو شعوب العالم أن تشاركنا المناداة بضرورة إيجاد صياغة دولية ومفهوم مشترك ملزم للجميع في مسألة العلاقات بين السياسة الدولية وحريات التعبير واحترام المقدسات.

نريد من الغرب ألا يتخوف من الإسلام أو من أهله، وأن يعي بالمقابل مصادر قوة الأمة الإسلامية الحضارية والعقدية والفكرية التي تستمدها من كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
إننا ندعو العالم أن يشاركنا العدل وإنصاف الآخر ومحبته وتقديره حقاً، وكما يقول أحد علماء الأمة الأجلاء: فلم يوجد في القرآن سورة لخديجة زوج محمد، ولا فاطمة بنت محمد، ولكن وجدت سورة لمريم، وسورة لأسرة المسيح؛ هي سورة آل عمران، وعمران هذا هو والد مريم ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران:33].

نطلب من الغرب أن يترك للمسلمين حريتهم وحقهم في أن يحكموا أنفسهم وفق عقائدهم التي آمنوا بها، ولا يفرض عليهم نظاماً لا يرضونه.
فالاختلاف حق للجميع، والتسامح والحوار ليس مدعاة لفرض المعتقدات على الآخر، أو إجباره على القبول بقواعد ونظم تخالف ما ارتضته الشعوب لنفسها من دين وشريعة. 
إننا لا نقبل من الغرب النظرة الأحادية التي لا تستوعب هذه الأمة الإسلامية، ولا تسمح للشعوب بفسحة التنوع والاختلاف، ولا تسمح بالتعددية الإنسانية.

نعي أن الفهم والتعاون بين الدول والشعوب يجب أن يكون متبادلاً ومشتركاً. بمعنى أنه في الوقت الذي نسعى فيه إلى توضيح صورة الإسلام الحضارية الحقيقية للأمم والشعوب الأخرى، فإننا نطمح ألا يكون ذلك على حساب التنازل عن استحقاقاتنا ولا التفريط في استقلالنا.
الحوار لا يكون إملاءً من طرف قوي على طرف ضعيف لا يسمح له بالاختلاف، فليس هذا حواراً.
إننا نؤمن بالحوار الجاد، والتفاوض مع الغرب في حال الاختلاف، ولكن لا نسمح لأنفسنا كذلك أن نجلس على موائد حوار لا نكون فيها نداً مفاوضاً قوياً، ونسعى إلى تقوية أمتنا لتكون أهلاً للجلوس على موائد الحوار الجاد. 
ونؤمن أن الحوار يجب أن يتركز على نقاط الاختلاف، وليس فقط على عناصر الاتفاق.

نريد من الغرب أن يساهم معنا في محاربة ظواهر الإرهاب المعاصر، إرهاب الأفراد وإرهاب الدول أيضاً، أعمال الإرهاب ومظاهره، وكذلك أسبابه الحقيقية من ظلم واعتداء على الشعوب.
يجب أن تدان كل صور الإرهاب المعاصر، وخصوصاً ما ترتكبه دول عظمى في حق الشعوب. أو كيانات دخيلة في حق شعوب محتلة.
ونطلب من العالم أجمع أن يشاركنا في تجريم قتل الأبرياء العُزَّل الآمنين سواءً من خلال أفعال فردية لا تتفق مع الأديان، أو أعمال عسكرية تخالف قوانين العالم والمعاهدات.

نريد من الغرب أن يتعاون معنا من أجل أن يكون الإعلام العالمي إعلاماً صادقاً موضوعياً، وألا يتحول الإسلام والمسلمون إلى (أعداء) للعالم من أجل إرضاء قلة من المعادين.
يجب أن يتكاتف العالم من أجل ألا توصم الشعوب بصور نمطية كريهة، تحمل معاني العداء وبغض الآخر.
يجب أن يتعاون الجميع من أجل أن تسود روح العدل بين الشعوب.
إن الأمة المسلمة أمة مسالمة، وهي أيضاً أمة قوية بمعتقدها وشعوبها وثرواتها، وهي تمثل شخصاً من بين كل خمسة أشخاص يعيشون في عالم اليوم. فهل يعقل أن يكون 20% من عالم اليوم من دعاة الإرهاب، كما يصورنا البعض؟!

إننا ندعو الغرب إلى نبذ فكرة (صراع الحضارات)، وإلى نبذ فكرة الصراع ابتداء بين الأمم والشعوب، واستبدال ذلك بالمسابقة إلى الخيرات، والتدافع والتنافس الشريف من أجل إسعاد البشرية وسلامتها واستقرارها.
إننا لا نوافق على صراع الحضارات ليس لأننا ضعفاء أو نخشى الانهزام، فهذه الحضارة الإسلامية باقية منتصرة ما بقي الليل والنهار؛ ولكننا لا نوافق على صراع الحضارات ولا نسعى إليه؛ رفقاً بشعوب العالم، ورحمة بالإنسانية من أن تُجرَّ إلى حروب لا نهاية لها.
نحن نريد أن يفهم العالم أننا دعاة سلام من منطلق قوة داخلية لا ينضب، وتأييد رباني لا شك فيه، لسنا دعاة سلام من منطلق ضعف أو مهانة.
إن شواهد الأعوام الأخيرة – وكثير منها مؤلم – يقطع أن الصراع مع أمة الإسلام مكلف ومرهق للجميع.

نريد من عقلاء العالم أن يتحدوا في وقف الاعتداءات على الشعوب المسلمة والمسالمة، وإعطاء الحقوق لأهلها في فلسطين والعراق وكشمير وغيرها من شعوب الأمة.
لقد تسامحت الأمة الإسلامية مع من هاجمها من قبل، ونريد من الغرب – كما يدعو علماء الأمة – أن يتحرر من عقدة الحقد القديمة الموروثة من الحروب التي سماها الغرب (صليبية) ولم نسمها نحن كذلك.
نريد من الغرب أن يتخلى عن نظرة الاستعلاء تجاه هذه الأمة – فالأيام دول – والشرق عائد إلى سيادة الكون، ولا نقبل أن تكون النظرة التي ينظر بها الغرب إلى العالم نظرة السيد إلى عبده.

إذا كان الغرب لا يريد أن نحاكمه بأفعال القلة الطائشة منه، كما يطلب منا مؤخراً في شأن الإساءة إلى نبي الأمة، فيجب أيضاً ألا نُجرَّم نحن بأفعال القلة منا أيضاً التي تخالف إجماع الأمة سواء في الغلو والتطرف، أو في الإفراط والتفريط.
إن هذه الأمة ليست أمة من الغلاة، وليست  أيضاً أمة من الضعفاء. ومن يحكم عليها بأيهما، فهو فاقد للرؤية الصحيحة والثاقبة لحاضر ومستقبل العالم الإسلامي. ومن يتهمنا اليوم بالغلو تسبب بالأمس القريب في معظم فظائع وكوارث القتل والحروب في عالمنا المعاصر، والتي حصدت عشرات الملايين من البشر، وسعت إلى إبادة المخالف في أفران الغاز، ولم يفعل ذلك مسلم على مر التاريخ.

نريد من الغرب أن يساهم معنا في مستقبل أفضل للبشرية، وندعو الغرب إلى التعاون معنا حول الأهداف المشتركة.
إننا لا نريد – ولا نقبل – للبشرية مستقبلاً سوداوياً لا يقوم إلا على مبدأ الصراع؛ ولذلك فإن من أهداف أمتنا أن تستبدل ذهنية الصراع التي تسيطر على واقع اليوم وأحلام – بل كوابيس – الكثيرين في الغد، إلى واقع يجمع بين التناغم والتوازن والسلام:

أن يتحول   الصراع مع الكون   إلى   التناغم مع الكون
أن يتحول   الصراع مع الآخر   إلى   التوازن مع الآخر
أن يتحول   الصراع مع النفس   إلى   السلام مع النفس

نؤكد تحديداً للغرب والشرق والآخر بالعموم أننا نريد أن يعرف العالم أجمع كيف نحب رسولنا صلى الله عليه وسلم، وأن يتعلم منا كيف أن حرية التعبير لا تتعارض مع احترام مشاعر الآخرين، نريد من الغرب أن يعرف أننا نعشق الحرية الحقة؛ حرية أن نُحِبَّ وأن نُحَبَّ... حرية أن نحترم الآخر وأن يحترمنا الجميع. إن الحرية الحقة أن تلزم نفسك باحترام حريات ومشاعر الآخرين، وهو ما ندعو إليه في عالم اليوم.

ندعو الغرب وباقي العالم غير الإسلامي إلى الوقوف معاً لمواجهة أعداء الإيمان بالأديان، ودعاة الإلحاد في العقيدة والإباحية في السلوك.
ندعوهم أن نقف جبهة واحدة، ضد هؤلاء الذين يريدون دمار البشرية، بدعاواهم المضللة، وسلوكياتهم الغاوية . ﴿أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً * أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً﴾ [الفرقان:43].

ندرك أن الكثير من أبناء الغرب، ومن أبناء الأمة الإسلامية أيضاً يريدون أن تكون التصورات والقناعات التي تخرج عن الأمة الإسلامية مرضية للخارج، وهو ما نتفهمه، ولكن الأهم – في نظرنا – أن تكون هذه القناعات حقيقية وليست متكلفة أو مجاملة، أو منعزلة عن الواقع الثقافي والفكري للأمة الإسلامية.
إن إرضاء الغرب بهذا الشكل خداع لا يليق بالأمة، وهو يفسر أيضاً عدم جدوى الحوارات وتوصيات المؤتمرات العديدة السابقة، التي اهتمت بالصياغة المناسبة للآخر على حساب الحقائق على أرض الواقع.
إن الواقع يجب أن يعبر عن سماحة ديننا، ويجب أن نسعى إلى تغييره لا إلى تزيينه للآخر، حتى لو اضطرت الأمة إلى الانتظار قليلاً أو كثيراً إلى أن يتم إصلاح واقعها حتى نقول ما نفعل، ونفعل ما نقول.

◽️◽️

📚 من كتاب : لماذا يكرهونه؟!
الأصول الفكرية لعلاقة الغرب بنبي الإسلام صلى الله عليه وسلم
د. باسم خفاجي/ المركز العربي للدراسات الإنسانية

 تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »