دمعة على العمل الخيري
تلقيت عصر الأحد الموافق العاشر من شعبان، رسالة جوال تحمل نبأ وفاة الشيخ الفاضل عبد الله العلي المطوع رئيس جمعية الإصلاح الاجتماعي في الكويت وأحد مؤسسي رابطة العالم الاسلامي.. تلك الرسالة أصابتني بحرقة وألم من نوع آخر فقد اختلطت فيه المشاعر..
لقد ترجل فارس من فرسان الأمة.. ورجل من رجالات الدعوة والبر.. بذل جهده ووقته وأنفق ماله في أوجه الخير.. –نحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله أحد- ورغم تقدمه بالعمر إلا أنه مفعم بالحيوية لخدمة الإسلام، داعٍ إلى الحق بالحكمة والموعظة الحسنة سالك كل سبيل، كلماته تنساب عذبة من قلبٍ مخلص ناصح، ينصر الشباب ويشد من أزرهم، ويدافع عن الدعاة وينافح بعنفوان عن الإسلام مطالباً بتطبيقه في شتى مجالات الحياة ليعم الأمن والإيمان المجتمعات..
فالشيخ أبو بدر كان من الأشخاص القلائل في هذا العالم من أهل الهمم العالية الذين لم يعيشوا لأنفسهم بل عاشوا لأمتهم، وكأن المتنبي قصده بقوله:
وإذا غامرت في شرف مروم............ فلا تقنع لما دون النجوم
فدائرة اهتماماته أوسع وأعم فهي تتعدى الحدود وتتجاوز السدود.. ففي كل بلد إسلامي له بصمة ويدٌ طولى في الخير..
رجل حمل هم الدعوة وعمل جاهداً لنصرة هذا الدين، رغم مرضه وكبر سنه..
كان عالي الهمة شديد التواضع دائم التعالي على آلامه في سبيل تحقيق أعمال وإنجازات لصالح الأمة.
لم تغب قضايا المرأة وهمومها عن وعي الشيخ المطوع، فإبان الهجمة التغريبية مع تسلل التيارات المتعلمنة في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي والتي حاولت اقتلاع المرأة من خدرها، وانتشرت معها موجة السفور.. وقف هذا الطود الشامخ أمام هذه الحملة الهوجاء منافحا عن الحق، مدافعا عن قيم الإسلام في كل ميدان، وكان بيته نموذجا عمليا في تمثيل هذا الدين وكن بناته أوائل من التزمن الحجاب، لتمسي ظاهرة اللباس الشرعي هي السمة الغالبة في الكويت.
العم أبو بدر – رحمه الله- من أخلاقه الوفاء للقريب والبعيد، وكان من الأصدقاء المقربين للوالد أطال الله عمره، فهو أخٌ لم تلده أمه.. فرغم مشاغله الكثيرة لم تكن تفوته مناسبة إلا ونجده أول من يبادر بالتواصل وتقديم الواجب، والسؤال عنا فرداً فرداً، لقد كنا نشعر بأنه عمنا حقاً.
ولا زلت أذكر زياراته للوالد في ديوانيته الأسبوعية، وحرصه على معرفة أخبارنا ومراحلنا الدراسية، ودفعه وتشجيعه لنا بأن نتفوق وأن نضيف جديدا لهذه الأمة..
وعند انطلاقتنا في مجلة (حياة) للفتيات، فإنه – رحمه الله- شجع خطواتنا الإعلامية النسائية، وأكد على ضرورة خوض التجربة الإعلامية النسائية وتحمل تبعاتها، ولا أنسى دعواته الصادقة، ومؤازرته لجهودنا..
الموت حق علينا جميعاً (كل نفس ذائقة الموت)، والمرء يتألم عند فقد قريب أو صديق.. لكن الألم يتضاعف عندما يكون الصديق هو القريب!!
إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا لفراقك يا عم أبو بدر لمحزونون، رحمك الله رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته، وألهمنا وأهلك الصبر والسلوان، وجبر مصاب الأمة..
◽️◽️
إيمان عبد الله العقيل
📚 مجلة حياة العدد (٧٧) رمضان ١٤٢٧ هـ
✍ تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق