قال الله تعالى ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) [ الحجر: ٩ ]،
القرآن الكريم هو المنهج الرباني الذي ارتضاه الله تعالى لعباده في كل زمان ومكان، وقد خصه الله تعالى بتكريم فريد، وتأييد لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وتجلى ذلك بتعهد الخالق- عز وجل – بأن يحفظ هذا الكتاب العربي المبين بحفظه العزيز، وهذا أمر ثابت غير متغير بمرور الأزمان، وتعاقب الأقوام، وتبدل المكان.
لقد تعرض القرآن الكريم لمحاولات الدس والتزوير والتزييف التحوير والإنقاص والتزوير في كل مراحل التاريخ منذ ظهور نور الدين الحنيف في هذه المعمورة، ولكنها كلها لم تستطع أن تطفئ النور الذي أراده الله أن يبقى مشعاً وضاءً هادياً إلى الصراط القويم.
وقد اختلفت وسائل الحاقدين والكفار والمشركين بطريقة هجومهم، وتعرضهم للقرآن الكريم، وذلك باختلاف الأدوات المتاحة بأيديهم وحسب الظرف والأوان، فتارة يستخدمون الكتابة وتارة يلجؤون للطباعة، وتارة يستخدمون منابرهم المشبوهة وخطبهم المقيتة، ومن ثم صارت الإذاعات ووسائل الإعلام والصحف والكتب والمجلات والقصص والروايات مطية لأولئك الناس من أصحاب النفوس الضعيفة المهانة، ويكاد لا يمر شهر أو عام إلا ونسمع بقصص حول هذه الأمور التي قد تضخمها وسائل الإعلام، وقد تتجاهلها، ولكنها في الحقيقة هي عملية عداء مستمرة للقرآن الكريم ولدين الإسلام القويم، ولم تتوقف، وهي تحتاج منا على الدوام أن نكون متيقظين باحثين وساعين للاطلاع على كل مستجد في هذه الناحية، لما لها من خطورة، ولأهميتها القصوى في الحياة الإسلامية والحالة الإسلامية الصحيحة والدعوة إلى الإسلام، فمحاولة تزوير القرآن لها أخطارها الشديدة على الفرد المسلم وعلى الأسرة والمجتمع والأمة، وقد يؤدي بالبعض للانحراف – لا سمح الله -، وقد لا يستطيع البعض تمييز الخلل أو الخطأ ، وهذا يحصل كثيراً، وخصوصاً أن هناك الكثير من المسلمين لا يعرفون الكثير من أمور دينهم لأسباب عديدة.
لقد حصل لي أن أجريت تجربة على شخص يعمل في الطباعة، ولا يمكن أن نقول عنه: إنه أمي، فهو متعلم بشكل جيد، وله درجة من الثقافة لا بأس لها، وأعطيته ورقات مزورة، وكانت إحداها تحتوي على ما تدعي أنه سورة بعنوان سورة...، وكان يجلس معنا أخ زميل لي، وقلنا له هل تعرف في أي جزء تقع هذه السورة، وكان عنوانها غريباً ومحتواها أغرب، وتبرع زميلي بمبلغ مائة ريال على الطاولة، وقال: هي لك إن عرفت أين تقع هذه السورة في القرآن، فكر وقدّر وقرأ واحتار بأمره، يريد أن يظهر معرفته بالقرآن، ويريد المائة ريال، وعندما رأيت حيرته قد ازدادت أشرت له من خلف ظهر زميلي أنها تقع في الجزء ( ١١ )، يتظاهر بأنه عرف الجواب، وقال بثقة: إنها تقع في الجزء ( ١١ )،
وقلنا له: سامحك الله لا تعرف حتى سور القرآن، والألم يعتصرنا على الحالة التي وصل إليها الجيل المسلم في عصرنا..!!
هذه القصة تجرني إلى ما يحصل حالياً من عملية تزوير وتزييف للقرآن وبوسائل العصر، فقد أضحت الإنترنت مرتعاً خصباً لأصحاب تلك الغايات الدنيئة، وقد تخصصت بعض المواقع بنشر الكلمات المزيفة ناهيك عن الفقه المزور، والأحاديث الخادعة المضللة، وأنا لدي الآن مجموعة من الضلالات التي توجد على الإنترنت، إنني أسأل، وأظن أنه يحق لي التساؤل، أين دور منظمة المؤتمر الإسلامي، ورابطة العالم الإسلامي، وحكومات العالم الإسلامي، ووزاراته ذات الصلة وهيئاته المسؤولة،
لا بل أين دور كل المؤسسات الأهلية والعامة، وحتى الأفراد إزاء هذه القضية الخطيرة والحساسة؟
أليس من واجب منظمة المؤتمر الإسلامي أن تسارع للاحتجاج والاعتراض وبكل الطرق المشروعة على ذلك؟
أليس من واجبها أن تجد حلاً لهذه القضية؟
وهذا لا يخلي الجهات الأخرى من مسؤولياتها الجسام.
لا بل أين دور كل المؤسسات الأهلية والعامة، وحتى الأفراد إزاء هذه القضية الخطيرة والحساسة؟
أليس من واجب منظمة المؤتمر الإسلامي أن تسارع للاحتجاج والاعتراض وبكل الطرق المشروعة على ذلك؟
أليس من واجبها أن تجد حلاً لهذه القضية؟
وهذا لا يخلي الجهات الأخرى من مسؤولياتها الجسام.
إنه من الواجب علينا أن نكون من ضمن الأدوات التي سخرها سبحانه لحفظ كتابه الكريم، وبهذا نحصل على سعادة الدارين.. ولله من وراء القصد.
◽️◽️
سلمان بن محمد العُمري
📚 مجلة الدعوة العدد ١٧٩٥
✍ تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق