أعاني من مشكلة جعلت الدنيا تضيق بي . . ولم أبح لأحد إلا لمجلتي الحبيبة بعدما اسودت الدنيا في عيني وصرت أفكر في الانتحار والعياذ بالله ..
حيث أنني تعرضت في طفولتي لحادث اعتداء من قبل شخص لدينا في الحي.. لكني مثل بقية الأطفال نسيت الأمر ولم أهتم به بعد ذلك، واستمريت في دراستي كطالبة متفوقة جداً، ثم دخلت الجامعة في قسم صعب ويتطلب جهوداً في الدراسة..
وبلا مقدمات.. بدأت تعود لذاكرتي ذكريات ذلك الحادث الأسود.. وبدأت الصورة تتكرر أمام عيني طوال الليل والنهار.. وتأثرت نفسيتي تماماً حتى لم أعد أستطيع أن أذاكر فهبط مستواي، وأصبحت كثيرة الرسوب.. كما أصبحت أرفض كل من يتقدم إلي لهذا السبب رغم أنهم من خيرة الناس حتى بدأت الشكوك تنتاب عائلتي.. وقد بدأت أفكر حالياً في ترك دراستي..
لقد قرأت في العدد 31 قصة مشابهة فهدأت نفسي قليلاً.. أرجو منكم الرد عليّ سريعاً لكي تنقذوني فأنا في حالة نفسية لا يعلم بها إلا الله وليس لي بعد الله سواكم..
أم الأحزان جميعاً
* *
غاليتي. أعلم جيداً صعوبة ما مررت به، إنه حدث قاسٍ على أي فتاة، وقد استطعت تجاوزه لسنوات طويلة، لكنك فجأة الآن تعودين إليه.. هل تعلمين لماذا؟
لأنك لم تواجهيه.. كل ما هنالك أنك هربت من نفسك، وأغمضت عينيك كي لا تواجهي هذا الحادث، وهذا خطأ لأن الخوف لن ينتزع من نفسك حتى تواجهيه ثم تقضي عليه.
وقد عاد الحادث إلى ذاكرتك بسبب ضغوط الدراسة التي اضطرت عقلك للهروب من الواقع نحو أي فكرة أو خاطرة تبعده عن الواقع المجهد فكانت هذه الحادثة هي الأقوى للتعلق بها.
ولمواجهة هذا الحادث وإلغاء تأثيره من ذاكرتك.. اجلسي في غرفتك وأغلقي عليك الباب ثم تخيلي أنك تقفين أمام ذلك الشخص الذي في ذاكرتك، وخاطبيه بصوت مسموع: (أنت إنسان ظالم.. وسيعاقبك الله يوماً ويعذبك مثلما عذبتني واغتلت طفولتي.. لكنني لن أخاف منك.. فأنت لا شيء.. أنا أقوى منك لأني على حق وأنت على باطل.. لن أتركك تغتال حياتي وتحطمني.. بل سأقف على قدمي بكل قوة لأعيش حياتي وأسأل الله أن يقتص منك..)
خذي نفساً عميقاً.. وقولي كل ما لديك وكل ما تتمنين لو تقولينه له بصدق..
ورددي لنفسك بصوت تسمعينه.. ( أنا قوية ولست وحدي.. الله معي الآن وفي كل لحظة.. وهو يراني.. ويعلم بألمي.. وسيأجرني إن شاء الله.. سأقف على قدمي وسأنجح في حياتي - بإذن الله.. ولن أترك هذا الحادث يدمرني..)، اتركي نفسك تبكين إن أردت لكن أقنعي نفسك حقاً أنك قوية ومتوكلة على الله، ومن يتوكل على الله فهو حسبه، وستجدين راحة نفسية لم تشعري بها من قبل..
واعلمي أن في هذا الابتلاء أعظم الأجر لك إن شاء الله إن صبرت.. فأكثري من قول (حسبي الله ونعم الوكيل، لا حول ولا قوة إلا بالله) كلما تذكرت ذلك الحادث.. وكثري من الصلاة وذكر الله فإنها تطمئن القلوب..
عزيزتي.. أبعدي عن تفكيرك الأفكار السوداء، واستمري في دراستك ولا تغفلي عن الترويح من نفسك بالهوايات النافعة حتى لا تضيق نفسك من شدة الدراسة والتعب فتهرب نحو الوساوس.. اقرئي الكتب المفيدة والممتعة وتنزهي مع أهلك واشتركي في مناسباتهم الاجتماعية وحبذا لو داومت على الاستماع للقرآن وقراءة الأذكار اليومية فإنها حرز من وساوس الشيطان.
وإذا شعرت أن حالتك لم تتحسن، صارحي أمك بما يعتلج في فؤادك، فإن الكتمان أحياناً يولد شعوراً بالذنب والمسؤولية، وقد يكون في الإفصاح راحة لك. صارحيها بشكل تدريجي، ومهّدي لها، وستقف معك بإذن الله..
أما من ناحية الزواج، فتأكدي أن مثل هذا الحادث ليس مانعاً لك أبداً من الزواج، فقد يرزقك الله الزوج الصالح الذي يسعدك ويعوضك عن أيامك السابقة، والمسألة التي تفكرين بها ليست مصيرية في أي زواج - على العكس مما قد تتوقعين أو تسمعين من الصديقات - فالزوج لن يتأثر بهذا الأمر إذا اتضحت له أخلاقك العالية والتزامك وتفهّم أنه كان هناك سبب أو حادث ما خارج عن إرادتك.
لكن قبل أن تقدمي على الزواج تأكدي أنك استطعت تجاوز هذا الحادث حتى لا يسبب لك ذلك نفوراً من الزوج. ويمكنك اللجوء لطبيبة نفسية صالحة - وركزي على هذه الصفة- إذا شعرت بأن حالتك تزداد سوءاً.
عزيزتي.. ابتسمي للحياة ولا تهتمي بالماضي، وتمني دائماً الأفضل والجئي إلى الله في كل وقت.. والله معك.
◽️◽️
📚 مجلة حياة العدد ٣٥ ربيع الأول ١٤٢٤ هـ
✍ تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق