الثلاثاء، 9 أغسطس 2016

يا فتاتي الغالية . . عواطفك . . أمانة


عواطفك . . أمانة


يا فتاتي الغالية..

سهل جداً أن أتجاهل تموج الخضرة بين جنبيك.. أن أعرض عن صوت الأنوثة الصادح في وجنتيك.. أن أتجهم في وجه الصباح الضاحك في عينيك.. ثم أقول لك بصرامة: دعي أنهار العواطف المتفجرة في دمائك ترحل عن كيانك.. واستمعي إلي بكل عقلانية.. فالإنسان بعقله فقط استطاع أن يثبت وجوده على الأرض..

ثم أمعن في التجاهل، وأطالبك بأن تنسي أنك تحبين.. وتكرهين وأنك تميلين بطبعك إلى أمر ما.. وتميلين عن آخر بالطبع نفسه، وأنك تحسبين بأن قلبك ليس ملكك، وأنه – في بعض الأحيان – يتمرد عليك، ويغريك بما كنت تتمنين ألا تقتربي منه..

ولكني لن أفعل أبداً.. لن أفعل..

فأنا أعلم أن تفتح العاطفة الذي تحسين به الآن ليس أمراً عابراً، ولا معيباً، بل هو أمر فطري تزدهي به كل صدور البشر، ولكنه في صدور الفتيات يبدو أكثر اخضراراً، وأكثر اشتعالاً، وأشد خطورة.. ولذلك بعثت إليك هذه الرسالة..

حبيتي الغالية..

حين أراك تحتويني حدائق الغد لجميل، تغرد حولي عصافير الشروق، تنشد أمامي عطور المستقبل الشذية.. فأزداد لك حباً.. وعليك خوفاً.. أتعلمين لماذا؟

أزداد لك حباً.. لأنني كنت – طوال السنوات الماضية من حياتك – أرقب هذا النضج.. أنتظر الوقت الذي أراك فيه امرأة تحمل حقيبة الطفولة إحساساً ورقة وطهراً، وترفع طرفها لتنظر إلى مستقبلها بكل ثقة، وتضع قدمها على الطريق بكل علم واقتدار، وهي تعلم أنها محضن الطفولة المسلمة في الغد القريب بإذن الله.

وازداد عليك خوفاً.. لأنني خبرت الحياة قبلك، فكما كنت أرقبك بعين الشوق الجارف، كنت أراقب الذئاب من حولك.. استطعت أن أراهم متلبسين بجريمة التخطيط للتسلل إلى عواطفك، لتكون بوابتهم إلى قلب كيان حياتك.. ويلهم كم كانوا أوغاداً وقحين.. كين تجرأوا أن يفكروا.. مجرد تفكير في تسلق قلعتك الشامخة؟!

لقد عرفوا بأن القصص والروايات والأفلام والمسلسلات من أكثر ما يشد اهتمامك، فراحوا يغرقون وقتك بسيل جارف من مهاتراتهم، وينسجون أحلامك بمغازلهم كما يشاء لهم المكر وسوء الطوية، فاستطاعوا أن يجروا على ألسنة مثيلاتك عبارات الغرام المزيفة، ليتقاذفوا بها مع شباب البطالة والضياع، ويطعنوا حياءك بالحركات المثيرة لأعصابك وإحساساتك، ويرسموا – بريشتهم المغموسة في ألوان الرذيلة – فتى أحلامك من خلال أكثر صور العلاقات بين الجنسين دمامة واستهتاراً .. حتى سمعت عن بعض الفتيات المسلمات أنهن يهمن حباً بالممثل الفلاني، أو المطرب الفلاني، ويتمنين لقاءه، أو الاقتران بمثله على الأقل، لأنه أصبح الأنموذج الأمثل أمامهن.. متناسيات أنهن أطهر من أن تتعلق أنظارهن – فضلاً عن قلوبهن – بهذا الوسط الموبوء.

وهل تظنين أنهم وقفوا عند هذا الحد.. لا بل راحوا يحاولون أن يصلوا إلى عفافك مباشرة، بالاتصال المباشر مع فضائيات الدمار الشامل، فيما يسمى برامج الصداقة، أو برامج المسابقات المليونية وأمثالها، وبالاتصال البرقي مع مواقع الشبكات العنكبوتية التي حيكت بكل دهاء لتوقع قدمك الطاهرة في براثنها، وهناك لا تسل تلك المستدرجة الغافلة عن أية هاوية سحيقة سوف تصل إليها.. فإن الذهول كفيل بأن يغيبها في عالمه.

ولكن لكل ما تتركينه من أجل الحفاظ على عفافك وكيانك ما كان ينتظرك قبل أن تخطف تلك الأضواء الكاذبة إليها نظرك، فليس الأصل من تلك البرامج التي لا ترقى إلى قدرك وشخصيتك، بل هي طارئة على بيئتك، غريبة على منهجك.. وأما أنت فها بين يديك كتاب ربك تعالى، وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم، وعشرات البرامج والكتب والقصص والمواقع التي تحترم شخصيتك، وتعرف قدرك، وتمنحك ما أنت جديرة به من الفائدة والمتعة معاً.

أبنيتي.. إن عواطفك أمانة في يديك.. فاحميها من أن تعرض عليها الفتن على شاشة أو مطبوعة، واستثمري وقتك الذي هو حياتك بما فيه نفع عائد على حاضرك ومستقبلك.

◽️◽️

بقلم د. خالد بن سعود الحليبي
📚 مجلة حياة العدد (٢٧) رجب ١٤٢٣ هـ

 تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق