أنا .... ونساء العالم
صادفت امرأةً من بلد شقيق، في بيت الله الحرام ليلةُّ من ليالي شهر رمضان المبارك، فتبادلنا أطراف الحديث، وحصل بيننا بعض الارتياح المتبادل... فقالت لي بلهجتها المحببة: (إنتي عارفة أكتر حاجة عجبتني عندكم هنا في السعودية؟)
فرددت عليه بلهفة: (ما هي؟)
وجملة من الاحتمالات تدور في ذهني، هل يا ترى ستقول شوارعنا الفسيحة؟ أم روعة بناء الحرم وحسن العناية؟ أم ... أم ..
إلا أنها فاجأتني بشيء لم أكن أتوقع أن يكون هو (أكثر حاجة عجبتها)!!
حيث قالت: (الست عندكم بتأخذ راحتها كتير، تتغطى، تتنقب، تلبس أسود، محدش يؤلها حاجة! لكن عندنا لا اللي محجبات تاركينهم في حالهم، ولا اللي سفور كمان)!
فقلت: سبحان الله!! هذه مصر بلد النبوات والحضرات!!
فردت: إنها خطة الأعداء ...!
وأخرى من دولة أفريقية، تغربت من بلدها السنين الطوال لتعيش هنا في بلادنا، من أجل لقمة العيش التي تكف بها عن نفسها الأذى الذي قد تتعرض له بنات جنسها في بلادها،
وكيف أنها في إحدى الزيارات عانت من الأمرين وتوالت مراجعاتها للدوائر الحكومية من أجل تجديد جواز، كل ذلك من أجل أنها ترتدي حجاباً!،
في حين أنهت إحدى قريباتها كل تلك الإجراءات في أقل من ساعة!، لأنها ببساطة: غير محجبة ! ..
وقد حكت لي الكثير من المواقف المؤلمة التي يظهر فيها تسلط النصارى في بلادهم على المسلمين وظلمهم، واضطهادهم، مع أن أكثرية السكان مسلمون، لكن السلطة كانت أقوى!!
وكثيراً ما تكررها على مسامعي: (الحمد لله أننا في السعودية وإن كنا بعيداً عن أهلنا) ..
وصديقة أمي تلك المرأة من إحدى الدول العربية التي زاملتها فترة دراستها الجامعية سنوات ابتعاث زوجها،
وما لبثْ أن رحلَتْ بعد انتهاء البعثة،
ولا زالت – لأكثر من خمسة عشر عاماً – تراسلها عبر البريد أو تهاتفها بين الحين والآخر، وتُضَمَّن في ثنايا حديثها ذكراها التي لا تنساها أيام عيشها في السعودية،
حتى أنها في إحدى المرات، طلبت من أمي أن ترسل لها أعلاماً (سعودية)
وفي السنة التي تليها أرسلت صورة لـ (صالة منزلهم) والعلَم يزين أحد جدرانها ..!
طلبها الوحيد دائماً أن توفر لها (تنانير وبلايز طويلة) لأنها، وبناتها، وبعض جاراتها محجبات ولا يجدن في الأسواق لباساً ساتراً ...!
وفي إحدى المحافل النسائية اجتمعنا بأسر من دولة خليجية، دار الحديث بيننا عن وضع المرأة وما تنعم به في بلدنا (السعودية)
وبعد صمت ليس بالطويل أخذت أخت منهن في الحديث لتقول لنا بصوت تخنقه العبرات (احمدوا ربكم إنكم سعوديات)! وشرحت لماذا علينا أن نحمد ربنا!! وفصّلت كيف كان حال المرأة في بلدها من الستر والتمسك بالحجاب، والاستقرار في أوضاعها آنذاك، وما آل إليه الوضع بعد أن ساد السفور وعم البلاء ..
وكما عبرت هي بنفسها أنها تخشى أن (يحوشنا الطوفان)!
عندما أتذكر هذه النماذج وأمثالها تنطلق من أعماق صدري زفرةُ مؤثرةُ، وما يلبث قلبي ولساني إلا ويتواطأن حمداً وشكراً وثناءً للباري عز وجل أن أكرمني ومنّ عليّ بهذه النعمة العظيمة، نعمة الأمن والأمان في هذه البلاد المباركة، نعمة أن أكون امرأة في بلد تحترم نساءها وتقدرهن، أعيش وضعاً هادئاً، مريحاً، مطمئناً، أكاد أنفرد به عن أخياتي في غيرها من البلاد .. !!
أفلا تشاركيني عزيزتي هذا الابتهال إلى الله عز وجل بالحمد والشكر؟!
◽️◽️
منال بنت طارق القصبي
📚 مجلة حياة العدد (٧١) ربيع أول ١٤٢٧ هـ
✍ تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق