للمراهقين .. فقط
التدخين .. قمة الرجولة
دسّ يده في جيبه، أخرج علبة السجائر .. وبإصبع واحدة برزت السيجارة تحيّيه بقرونها السوداء:
(شبيك .. لبيك ، ماذا تريد يا عبدي)
(شبيك .. لبيك ، ماذا تريد يا عبدي)
أخرج النار من جيبه اليسرى، وكاد أن يحرقَ نفسه، أشعل سيجارته..
أخذ نفساً عميقاً، وبتقطيب و "زهق" و "قرف" .. نفثَ الدخان بعنف في وجهي.
كان عمرهُ من عمر تلامذتي .. لا يتجاوز السادسة عشرة.
واصلتُ معه حواري – على الرغم من كل ذلك – فلقد فرضتنا الأقدارُ على بعضنا، في وسيلة مواصلات واحدة:
* تقول : التدخين رجولة وشخصية؟
قال ويداه ترتعشان: نعم، ومن لا يدخن فهو الضعيف الجبان.
* قل لي – بالله عليك – من هو الرجل في نظرك؟
الرجل إنسان قوي، يتابع عصره، ويجاري أقرانه، ولا يخشى على نفسه من سيجارة تافهة، وشعلة حقيرة.
* أيعد رجلا من تتحكم فيه هذه السيجارة التافهة – كما ذكرت – وتخضعه عبداً ذليلاً لها؟
أيعد قوياً من لا يستطيع أن يقاومها؟
أم الرجل هو الذي يتحكم في نفسه ، وينتصر على ش___ه، ويتغلب على شيطانه، ويحافظ على صحته، ولا يترك سيجارة تقتله؟
يكفي أنها "سعة" صدر .. "وناسة" يا أخي .
* الصدر الأسود المليء بسموم الدخان والنيكوتين صدرُ واسعُ " أكيد " .. هذا الصدر ضيق كئيب، وتلك النفس قلقة مضطربة، لأنها تخالف الشرع والفطرة النقية.
تخالف أي شرع؟ .. هناك علماء أفتوا بأنها مكروهة فقط، وليست حراماً، فضلاً عن أن السجائر هذه أمور مستحدثة، ولم يرد فيها نص بتحريمها.
▪ من أفتاك بهذا ؟
من أفتاك بهذا؟ اسمع معي قول ربك جلت قدرته:
﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾
﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾
﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ﴾
﴿ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ﴾
﴿ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ﴾
ويقول صلى الله عليه وسلم: " لا ضرر ولا ضرار ".
أسألك: السجائر والشيشة وأمثالهما .. مضرة أم نافعة؟
وهل تعد من الطيبات الحلال، أم من الخبائث المحرمة؟
لقد علمت أن التدخين يسبب الصداع والدوار وضمور الأعصاب، والمزاج العصبي والقلق والشرود .. وأمراض القلب والصدر والسرطانات، وتعلم أن سيجارة واحدة كافية لقتل إنسان لو أعطيت له بواسطة إبرة؟
والمصيبة الأكبر أن الأطباء قد قرروا أن التدخين سم قاتل، فلا فرق بين من يدخن وبين من يحتسي سماً .. ألا نخشى من قول نبينا صلى الله عليه وسلم: ( من تحسّى سماً فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا فيها أبداً ) رواه البخاري.
▪ شعور بالهزيمة
* أحس بالهزيمة .. قال في يأس وإحباط، وكان قد أطفأ سيجارته وأنا أتلو عليه الآيات السابقة: يا رجل، احرقها قبل أن تحرقك.
إذن أنت تعرف أنها ستحرقك، بل إنك واثقٌ أنها لن تحرقك إذا أهملتها، وألقيت بها في مكانها الملائم بها .. المزبلة، لا صدرك النقي الطاهر، وقلبك الأبيض النظيف العامر بذكر الله وتوحيده.
* وما شكلي بين أصدقائي .. نجتمع ويخرج كل سيجارته، وتريدني أن أكون شاذاً بينهم و ..
قاطعته: من الشاذ؟ أتجعل المدخنين أسوياء مستقيمين، وغير المدخن شاذاً. وقد تريد أن تقول: إنه متخلفٌ أو متعصبٌ؟ أيرضيك ذلك القول؟
لا شك أنك مع الحق، توافقني ويوافقني أصدقاؤك المدخنون – ولو في قرارة أنفسكم – أن الشاذ هذا .. هو الشاب المستقيم السوي العاقل المتزن.
* بصراحة .. لقد أدمنتها ومهما حاولت إقناعي .. ولو اقتنعت، فلن أستطيع تركها.
لا شيء اسمه " لا أستطيع "، فكر في مصير المدخن المظلم .. في دنياه وآخرته، وكن رجلاً قوياً شجاعاً ذا إرادة صلبة وهمّه عالية، لتنقذ نفسك.
إن الأجانب يجاهدون أنفسهم للإقلاع عن هذا المرض العضال، فهناك ١٠٠٠ شخص يقلعون عن التدخين يومياً في بريطانيا، وفي إحصاءات في الـ BBC أن ٨٠ % من المدخنين عبروا عن أسفهم وندمهم الشديد لإقدامهم على التدخين.
▪ نصائح المختصين
اتبع بجدية نصائح المختصين، مثل :
الحصول على قدر كبير من الاسترخاء في الأيام الأولى من امتناعك، والإكثار من تناول الماء لتخليص الجسم من النيكوتين والمواد الضارة، والتخفيف من الشاي والقهوة، والأهم .. البعد عن المدخنين وأجواء التدخين، ودائماً .. ردّد لنفسك ﴿وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾
" لا ضرر ولا ضرار "
( احذر أمراض القلب والسرطان .. احذر النار .. احذر غضب الجبار ) وأكثر ذكر ربك ودعاءه يحفظك ويرعاك.
" لا ضرر ولا ضرار "
( احذر أمراض القلب والسرطان .. احذر النار .. احذر غضب الجبار ) وأكثر ذكر ربك ودعاءه يحفظك ويرعاك.
اتركها فجأة، لا يصلح في ذلك التدريج، وأنت تستطيع إذا استعنت بالله سبحانه.
* أنا أعرف نفسي، سأتحمس، ثم سأفشل، كما حدث لي من قبل.
الفشل ليس نهاية العالم، نعم إن للفشل طعماً مريراً ولكن من لا يعرف طعم الفشل قد لا يعرف طعم النجاح، اجعل رصيدك من التجارب الفاشلة رصيداً إيجابياً لا سلبياً، استفد منه، ولا تلدغ من جحر مرتين، المهم لا تخف من الفشل حتى لا تفشل.
ثم، إن الإنسان لا يعلم متى تحين ساعته، فإن أتت على عزم صادق على التوبة .. وعدم العودة، فهو الرضا والفوز المبين، فتوكل على ربك .. واتركها له جل شأنه تذق طعم الإيمان وتجد حلاوة في قلبك لا مثيل لها.
* قال لي وقد خفض رأسه: عجيبٌ اهتمامكم بصحة الآخرين، مع أنني لا أهمك في شيء، وهذه صحتي وأنا حر فيها.
لا تقل أنت حر في صحتك فهذه وديعة استودعك الله سبحانه إياها، وأمرك برعايتها والحفاظ عليها، لأننا نريد صحتك لتبني نفسك ومستقبلك، وتنهض بمجتمعك وأمتك، وتنصر دينك، فهل يمكن أن يحقق آمالنا مدخن؟
أطرق إلى الأرض بعد أن ألقى بآخر سهامه،
فاسترسلت:
- يا أخي تخيل نفسك في عرصات القيامة بين يدي رب العالمين جل شأنه ومعصيتك في يدك .. سيجارة بين إصبعيك.
إن هذه السيجارة اللعينة .. خطوة يفرح بها إبليس اللعين أيما فرح، إنها أول خطوة في طريق الهاوية، حفرة عميقة إذا نزل فيها أحد خطوة .. هوى سريعاً، حفرة محفوفة بشهوات دنيئة .. السيجارة – الشيشة – الحبوب المسهرة – الحبوب المهدئة – الخمر – الحشيش – البانجو – القات – المخدرات – الكوكايين – الهيروين ..
خطوة خطوة يسحبنا فيها شيطانٌ ضعيف جبان .. سيتبرأ من أتباعه يوم الدين.
تأمل: ﴿ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾.
تركته وعيناه مغرورقتان بالدموع، وبعد أيام أرسلت له عدة صور وحقائق في بريده الإلكتروني وأنا أدعو الله له بظهر الغيب أن يشرح صدره وأن يثبت قلبه.
أسامة علي متولي
أسامة علي متولي
▪ السجائر
سحب تظل جموعنا في المجلس = هيا تقدم نحونا ولنجلس
خذ باليمين سائرا ملفوفة = فالليل طال مع النجوم الخنس
هذي الدعاية للشباب جميعهم = كي يدمنوا التدخين قبل المحبس
إني رأيت شبابنا في ورطة = ضاق الفؤاد بفعلهم والملبس
إن الحياة قصيرة لو قستها = فاربأ بنفسك أن ترى في المدنس
تلك السجائر كالأفاعي قتلها = وأرى الأفاعي حلوة في الملمس
يؤذي المدخن أهله بسجائر = أين المحبة من فؤاد مفلس
ما لي أرى التدخين يأسر قومنا = هل صار فيه تمتع بتنفس
قالوا تقدم نحو نكهة متعة = وأرى المقال كفجر ليل مغلس
ماذا أقول لمن يقاتل نفسه = ألق السجائر ولتعد للمجلس
خذ باليمين سائرا ملفوفة = فالليل طال مع النجوم الخنس
هذي الدعاية للشباب جميعهم = كي يدمنوا التدخين قبل المحبس
إني رأيت شبابنا في ورطة = ضاق الفؤاد بفعلهم والملبس
إن الحياة قصيرة لو قستها = فاربأ بنفسك أن ترى في المدنس
تلك السجائر كالأفاعي قتلها = وأرى الأفاعي حلوة في الملمس
يؤذي المدخن أهله بسجائر = أين المحبة من فؤاد مفلس
ما لي أرى التدخين يأسر قومنا = هل صار فيه تمتع بتنفس
قالوا تقدم نحو نكهة متعة = وأرى المقال كفجر ليل مغلس
ماذا أقول لمن يقاتل نفسه = ألق السجائر ولتعد للمجلس
شعر : هارون البشير
◽️◽️
📚 مجلة شباب العدد (٧٧)
✍ تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق