الصفحات

الاثنين، 4 يونيو 2018

الحياة أقصر من أن تتذمري منها !



كثير من الفتيات.. يشتكين كثيراً.. ويتذمرن من كل ما حولهن..
فالغالبية تشتكي.. وتتذمر.. إما من الوالدين أو من الأخوة.. أو من قيود المجتمع (كما يسميها البعض)!!
أو من الحالة المادية.. أو الدراسة..
أو أي شيء.. فقط للتذمر.. 

ربما تكونين أنت نفسك متذمرة دون أن تشعري.. راقبي طريقة حديثك مع من حولك.. وراجعي نظرتك للأمور من حولك.. هل أنت متذمرة؟

إذا كنت تعتقدين أن تذمرك على كل ما يحيط بك سيحل شيئاً فأنت مخطئة تماماً لأن ذلك لن يزيد الأمور إلا تعقيداً.. وستقنعين نفسك أكثر فأكثر بأنك غير سعيدة..
المشكلة أنه لا أحد يعتقد أنه سعيد تماماً.. فالجميع يعتقد أنه تنقصه أشياء كثيرة.. لدرجة أنه لا يفكر فيما لديه.. الكثيرات يعتقدن أن سعادتهن ناقصة، لأن أمها لا تهتم بها، أو لأن والدها لا يوفر لها المال اللازم.. أو لأن كل شيء ممل وليس لديها مكان أو وقت للترفيه والتسلية..
متناسية أن لديها أسرة وصديقات وأشخاصاً يحبونها.. وأنها تملك أرقى أسباب الحياة الكريمة.. لكنها لا تقتنع بذلك.. وتنتبه لأدق الأشياء المفقودة لتتذمر منها..
وتنسى أن حياتها تمر دون أن تستغل الفرصة لتشعر بالسعادة فيها..
فهي تنتظر السعادة وتتذمر من أجلها طوال الوقت.. متناسية أنها لم تترك لنفسها فرصة ولو بسيطة لتمنح نفسها قدراً بسيطاً من السعادة والرضا..

حذرتني عدة مدرسات من إحدى الطالبات قالوا أنها مختلفة تماماً فهي لا تترك فرصة تمر دون أن تهزأ من مدرستها وبصوت عال. كما أن لها أسلوباً خاصاً في التشويش على الطالبات أثناء المحاضرة وإيضاح العيوب والثغرات في كل شيء.

استغربت لهذا التذمر الغريب الذي لديها، لكن كان واضحاً مقدار سخطها على كل ما حولها من والديها وبيتها إلى المدرسة والمعهد والناس وكل المجتمع الذي يحيط بها..
وكانت لديها طاقة كبيرة تدفعها للتذمر والاستهزاء من كل ذلك..
لذا لم أشأ أن أوقفها.. كان كلما أرشدتها له فيما بعد.. أن تسأل نفسها.. ماذا تريد؟
هل تريد عالماً كاملاً؟

قلت لها: لا أحد منا سيكون راضياً عن كل ما حوله.. وأنا أؤيدك في أن أشياء كثيرة من حولنا تستثير غضبنا وتذمرنا..
ولكن.. هل سنغير شيئاً بالتذمر منها.. كلا..
لأن الله خلق كلاً منا ومعه نصيبه من كل شيء في هذه الحياة.. حتى السعادة..
فلماذا تقنعين نفسك دائماً بأن كل ما حولك سيء..
لماذا لا تحاولين تقبله والتمتع به كما هو؟ وستشعرين بسعادة جميلة..
صحيح أن الإنسان يجب أن يطمح دائماً 
لماذا لا يتمتع بكل دقيقة فيما لديه.. 

تصوري أنك اضطررت للعيش في منزل متواضع وقديم ولا يمكنك بحال من الأحوال استبداله..

أمامك الآن حلان.. إما أن تتذمري وتتشكي منه لكل من حولك.. وتتأففين في كل لحظة منه وقد أقنعت نفسك تماماً بأنك غير سعيدة ولا راضية به.. وأنت بهذا تجلبين الكآبة والضيق لنفسك ولكل من حولك.. وإما أن تحمدي الله لأن لديك مأوى على الأقل.. وتبدئين في ترتيبه وتجميله بشكل جميل يجعلك تتقبلينه وتعيشين فيه برضا وقناعة.. وتقضين حياتك فيه بشكل سعيد ومريح إلى أن ييسر الله لك غيره..

وتذكري قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)، فهل لعابر السبيل أن يتذمر ويتشكى وهو يعلم أنه إنما في استراحة مؤقتة وسيواصل سيره للعالم الآخر حيث النعيم الأبدي أو العذاب.

لو كنت في سفر وتوقفت في إحدى استراحات الطريق لتناول الطعام هل ستقضين وقتك في التذمر من ضيق المكان وأنت تعلمين أنك لن تمكثي فيه سوى ساعة زمان؟.. كذلك هي الدنيا إنما حياتنا فيها ساعة من زمن مسافر فلِمَ نقضيها في التذمر والتشكي والنقمة على كل شيء بدلاً من العمل نحو الأفضل؟

◽️◽️

📚 منتقى من مجلة حياة العدد (٢٦)

 تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق