الصفحات

الجمعة، 6 أبريل 2018

جناح الرحمة (ثقافة الشكر)

جناح الرحمة

ثقافة الشكر

حين تتلقى من شخص مساعدة أو اهتماماً، تجد نفسك –تلقائياً- تقوم بشكره والثناء عليه، وتبذل له ما في وسعك من امتنان، وهكذا يكون رد الجميل، بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من أنعم على رجل نعمة فلم يشكر له فدعا عليه استجيب له).. وقيل: (اشكر المنعم عليك، وأنعم على الشاكر لك تستوجب من ربك الزيادة، ومن أخيك المناصحة).

وقال أحد الحكماء: من أعطي الشكر لم يمنع الزيادة.
وقال آخر: الشكر ثلاث منازل: ضمير القلب، ونشر اللسان، ومكافأة اليد.

الشكر أفضل ما حاولت ملتمساً ... به الزيادة عند الله والناس

إن الشكر داعية الزيادة، والله عز وجل يقول: (ولئن شكرتم لأزيدنكم)،

كما أن الشكر يخلق التواصل بين الأفراد، ويعرف الشخص المشكور أنه أدى عمله وكسب قبول المتلقي، وإلا كيف ندرك أننا قد أحسنا العمل ونلنا وضا الناس؟!

وينبغي أن نعتاد الشكر مقروناً بالدعاء ليتولد لدى الناس السعي لعمل الخير والشعور بالارتياح، وحتى لو ترسَّخ لدينا مفهوم (لا شكر على واجب)، فلا بد أن ندرك أن الذي لا يشكر الناس لا يشكر الله.

وليس أقل من الشكر والشعور بالامتنان حتى لأولئك الذين يملي عليهم الواجب فعله معك! فنشكر عامل النظافة في الشارع وفي دورات المياه العامة، وفي الأسواق والمنتزهات، والسائق والعاملة المنزلية، والخبَّاز والنجار، وسائق الحافلة..

ونشكر إمام المسجد الملتزم بوظيفته، والمعلم القائم بعمله الحريص على تلاميذه، والطبيب الجاد في مهنته الساهر على راحة مرضاه، ورجال الأمن الذين يحرسون بلادنا!!

حقاً لم لا يعتاد أبناؤنا شكر والديهم بعد كل عطاء، ومعلميهم بعد نهاية كل درس: (شكراً يا أستاذ)؟!

حيث أن الملاحظ أن الجيل الحالي اعتاد أن يأخذ دون أن يشكر!! 

ترى ما هو شعورك كمعلم أو موظف أو مدير عام أو رئيس تحرير أو وزير حين يُقال لك: شكراً وعوفيت؟!

وعليه.. لابد من تنمية ثقافة الشكر لدى المجتمع بجميع فئاته، فقد اعتدنا للأسف أن نأخذ دون أن نشكر، ونعطي دون أن نلمس امتنان الآخرين، وهذا خلل سلوكي يحتاج لعلاج، وقد نكون –نحن الآباء والأمهات- سبباً في هذا الخلل، فبعض الآباء يعمد إلى تدريب طفله وهو في سن الرضاع على كيفية البصق والشتم،
ويصفق له حين يتفوه بكلمات بذيئة وهو لا يزال يتعثر بالألفاظ،
وفي الوقت نفسه لم يدربه قط على الشكر والامتنان وتقدير الجميل!

ومثلما يتعلم الصغير تلك السلوكيات الخاطئة بإمكانه أن يتعلم السلوك الحسن.. ولعل كثيراً منا قد لاحظ استياء بعض الآباء والأمهات من المشاكل التي تحصل بين الأطفال وتهجم بعضهم على بعض، وربما يعود السبب –في نظري- إلى أن هؤلاء الآباء أنفسهم لم يعوّدوا أولادهم على كيفية التعامل الحسن ومقابلة المعروف بالامتنان..

وكثيراً ما مررت على مجموعة من الأطفال وهم يتقاذفون الألفاظ النابية ولكنني لم أسمع ذات مرة طفلاً يثني على زميله أو يشكره، رغم أنه غالباً ما يحتاج لخدماته، وكأنه يستهجن هذا التصرف لأنه لم يعتد عليه!

وما نطالب الآباء والمربين به أن يعوّدوا أولادهم حمد ربهم على كل نعمة أو ابتلاء، ويربّوهم على شكر والديهم ومعلميهم وكل صاحب فضل عليهم، كما أن الشكر للوطن يُعبَّر عنه بالمحافظة على ممتلكاته التي هي في الحقيقة ممتلكاتنا جميعاً.

إن الشكر يضفي على الشخص صفات جميلة وبهية ورائعة، وأقصد بذلك الشكر الفعلي الذي يتبع الشعور والقول، ولن يتأتى ذلك دون تربية وتعليم، لنصل إلى الأروع وهي ثقافة الشكر حيث الوصول لهذه المرحلة يجعل أفراد المجتمع في حالة هدوء ودعة دون احتقان، فحين تتوفر لديك ثقافة الشكر ترضى بما قسم الله لك من رزق وتنتفي عنك الغيرة والحسد ممن تفوقوا عليك علماً أو مالاً، وتتلاشى عوامل الغرور والكبرياء على من دونك، وتنقشع غمامة الحزن عن سماء حياتك حين تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما حصل لك من خير فهو فضل من الله.. حينئذ تصبح بالشكر عابداً متعبداً.. وبالحمد والثناء متمسكاً.. وللعباد أثيراً مفضلاً.. ولنفسك سعيداً راضياً..

ألسنا –حقاً- بحاجة إلى نهج ثقافة الشكر؟!!

رقية الهويريني

 تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق