الصفحات

الخميس، 21 يوليو 2016

صفحات من حياة فقيدة الدعوة (الداعية محاسن بنت أحمد حمودة)

مع أذان العصر يوم الخميس ١٤٢٦/٦/١٥ هـ أسلمت الداعية محاسن بنت أحمد حمودة
الروح إلى بارئها وصُلّى عليها صلاة العشاء في الحرم المكي، ودفنت في المعلا بعد صراع مرير مع المرض خرجت منه بشهادة الصبر، ووسام الرضا هكذا نحسبها - والله حسيبها - 
فقد كان كل من عادها في غرفتها بمستشفى الملك عبد العزيز الجامعي بجدة يخرج معجباً من ابتسامة الرضا التي تتوج وجهها الوقور.. رحمها الله.

لقد توفيت ((محاسن حمودة)) ورحلت صابرة محتسبة.. تاركة وراءها محاسن جمة ومآثر خالدة تبقى على مر الأيام، تركت ثمانية من الأبناء والبنات وعدداً كبيراً من الأحفاد يعمر نفوسهم حب الدين، تقول إحدى بناتها: (لقد غادر والدَاي الدنيا بعد أن تركا في أعناقنا إكمال مهمّتهما في إيصال حقيقة الإسلام الخالدة إلى كل الناس، وشد حبال الوحدة الإسلامية)

نعم تركتهم وقد رعت في نفوسهم جذوة الدعوة إليه فقد كانت بحق أنموذجاً حياً للداعية النشطة على مدى سنين عمرها
وعلى كثرة سفرها وتجوالها فهي زوجة السفير الراحل ((فؤاد الخطيب)) -رحمه الله- الذي كان سفيراً للإسلام من خلال عمله سفيراً لبلاد الإسلام (السعودية) في باكستان والعراق، وأمريكا ونيجيريا، وفي تركيا وبنغلادش، وفي نيبال وماليزيا، فكانت بجانبه في تلك الدول تتفقد أحوال المسلمات وتحرص على المساهمة للرقي بوضع المرأة المسلمة وتعليمها لذا جعلت همّها بذر بذور الخير في كل بلد تحلّ به ولم يشغلها وضعها الاجتماعي عن ذلك بل سخرته لنشر الخير وخدمة الدين، والدعوة إليه، فعاشت حياتها تعظ وتنصح، وتعلم وتربي، وكانت تعقد في بيتها لقاءات دورية لتعليم العربية وأحكام الدين

وأنشأت في الثمانينات الميلادية ببنغلادش مدارس منارات دكا للبنات التي تطورت فيما بعد لتشمل جميع المراحل الدراسية بالإضافة إلى كلية
وفي بلادها (السعودية) كانت مديرة لأول معهد لإعداد المعلمات بجدة

وأسست في بداية السبعينات مدارس منارات جدة وتولت إدارتها في بداياتها
كما كان اهتمامها بالقرآن الكريم والمساهمة في تعليمه ودعم مدارس التحفيظ وحلق الذكر فيه كبيراً

وقد توفيت رحمها الله وهي على رأس عملها رئيسة للقسم النسائي للجماعة الخيرية بتحفيظ القرآن بجدة فبكاها طالبات دور التحفيظ بجدة، ولهجت ألسنتهن بالترحم عليها وهن يتذكرن وقفتها على منصة قاعة الاحتفالات بمقر ألجمعية بالرويس وهي تحض على التخلق بأخلاق آهل القرآن وتشجع الحاضرات على البذل في هذا الباب، وتكرم الحافظات، وتوصي بالعمل والدعوة وتطبيق منهج القرآن في الحياة.

اشتهرت -رحمها الله- بحديثها الدائم عن وحدة المسلمين وضرورة تعاونهم وتآزرهم وتلاحمهم وكانت تطبق ذلك منهجاً في حياتها فلم تكن تفتأ عن الدعاء للمسلمين في كل مكان وتحض على ذلك، وكانت تشجع منتجات الدول الإسلامية وتلزم نفسها ومن تعول بالاستغناء بها عما سواها وتحث أخواتها على ذلك، كما كان لها في كل بلد حَلّت به أخوات استمر تواصلها مع كثيرات منهن شاهداً على عمق مشاعر الأخوة الإسلامية في نفسها.

وفي حياتها الاجتماعية اشتهرت - رحمها الله - بحرصها على التواصل مع أهلها وأرحامها والمجتمع النسوي حولها فلم تكن تتخلف عن إجابة دعوة، أو تلبية واجب تهنئة أو عزاء ولكن دون أن تضيع الأوقات تحت دعوى ضغوط الواجبات الاجتماعية ولربما مكثت في الحفل ساعة أو أقل فكانت بذلك خير قدوة في التوفيق بين أداء الواجبات وحفظ الأوقات.

كما كانت تحرص على مجالسة بناتها وأبنائها وأحفادها وتفقد أحوالهم وإفادتهم من تجاربها الدعوية في أسفارها المختلفة
فقد كانت تؤمن بدور شباب اليوم في صنع غد مجيد

رثاها يوم وفاتها أحد أحفادها (عامر بهجت) فقال:

كانت حياة فؤادي والغذاء له .... كانت مجالسها ترقى بإيماني
ماتت محاسن من كانت تعلمنا .... بصبرها صبر أيوب وسلمان
ماتت محاسن لا ماتت محاسنها .... ففضلها مستمر طول أزمان
عزاؤنا أننا نرجو البقاء لها .... في جنة الله في خلد وإحسان
عزاؤنا أنها عاشت لخالقها .... ولا يضيع ربي أهل إيمان
عزاؤنا أنها عاشت مجاهدة .... لله سبحانه في كل ميدان
عزاؤنا أنها عاشت بطاعته .... ما بين ذكر وتسبيح وقرآن

◽️◽️

فوز بنت عبد اللطيف كردي
📚 مجلة الأسرة العدد ١٥٠ رمضان ١٤٢٦ هـ

 تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق