رأيتها في أحد الزوايا الكئيبة قد انطوت على ذاتها .. الحزن قد عبث
في صفحة وجهها .. والهم قد علا محياها .. كانت هي واحدة
من مئات الفتيات اللاتي قد وقعن في وحل
الآلام والهموم .. وذُقنَ أشواك الأحزان والغموم ..
( فدعونا نقلب صفحات الحقيقة وإن كانت مؤلمة .. ونتجرع
كؤوس الواقع وإن كانت مرة )
وما ذاك .. إلا لنغوص في أعماق القضية .. والتي يتخللها آراء .. ومواقف.. وحلول .. واسفتاءات .. وغيرها ..
وهل تُستخرج الدرر إلا من الأعماق ؟!
كلمة لمشرف موقع الإسلام اليوم :
تعيش الفتاة المسلمة في عصر نا الحاضر وضعاً صعباً تواجه من خلاله جملة اشكاليات وتحديات تهدد وجودها النفسي وتأثيرها الاجتماعي وشخصيتها الاسلامية الواعية ..
فهي تقف أمام تحدي داخلي من خلال بعض مظاهر اللامبالاة التي تحيطها بها بعض الأسر نتيجة غياب الوعي الكافي بدور المرأة واهمية وجودها كحاضن للمجتمع المسلم وحارس امين لكيانه ..
وهي تعاني من مشكلات في التعامل السليم مع أسرتها ..الأم والأب والأخوة..وانتقالاً الى الصديقة التي تتعامل معها بمعزل عن الاسرة التي تشعر بعدم قدرتها على فهم مشاعرها
فتتحول الصديقة في كثير من الأحيان بوابة لتشكيل صورة نمطية سيئة عن الحياة قد تقودها الى الانحراف..مروراً بتحولات مرحلة المراهقة وماتحتاجه من مقومات معرفية مهمة لتجاوزها الى بر الامن والايمان..
انتهاء بعجلة التشويه المركز الذي تطالعه عبر الانترنت والفضائيات لصور تروج على انها نماذج لنساء عصريات تختفي ورائهن صور الحياء وتتكشف المرأة الغربية كقائد للرذيلة مما اجج في بعض الفتيات ونتيجة ظروف موضوعية تجمعت امامهن الانبهار بالنموذج النسائي الغربي والانجرار خلف أبهة هذه الظهور الهش..
انتهى كلامه وفقه الله ...
فمن طبيعة الإنسان سواء كان رجلا أم امرأة .. صغيرا أم كبيرا .. أن يكون لكل واحد منهما همومه وأحزانه وأفراحه وأتراحه .. ويختلف كل واحد منهما عن الآخر على حسب ما يلي :
١ ـ العمر :
فنجد مثلا هموم الفتاة ما قبل سن المراهقة تختلف عن همومها ما بعد سن المراهقة ..
أوهموم الفتاة تختلف عن هموم المرأة الكبيرة في السن ..
٢ ـ المجتمع الذي تعيش فيه :
فهموم فتاة أو شاب القرية والذي يسكن في مدينة ريفية يختلف عن ذلك الذي يتربع في وسط العاصمة ..
وكذلك هموم الفتيات اللاتي من مجتمع ديني ملتزم تختلف همومهن عن فتيات من مجتمع غير ملتزم ..
لأن لكل ذلك تأثيره الكبير على بني آدم .. فالمجتمع والمؤثرات هي التي تشكل شخصية الفرد بل وهي التي تنمي تلك النفس" نفسية الإنسان " وتسيطر عليها .. وليس الإنسان هو الذي يسيطر على المجتمع أو المؤثرات كما يتفوه بها البعض ..
٣ ـ على حسب علمها وثقافتها :
نجد مثلا هموم الداعية تختلف عن هموم المرأة العادية
هموم المتعلمة تختلف عن هموم الجاهلة
وهكذا ........
وبعد كل هذا .. نقول :
وأيضا تلك الهموم نفسها تختلف فيما بينها .. فمثلا نجد - في سن واحدة - أن هناك هموم تتلعق بأشياء دنيئة كمثل تعلق الفتاة بلاعب أو ممثل أو غير ذلك عافانا الله من ذلك .. أو هموم دنيوية فأضحى لكل واحد هم من هموم الدنيا يتبعه ويجري خلفه !
أو نجد هموم يسطرها التاريخ ، وتحفظها الأمجاد ، كمن أضحى قلبها معلقاً بالآخرة فهي تعمل لها حتى ملكت لبها وعقلها ..
أو تلك التي تحمل هموم أمة محمد صلى الله عليه وسلم التي تذبح كالشياه وتُسال دمائهم وتراق في الطرقات بلا مراقبة لجبار السماوات والأرض لا حول ولا قوة إلا بالله .. أو نجد من تحمل هم الدعوة وتبيلغ الرسالة وغير ذلك ..
أو نجد هموم شخصية كمثل هم مرض أصابه أو هم العمل والوظيفة وغير ذلك وهذا الهم بذاته ليسنا في محل الحديث عنه الآن..
وبعد ذلك ........
وكما ننظر في مجتمعنا الآن .. وفي زماننا هذا زمان الفتن والمغريات .. نجد في المدارس وفي
المجتمعات أن غالب هموم الفتيات تتعلق بشيئان لا ثالث لهما :
١ ـ فتيات همهن بتلك الممثلة فلانة أو الممثل فلان أو الجري وراء الموضات والأغاني الماجنة سواء عن طريق الفضائيات أو عن طريق أشياء أخرى .. وبذلك نجد نفوسهن ضيقة يعلوها الكآبة وكل هذا نتيجة للبعد عن الله تعالى وصدق الله سبحانه وتعالى ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا )
هذه احدى الفتيات نشرت قصتها في إحدى المجلات الإسلامية فكانت تقول :
(( تطلب المرأة – في جميع أحوالها .. وفي جميع مراحل عمرها - الأمن والحب والسعادة
ولكن السؤال : كيف سيتحقق لها ذلك ؟
سأروي قصة حياتي مختصرة .. لأرى جوانب الأمن .. والسعادة .. والحب :
نشأت في عائلة ثرية جداً ، طفولتي سعيدة هانئة .. ولكن في مرحلة المراهقة انتابني شعور بالوحشة
والضجر .. شعرت بأن المال والجاه والشهرة وحتى الجمال لا يحقق لي الطمأنينة في نفسي .
كنت أشتري الملابس الغالية فأكون سعيدة للحظات ثم يكون شيئاً عادياً لا إثارة فيه .. تقدم لخطبتي كثير .. أقارب وأباعد فالصفات : جمال ومال ونسب وحسب .. تزوجت زواجاً سعيداً وما زلت لا أشعر بالأمن مع أنني أمتلك الثروة والزوج ..
قلت لعلي بعد الإنجاب أشعر بالسعادة التي تبقى ولا تزول سريعاً .
وبعد الإنجاب لا تتغير ، كل شيء عادي روتيني .. سعادة لحظات قليلة ثم يعود كل شيء على ما كان عليه .
أحسست أن هناك شيئاً أفتقده سيحقق لي السعادة الدائمة التي لا تنقطع والأمن المستمر والطمأنينة ولكن ما هو الشيء الذي أفتقده ؟
إن جميع مُتع الدنيا حولي .. فما هو الشيء الذي ينقصني ؟
وأين أجد السعادة التي لا تنقطع ؟
لقد بحثت في نفسي .. ماذا تريدين ؟
وما هو الشيء الذي لم تحصلي عليه بعد ؟
فأجابتني …… أريد أن أكون قريبة من الذي بيده السعادة الحقيقية لكي يعطيني إياها ..
لقد عرفت ما تريدينه يا نفسي .. عرفت لماذا أنت مضطربة .
إنك تشعرين بالوحشة لأنك بعيدة عن الله .. فلماذا لا تقتربين منه فتأمني وتشعري بالسعادة الحقيقية .. لقد تداركتني رحمة الله تبارك وتعالى .. وهداني إلى صراطه المستقيم ، أسأل الله لي ولكم الثبات .
كنت في السابق أُصلي متى استيقظت من النوم .. أغلب الصلوات أؤديها بلا خشوع ولا طمأنينة .. ولم أكن أحافظ على الأذكار .
وبعدما حافظت على الصلوات في أوقاتها مجتهدة على أدائها بأكمل وجه وحافظت على الأذكار .. تبدلت حياتي .. اطمأنت نفسي وهدأت روحي .. مسكينة أنت يا روحي .. كم كنت أحرمك من زادك الحقيقي .. كنت أُطعم جسدي بإسراف ولكني أُقتر عليك . . ما أقصر نظري وما أصغر عقلي .. حيث ظننت أني أسعدك بالذهاب والإياب والشراء واللباس والطعام .. فوجدت أنك تسعدين بالقرب من خالقك وبارئك الذي سوف ترجعين إليه .
يقول الله تعالى ( يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية )
ويقول ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب )
نعم لقد وجدت الطمأنينة فلك الحمد يا رب العالمين .
ويقول الله تعالى ( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) .
نعم لقد وجدت الحياة الطيبة السعيدة فلك الحمد يا رب العالمين ، ولنستمع ماذا يقول ربنا تبارك وتعالى في هذه الآيات
( ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا ) .
ما أكرمك يا ربي وما أرحمك ، تسعدنا في الدنيا إذا كنا مؤمنين نعمل الصالحات وتدخلنا الجنة في الآخرة وأي سعادة بعد هذا ؟! ..
إنها السعادة الحقيقية التي لا تنقطع في الدنيا ولا في الآخرة .
وختاماً :
هذه رسالتي لمن يبحث عن السعادة الحقة والأمن والطمأنينة ))
انتهى كلامها حفظها الله ..
( إن ٣٠ % من ميزانية الأسرة العربية تنفق على احتياجات المرأة نفسها من ملبس وأدوات تجميل ومكياج وتزداد هذه النسبة بازدياد الدخل ومستوى التعليم وينخفض بانخافضها
" صلاح الدين جوهر " )
٢ ـ أو هموم تتعلق بوالديهن .. من فقد تلك الفتاة للتربية و للعاطفة والحنان سواء من قبل أمها التي لا تعطي أولادها
حقهم من العاطفة والحنان واللمسات الحانية بسبب انغماسها قي دوامة عملها أو لأي سبب من الأسباب المختلفة ..
أو يكون أيضا من والدها بحيث لا يراهم أو يرونه إلا أثناء تناول الطعام أو يكون فاقد الرفق
وعدم فهم معنى الأبوة حقا .. أب تخلى وأم حزينة ..
( ٦٠ % من أطفال الحضانات يعانون من المشاكل النفسية ، أهمها العناد والعدوانية
" جريدة الشرق الأوسط عدد ٥٢٥٠ )
ونوجه تلك الكلمات إلى الوالدين ونقول لهما :
إلى من تخلى عن أبوّته :
أيها الزوج الكريم ، مالك تفرّ من زوجتك وعيالك ؟ مالك تحجب نور عينيك عن أعينهم فلا يرونه حتى في حلكة المساء ؟
فلتعلم أن الكل مفتقد إلى وجودك المؤنس لهم ، تقبّل الصغير وتوجّه الكبير وتمازح الزوجة الملهوفة إلى ضحكاتك ..
لقد أهملت كل تلك الواجبات وظننت نفسك قد أنجزت مهمتك من خلال إغراقهم بالمأكل والملبس .
نحن لا ننكر هذا الفضل . بل أنت مشكور عليه . ولكن الغذاء غذاء الروح أيضاً .
لا تنس أيها الأب الكريم ، أن قطيع الغنم بلا راع يتيه في البراري أو ربما تأكله الذئاب والسباع أو قد يخطفه قطاع الطرق .
ولا تظنّنّ أن الجسد يحيا بلا رأس ، فأنت في العائلة كالرأس في الجسد ، إن غاب عنه ارتحلت عنه الروح وفارقته الحياة .
حاسب قسوتك على رعاياك الصغار الذين لا حول لهم ولا قوة ، وتذكر أن كل راع مسؤول عن رعيته يوم القيامة .
ألا ترى أنك تلقي كامل المسؤولية على الزوجة المسكينة تجبرها على تحمّل أعباء التربية لوحدها .
أرجوك ، عُد إلى حمى بيتك الضائع من دونك ، وقبل ذلك عُد إلى ربك وتب من عصيانك ، قف بمحراب الصلاة
وتهجد في ظلمة الليالي لتحيي الإيمان في قلبك وتنعش الرحمة في كيانك .
كلمة أخيرة أبثها إليك من حرقة الأسى الذي يلسعني كلما رأيت الحزن والشوق في عيون أطفالك وفي صدر زوجتك .
ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء ، تقرب إلى ربك الذي أعطاك خيراً ولم تؤد فيه شكراً ولا اهتماماً بل أدرت
ظهرك للنعم وركلت العبادة برجليك وتركت أسرتك تتخبط من غير هدى .
حقاً إني أخاف عليك عذاب يوم عظيم ، يوم تبيض وجوه وتسودّ وجوه ، يوم لا ينفع
مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
بشرى غوراني
📚 مجلة الأسرة العدد ١٢٣
مقــــتــــطـــفــــــات :
١ ـ عطرها جذبني .. لكنها أحزنتني
أبصرتها من بعيد ، هالني وجهها الجميل وفستانها الرهيب ، وتسريحتها العجيبة ، ومشيتها الرقيقة ، وعطرها الجذّاب ، فتاقت نفسي إلى الاقتراب منها ، والحديث معها ، والاستئناس بروحها .
ظللت أنتظر الساعة التي تجمعني بها والمجلس الذي يربطني بها ، فكم أنا في أشد الشوق إليها .
وذات يوم لمحتها من بعيد ، فقلت في نفسي ها هي فرصتني فهيا لا تفوتني مهما استصعب الأمر ، عزمت على مقابلتها ، واستعددت للقاء بها ، جمعت قواي ، واتجهت نحوها ، وبينما أنا في مسيري نحوها إذ بي أصاب بصدمة عنيفة وخيبة أمل كبيرة ، وذلك عندما أدركت أنني أمام جسد بلا روح تحمله ، ظللت مستنكرة وضعي فحاولت البحث عن روحها هنا وهناك ، ولكني للأسف لم أجدها فندمت وحزنت وأيقنت أنني إنما أسعى وراء سراب ، ندمت وأسفت على الساعات التي ضيعتها في التفكير فيها وفي كيفية لقائها ، راجية ألا يتكرر لي هذا الخداع البصري ، فعدت لأبحث عن روح ، ولو كانت على حساب الجسد .. وهناك تيقنت أن الإسلام دين سماوي حق ، إذ جعل الإنسان روحاً وعقلاً وجسداً .. أي جانب فيها يطغى على الآخر ، يخسر الإنسان هنالك إنسانيته وكرامته التي فضله الله بها على باقي مخلوقاته.
قال تعالى ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نعيمة العودة
📚 مجلة الأسرة العدد ٦٣
٢ ـ كعوب عالية وعقول " واطية "
الدراسات الطبية والصحية تجمع على أن ارتفاع كعب الحذاء وسمكه يؤدي حتماً إلى مضاعفات صحية تنال من الجهاز الحركي للإنسان ، وتجعله أكثر عرضة للإصابات الناجمة عن السقوط والتواء المفاصل وتهتك الأربطة .. ،
أما الدراسات النفسية فتكاد تؤكد أنه كلما علا كعب الحذاء وارتفعت معدلات العقد النفسية والاضطرابات السلوكية ..
أما صناع الأحذية فإنهم واثقون أن ارتفاع حجم الكعب يصب في مصلحة " المكعب التكعيبي " لحساباتهم .. فكلما ارتفع الكعب ارتفع الرصيد وزادت الثروة الحذائية ..
كنت لا أعتقد ، لوقت طويل ، أن الذوق العام يمكن أن ينتكس إلى مستوى خطأ الجماعات الشاذة في مظهرها ومخبرها كالبانكس والهيبز ورعاة البقر ودعاة الراب والموسيقا المجنونة ، لكن اعتقادي هذا خاب بعد زيارة اضطرارية لمحلات أحذية حيث صعقت من تلك " الدبابات " التي تركب بالقدم والتي ملأت أرفف القسم النسائي ..
وتساءلت كيف يمكن أن تمسخ " الذائقة الحذائية " بهذا الشكل وتلك الأحجام الضخمة من الأحذية النسائية التي لولا أنها مطلوبة لما تكدست بهذا الشكل في محلاتنا وشوارعنا ..
يبدو أن التقليد الأبله لكل ما تقذفه " مافيا الموضة " أمر يحتاج إلى أكثر من وقفة ، وحين لفت نظر أم طافش إلى حذاء يمكن أن يستخدم " متكاة " في البيت أم متراساً في معركة ردت عليّ أن اسمه لدى الأوساط النسائية هو " الصخرة " أما طافشة فقد ردت أن زميلاتها يرمزن " لكتلة حذائية " " بالدبابة البرمائية "
ونوع ثالث اسمه " جمباز " حيث إن التي تلبسه لا بد لها من توازن حركي دقيق حتى تحافظ على مشيتها من السقوط ..
صاحب المحل همس في أذني أنه كلما علا الكعب " خف العقل " وزاد الهجوم على هذا النوع من الكعوب التي تؤدي حتماً إلى السقوط " بمعناه المادي والنفسي " .. صحيح أنها كعوب عالية وعقول " واطية " ..
📚 مجلة الأسرة العدد ٦٣
٣ ـ الانتحار متلازم مع فقد الإيمان أو ضعفه ..
الدلائل كلها تؤكد أن الانتحار متلازم مع فقد الإيمان أو ضعفه
فمتى ما فقد أو ضعف وحصل للإنسان ما يؤثر على مسيرة حياته كفقد جاهه أو ماله أو شبابه أو انزواء أضواء الشهرة عنه سارع إلى الانتحار ..
وقد لا يحصل شيء من ذلك ، فقد يكون ممتلكاً لكل مقومات السعادة – الظاهرة – ولكنه مع ذلك لم يجد للحياة طعماً ولا للراحة طريقاً بسبب الفراغ الروحي والخواء النفسي الذي يعيشه ، مما يجعل الإنسان يهرب من ذلك العذاب ، إلى الانتحار .
* ( سعاد حسني ) التي يسمونها سندريلا الشاشة ، لكثرة أفلامها التي بلغت ٨٣ فيلماً ، ومعظمها أفلام هابطة تجمع بين الحب والاستعراض والمجون .
وبعد معاناة مع آلام في العمود الفقري وشلل نصفي في الوجه ، وزيادة في الوزن !! ولخوفها ألا تسترد عافيتها وجاذبيتها وإطلالتها وحيويتها المبهجة أصيبت بحالة اكتئاب شديدة ، جعلها ترفض جميع الدعوات التي قدمت لها لتكريمها في مناسبات مختلفة ، لئلا يراها جمهورها بصورة لم يعتد أن يراها بها !!
وفي النهاية انتحرت بأن رمت بنفسها من الشقة التي تسكن فيها في الدور السادس بحي يدافيل في وسط العاصمة البريطانية .
* الكاتب الأمريكي الشهير ( ديل كارنيجي ) مؤسس معهد العلاقات الإنسانية !!
وصاحب أروع كتب الصحة النفسية وأكثرها مبيعاً في العالم ، وعلى رأسها كتابه ( دع القلق وابدأ الحياة ) الذي وضع فيه قواعد رائعة في كيفية طرد القلق ، والانطلاق في الحياة العامة بكل سعادة وثقة ، إلا أن ذلك لم يمنع القلق من أن يسيطر عليه ، فعصفت الكآبة بحياته ، وسادت التعاسة والشقاء أيامه – بالرغم من تدينه الذي عرف به – فقرر التخلص من حياته عن طريق الانتحار .
الشاهد في كل هذا أن الحياة بلا إيمان ثقيلة ، ولا يمكن لإنسان أن يتعايش مع أحداثها ، وأحزانها وحسراتها ؛ إلا بالفرار إلى اللــــــــــــــه تعالى والأنس بجانبه ، والرضى بقضائه ، والصبر على ذلك إلى وقت لقائه ،
يقول الإمام ابن القيم : " إن في القلب وحشة لا يُزيلها إلا الأنس بالله ، وفيه حزن لا يُذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته ، وفيه قلق لا يسكن إلا بالاجتماع عليه والفرار إليه ، وفيه نيران حسرات لا يُطفئها إلا الرضى بأمره ونهيه وقضائه ، والصبر على ذلك إلى وقت لقائه "
📚 مجلة الأسرة العدد ١٠٢
٤ ـ الفتيات .. سعيدات .. خياليات .. تشغلهن هموم العمل والزواج
في بحث أجري على عينة من الطالبات تبين أن :
٦٠ % من المشاركات في البحث سعيدات لوجودهن مع عائلاتهن أو لتفوقهن في الدراسة أو لتمتعهن بالصحة أو العافية
أما غير السعيدات ( ٣٢ % ) فيرجع عدم سعادتهن إلى المشكلات الأسرية والخوف من المستقبل وما ارتكبنه من ذنوب ومعاص.
٦٧ % من الفتيات تأثرن بقدوات صالحات من النساء لاتصافهن بالحكمة والعقل وتدينهن وحسن معاملتهن للأخريات
فيما تأثر ٣٤ % بقدوات غير صالحات لأنهن حققن نجاحاً دنيوياً أو لأنهن قدمن إليهن جميلاً.
ويقضي ٢٠ % من فتيات العينة أوقات فراغهن في قراءة القرآن والكتب الدينية ومساعدة الأم في الأعمال المنزلية وزيارة الأقارب
بينما يقضي ٣٣ % منهن أوقات فراغهن في قراءة القصص والمجلات ومشاهدة التلفاز وسماع الأغاني.
والباقي يقضينه في خليط من النشاطات الإيجابية والسلبية.
على مستوى هموم الواقع والمستقبل ينشغل ٧٣ % من الطالبات بالتفكير في التخرج والعمل والزواج ويخشين من التقصير في حق الله
أما النسبة الباقية فينحصر همها في التخلص من الدراسة وأن تصبح امرأة لها شأن وشهرة.
الاهتمامات الثقافية للطالبات جاءت متباينة ذلك أن :
٦٩ % منهن يطالعن القصص الخيالية ويتابعن أخبار العالم وأحداثه السياسية
فيما يطالع ٣١ % الكتب الدينية والعلمية والنسوية.
تكوين الصداقات يخضع لمعايير اختيار الصديقة بين ٧٤ % من الفتيات ، ومن أهم هذه المعايير أن تكون تلك الصديقة مخلصة وأمينة وصادقة.
نسبة الفتيات اللائي يرتدين عباءة " على الكتف " بلغت ٦٢ % من العينة وسوغن ذلك بأن هذا النوع من العباءات " مريح " و " أكثر سترة " لأنه يمكن التحكم في إغلاقها تماماً.
والنسبة الباقية يرتدين عباءة " على الرأس " ولأنها أكثر ستراً واحتشاماً للمرأة.
وقد تمتع ٤٦ % من الفتيات بعلاقات أسرية قوية نظراً للتفاهم بين الوالدين وقوة الترابط بين أفراد الأسرة
بينما تمتع ٤٤ % منهن بعلاقات أسرية متوسطة القوة بسبب انشغالهن في الدراسة وعمل الوالدين خارج المنزل
فيما عانى ١٠ % منهن من علاقات أسرية ضعيفة بسبب وجود زوجة الأب وعدم التفاهم بين أفراد الأسرة.
📚 مجلة الأسرة العدد ١٠٢
٥ ـ هكذا تحدثت الفتيات
تقول هاجر المشعان ١٨ سنة : أكثر ما يشغل تفكيري وأحلم به هو النجاح فأنا أدرس الآن في آخر مرحلة من الثانوية العامة التي من خلالها يتحدد بها مستقبلي .
أمي قدوتي في الصبر وتحمل المشاق ومعلمتي قدوتي في اتزانها وإخلاصها لعملها ومحبتها للآخرين وعطائها وصديقتي قدوتي حين أراها تقف معي في وقت الشدة قبل وقت الرخاء تعبيراً عن وفائها لي.
هيفاء شواية طالبة في المرحلة الثانوية : هناك سؤال يتردد في ذهني وذهن كل واحد من جيلي وهو لم لا تصارح الفتاة أمها بما يشغل تفكيرها ؟
وإجابته قد تهم كل أم ولها نقول : إنه الخوف . نعم خوف الفتاة من أن تتعرض للكلام الجارح أو ربما الضرب وللأسف فاللوم دائماً يقع على عاتق الفتاة دون أن تلام الأم لأنها أهملت بيتها وانشغلت عن فلذات أكبادها بالزيارات والحفلات والمكالمات الهاتفية والصديقات
أما إهمال الوالد فحدث عنه ولا حرج . هاتوا لي فتاة يجلس معها والدها ويستمع إليها ويناقشها ويوجهها فهو يكل ذلك إلى الزوجة ، وربما لا يتابعها في هذه المهمة.
الفتاة تعيش فراغاً قاتلاً بعضهن ملأه بمتابعة الموضة والحديث عن فلانة وكيف ظهرت في آخر حفل وماذا ارتدت وهل كان فستانها لائقاً عليها وفوق هذا كله يقتدين بممثلات السينما من حيث اللبس وقصة الشعر وطريقة الرقص وإشغال اللسان بالأغاني الماجنة.
بدور ( ١٧ سنة ) تلقي باللائمة على الأمهات لما يعانيه الفتيات وتقول : إذا أردتم معرفة ما تفكر به الفتاة وفيم ترغب وبأي شيء تحلم ألقوا نظرة سريعة على مجالس النساء اللواتي يكبرننا سناً فلن تجدوا غير الحديث عن الأسواق والأزياء والحفلات التي أقيمت أو تقام
ناهيك عن الأحاديث الخاصة عن مشاكلهن الزوجية .
إن اهتمام الفتاة ينبع من الوسط الذي تعيش فيه وإذا كان واقع نسائنا كما ذكرت فلماذا نستغرب أن يكون واقعنا نحن الفتيات على شاكلته.
أتذكر أن المجالس النسائية التي كانت تعقد في بيتنا انشغلت مرة بالمشاركة في المسابقات العلمية .
وكان لذلك أثر طيب علينا نحن الفتيات فقد أكسبتنا تلك الأيام معلومات ثمينة وغيرنا بما نمط حديثنا المتكرر ولكن سرعان ما تلاشت هذه البادرة وعدنا لما كنا عليه.
وتشاركها سمر.م ( ١٥ سنة ) الرأي فتقول : مشكلتي أن الجميع وخصوصاً أبي وأمي يعاملونني على أنني ما زلت طفلة مع أنني أعرف أشياء قد لا يعرفها الكبار ولي وجهة نظر خاصة في الحياة .. لكنني لا أجد من يسمعني من الكبار فألجأ إلى أصدقائي ..
أما زميلتها س.ط ( طالبة جامعية ) فلها أسلوب خاص في الحياة : أحب الاكسسوارات والملابس الملفتة للنظر .. أعشق الضجيج والحركة والأشياء غير التقليدية.
وعلى الدرب نفسه تسير ر.الصواف ( ١٩ سنة ) : أهم شيء عندي سماع الأغاني وقراءة القصص الغرامية وأحب ارتداء الملابس الملفتة الغريبة .. أما الجوال والنظارة فتمنحني ثقة وتميزاً .. وأحاول خلسة التعرف والتحدث مع الشباب عبر التليفون أو عبر الإنترنت.
وإلى نمط الحياة نفسه تنتمي ر.س التي تقول : أحب قراءة القصص البوليسية وحل الألغاز ومشاهدة الأفلام الأجنبية .. وأفضل مهاتفة الأولاد عن البنات . وهذا الأمر لا أذكره لأبي ولا لأمي لأنهم لا يحبون ذلك .. لكنهما مشغولان بالهموم المادية ومسؤولياتهم الأخرى .. ولا يعرفان كثيراً عن حياتي ..
مي م ( ١٨ سنة ) : أمي مديرة مدرسة .. تلقي علي وابلاً من الأوامر .. وأنا أظهر طاعتي لها لكنني أفعل خارج البيت ما يحلو لي .. في الجامعة أضع المساحيق في حجرة الطالبات وأحياناً أذهب إلى رحلات يومية مع الأولاد والبنات بدون علم أسرتي لأن قيودهم تزعجني .. وفي نفس الوقت لا يسمعون جيداً أو يهتمون بآرائي.
📚 مجلة الأسرة العدد ١٠٢
٦ ـ نحن وليس هن
السلوكيات التي نرفضها من فتياتنا قد تكون حصاد ما زرعته أيدينا وما أكثر ما يؤكد ذلك في واقعنا :
أم جهاد ( ربة منزل ) تقول : ابنتي في الرابعة عشرة من عمرها وقد لاحظت في الآونة الأخيرة أنها عندما تتحدث عبر الهاتف تخفض صوتها أو تغلق عليها حجرتها .. استدرجتها حتى عرفت أنها مشغولة عاطفياً بأحد أقاربنا من الشباب وقد حكيت لوالدها الذي عنفها بشدة ومنعها من الحديث عبر الهاتف وفرض عليها مزيداً من الرقابة .. ومنذ ذلك اليوم وابنتي لا تبوح لي بسر خاص بها .. بل أراها شاردة وتنفر مني أحياناً ..
ص.س ( زوجة عاملة ) تقول : كنت دائماً مشغولة بعملي خارج البيت وأعود منهكة لأقوم بالمهام المنزلية ، وقد حققت مع زوجي لأولادنا مستوى اجتماعياً واقتصادياً طيباً .. وكانت ابنتي دائماً تحاول أن تتحدث معي وتحكي لي عن صديقاتها وما تمر به في المدرسة أو عن أحلامها وطموحاتها .. لكنني كنت دائماً منشغلة عنها ولا أهتم كثيراً بأحاديثها الخاصة والبعيدة عن الدراسة والمذاكرة .. وقد كانت ابنتي متفوقة لكن الآن تدهور مستواها الدراسي .. وتدنت طموحاتها .
* إحدى الفتيات كانت تكن لأمها رفضاً وكرهاً شديداً لأنها كانت في فترة مراهقتها منشغلة عنها بالعمل وصراعاته وترقياته
بينما كانت هذه الفتاة تعاني العديد من التساؤلات والمشاكل التي تحتاج فيها لحنان الأمومة.
📚 مجلة الأسرة العدد ١٠٢
٧ ـ هروب الفتيات
أحدث الدراسات العلمية التي تمت مناقشتها مؤخراً في جامعة القاهرة تشير إلى تعدد الانحرافات التي يتعرض لها المراهقون بدءاً بالمخدرات والاغتصاب والسرقة ثم التمرد على سلطة الأبوين .. ويعتبر هروب المراهقات من منزل الأسرة أكثر أنواع التمرد على السلطة الأسرية وهناك ما يزيد عن ١٥ ألف من المراهقات تركن الأسرة وهربن بمفردهن أو مع صديقاتهن أو أصدقائهن إلى أماكن بعيدة عن رقابة الأسرة.
والغريب في هروب الفتيات أنهن يفعلن ذلك في سرية تامة وبحذر شديد ، مما يجعل بعض الأهل يتريث كثيراً قبل إبلاغ الشرطة أو الإعلان عن اختفاء ابنتهم خوفاً من الفضيحة التي يمكن أن تلاحقهم بعد ذلك وحرصاً على سمعة الفتاة الهاربة .. وغالباً ما ترفض الفتاة الهاربة العودة إلى أهلها مرة أخرى خاصة إذا كان الحظ قد قادها إلى التعرف على أحد من أصحاب السوء الذين يدفعونها إلى ممارسات خاطئة تحت التهديد أو الابتزاز .
ويرجع هروب الفتيات المراهقات من بيت الأسرة إلى نوع من الاكتئاب بسبب بعض الضغوط الأسرية مثل إجبار الفتاة على الزواج ممن لا تريده أو عند الرسوب في الامتحانات ..
أما المراهقات الهاربات من أسرهن الفقيرة ( ٧٠ % ) فإنهن يملن إلى التطلع لأسباب الثراء وترك ظروف الفقر فتحاول البحث عن كيفية تغيير هذه الظروف فتقوم بتقليد الأدوار المشابهة لذلك والتي تشاهدها في الأفلام والمسلسلات ..
ولذلك فإن عدداً كبيراً من الفتيات المراهقات قد شرعن في الهرب بعيداً عن أسرهن عندما شاهدن إحدى الفنانات تسرد حكايتها عن الثراء الذي وصلت إليه على شاشة التليفزيون وترجع أسباب هذا الثراء الذي تعيش فيه إلى هروبها من أسرتها الفقيرة في فترة المراهقة.
📚 مجلة الأسرة العدد ١٠٢
٨ ـ الوجه الآخر للفتاة المسلمة
يكثر الحديث دائماً عن الظواهر السلبية لدى العديد من الفتيات من قبيل التسكع في الأسواق والمراكز التجارية ، أو الولع بالأزياء وآخر صرعات الموضة والاستماع إلى الأغاني الصاخبة وغيرها من المظاهر
ثمة وجة آخر يؤكد أن الأصل في المجتمع لا يزال هو الفضيلة والعفة
فما أكثر وما أسرع ما ننظر لسلوك فتاة تجاوزت الضابط الشرعي في حجابها أو حيائها .. بينما قد ترى بأم عينيك جموعاً من طالبات الصف الأول ثانوي .. يقتطعن من وقت إفطارهن ليصلين ركعتي الضحى .. !
أو ليحفظن سورة من القرآن ويتدارسنها وهي ليست مقررة عليهن ، أو يتبادلن بحبور شريطاً وعظياً لا يُلبي فيهن الاحتياجات الدنيوية والاهتمامات المظهرية !
وكثيراً ما تلمح " في شارع أو سوق " فتيات صغيرات يلفهن السواد ويحملهن المبدأ الإيماني على عدم التنازل حتى عن غطاء أيديهن رغم حرارة الجو ، وكثرة المتساهلات على أرض الواقع .. !
لكن الغريب أن مثل هذا الموقف المشرق الذي يضيء به عالم كثير من الفتيات .. لا يبدو مثيراً لنا ولم يستحق أن يحوز ويتربع على قائمة أحدايث مجالسنا .. !
هند ( ١٧ سنة ) نموذج من الفتيات اللائي لا يتحدث عنهن الإعلام كثيراً : لقد حفظت القرآن كاملاً ، والدتها شجعتها على الالتحاق بمدارس تحفيظ القرآن
كما شاركت في دورات الحاسوب والنشاطات الصيفية النافعة ، وهي لا تلبس العباءات المزخرفة أو الملابس الفاضحة ولا تقتني أي شريط فيديو غير إسلامي حتى ولو كان خالياً من الصور الفاضحة ، والفضل في ذلك بعد الله يعود إلى تربية والدتها .
مروة .م ( طالبة جامعية ) لم تتعد الثامنة عشرة من عمرها يتيمة الأب وأمها امرأة بسيطة جداً .. وأسرتها ليست لها اهتمامات دعوية أو ثقافة ومع ذلك فهي تأخذ أطفال الجيران في الإجازة الصيفية لكي تقوم بتحفيظهم القرآن متطوعة ويساعدها في ذلك أخواتها الثلاث التي تترواح أعمارهن ما بين ١٥ – ٢٠ سنة
ورغم فقرهن يقمن بتحفيظ أكثر من ثلاثين طفلاً يومياً بدون أجر ، الأطفال صاروا يحبون القرآن ويحرصون على تلاوته وحفظه يومياً ، ويحفظون الأحاديث والأدعية .
مروة ليست حالة متفردة فصديقاتها اللائي يمارسن النشاط نفسه يزيد عددهن عن مئة فتاة .
أما لبنى جابر ( ١٧ عاماً ) طالبة جامعية : فإنها تقرأ كتب الفقه. وتتابع أحوال المسلمين في الجرائد وتحفظ ما تيسر من القرآن .. وكذلك صديقتها سلمى التي قالت : المراهقة بالنسبة لدينا سعادة وانطلاق وصحبة طيبة أما فرص الزواج فنحن نساعد بعضنا البعض في ذلك .. فمن تتزوج أو تُخطب .. يسعى زوجها لدى أصحابه ممن يريدون الزواج .. لتزويج الأخريات .. ولا نقلق على أنفسنا من العنوسة .. وهذا فضل ونعمة من الله .
أما إيمان .ص ( طالبة بكلية التربية ) فتقول المراهقة عندي صحبة طيبة وتعاون على البر والتقوى ومسؤولية .
والحمد لله أهلي لديهم ثقة كبيرة فيَّ .. وأنا أقدرهذه الثقة وأبذل ما بوسعي لأكون جديرة بها . لديّ إحساس أن هذه المرحلة العمرية هي أجمل أيام العمر .. وحلمي موصول بغد أفضل.
📚 مجلة الأسرة العدد ١٠٢
٩ ـ الإبداع عبء .. والحلم بتحقيقه سراب
في الكويت ، تجمع الحياة – لا سيما الاجتماعية – متناقضات متعددة ، ففي الوقت الذي تشهد الحياة الاقتصادية حالة من الوفرة والاستقرار وتشهد الحياة السياسية حالة من الحرية بقدر معقول ، تعاني الحياة الاجتماعية اضطراباً بين الاستقرار والتوتر .. بين السلوكيات السوية والظواهر الخطرة ..
فارتفاع معدلات الطلاق وزيادة المشاكل الأسرية ، وإهمال الوالدين لتربية الأبناء
ترك المجال واسعاً للأبناء ومنهم الفتيات لكي يصنعوا عالمهم الخاص وفق رؤيتهم ، وقد يكون هذا العالم مليئاً بالشرور وقد يكون عالماً خيراً .. ذلك راجع إلى ثقافة الفتاة وتربيتها ونظرتها للحياة ..
ومن هنا نكتشف أن لكل فرد في الأسرة عالمه الخاص فهناك شريحة من الفتيات – وفق دراسة علمية – انكبت على نفسها وانزوت أمام الحاسوب لتفرغ هواياتها ووقت فراغها الطويل تصنع أصدقاء جدد .. تتحاور معهم أو تتناول المعارف الجيدة أو الرديئة .. المهم أنها تعيش حياتها فيه .. ولا شك أن لذلك منافعه ومضاره .
شريحة ثانية تعيش استقراراً أسرياً نادراً وتعيش في كنف الوالدين تخطط لمستقبلها تحت إشراف والديها وتهتم بدروسها الجامعية أو المدرسية أو تهتم بمهنتها وتحاول الإبداع فيها لكن غالباً ما تقابلها العقبات .
فالطالبة الجامعية س.أ : تدرس العلوم السياسية وتهوى الرسم تقول :
إنها تشعر بغصة وتنظر إلى المستقبل بتشاؤم ، وترى أن الفتاة صاحبة الموهبة والإبداع لا تملك حق الحلم .. مجرد الحلم .. وهي بذلك واقعة بين شقي رحي .. إذ لا تستطيع التخلص من حالة الإبداع من جانب ولا تستطيع تحقيق حلم إبداعها من جانب آخر ولذا أصبحت موهبتها عبئاً عليها .
هـ.ج : تتفق مع زميلتها وتضيف أن المجتمع لا يحسن التعامل مع الموهوب ، فإذا برزت علامات الذكاء على تلميذة في الفصل الدراسي – مثلاً – بدرجة عالية عن زميلاتها فإن المسؤولين عن المدرسية يحارون في كيفية التعامل معها ، رغم أن هناك أسس علمية للتعامل مع هذه النوعية من الذكاء .
وتشير إلى أن الغريب أن وزارة التربية تخصص مراكز للأطفال بطيئي التعلم أو ذوي الاحتياجات الخاصة بينما لا تخصص مراكز خاصة للموهوبين
وتخلص قائلة : يبدو أن المطلوب من الموهوب التأقلم مع المجتمع بهذا الوضع وإلا قيل عنه إنه مشاغب
وتؤكد : نحن نريد فقط الدعم المعنوي .
شريحة أخرى من الفتيات افتقدت عالمها داخل الأسرة التي تصدعت أركانها بسبب الطلاق أو الخلافات فوجدت عالماً أرحب في المخدرات وما يتولد عنها من انحرافات أخلاقية
وهذه الشريحة كما يقول الكاتب عصام الفليج فأن علماء التربية وعلم النفس والاجتماع أرجعوا رنحرافها إلى ضعف الوازع الديني أو أصدقاء السوء .
أما الشريحة الأغرب فهي تلك التي تعاني الترف المفرط في السلوك فلجأت إلى سلوكيات غريبة .. فقد لا يكون إدمان الإنترنت مستغرباً أما إدمان الهواتف النقالة – مثلاً – فكثير من الفتيات أصبحن ينتظرن كل يوم الجديد في الهواتف النقالة وفي نغماتها الجديدة التي بلغت ٧٠٠ نغمة .
يقول عباس علي صاحب مكتب لبيع الهواتف إن مكتبه يشهد ازدحاماً كبيراً لطلب خدمة إدراج النغمات المتنوعة .
ويوضح أن الشباب – لا سيما الفتيات – هم أكثر الزبائن طلباً لهذه الخدمة .
لكن ربما تنزوي تلك الهوايات أمام هواية جديدة وغريبة لدى عدد من الفتيات وهي إقدامهن على التحرش أو مغازلة الشباب لمجرد التحرش – كما تقول ش.ص : دون أن يكون القصد تكوين علاقة .
وبين هؤلاء جميعاً تقف شريحة شكلها المجتمع بثقافته وتربيته وطريقة إدارته للحياة
هذه الشريحة مصابة بانعدام الثقة والخوف من المستقبل وتوقع المفاجآت دائماً لذلك يتردد أفرادها في اتخاذ أي قرار لأنهم أصيبوا بضعف المقدرة على التخطيط للمستقبل.
📚 مجلة الأسرة العدد ١٠٢
١٠ ـ من المسؤول
كثيراً ما نقسو على الآخرين لنبرئ أنفسنا ، وفي عالم الفتيات نستهجن كثيراً من السلوكيات الخاطئة والصرعات التي تملأ هذا العالم
لكننا قليلاً ما نسأل أنفسنا :
ماذا قدمنا لهؤلاء الفتيات اللائي سيصبحن قريباً نساء الغد .
الدكتور محمد لطفي الصباغ آلمه هذا السؤال الذي وجهته إليه 📚 مجلة الأسرة العدد ١٠٢
ورغم ذلك أجاب عليه بقوله :
لا نريد أن نخادع أنفسنا ونحاول إقناعها بعرض جانب مشرق ضئيل في مجتمعنا
فهذا التصرف قد يخفّف علينا من وقع الشعور بالكارثة ، ولكنّه غير موضوعي وغير سليم .
أنا أعرف أن هناك جانباً مشرقاً يقوم في زوايا بعض البلاد الإسلامية نجا من كثير من المآسي التي عمّت البلاد الأخرى ، وهذا الجانب بالنسبة للفتاة وليد ما يزال يحبو ، ويترصده أعداء الله يريدون تجفيف ينابيعه ، وتشويه صورته ، والقضاء عليه ، ولكنه جانب ضئيل ، إذا قيس بالواقع المؤلم الضخم الذي يحياه المسلمون ..
لا بد من تقرير هذه الحقيقة المرّة إذا أردنا أن تكون صادقين مع أنفسنا .
مدَّ بصرك وانظر إلى خارطة بلاد المسلمين وتعرّف إلى واقع المجتمعات والفتاة المسلمة ، فسترى العجب العجاب ، ولا تحصر نفسك وملاحظتك بواحد من تلك البلاد إنك سترى آنذاك الجانب المشرق الذي أشرنا إليه وجانب هزيل يكاد يختفي ويتوارى في تلك البلاد .
معظم المجتمعات فتحت أمام الفتاة كل أبواب الفساد والفسق والتحللّ والفجور، وأغلقت في وجهها كلّ أبواب الخير والاستقامة والسداد .
هل أتاكم نبأ شعار (( تجفيف المنابع )) الذي يعنون به ألاّ تكون هناك دراسة شرعية سليمة للكتاب والسنة وعلوم الشريعة
وألاّ تكون هناك توعية بواقع المسلمين الأليم .
ومن أجل ذلك فقد أغلقت في بعض البلاد معظم المدارس الدينية للفتيات والفتيان .
وما بقي من تلك المدارس تعرّضت مناهجها إلى المسخ والإفساد وتشويه أحكام الدين .. ثم أدخلوا الضيم على شهادة هذه المدارس ، فلم تعد مقبولة في كثير من الجهات ..
ومع أنه مكر عظيم ، وعدوان أثيم ، ولكن الأمر لم يقف عند هذا الحد .. بل إن المجتمع هذا ألزم الفتاة بالاختلاط بالفتيان في المدارس وهم في سن المراهقة .. وسرى ذلك في معظم العالم الإسلامي إلا من رحم ربي يحدث هذا الاختلاط الإلزامي في جامعات ومدارس العالم الإسلامي رغم أن الفتى والفتاة في هذه السن يعانون من هجمة الجنس الشديدة ، ويكون كل طرف في حالة تشوق إلى لقاء الطرف الآخر ، فإذا كان التوجيه الإسلامي ضعيفاً أو معدوماً ، ولم تكن مخافة الله مستقرة في أعماق القلوب ، وإذا زالت الكلفة بين الفتى والفتاة ، يتضاحكون ويمزح بعضهم مع بعض .. كان الجو مهيأ للجريمة والعياذ بالله .. وفي ذلك الفساد الكبير .
ثم أقدم هذا المجتمع على إلزام الفتاة بخلع حجابها في المدرسة والجامعة والطريق
ألم يأتكم نبأ هذه الفاجعة التي حصلت في بلد من بلاد المسلمين ، عندما نزلت قوات ذلك البلد ، وصارت تطوف في الشواع ، وكلّما رأت امرأة محجبة نزعت حجابها وصادرته بالقوة ..
ثم قدّم هذا المجتمع للفتاة وسائل الإعلام الممتعة الجذابة من إذاعة وتلفاز وفي هذه الوسائل السم الرعاف والكيد للعقيدة والخلق الكريم .. فالتمثيليات والمسلسلات تزيّن للفتاة الخروج عن طاعة الوالدين ، وتشجّعها على ممارسة حريتها الطليقة كما تهوى ، وعلى الجرأة على التقاليد المتصلة بالدين .
ثم أدخل هذا المجتمع عدداً من الفتيات الأوساط القذرة العفنة المنتنة التي يسمونها الأوساط الفنية
وأقام البلاجات على الشواطئ للفتيات مع الرجال وعدّ ذلك مظهراً من مظاهر التقدم
وفتح هذا المجتمع للفتيات أبواب دور السينما ، وكانت في بعض البلاد حفلات خاصة بالنساء ، كان هذا في أول الأمر ، ثم أُلغي هذا التفريق وأصبحت عامة مختلطة .. ثم دخلت السينما بيوت المسلمين بل وخيامهم عن طريق التلفاز والمحطات الفضائية ، وما أدراك ما المحطات الفضائية .
وقامت صحافة خسيسة تنصر الباطل وتهاجم الحق بطرق خفيّة وظاهرة تشكك بحقائق الدين ، وتغرس الإعجاب بالكفار ومدنيتهم .. وتُشيع هذه الصحف الفاحشة عن طريق القصص الماجنة الهابطة وعن طريق نشر الأخبار الشنيعة .
كيف لفتاة هذا حالها أن تقوم بدور إصلاحي ، وأن تُعد أجيال المستقبل إعداداً متيناً ؟ إنها لم تؤهل له قط .. بل أهلت – واأسفاه – لتكون عنصراً من عناصر الهدم .
هذا هو الواقع في معظم بلاد المسلمين .. وأمّا الشريحة من الناس الذين لا يزالون محافظين على دينهم وقيمهم فهي شريحة ضئيلة .
إن إدراكنا لحقيقة الواقع الذي تمر فيه الفتاة المسلمة ، والكيد الذي يكاد لها هو الخطوة المتقدمة في طريق العلاج .
ولا يفيدنا أبداً أن نغمض عيوننا عن هذا الواقع ، ونخادع أنفسنا .. يجب أن نعلم أن قوى هائلة تكيد لفتياتنا في الخفاء وفي العلن .. وبعض هذه القوى أجنبي وبعضها الآخر محلي .
وتستخدم هذه القوى في كيدها نتاج أضخم حضارة مادية عرفها البشر . ومع ذلك فلا يجوز أن نيأس ولا أن نتقاعس .. علينا أن نعمل ما استطعنا إلى ذلك سبيلا ، ولم يكلفنا الله أن نحقق النتائج .. بل كلفنا أن نعمل العمل القائم على الإخلاص والتخطيط والصبر والاستمرار .
المجتمع الحالي لم يقدّم للفتاة شيئاً مما كان يجب أن يقدمه إليه من عقيدة سليمة ، وخلق مستقيم ، ورغبة في الخير ، واهتمام بشؤون المسلمين ، ودعوتهم إلى الخير والحق .
ونحمد الله – عز وجل – أن البيت المسلم ما يزال في كثير من بلاد المسلمين على الرغم من كل ذاك الكيد والمكر
ما يزال يقوم بجهود طيبة مباركة .. ولكن البيت ليس وحده في الميدان ، فهناك المدرسة ، وهناك المجتمع بمؤسساته المختلفة.
١١ ـ الإعلام في قفص الاتهام
كثير مما يدور في عقول فتياتنا مما نستهجنه ونستنكره ، جاء حصاداً لسنوات طويلة من التدفق الإعلامي المخطط ، افتح جهاز تلفاز أو صفحة في جريدة أو مجلة وفتش عما يقدم لفتياتنا .
الأستاذ محمد رشيد العويد فعل ذلك ووصف ما قرأ وما شاهد :
أكثره لا يلتزم الإسلام ولا ينطلق منه فيما تبثه الإذاعات من برامج وأغنيات .
فالأغنيات تزين ما يسمونه " الحب " المتبادل بين الشباب واالبنات ، بل إن بعضها تحث صراحة على الاتصال الهاتفي المعاكس .
أما المقابلات التي تجريها محطات تلفزيونية مع ممثلات ومغنيات فملأى بالصياغات الخاطئة والخطيرة لأفكار الفتيات ، فـ (( قمة المجد )) هي وصول الفتاة إلى ما وصلت إليه تلك الممثلة ، و (( النجاح )) هو الشهرة التي تعيش فيها تلك المغنية ، وهكذا ...
وعشرات المجلات التي تملأ أرفف المكتبات وأكشاكها ، تكاد لا تجد فيها فائدة واحدة للبنات ، ولا تختلف كثيراً عما تعده محطات الإذاعة والتليفزيون .
أما الإعلام الإسلامي فهو يعاني فقراً شديداً في المادة المقدمة إلى الفتيات المسلمات في مقابل ما يقدمه الإعلام غير الإسلامي من مادة ضررها أكثر من نفعها .
فهذه هي المحطات الفضائية نكاد لا نجد فيها برنامجاً واحداً موجهاً إلى الفتيات ، اللهم إلا برامج الفتاوى ، وبعض البرامج التي ما زالت دون ما يلبي الحاجة الملحة .
إن الكتابة إلى الفتيات تحتاج فناً خاصاً ، وخطاباً يختلف عن خطاب من هن أكبر سناً ، هذا إذا أريد لتلك الكتابة أن تقنع الفتيات بما تدعوهن إليه .
ومن ذلك أن يكون الخطاب مفعماً بالعاطفة ، بعيداً عن الشدة والحدة والقسوة .
وأن تحس الفتاة المخاطبة بأن من يكتب إليها حريصاً عليها ، خائفاً عليها من الضياع والخسران ، راغباً لها بالفوز بالجنة في الآخرة .
وألا يخلو أسلوب الكاتب من ضرب الأمثلة السهلة المقنعة التي تفهمها الفتاة وتؤثر فيها .
وأن يتضمن الخطاب حكايات وأرقاماً ووقائع واعترافات لفتيات سلكن الطريق الخاطئة فندمن وخسرن.
📚 مجلة الأسرة العدد ١٠٢
◽️◽️
🔗 ( هموم فـتـيـاتنـا .. أحزان وأسرار ) ملف شامل في خضم الواقع (٢/٢)
✍ تحرير : حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق